أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي














المزيد.....

المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 3046 - 2010 / 6 / 27 - 12:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ذكرني موقف نظام آل مبارك في حادثة الأسكندرية ، و التي أدت إلى إستشهاد شاب ، رفض الإذلال فكان عقابه القتل ، و محاولات السلطة تشويه سمعة الشهيد ، و إصرارها على حماية المجرمين ، بإسماعيل صدقي باشا ، الذي حاول تحطيم الديمقراطية المصرية الوليدة ، بتحطيم كرامة الشعب المصري ، لأن الشعب الذي بلا كرامة ، بالتأكيد بلا ديمقراطية .
إسماعيل صدقي لكي يتم عمله كان بحاجة إلى أداة يستعملها في مهمته القذرة تلك ، و كانت الأداة بعض معدومي الضمير من أفراد جهاز الشرطة ، صور لهم إسماعيل صدقي إنهم فوق القانون ، و أن الحكومات تأتي ، و تذهب ، و لكنهم باقون ، و أنهم هم الحكومة الحقيقية ، لا تلك المنتخبة .
من عهد جبروت إسماعيل صدقي ، أتذكر حادثة مأمور البداري ، لأنها إشتهرت ، و أشتهرت لأنها خير تمثيل لقضية برمتها ، قضية محاولة إهانة الشعب المصري ، و وضع رأسه تحت الحذاء .
في تلك الحادثة نجد ضابط شرطة من أحد محافظات الوجه البحري ، يكلف بالعمل كمأمور لمركز البداري في محافظة أسيوط ، بصعيد مصر ، مع تعليمات بضرورة إرهاب الأهالي ، و إظهار العصا الغليظة للسلطة .
تفانى المأمور أشد التفاني في مهمته الإرهابية الرسمية تلك ، ففرض ما يمكن تسميته بأحكام عرفية على المركز ، كقانون الطوارئ الذي تعيش تحته مصر بأجمعها منذ 1981 .
تحمل أهالي البداري الجبروت ، تجنبا للصدام مع السلطة ، كما يفعل معظم الشعب المصري منذ 1981 ، فلم يجد المأمور الفرصة لإظهار جبروت وزارة الداخلية ، و هي المهمة الأساسية التي كلف بها ، فكان أن تصيد شابين ، في مقتبل الشباب ، لم يرتكبا أية مخالفة قانونية ، و أخضعهما لأبشع أنواع الإذلال ، مثل إرغامهم على التسمي بأسماء النساء ، و الوقوف على أربع ، و جعل بعض العساكر يمتطون ظهورهم ، مع إرغامهم على أكل التبن ، مع الضرب ، و أخير هتك العرض .
لم يفهم المأمور أن سكوت الشابين لفترة ، لم يكن إلا تماشيا مع تقاليد مجتمعهما ، الذي يعتبر مجرد إظهار التألم دليل ضعف .
لقد كان سكوتهما - إلى حين - ليس إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة ، و كان أن هبت العاصفة ، و قرر الشابين قتل المأمور ، و بمتابعته عرفا أنه يتنزه على قدميه ، عصر كل يوم ، مصطحبا صديق له من الموظفين المدنيين ، و بدون حراسة ، و بدون أن يكون مسلحاً ، بعد أن ظن أنه أدخل الرعب في نفوس الأهالي ، فكان أن أُطلق عليه النار من بندقيتين مستترتين ، ليتبع ذلك خروج الشابين من مكمنهما ليتأكدا من مقتل هدفهما ، و ليكملا الإجهاز عليه لو كان لازال فيه رمق ، فلما تأكدا من مقتله غادرا مسرح الحادثة ، و لم يهمهما في كثير ، أو قليل ، أن صديق المأمور كان لازال على قيد الحياة ، يتخبط في دمائه ، فلم يكن هو المعني على أي حال .
إنتشر الخبر بسرعة البرق في أنحاء البداري ، و تبعت صيحات : المأمور إنقتل ، موجة من زغاريد النساء ، و هنىء الأهالي بعضهم البعض .
فهم إسماعيل صدقي معنى كل ما حدث ، و قرر ضرورة الضرب ، بسرعة ، و بشدة ، و حامت الشبهات حول الشابين ، و برغم إنهما تمكنا من إثبات وجودهما ساعة مقتل المأمور في غير موقع الجريمة ، إلا إنهما قدما للنيابة ، ثم للمحاكمة ، و قضت محكمة الإستئناف عليهما بالإعدام ، برغم أن محكمة النقض و الإبرام ، و التي كانت حديثة العهد ، قضت بإعادة المحاكمة ، و لكن حكم محكمة النقض و الإبرام في ذلك الوقت لم يكن إلزامي .
في ذلك العصر ، و لأنه كان لازال في مصر حرية ، و الأهم : كرامة ، هاج ، و ماج ، الرأي العام المصري ، و تدخل ساسة كبار في المسألة ، مثل علي ماهر باشا ، الذي طالب بإصدار عفو ملكي عن الشابين ، و قال للملك فؤاد الأول : لو أن ما حدث لهما ، حدث لي ، لكنت فعلت مثلهما .
إنتهت القضية بما يشبه الحل الوسط ، و تم تخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن .
مأمور البداري قتل ، و لكن للأسف إسماعيل صدقي لازال حي ، على مبدأ من سن سنة سيئة .
سنة إسماعيل صدقي السيئة لازالت تطبق في مصر ، و بشكل أبشع ، و لا أعني فقط حادثة مقتل شهيد الأسكندرية ، فهناك جرائم أخرى لا تقل في البشاعة عن جريمة الأسكندرية ، منها الجريمة التي حدثت منذ بضعة أعوام في أحد محافظات بحري ، و لم تأخذ نفس حظ جريمة الأسكندرية في الإهتمام العام ، و راح ضحيتها صبي يتيم الأب ، قتل في قسم للشرطة ضربا بكابل كهربائي ، و كان نفس السيناريو التشويهي ، حيث أصبح الصبي لص ، كما أصبح شهيد الأسكندرية مدمن ، أو تاجر ، مخدرات ، إنه نفس السيناريو ، جريمة ، ثم تشويه .
و لا يجب أن نغفل ما يحدث في المعتقلات ، و السجون ، و مراكز أمن الدولة ، أو أمن الأسرة ، و في مديريات الأمن ، و في المقار ، و السجون السرية ، التي تتبع جهاز المخابرات .
اليوم أصبح إسماعيل صدقي هو الأسرة الحاكمة ، و كل شخص يشارك في إنتهاك كرامة ، و حقوق ، المواطن المصري ، هو مأمور البداري .
ما يحدث في مصر الأن ، أبشع مما حدث في ظل جبروت إسماعيل صدقي ، كما أشرت لذلك عالية ، لأننا أصبح ينقصنا ما كان يتمتع به الأجداد .
ينقصنا الإحساس بأهمية كرامتنا العامة ، و أعني بكرامتنا العامة ، كرامتنا كشعب ، و هي التي تعني إحساسنا بأن أي تعدي على كرامة ، أو حقوق ، أي مواطن مصري ، أو أي مقيم على أرض مصر ، يماثل التعدي على الكرامة ، و الحقوق ، الشخصية لكل فرد منا .
الموقف الذي يجب أن نتخذه في هذا العصر بالتأكيد ليس هو نفس الموقف الذي إتخذه الضحيتان في البداري .
الحل الأن هو الشارع المصري ، بالنزول إليه مع كل تعدي - و لو بسيط - على كرامة أي مواطن مصري ، و أي مقيم بيننا في مصر .
الحل لازال هو الشارع .

