أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إشكالية التداخل بين الفقه الديني وفقه الدولة الوطنية.. العلمانية هي الحل















المزيد.....

إشكالية التداخل بين الفقه الديني وفقه الدولة الوطنية.. العلمانية هي الحل


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3341 - 2011 / 4 / 19 - 01:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إشكالية التداخل بين الفقه الديني وفقه الدولة الوطنية.. العلمانية هي الحل
جعفر المظفر
هذه المقالة هي جزء من موضوع جرى بحثه بمقالات سبقت و ستلحق به أخرى أيضا بذات الاتجاه, وكنت عملت جهدي لكي تأتي كل حلقة بفكرة مهمة وذات استقلالية قادرة على أن توفر الجوانب الفنية للمقالة لكي تكون بذاتها وكأنها مقالة مستقلة, وحتى لا يضيع القارئ بحثا عن تكملة الأفكار الناقصة في مقالة تالية.
لقد كان الهدف من سلسلة المقالات هذه هو أن اصل بها إلى الخاتمة التي أوضح فيها خلفيات التداخل الفقهي, الديني السياسي والوطني المدني, بطريقة قد تساهم بالوصول إلى فهم أفضل للإشكاليات التي خلقتها قضايا تأسيس الدول الوطنية الحديثة بعد انهيار الدولة الإسلامية الأم.
لقد تغير الواقع السياسي للمنطقة بعد انهيار الدولة الإسلامية وتأسيس هذه الدول الوطنية المتفرقة, لكن فقه الدولة الإسلامية ظل على حاله مؤديا بذلك إلى نشوء إشكالية حقيقة, فالمسلم الذي ظل على ولائه لفقه الدولة الإسلامية, أو الذي نظم تلك النظرية بفقه سياسي (كالدعوة وإخوان المسلمين وبقية الأحزاب والحركات الدينوسياسية) والمتناقض مع واقعية الدول الوطنية الجديدة, صار نقيضا لأخيه من نفس الدين أو المذهب الذي التزم الجانب الوطني وراح يبذل جهده من أجل أن لا يتعارض فقهه المدني السياسي وفقه العقيدة الدينية.
منذ تأسيس دولة الرسول في المدينة مرورا إلى الدولة الراشدية فالأموية والعباسية والعثمانية تكون العلاقة التفاعلية والمتداخلة بين الدين والدولة قد قطعت مسيرتها على امتداد أكثر من ثلاثة عشر قرنا هي المجموع التقريبي لأعمار تلك الدول ابتداء من عام الهجرة من مكة إلى المدينة ووصولا إلى انهيار الدولة العثمانية على يد جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الأولى وتأسيس الدول الوطنية المتفرقة والتي كانت جزء من تلك الإمبراطوريات وخاضعة بالتالي إلى ذات العلاقات الدينوسياسية.
ورغم التفاوت في طبيعة العلاقات بين إمبراطورية وأخرى من تلك الإمبراطوريات الإسلامية الثلاثة, وقبلها دولة الراشدين ودولة الرسول, فلقد ظلت تلك العلاقات بين الدين والدولة هي إنتاج لبعضها البعض ولم تتأسس نتيجة اقتراب تدريجي لكيانين مستقلين لتأسيس حالة مشتركة كالحالة التي تأسست ما بين الدين المسيحي ودول أوروبا. إن الإسلام كان هو الذي أنتج دولته وليس كما كانت عليه الحال مع المسيحية ودول أوروبا حيث كان اللقاء قد تم بين كيانين مستقلين, الدين والدولة.
بذلك السياق المتفارق في العلاقات والمختلف عما كان عليه مع الإسلام فإن دول أوروبا الوطنية التي لم يحدث أن كانت نتاجا لحالة نشوء ديني ولم يجتمع فيها الفقهان, الديني والمدني لكي يؤسسا لحالة واحدة, إن دولا وطنية كهذه لم تجابه إشكاليات العلاقة ما بين الفقه الأممي المسيحي وبين الفقه السياسي للدولة الوطنية لأن علاقة من هذا النوع لم يكن لها وجود مطلقا. لهذا كان سهلا على الكاثوليكي البولندي أن يعلن ويوثق ولائه للدولة الوطنية البولندية دون أن تدخل عليه إقليمية الفقه الكاثوليكي الإقليمي أو الأممي لكي تعكر عليه صفو تلك العلاقة بعد أن يكون قد ورث فقها يجعله على صلة أكيدة مع جاره الكاثوليكي النمساوي أو الفرنسي ومن ثم تجعل علاقته المواطنية مع بن وطنه البروتستاني على محك تساؤل لم تحسم إجاباته بعد.
لكن, وبصفته الأممية والمتداخلة مع الدولة كونها إنتاج له, فإن الفقه السياسي الإسلامي كان بدأ يواجه إشكالات خاصة مع فقه الدولة الوطنية التي تأسست بعد انهيار الدولة الإسلامية الأم,.. مثلا الفقه الإسلامي لا يميز بين إيراني وعراقي, فهما أخوة في الدين الواحد وليست هناك مشكلة حقيقية واجهها هذا الفقه مع حركة الدولة حينما كانت هناك دولة إسلامية واحدة, لكن بوجود الدول المدنية الحديثة التي كانت تأسست بعد انهيار آخر الإمبراطوريات الإسلامية, وهي العثمانية,فإن الأخوة في الدين والأمة قد بدأت تتراجع لصالح الأخوة في الوطن الواحد, لا بل أن الأخيرة اقتضت أن يكون المسيحي أقرب للمسلم في الوطن الواحد مما هما عليه مع إخوة لهم في الدين يعيشون في وطن آخر, فلقد صار من المفترض أن تحل الأخوة في الوطن الواحد بديلا للإخوة في الدين في البلدان المتفرقة.
هل كانت هناك إشكالية بين الشخصين حينما كانت هناك دولة إسلامية واحدة, كلا بطبيعة الحال, ولكن ظهور الدول الوطنية أنتج الكثير من الإشكاليات التي أنتجت من ضمن ما أنتجته حروبا كان من أقساها الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لثمانية سنوات كاملة, والتي جعلت كلا الشخصين اللذين يقلدان إماما واحدا ( ربما عراقي أو إيراني ) يتقاتلان بشراسة بفعل تناقضهما الوطني.
وفي الداخل العراقي تأسس حزب الدعوة الذي كان تعاطف مع الخميني أو إتبعه’ أو إتبع غيره من الأئمة من غير العراقيين وفق مبدأ التقليد الذي يشكل أحد دعائم الفقه الشيعي, وكما هو معروف فإن مبدأ التقليد لا يتقيد بالحدود الجغرافية للدول بل إنه يعتبر الساحات الإسلامية ساحة واحدة. على صعيد الفكر والفقه الإسلامي الأممي لا ضير في ذلك, ولكن على صعيد قوانين ودساتير وتشريعات وخطاب الدولة الوطنية وجد المنتمي لهذا الحزب الدينوسياسي, وجد نفسه في خانة نقيضة ومتصادمة مع قوانين العمل الوطني وضوابطه وتشريعاته, وصار على واحد من هذين الفقهين أن يتنحى لكي يترك الساحة للفقه الآخر.
ولتحديد من هو الصحيح بينهما فإن الإجابة ستعتمد حتما على المكان الذي يقف فيه الشخص المجيب, فإن كان إسلاميا أمميا فسيجيب وقتها إن الخميني هو أقرب إليه من صدام, وهو ليس مخطئا أبدا إذا ما كان الاحتكام يجري وفق فقه الدين السياسي الموروث والمعزول عن حقائق الدولة الوطنية وشروطها القانونية والأخلاقية.
لكن الأمر سيكون معكوسا تماما حينما يتم الاحتكام لفقه الدولة الوطنية, فإن كانت إجابته هي الأولى فسوف يجري عليه الحكم بتهم من ضمنها تهمة الخيانة ذاتها.. يا للهول إذن!! وما الذي خلق هذا الهول في لحظة زمنية واحدة وفي مكان واحد..؟! الذي خلقه هو بقاء الفقه الديني يعمل وكأنه ما زال في ساحة الدولة الإسلامية السابقة, وكأن هذه الساحة لم تتبدل بعد بوجود ساحات وطنية بمعطيات مختلفة وحتى متصادمة, وصارت الخيانة بالتالي نتيجة لتناقض فقهين الإسلامي التقليدي والموروث من الدولة الإسلامية الأم والسياسي الوطني الناشئ من نشأة الدول الوطنية الجديدة التي حلت محل الدولة الإسلامية القديمة, أرضا وفقها.
