|
السنن السورية السياسية السيئة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3062 - 2010 / 7 / 13 - 18:28
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لا يمكن على أبدا إخفاء الإسهام السوري العظيم في الميدان الحضاري ، و لا يمكن كذلك إنكار ما يتميز به معظم المواطنين السوريين من ميزات سلوكية ، تلك الميزات السلوكية الممتازة التي كانت السبب في النجاحات التي ترى بوضوح عند النظر للجاليات السورية حول العالم . و لكن على قدر ما كان النجاح السوري الشعبي في ميدان الإبداع الحضاري ، و في ميادين التجارة ، و الأعمال ، و المال ، كان هناك بالموازاة فشل كبير ، و شبه دائم ، في الميدان السياسي . لقد كانت سوريا الرائعة بطبيعتها ، و بأفراد شعبها ، هي من سنت أسوء سنن سياسية في تاريخ العرب السياسي ، حين ساندت أولا الحكام غير الشرعيين ، ثم الأسوء حين حولت الحكم من الشورى للتوريث ، أو بقول عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه : إلى كسراوية هرقلية ، أي على النمط الفارسي الساساني ، و الروماني البيزنطي ، في توريث الحكم . لن أدخل في تفاصيل منازعة معاوية بن أبي سفيان ، لأمير المؤمنين الشرعي ، علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، فقد أفاض فيها الملايين ، و يكفي القول بأنها كانت منازعة من غير الشرعي للشرعي ، و للأسف وقف السوريون آنذاك مع غير الشرعي . لم يقف الأسهام السوري السياسي في بداية تاريخ سوريا العربي عند ذلك الخطأ الفادح ، فقد إمتد بعد ذلك لما هو أبعد ، و ذلك بإقرار مبدأ توريث الحكم غصبا ، حين تم التوريث ليزيد بن معاوية ، و هو من نعرفه ، و يكفي وصف أهل المدينة المنورة له ، في حياته ، بيزيد الفهود ، و غير ذلك من النعوت ، أي لم يكن التوريث لأجل كفاءة تمتع بها ، أو ميزة طيبة ميزته عن غيره ممن كانوا يصلحون للخلافة في زمنه . بعد مساندة غير الشرعي ، ثم مساندة توريث غير الكفؤ ، كانت السنة السورية السيئة الثالثة ، و هي متابعة الحاكم في غيه ، و ظلمه ، حين ساند السوريون يزيد بن معاوية في حربه ضد أهل المدينة المنورة ، و إختصارا للحيز ، و لوقت القارئ الكريم ، يكفي الإحالة لتفاصيل موقعة الحرة ضد أهل المدينة المنورة ، و التي تشبه في فظائعها فظائع الجيش السوري البعثي ، في سوريا ، و لبنان ، بحق السوريين ، و الفلسطينيين ، و اللبنانيين . بعد يزيد ، بدأت الكرة من جديد ، فكانت المساندة السورية لمروان بن الحكم ، و إعتباره الخليفة الشرعي ، في وجه عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه ، الذي حظى بالبيعة في الجزيرة العربية ، و مصر ، و العراق ، و كان بإقرار الفقيه الكبير ابن حزم الأندلسي هو الخليفة الشرعي ، وفق المقاييس الشرعية ، و شهادة ابن حزم تكفي في هذا الشأن ، لأنه عرف بالولاء الشديد لبني أميه ، لدرجة إنه أتهم بأنه ناصبي . و بمناسبة الحديث عن مروان بن الحكم ، أنوه بأن وزارة التربية و التعليم في مصر ، في وقت أن كنت طالبا في المرحلة الإعدادية ، كانت تعتبر أن مروان بن الحكم هو الخليفة الشرعي ، و ليس خارج ، و مدعي ، و أن عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه ، هو الخارج على الخلافة الشرعية ، و لا أعرف إن كانت مستمرة على هذا الرأي ، أو ذلك الغي ، لليوم أم لا . بالعودة للموضوع ، نجد أن نفس السيناريو السابق تكرر ، فبعد مساندة غير الشرعي كانت مساندة التوريث غير الشرعي ، ثم مساندة الطاغية في غيه ، فكانت مساندة عبد الملك بن مروان ضد عبد الله بن الزبير ، و هي المساندة التي أفضت إلى ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق ، أي كانت الجريمة ، أو ثالثة السنن السورية . ما أكتبه الأن ليس عودة للتاريخ لمجرد القراءة ، بل للمقارنة بالحاضر ، فالشعب السوري حكمه حاكم غير شرعي ، هو حافظ الأسد ، ثم كان السكوت السوري الشعبي على التوريث ، فكان الشعب السوري هو أول من سن سنة التوريث في الأنظمة الجمهورية العربية ، فأصبح السوريون بذلك أول