|
ضرورة مراجعة المواقف قبل فوات الأوان ويكفي إستغباء الشعب
عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 03:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وأخيراً جنى المصريون ثمار إعتصاماتهم ذات الطابع السلمي الحضاري و التي إستمرّت لإسبوعين بأيامها ولياليها ، وإنتصر صوت الشعب المقهور على آلة القمع الرسمية ( قوات الأمن الداخلي والشرطة ) والتي كانت طيلة ثلاثة عقود بمثابة جندرمة راعية لحزب مبارك المافيوي ، هذا الحزب الذي سرق قوت الشعب وثرواته دون رادع أخلاقي و وطني . تحاول بعض الأقلام في هذه الأيام خلط الأوراق ، جاعلةً فترة نظام البعث الفاشي الصدامي ( عصراً ذهبياً ) ، قياساً بما يحدث في عراق ما بعد سقوط ( هُبَل ) البعث ، متناسية بكل صَلف ما جرى طيلة اربعين عاماً ، منذ إنقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 الى 2003 ، بحيث حتى القاموس اللغوي يعجز في إيجاد النعوت والتوصيفات المناسبة لتلك الفترة المظلمة . نعم إنَّ حالة الفوضى التي أوجدها الإحتلال الأمريكي عن عمد و تأسيسه لنظام دولة شاذ ، قائم على أساس طائفي - إثني ، هي التي جعلت العملية السياسية الراهنة تتعثر نتيجة جرائم الارهاب وشيوع الفساد وغياب سلطة القانون . إنّ بقايا البعث الدموي ، التي كانت إبان النظام البائد تمارس شتى انواع التعذيب والقمع ، ظهرت الآن بجلباب الدين بشقيه ( البعث الشيعي والسني ) ، وتعيد كل ما مارسته من صنوف الاغتيالات والاضطهاد ومصادرة الحريات بكل أشكالها ، بسبب نفوذها وتأثيرها على القرار الرسمي . لقد نال الفرد العراقي حقه المكتَسَب ( حريته ) نسبياً في التظاهر السلمي والتعبير عن رأيه ، وعندما يصبح الرأي جمعياً ، فعلى الحكومة الإنقياد له والأخذ به ، لا تجاهله والسخرية منه . إنّ قرارات رئيس الوزراء فيما يخص تخفيض راتبه 50% وتوزيع حصتيَن تموينيتَين مجاناً على مستحقيها ، جعلت الشارع العراقي يتلقاها بمنتهى السخرية والإشمئزاز ، لأنها تدل على إستغباء المواطن والمساس بكرامته ، والظاهر إن تلك القرارات هي من إجتهاد الطاقم الإستشاري ( الفذ ) لرئيس الوزراء . يا دولت رئيس الوزراء جوهر المشكلة لايكمن في الحصة التموينية وإشباع البطون ، لأنَّ العراقيين ليس ( همّهم علفهم ) ، إنما هي تكمن في إستخفاف أصحاب القرار بحق الشعب في ظل غياب العدالة وتطبيق القانون على الجميع . العراقيون يريدون أن يقف جميع المشاركين في العملية السياسية أمام القضاء من أجل فرز النزيه عن الفاسد والبريء عن المجرم والعميل عن الوطني ، إنهم يريدون أن تخفّض رواتب الدرجات الخاصة بنسبة 90% والغاء الإمتيازات الإضافية والمنافع الإجتماعية والرواتب التقاعدية واستردادها كاملةً بأثر رجعي وإستعادة قِطَع الأراضي التي إستلمها البعض دون وجه حق في بغداد ، العراقيون يرفضون إستنزاف أموالهم بذريعة سياسية كألتي تخص تعيين أربعة نواب ( تنابلة ) لرئيس الجمهورية وتشكيلة وزارية من إثنين وأربعين وزيراً مع طواقمهم والقائمة تطول . لقد بدأت الإحتجاجات في مختلف مدن العراق ، وسالت دماء بريئة في ناحية الحمزة الشرقي من دون معاقبة مرتكبي الجريمة ، والمجرمون يمثلون جهة رسمية ! لذا على رئيس الوزراء أن يدرك جيداً ، أنه في حالة قمع التظاهرات الإحتجاجية القادمة على ايدي الشرطة والأمن ( كما كانت تفعل جندرمة نوري السعيد وجندرمة القوميين والبعثيين ) ستؤثرسلبياً على مصيره السياسي ، وعليه أن يتذكر ما آلَ اليه مصير طاغية مصر .
