|
بشار الأسد و جمجمة الناصرية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 13:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو أردت أن أقدم وصف تشبيهي لما يقوم به النظام السوري البعثي حالياً بشأن مصر ، فأقول : أرى بشار الأسد و بعد أن نبش قبر الناصرية المصرية ، و أخرج ما تبقى من هيكلها العظمي ، قد جثا على ركبتيه ، و مال بجذعه فوق الهيكل العظمي ، و انحنى برأسه ، و أمسك بكفيه جمجمة الناصرية المصرية ، و وضع شفتيه على فمها ليعطيها قبل الحياة . بشار يعلم إنه ليس المسيح عيسى بن مريم ، عليه و على أمه الطاهرة السلام ، و يدرك إنه ليس بقادر على أن يبعث الحياة في العظام و هي رميم ، و يعلم أيضا بالخلافات البعثية - الناصرية التي كانت قائمة وقت عزهما ، و لكنه يعلم أيضا إنه ليس أمامه سوى أن يستمر في محاولاته اليائسة ، و البائسة ، تلك ، ليتمدد نفوذه غربا ، ففي ظل التنافس المحموم على الزعامة في الشرق الأوسط بين دول المنطقة ، و في ظل الضعف المصري الحالي البادي للجميع ، يجد بشار نفسه بحاجة إلى حلفاء مصريين ، أو بالأحرى : حصان طروادة ، يتسلل من خلاله للساحة المصرية التي يراها مغلقة أمامه ، و لكنها أيضا تسيل لعاب شهيته . بشار لم يجد سوى أن يعمل على إحياء الناصرية المصرية ، فبالإضافة إلى إنها الأقرب للبعثية السورية من كافة التيارات السياسية الأخرى ، فإنه أيضا لا يوجد تيار سياسي مصري معارض قائم من اليمين ، أو الوسط ، أو اليسار ، يقبل أن يمد يده ليتحالف مع نظام آل الأسد الدموي ، سوى بعض بقايا التيار الناصري . فبرغم الوقت الطويل الذي مر على سقوط الناصرية في مصر ، إلا أن خسائرها ، و مساوئها ، حية في الأذهان المصرية ، ليس فقط في أذهان من عاصروها ، بل و في أذهان الأجيال التي وصلت للرشد من بعد سقوطها ، و نظرت للتاريخ المصري نظرة حيادية . لا يوجد مصري عاقل لا يرى في ماضي الناصرية سوى سقوط إقتصادي رهيب ، و مغامرة عسكرية خاسرة كلفت مصر أكثر من عشرين ألف قتيل من زهرة أبنائها في جبال اليمن و وديانه ، و هزيمتين عسكريتين مدويتين ، لم تبرأ المنطقة حتى الأن من آثار الأخيرة منهما ، و إنتهاك لآدمية المواطن المصري ، و تحطيم للديمقراطية المصرية . كما أن النظام السوري البعثي القائم حاليا ، لا يعد النموذج المقبول الذي يغري المواطن المصري ، سواء على صعيد الإقتصاد ، أو صعيد إحترام حقوق الإنسان ، أو نضج الحياة السياسية . النموذج البعثي السوري ، الذي يريد بشار أن يمد مظلته إلى مصر ، أسوء حتى من النموذج المباركي ، الذي يتمنى الشعب المصري من أعماق قلبه زواله . لو تركنا بشار مع جمجمة الناصرية لننظر للقضية من زاوية أخرى ، فإننا سنرى مدى هشاشة التحالفات القائمة حاليا في الشرق الأوسط ، و كيف أن كل نظام يصافح حلفائه بيد ، بينما يده الأخرى تعمل على طعنهم من الخلف ، و أحيانا في صدورهم . لا يجب أن نقف كثيراً هنا عند تقارب آل الأسد و آل سعود ، و الذي تجلى في زيارة التهنئة التي قام بها مؤخرا كبير آل سعود لدمشق بمناسبة مرور عقد على إعتلاء بشار للعرش الجمهوري السوري ، فالتقاربات ، بل و حتى التحالفات ، العربية ، كلها هشة ، ما يجب أن ننظر إليه أكثر هو طبيعة كل من التحالف البعثي السوري مع النظام الإيراني ، و التقارب البعثي السوري الحالي مع حكومة أردوغان . فمحاولات النظام البعثي السوري بعث تيار القومية العربية في الدول العربية ، في العراق تحت يافطة جديدة لا تثير مخاوف الشعب العراقي ، و في مصر بدعم التيار الناصري ، لو أفلحت لأدت تلقائيا ليس فقط لتهميش آل سعود ، و ربما تهديد عرشهم ، بل و أيضا إلى تهميش الدور التركي ، و إغلاق المنطقة في وجه إيران حتى لو تغيرت إيران في المستقبل ، لأن تعامل الأنظمة القومية يكون على أساس قومي ، فسيكون التعامل مع الأتراك على إساس إنهم أتراك فقط ، حتى لو قامت جمهورية تركية إسلامية ، و ليس فقط حكومة منتخبة ذات صبغة إسلامية ، و بالمثل مع الإيرانيين ، الذين سيعودون فرس ، سواء حكمهم شاه ، أو فقيه ، أو رئيس مدني . التحالفات البعثية السورية الحالية كلها مؤقتة بنظر النظام البعثي السوري ، بإنتظار الوقت الذي تعود فيه النظرية القومية العربية للسيادة من جديد . على الشعب المصري أن يدرك ما يخطط له بشار البعثي .
17-08-2010
ملحوظة دائمة : رجاء تجاهل أي تشويه أمني للمقالات ، سواء كان ذلك التشويه بتغيير طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و ليكن تركيز القارئ الكريم على صلب المقالات .
من المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الميه يا ريس ، النيل يا ريس
-
أوضاع أقلياتنا تنسف مشروع دولة واحدة من النهر للبحر
-
السفر بدون جواز سفر
-
حماس ليست أعز عليه من أوجلان
-
أخرجوا للطبيعة ، أخرجوا للحرية
-
هل هي عادة أمريكية ؟
-
الأسد يمكن قلبه إلى فأر
-
الحبكة يلزمها فارسي و يهودي ، الأفريقي لا ينفع
-
السنن السورية السياسية السيئة
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
-
الأمل يمنع إستخدام القوة ضد إيران
-
وزير الري القائد الأعلى للقوات المسلحة
-
عار على النوبي إن رفض العودة
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
-
خطوات صائبة من البرادعي ، و لكن
-
المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي
-
التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
-
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم
...
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
المزيد.....
-
ترامب أمام تحدي اختيار مرشح لمنصب نائب الرئيس بين أنصاره الم
...
-
البيت الأبيض يُعلق على تقرير CNN حول انتهاكات مزعومة في أحد
...
-
-القسام- تنشر فيديو لإطلاقها الصواريخ نحو مدينة بئر السبع بر
...
-
السعودية.. ما حقيقة -القلعة- التي ظهرت بعد سيول وادي فاطمة ب
...
-
بايدن يوجه بإرسال مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون د
...
-
واشنطن تؤكد أنها ستعارض مجددا في مجلس الأمن الدولي طلب فلسطي
...
-
-العقرب العراقي-، أحد أكبر مهربي البشر المطلوبين للعدالة في
...
-
رفضا الخدمة العسكرية فكان السجن بانتظارهما.. سجينان إسرائيلي
...
-
شاهد: جرفت كل شيء في طريقها.. فيضانات مُفاجئة تضرب شمال أفغا
...
-
النازية.. من أخرجها من القبور؟
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|