من أسهم في تحويل الجمهورية ، و لو كانت إسمية ، إلى وراثية ، تماما كما ساندوا ، من قبل ، تحويل الخلافة إلى كسراوية هرقلية . و بما إنه لا يوجد نظام غير شرعي لا يرتكب جرائم ضد الإنسانية ، فالنظير المعاصر لموقعة الحرة ، و حصار مكة ، و ضرب الكعبة بالمنجنيق ، هو ضرب المعارضين ، سواء في سوريا ، و أو في خارجها ، من السوريين ، و غير السوريين ، وضرب بغداد ، و سائر أنحاء العراق ، بالإرهاب . أن النظرة التاريخية المقارنة تجعلني أعتز بالتراث المصري في هذا الشأن ، فقد ساند الشعب المصري أمير المؤمنين الشرعي ، علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، حين نازعه معاوية الخلافة ، و قاومت مصر مروان بن الحكم ، حين تقدم ليضم مصر إلى ملكه ، و بلدة الزبيرية في محافظة الغربية ، و بلدة الشهداء ، في محافظة المنوفية ، تشهدان على عنف المقاومة المصرية لمروان بن الحكم ، و في القرن الحادي و العشرين الميلادي هتفنا ، و نهتف ، و سنهتف ، ضد حاكمنا غير الشرعي الحالي ، و ضد تحويل الجمهورية - و لو كانت حاليا مجرد جمهورية إسمية - إلى كسراوية هرقلية رسمية . في كل الأحوال لنا أن نفخر كمصريين بإننا لم نأخذ بالسنن السورية السياسية السيئة ، مع حبنا للشعب السوري الشقيق ، و تقديرنا لإنجازات الشعب السوري في الميادين الحضارية الأخرى . إنني أهيب بالشعب المصري أن يستمر في الأخذ بسنتيه الحميدتين ، و هما : مقاومة الحكام غير الشرعيين ، و رفض توريث أمثال يزيد الفهود ، من الجيل الثاني للطغاة .
13-07-2010
تسلمت في هذا الشهر ، يوليو 2010 ، خطاب رسمي من السفارة الألمانية في بوخارست ، يفيد برفض طلبي اللجوء سياسيا إلى ألمانيا . أنني أحترم القرار الألماني ، و الذي للأسف أتخذ إلتزاما من ألمانيا بالمعايير البيروقراطية ، دون النظر للواقع الفعلي .
ملحوظة دائمة : أخلي مسئوليتي من أي تلاعب أمني صبياني ، أو لأي غرض أخر ، يصيب المقالات المنشورة بالتشويه ، سواء بتشويه طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و أرجو القارئ الكريم ألا يسمح لأمثال هذه الألاعيب بأن تصرفه عن صلب المقالات .
من المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
-
الأمل يمنع إستخدام القوة ضد إيران
-
وزير الري القائد الأعلى للقوات المسلحة
-
عار على النوبي إن رفض العودة
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
-
خطوات صائبة من البرادعي ، و لكن
-
المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي
-
التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
-
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم
...
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
-
الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
-
غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
-
شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
-
عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا قبره ، و مثلوا بجثته ؟
-
هكذا سيتدخل نظام آل مبارك عسكريا في دول حوض النيل
-
في قضية الردة ، لنخسرهم ، و لنكسب العالم
-
المشكلة في البوصلة السياسية الإيرانية ، و ليست القنبلة
-
علينا إعداد العدة لإحتجاجات ما بعد إنتخابات 2011
-
كترمايا جاءت لجمال مبارك على الطبطاب
المزيد.....
-
قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا
...
-
أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق
...
-
الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي
...
-
موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق
...
-
الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC
...
-
بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى
...
-
كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول
...
-
واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ
...
-
البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|