من الآن تحاول بقايا البعث وقوى الإسلام الطائفي أن تندس وتتسلل الى المظاهرات المزمع تنظيمها والتي ستنطلق مستقبلاً ، محاولةً تجييرها لحسابها . لذا من واجب قوى التيار الديمقراطي كأحزاب وشخصيات مستقلة ومنظمات المجتمع المدني أن لا تسمح لتلك القوى ( عدوة الديمقراطية ) بالتغلغل بين صفوفها ، لأنّ البعثيين يمتلكون خبرة غنية في هذا المجال . الغرض من تلك المظاهرات هو القضاء على الفساد بكل أشكاله وخلق فرص العمل لإمتصاص البطالة المستفحلة عن طريق تنشيط كل فروع الإقتصاد الوطني وتوفير الخدمات العامة والسكن اللائق للمواطن و تقويم الإنحراف وإيقاف التدهور و الإنحدار الحاصل في بناء العملية الديمقراطية من خلال إحلال سلطة القانون الذي يستمد بنوده عن طريق إعادة صياغة جذرية وشاملة للقانون الأساسي ( الدستور ) بصورة حضارية وعصرية يكفل حقوق الجميع ويحقق العدالة الإجتماعية . يقول بعض المنتفعين الذين لم يحصلوا على العدد الكافي من الأصوات الإنتخابية وأصبحوا أعضاء في البرلمان ، أنّ مَن يقوم بهذه المظاهرات هم بعض الأحزاب والأشخاص الذين خسروا في الإنتخابات ولم يحصلوا على أي مقعد في البرلمان ! أقول لهؤلاء ان غالبية المشاركين في المظاهرات هم من الشرائح الفقيرة والذين لاينتمون لأي تنظيم او حركة سياسية ، إنما يطالبون بحقوقهم المشروعة .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنطلاقة شارع المتنبي والأخطار المحدقة بها
-
الحرية قبل الخبز
-
الحرية قبل الخبز
-
الرد الهستيري النزق
-
بالإضافة الى ما ذكره د . كاظم حبيب حول خطة التنمية ...
-
حينَ تعرَض الشهادات والرسائل العلمية كسلعة في أسواق البيع ال
...
-
حينَ تُعرَض الشهادات والرسائل العلمية في أسواق البيع الرسمية
...
-
منهجية الثيوقراطية العراقية الحاكمة
-
الثقافة العراقية تنتظر القادم الأسوأ . المجالس الأدبية ... ح
...
-
مجلس النواب والإجراءات الإنضباطية الجديدة
-
الإتفاقيات التجارية والعملة النقدية وتأثيرها على الإقتصاد ال
...
-
أنتم مَن فتح الأبواب لهم ... فلماذا تحتجّون على عودتهم !
-
مؤشرات إنذا وإستفسار
-
هل تجاوزَتْ منظمات المجتمع المدني الخطوط الحمراء !
-
الحوار المتمدن - مِنبر لاغنى عنه
-
مَنْ الضحية القادمة ما بعد البصرة وبابل !؟
-
الفية التنمية والعراق والفساد
-
مكتسبات الشعب العراقي النفطية والتحركات المشبوهة
-
جدلية العلاقة بين أحزاب السلطة والطغمة المالية - عدو التنمية
...
-
الذهنية الأبوية الإستبدادية وذريعة التكنوقراط
المزيد.....
-
-حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار ..
...
-
اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
-
مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
-
4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
-
سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا
...
-
ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|