بوجود الدولة الإسلامية الواحدة لم يكن هناك ما يسمى بمشاكل الحدود كتلك التي أسست لها الدول الوطنية المتفرقة, والمشكلة كما هو واضح هي أن شكل الدولة كان تغير في حين ظل الفقه الإسلامي ثابتا في حدود نشأته وعلاقته بالدولة الأممية السابقة. إن هذا الأمر بحاجة إلى معالجة سريعة وجذرية وتقضي أما بعودة الدولة الإسلامية إلى سابق عهدها ويتم إلغاء الدولة الوطنية أو أن تبقى الدولة الوطنية ويتغير أو يتحور أو يتعدل الفقه الديني السياسي ذاته بحيث يتحقق التناغم بينه وبين فقه الدولة الوطنية القائم على شرائع ومؤسسات وآليات وأفكار خاصة بالدولة الوطنية ذاتها.
غير إن المشكلة لا يمكن حلها بهذه البساطة, فلا الدولة الوطنية بمقدورها أن تتنحى وذلك لكونها جزء من عالم تنظم في هذا الاتجاه, ولا الفقه الديني بمقدوره أن يتغير بالمستوى الذي يمكن له أن يكفل تناغما بهذا المعنى مما يبقي المشكلة دون حل مثلما يبقيها بؤرة لاحتضان وتوليد ظواهر متضاربة ومتقاتلة بحيث تصبح الخيانة هنا تعبير عن إختلاف في الإجتهاد أكثر منها خروجا على القيم والأخلاق.
إن مشكلة العراق الحالية هي في كثير من جوانبها ناشئة من هذا التناقض بين الفقه الديني والفقه الوطني, وإذ لا معنى ولا حاجة هناك لقيام حرب ضروس بين الفقهين, ولا أمل لأن يلتقي الفقهان في لحظة زمنية دون أن يرافق لقائهما خصومة قابلة لأن تنفجر بحدة, وإذ لا يمكن القيام بتحولات اجتماعية نهضوية مطلوبة لبناء مجتمع متناغم مع فقه الدولة الوطنية الحديثة ومتحرر من القيود التي تفرضها ساحات التداخل غير المحسوم بين فقه الدين وفقه الدولة, بسبب ذلك كله فإن الالتزام بمبدأ العلمانية السياسية الوطنية سوف يوفر الطريق الصحيحة ويقلل الخصومات وينحي فرص الصدام ويختزل الزمن المطلوب وصولا إلى مجتمع بهوية واضحة ومتماسكة وقليل العقد والعثرات.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون. بين فقه الدين وفقه الدولة (3)
- المسلمون.. بين فقه الدين وفقه الدولة (2)*
- لو أن ميكافيلي بعث حيا يا موسى فرج
- مرة أخرى.. حول موقف المالكي من سوريا
- موقف المالكي من مظاهرات السوريين
- الإسلام .. بين فقه العقيدة وفقه الدولة**
- بين فقه العقيدة وفقه الدولة*
- عزت الدوري الرئيس السابق لمؤسسة شيطنة صدام
- حول الرسالة الكوميديةالأخيرة لعزت الدوري إلى القذافي
- كيف تتسبب السلطة البحرينية بالإضرار بعروبة البحرين
- هل سينجح العراقيون في امتحان البحرين
- كركوك هي كركوك وليست قدس الأقداس
- حظر الطيران والخوف من أمريكا
- وائل غنيم والماسونية وثورة مصر
- حاسة واحدة مع المالكي وأربعة حواس ضده
- وحدة فعل الاضطهاد تخلق وحدة رفضه
- نحو موقف أمريكي جديد من الشعب العراقي
- يا سياسي العهود الغابرة.. مكانكم الأرصفة
- وللميادين أرحام أيضا وليس النساء فقط
- أحلام العصافير أم إنه رالي الحرية


المزيد.....




- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...
- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إشكالية التداخل بين الفقه الديني وفقه الدولة الوطنية.. العلمانية هي الحل