أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس عبد الرزاق الصباغ - عسكرة الطفولة العراقية














المزيد.....

عسكرة الطفولة العراقية


عباس عبد الرزاق الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 3137 - 2010 / 9 / 27 - 13:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما ينفرد مشهد الطفولة العراقية بشيء يعكس بعض صفات المشهد العراقي العام وهذا "الانفراد" يتجلى للعيان كظاهرة ملفتة للنظر ومثيرة للجدل في آن واحد ، في كل عيد من اعيادنا التي يقتنص فيها العراقيون لحظات من الفرح والسعادة وسط ظروف قاهرة قلما مر بها شعب من الشعوب إلا وخرج منها مثخنا بالجراح العسيرة عن الاندمال ، وهذه الظاهرة هي انتشار الالعاب التي يقتنيها الاطفال (بكافة اعمارهم) والمراهقون اليافعون ، العاب تبدأ من المفرقعات ولاتنتهي بالاسلحة الرشاشة والدبابات والمسدسات التي تطلق ما يثير الفزع في نفوس الصغار والكبار على حد سواء وتسبب بالكثير من الاصابات وبعضها خطير جدا والبعض الآخر يتسبب في عوق مستمر للطفل سيما ان كانت الاصابة في مناطق حساسة جدا مثل الرأس والعين ، ومن المؤسف والمثير للأسى ان تمتلئ المستشفيات في الاعياد بفلذات اكبادنا وشباب في عمر الورود من جراء الاصابة بتلك الالعاب التي تتشارك في مسؤولية انتشارها الجهات الحكومية المعنية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة في مجال الطفولة والاسرة ووزارة التربية والتجارة والجهات الامنية المختصة فضلا عن السلطة الرابعة ووسائلها المقروءة والمسموعة والمرئية سيما الفضائيات ويأتي دور الاسرة باعتبارها الحاضن الاول للطفل والمسؤول المباشر عن تربيته وتوجيهه في المقدمة في تأسيس نواة تساعد بقية الاطراف على الحد من انتشار هذه الظاهرة في الشارع العراقي بدءا من استيرادها وتوزيعها ومراقبة المنافذ الحدودية لمنع دخولها الى البلد وسن التشريعات والقوانين التي تنظم عملية الاستيراد بشكل عام وليس العاب الاسلحة والمفرقعات فقط كما حصل في عملية استيراد الفواكه والخضر التي حصلت في الماضي بصورة عشوائية وماتزال آثارها السلبية ماثلة للعيان ، وتفعيل عمل الجهات التنفيذية واعطاؤها الصلاحيات اللازمة لذلك فضلا عن تفعيل العقوبات الرادعة ان حصل خرق ما كونه يخص جيل المستقبل .
المشكلة لا تكمن فقط في استعمال تلك الالعاب وما تسببه من اضرار على نفسية (الجانب السايكلوجي) الاطفال او على ابدانهم (الجانب الصحي) وانما تكمن في ان هذه الظاهرة تعتبر امتدادا لنموذج المجتمع المعسكَر (عسكرة المجتمع) الذي ارست الديكتاتوريات المتعاقبة دعائمه ورسخت جذوره السايكلوجية وابعاده الاجتماعية في النسيج المجتمعي العراقي لاسباب ايديولوجية وسياسية وحزبوية بحتة في محاولة من تلك الديكتاتوريات لزعزعة الاستقرار المجتمعي والسلم الاهلي وتفتيت النسيج المجتمعي العراقي لغرض السيطرة عليه من جهة ومن جهة اخرى لغرض ادلجة المجتمع من خلال عسكرته بما يتلاءم مع توجهات تلك الديكتاتوريات ..
والمشكلة الثانية تكمن في ان الاسلحة "الحقيقية" تغزو البيوت العراقية ولاسباب شتى منها الاحتقانات السياسية والطائفية والعرقية ومنها الاجتماعية والعشائرية، والخوف يبدو اكثر جلاء حين تمتد ايادي الاطفال والمراهقين حين يكبرون الى ممارسة "هواياتهم" العفوية والبريئة بصورة حقيقية مادامت تلك الاسلحة متوفرة وفي متناول اليد ولان العامل السايكلوجي قد لعب دوره في مرحلة البلوغ وصار استخدام اي سلاح شيئا مبررا نفسيا واجتماعيا ولا يوجد اي رادع يحد من هذا الاستخدام ابتداء من الاسرة وانتهاء بدور السلطات المعنية التي يقع على عاتقها حماية المجتمع واستقراره .
والشيء الملفت للنظر ان اغلب هؤلاء الاطفال والمراهقين يتعاملون مع هذه الالعاب المسلحة بشيء من "الحرفية" محاكاة منهم وتقليدا لما يرونه من افلام ومسلسلات في الفضائيات التي تبث عبر الاثير الكثير منها وبكل ماتحتوي من مشاهد الدم والقتل والتدمير يرافقها المشاهد الاباحية التي تتزامن كلاسيكيا مع مشاهد القتل بامتزاج فكرتي القتل والتدمير مع الجنس بطرح مقصود ولاسباب لم تعد خافية عن احد وكلها تؤدي الى زرع العداوات بين الاطفال وبث الرعب في نفس الاطفال الاصغر سنا فضلا عن ايذاء الحيوانات (للتنفيس عن عدوانية مكبوتة) من خلال التطبيق العملي لتلك الالعاب التي تذهب اجزاء كبيرة من العملة الصعبة الى الخارج والتي يكون البلد في أمسِّ اليها ، لغرض استيرادها من قبل بعض التجار الذين لا همَّ لهم سوى الربح باية طريقة كانت وإن كانت على حساب براءة الطفولة ومنظومة القيم الاجتماعية التي يتحلى بها المجتمع العراقي الرصين وعلى حساب اهدار العملة الصعبة وتبذير السيولة النقدية الوطنية في استيراد واستهلاك مايضر الامن المجتمعي وحتى السلم الاهلي باعتبار ان هذه اللعب قد تكون نواة في المستقبل لممارسات اكثر خطورة إما بولوج عالم الجريمة او التورط بالاعمال الارهابية ، فالمسؤولية اذن هي مشتركة مابين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الامنية والاعلامية وقبل كل شيء تقع المسؤولية المباشرة على الاسرة التي ان صلحت صلح معها المجتمع ومعه الدولة .
اعلامي وكاتب عراقي [email protected]



#عباس_عبد_الرزاق_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة الدولة
- طبقة وسطى عراقية ناهضة
- الفيتو ...سلاحا سياسيا
- العراق وجدوى مقاييس الفشل؟
- الديمقراطية وفوضى التعبير
- تسييس الازمات
- الوطنية العراقية
- مسؤولية المجتمع الدولي تجاه العراق
- المعارضة ليست ترفا سياسيا
- العشائرية في المجتمع العراقي
- هل دخل العراق النفق مرة اخرى ؟
- المحلل السياسي
- الدولة العراقية وتحديات النجاح
- سلطة عراقية رابعة
- الانتخابات والمواطنة
- ثقافة التحزب وشخصنة الدولة
- بانوراما انتخابية
- الصدامية ... بين حلم العودة وكابوس الاجتثاث
- أصنام المالكي تغزو كربلاء
- عقدة الاستجواب


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس عبد الرزاق الصباغ - عسكرة الطفولة العراقية