أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - غناء لقمر بعيد – 7 -














المزيد.....

غناء لقمر بعيد – 7 -


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3357 - 2011 / 5 / 6 - 09:27
المحور: الادب والفن
    


غناء لقمر بعيد – 7 -

عودة لارا..

لم يتوقف انهمار الثلج طول الليل, ولم تشرق شمس الصباح.. الفضاء ملبد بغيوم داكنة توزع القشعريرة, بينما المذيع في التلفاز يحذر السائقين من خطر الانزلاق على الطرقات, ويشير إلى منافذ المدينة المغلقة.. زووم الكاميرا يمسح المدى.. والمدى على الأرض بياض.. يا إلهي متى كانت هبة السماء بياض قاتل!!.. أقف خلف زجاج نافذتي أراقب بخار الجليد يتصاعد سمجا يصبح غيمة تموه الفضاء بزرقة مراوغة.. فجأة ينبثق عصفور من الغيمة يرتطم بالزجاج ويهوى إلى القاع.. هل يحتفي الثلج به ويحفظه في تابوت من الجليد.. الرجفة تسمرني بين الأسى والذهول!! يطل على من اختار بلاد تبخ الثلج على مدار الفصول.. أفتح زجاج النافذة تخترقني لسعات البرد ويقتلني الظمأ.. توشوشني ريح قادمة من هناك
- هيا نرقص على لحن لارا..
من جاء على موج الريح؟ صوتك الواهن؟ أم صوت زيفاكو خارج من جفاف الوقت في سيبيريا ينهش جلد الثلج.. يصيح:
- لارا.. أنا هنا ما زلت اقضم أطراف الشوق ليكِ.
اشهق لسع البرد.. ازفر بخار يموت قبل أن يغادر شفتي.. يطل عليَّ وجهك الشائخ, ورأسك المكلل بالبياض..أحبس أنفاسي.. يصدح في فلواتي رجع غناء بعيد, يربك الروح ويهدر كشلال يسري في أركاني.. يمنحني بعض دفء.. فاغفر لك جفوة الأمس البعيد.. احمل حقيبتي وألملم أدوات زينتي وقارورة عطري وأغذ الخطى إلى زاويتنا في المقهى على ضفة النهر.. نرهف السمع لشدو العصافير الخارجة من غفوتها بين قواعد السعف على هامات النخيل.. أحدق في تضاريس وجهك الساهم يغزوني البهاء.. يطلق فيَّ روح الغناء.. أبحر يحملني قارب شوقي مع ألف سؤال في سؤال:
- لِم طالت الغيب يا صاحبي!!
تخرج من صمتك على ألم دفين:
- متى تعود العصافير لتبني أعشاشها على هامات النخيل, وتشهد احمرار البلح وتخلق العسل في التمر!؟
ونخيل النهر صام عن إطلاق الشماريخ, وغادرت العصافير أعشاشها بعد جفاف المواسم..
أصحو عل صوت المذيع يعلن عن إغلاق المدينة على ساكنيها, ويحذر من السير على الطرقات.. صوتك يخترق الغيوم التي طرزت المدى بالصقيع.. انظر, الجليد يغطى الطرقات.. هل اخذ الجليد صوت لارا مع دخول العصافير فصل الصيام؟؟
***
حاصرني الجليد, حقيبتي تنام متعبة على الأريكة, وأنا مع الصمت نتدثر بالمدفأ لعلها تقتل بعض ما في الروح من صقيع.. أغفو فتأتي خطايا الوقت الذي ذرتنا على ضفتي الحياة.. وأدعوك على لهف الشوق لعينيك, لنحتسي الشاي, نقرع أنخاب الاستكانات.. نسرح عند الفواصل, نغمض أعيننا ونرقص همسا على أنغام لارا.. أدرك ذل الغياب وأنت المبحر في دمي.. هل تدرى كم هدني طول الانتظار, وكم ذبحني الغياب حتى جز جذوة قلبي.. أصحو عل لسعة برد, ارتجف.. لا نهر ولا سعف نخيل.. حتى العصافير المنافي أدمنت النواح.. أتذكر ما قلت في آخر لقاء:
- يتعقبوني بعد أن قتلوا العصافير, واغتالوا في بغداد شهوات الغناء!!
- هل تجمعنا يوما محطات سفر؟
وتعقبوني بعدك بتهمة عشقك, فركبت قطار الرحيل لعل هنا تكون محطة انتظاري..
صوت المذيع يعلن عن خبر عاجل
" نسفوا الجسر ولونوا ماء النهر بدم الأبرياء"
صرخت من هلعي:
- ربما كنت تنتظرني هناك!!
رأيتك تنتظر نادل المقهى يأتي بكوبين من الشاي.. ورأيت علامة التعجب تتعذب وترقص بين حاجبي النادل يسأل:
- هل عادت يا سيدي؟
- في الطريق هي لا تتأخر..
هل باتت المواعيد بيننا قتيلة!!هل توجتكَ النساء في البلاد البعيدة, فقتلتني في عينيك وتبرعن عل حطامي..
صوت المذيع يعلن عن توقف انهمار الثلج وعن نزول المطر وفتح بعض الطرقات إلى قاع المدينة.. فوقفت في شرفتي أتدثر بصدرك, لعل عصفورك يأتي إلى نافذتي.. وكم اشتقت إلى لحن لارا.. ولارا يا سيدي أدمنت الانتظار وكانت على يقين من اللقاء..
صوتك يأتيني من بقايا الريح:
- ما أصعب الموت في فيافي الجليد!!
فهرعت أحمل حقيبتي, وفردت مظلتي, وانطلقت أخب في الطرقات.. أرهف السمع لصفارة قطار العائدين.. أراك عبر الزحام والدخان ترتدي معطفك البني.. تأخذني تحت إبطك تمسح العرق عن وجهي.. وتداعب خصلات خريفي.. أخرجت أشيائي من حقيبتي لم يكن بينها لحن لارا..



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غناء لقمر بعيد -6-
- غناء لقمر بعيد -5-
- غناء لقمر بعيد -4-
- غناء لقمر بعيد -3-
- غناء لقمر بعيد -2-
- غناء لقمر بعيد -1-
- قيامة غزة
- العزف على الوتر الثامن – 10 -
- عزف على الوتر الثامن –9–
- عزف على الوتر الثامن –8–
- هذا بيت أبي
- عزف على الوتر الثامن –7–
- عزف على الوتر الثامن –6–
- عزف على الوتر الثامن –5 –
- عزف على الوتر الثامن – 4 –
- عزف على الوتر الثامن – 3 –
- عز ف على الوتر الثامن – 2 -
- عزف على الوتر الثامن – 1 -
- غريب عسقلاني في هموم امرأة خضراء – 7 –
- هموم امرأة خضراء – 6 –


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - غناء لقمر بعيد – 7 -