27-06-2010

ملحوظة دائمة : أرجو عدم الإلتفات للتلاعبات الأمنية الصبيانية في المقالات ، و التي تهدف إلى تشويه المقالات ، سواء بالتلاعب في طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و ليكن التركيز دائما على لب المقالات .

بوخارست - رومانيا



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
- و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم ...
- إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
- لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
- الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
- غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
- شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
- عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا قبره ، و مثلوا بجثته ؟
- هكذا سيتدخل نظام آل مبارك عسكريا في دول حوض النيل
- في قضية الردة ، لنخسرهم ، و لنكسب العالم
- المشكلة في البوصلة السياسية الإيرانية ، و ليست القنبلة
- علينا إعداد العدة لإحتجاجات ما بعد إنتخابات 2011
- كترمايا جاءت لجمال مبارك على الطبطاب
- السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب
- للإخوان : هناك ما هو أكبر من غزة
- ما الذي يدفعهم للإخلاص لأوباما ، بعد أن طعنوا كلينتون في ظهر ...
- الخدمة العسكرية الإلزامية ، هذه سياستنا
- أغبياء ، لا يعلمون على من ستدور الدوائر
- لا حصانة لدبلوماسي في وطنه
- لا تطلق النار ، الدرس القرغيزي الثاني


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: ننتظر قرار ترامب بشأن إيران
- ماكرون يحذر من -تداعيات- تغيير النظام الإيراني -عسكريا-: -سي ...
- غزة - عشرات القتلى من منتظري المساعدات وإسرائيل تحقق في الوا ...
- -نيويورك تايمز-: القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قواعد ...
- أردوغان: نتنياهو أكبر تهديد لأمن المنطقة
- صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة من إسرائيل بعد رصد إطلاق ...
- زيلينسكي يطلب من الدول الغربية دعما بـ 40 مليار دولار سنويا ...
- وزير مصري سابق يفجر مفاجأة بشأن الصراع بين إسرائيل وإيران
- إعلام: مستشارو ترامب منقسمون بشأن توجيه ضربة أمريكية لإيران ...
- -سي إن إن-: ترامب رفض إرسال مسؤولين للتفاوض مع إيران وتخلى ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي