أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - إشكاليات التراث ومتطلبات العصر وأين يكون حرثنا فى الأرض أم فى الماء ؟















المزيد.....

إشكاليات التراث ومتطلبات العصر وأين يكون حرثنا فى الأرض أم فى الماء ؟


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 24 - 22:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثار الأخ أحمد فى معرض تعليقه على مقالى الأخير رؤيته فى أننا يجب أن نولى إهتماما ً بقضايا الحرية والديمقراطية والتنمية والإصلاح الإقتصادى أكثر من خوضنا فى نقد الفكر الدينى .
بلاشك أن ما طرحه الأخ أحمد هى قضايا حقيقية جديرة بالإهتمام كونها على المحك وتمس مصالحنا الحيوية بشكل مباشر ومؤثر ... وقد يبدو الحديث والخوض فى غمار الفكر الدينى ترف أمام قضايا معاصرة تطرح نفسها بقوة ..ولكن هل الأمور هى هكذا ؟ ..وهل الأولوية هى فى التفرغ للنقد السياسى والإقتصادى والحياتى لشعوبنا العربية أم أن قضية نقد المنهج الدينى ومنظومته الفكرية هى الأولى بالعناية والنقد .

لا أكون مبالغا ً إذا قلت بأن نقد الفكر والمنهج الدينى هو الأولوية والأساس إذا كنا نريد إصلاح حقيقى لحياتنا وهو يتفوق فى ذلك على أى نقد أخر من حيث الإهتمام والأولوية .
لا أنفى ولا ألغى أهمية النضال بنقد أوضاعنا السياسية والإقتصادية والحياتية , ولكن إذا إكتفينا بهذا الشأن أو توارى النقد الفكر الدينى فى المؤخرة , فيؤسفنى القول بأننا نكون كمن يحرث فى الماء دون أى أمال مرجوة نحو الحل والخلاص .!!

عندما أقول نقد المنهج والفكر الدينى فإنما أعنى نمطية التفكير التى نتحلى بها ..فلسفة الرؤية للحياة ..طرق التعامل مع الفعل والحدث ...نمط العلاقات ..حزمة التشريعات والسلوكيات ..ولسنا بصدد التعامل مع القصص والأساطير ولكن الغوص فى الأثار السلبية للقصة والأسطورة والفكرة التى يراد لها أن تكون حاضرة لتشكل منهج فكرى ودستور حياة .

فلنلقى الضوء على بعض الرؤى التى يطرحها الفكر الدينى ونرى كيف أنها لا تكون مجرد أفكار وأطروحات بقدر ماهى منهج فكرى يتغلغل فى أدمغتنا وأنسجتنا ليكون حاضرا ً بقوة فى واقعنا مقوضا ً أى محاولة للإصلاح .


* نصف المجتمع المدفون والكل المقهور .

تصدر لنا المنظومات الدينية رؤية للمرأة لا تخلو من الدونية والتحقير وفى أفضل الأحوال تكون داعية للتهمييش والإلغاء ...نتلمس هذا الأمر من ترسانة التشريعات التى تنال من المرأة وتنتقص من إنسانيتها وكفائتها لتحجمها فى إطار معين لايزيد عن كونها أداة للمتعة الجنسية وحاضنة للأطفال .
لن نرهق أنفسنا كثيرا فى الخروج بحمولة كبيرة من الرؤى التى تصل فى سقفها الأعلى بجعل المرأة عورة وأقل عقلا ً وفكرا ً إلى التحقير من شأنها وقدرتها على تولى إدارة أى عمل ..وتصل الأمور إلى محاولة عزلها فى بيتها تحت حجة التوقير .

مجتماعاتنا الشرقية تشربت حتى الثمالة هذا الفكر والتراث الدينى ليصبح متغلغلا ً فى الفهم والفعل الذكورى ضد المرأة فلا نجد سوى إنتهاك لكافة حقوقها كإنسانة وتهمييش لدورها فى المجتمع فلا تزيد عن كونها متعة للفراش وإعداد الطعام .
نأخذ من محصلة هذه الإنتهاكات أكبر نسبة أمية بين النساء وإنعدام تام لوجودها فى مراكز صنع القرار حتى لو إمتلكت الكفاءة ..ومشاركة خجولة وغير مؤثرة فى العمل والإنتاج .

عندما يتم تعطيل نصف المجتمع عن الفعل والفعالية والإنتاج فلا يجب أن نتحدث عن خطط تنموية وإصلاح إقتصادى وسياسى لأن لدينا نصف القوى البشرية مشلول ومعطل .

تأخذ المأساة سقفها الأعلى عندما نتذكر بأن النصف الذى تم تعطيله وإنتهاكه هو عنصر بشرى وليس بجماد ..أى عنصر سيصدر مجمل قهره و تسطيحه وتهميشه إلى أطفال يرضعون هذا الوضع البائس ...لتدور دوائر جهنمية تشد المجتمع بأسره إلى حالة من الجمود والضياع والشلل .

وضع المرأة العربية هو نتاج منهج وفكر دينى إستحوذ على فكر المجتمع فجمد نصفه وعزله عن القدرة على الفعل والمشاركة ... لذا عندما نخوض فى الحديث عن خطط تنموية نكون نعبث أو نحرت فى الماء .


* الحرية هى حريتى أنا .

نحن شعوب لا تعى معنى الحرية فنتصورها إنحلال وفجور وبعد عن التراث , وحين ندرك معناها الحقيقى ونطالب بها فلا تكون أكثر من حرية ذاتية خاصة بقبيلتنا و وعشيرتنا وعزوتنا فقط ولا تسمح للأخر أن يحظى بها .
نحن كشعوب وأفراد لا نؤمن بالحرية وحين نتعاطاها فلا نقبل أن يمارسها الأخر ...فتجد نماذج عديدة للتعسف ضد الأخر ..فلا نقبل حق الأقليات فى نيل حقوقهم والعيش معنا على نفس المواطنة ..المسلم لا يقبل المسيحى حائزا ً على نفس حقه فى الحكم والحقوق ..والسنى لا يقبل حق الشيعى والعكس وارد ...فممارسة المسيحى أو الشيعى لطقوسه فى بلد سنى بدون تصريح سيجد جيرانه هم من يتصدون لحريته قبل أجهزة الدولة الأمنية .!!

هل التمييز هنا جاء من قوى خارجية أجنبية ..هل جاء من سلطات حاكمة مستبدة غاشمة أم من ثقافة شعبية ومنهج فكرى رافض للأخر .
نحن كشعوب من خلال المنهج الدينى الذى يتكأ على الحقيقة المطلقة وأن دينى ومعتقداتى وغيبياتى هى الصحيحة والكل فى ضلال وخطأ لا يجعل هناك أى مساحة لقبول الأخر المختلف ومساواته فى حقوقى .

بماذا نفسر مثلا ً بأن كل الأنظمة العربية التى تبنت مشاريع دينية أو قومية أوناصرية أو بعثية لم تسمح بوجود أى قوى مجاورة لها ..لأن رفض الأخر هو متغلغل فى النفسية العربية من تاريخ طويل وحافل بالمقدس الذى لا يقبل المختلف تحت نفس المظلة .

ولماذا هناك تهمييش ونبذ للأقليات الدينية والعرقية كالأمازيج ..البوليساريو..الأقباط ..جنوب السودان ..الأكراد ..الشيعة ..السنة.. وتلك القائمة من الأقليات التى لا تتفق مع عرقيتنا وديننا .

شعوبنا تستمد رؤيتها من تراثها ومازالت تستحضره وتتماهى فيه ليخلق فى وجدانها رفض عميق لحرية الأخر وإلا بماذا نفسر أيضا ًهذه الحرب السخيفة بين الشيعة والسنه على أرض العلراق فى ظل مشروع ديمقراطى لم تحظى به سابقا ً سوى أننا غير مهيأين للتعاطى مع الديمقراطية فى ظل منهجية قائمة على رفض حق الأخر فى الحرية والمساواة .

من هنا يكون نقد هذا التراث المفعم بالعزل أكثر أهمية من المناداة بالديمقراطية والإصلاح السياسى فى عالم يفتقد فيه الإنسان العربى هذه الرؤية والمنهجية .

* الإغراق فى الميتافزيقا

يوجد منهجين للتفكير والتحليل والبحث , المنهج العلمى الجدلى والمنهج الميتافزيقى ... المنهج العلمى الجدلى هو ما يعزى كل أمور الوجود إلى ظرف مادى موضوعى هو الجدير بالبحث فيه والخروج بنتائج منه ..هو لا يمتلك غير هذا الطريق لفهم الحدث والفعل وتحليلهما..أما المنهج الميتافزيقى فهو يعزى أى لغز فى فهم المادة إلى وجود قوى غيبية حاضرة تؤثر على الحدث .
الواقع يقول لنا أن أى مشكلة تواجهنا فى الوجود هى نتاج عوامل مادية متى عرفنا علاقاتها ومعادلاتها أمكن لنا أن نحل إشكالياتها ..من هنا نجد أن تطور الإنسان المعرفى لم يأتى إلا من خلال مراقبة سلوك المادة والإلحاح على معرفتها .
المنهج الدينى المتكأ على وجود قوى محركة وفاعلة يجعل الإنسان يقف عند منتصف الطريق وعند أى معضلة تواجهه يخلد للراحة الذهنية ويعزى المعضلة لوجود قوى غيبية ..بينما صاحبنا المتتبع للمنهج الجدلى ليس له أى سبيل إلا أن يمشى الطريق لنهايته لأنه ليس له أى خيار أخر .

من هنا نجد أن المنهج الدينى فى التعامل مع الوجود والحياة يجعل المرء يتوقف سريعا ً أمام أى معضلة تواجهه لتبقى معرفته محدودة ومبتورة فلا نسأل هنا لماذا نحن شعوب لا تبتكر وتبدع ..لأن ألف باء إبتكار يقوم على الإلحاح على كل غموض ومحاولة فك لوغاريتماته .
نحن مشبعين بمنهج إتكالى ذو شكل قدرى يعفى ذهننا من الفعل والتفاعل ..يصيبنا بالشلل والجمود والتوقف .
وتزداد الأمور سوءا ً عندما تكون نمط معرفتنا تلقينيا ً متقولبا ً فى إطار فكر دينى لا يقوم له قائمة إلا من خلال أن نحتفظ بالمعلومة كما هى فلا نراقبها أو ننقدها بل نحتفظ بها بدون أى وجود يثبتها .
وتزداد الأمور سوءا عندما يكون هذا هو نمط تعاملنا مع العلوم والثقافة فنحن نحتقظ بها ونرضعها كما هى دون أى محاولة للإضافة أو التعديل .

هى ليست دعوى للإلحاد واللادينية فليؤمن كل منا بما يشاء حتى لو وجد فى عبادته لنملة سعادته وراحته النفسية ولكن هى دعوة لتغليب الفكر العلمى الجدلى فى مجمل حياتنا العملية ...فالأمور لن تحل إلا من خلال العلم وفهم قانون المادة والإلحاح عليهما .
هى دعوة أيضا ً أن نتعاطى الدين من خلال الجامع والكنيسة وفى حدود أماكنهم ولا يمتد تأثيرهم الفكرى خارج عتباتهم .

من هنا نجد أن المنهج الفكرى الدينى هو الجدير بالنقد أكثر من نقدنا لإشكاليات معيشية حياتية جاءت من رحم هذا الفكر .
أوربا لم تعرف طريق التقدم والحضارة إلا عندما قامت بثورتها التنويرية وحررت الإنسان الأوربى من سلطة وسطوة الكنيسة والمنهج الدينى ليكون هناك إنسان جديد مؤمن فى كل خلية من جسده بالحرية بمفهومها الواسع الذى يشمل المرأة والأخر متحررا ً من قوالب صماء تشل تفكيره وإبداعه .

لو لم نقم بحركة تنويرية حقيقية للإنسان العربى تُطور من مفاهيمه ورؤيته وتحرره من قوالب تراثية جامدة عفا عليها الزمان فستذهب كل المحاولات الترقيعية لحل مشاكلنا مع الديمقراطية والإصلاح السياسى والتنمية أدراج الرياح ونكون بالفعل كم يحرث فى الماء .

ألا تشاركونى هذا الرأى .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 2 ) - لا تسأل ولا تعرف .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 8 ) _ أشياء مطلوب الإعتذار عنه ...
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 3 ) - الجنه تحت أقدام المقاتل ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 5 ) .
- تديين السياسة أم تسييس الدين (2) - الناسخ والمنسوخ تردد إلهى ...
- إلى هذا الحد وصلنا لحالة من الشلل والتسطيح والتهميش .
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 1 )- اليهودية نموذجا ً .
- ثقافة المراجعة والإعتذار المفقودة .
- نحن نخلق ألهتنا ( 6 ) - الله رازقا ً .
- تأملات فى الإنسان والحيوان والبرغوث .
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 4 )
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 3 )
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 2 ) .
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 1 ) .
- الأديان كتعبير عن مجتمعات عبودية الهوى والهوية .
- الجنه ليست حلم إنسان صحراوى بائس فحسب .. بل حلم مخرب ومدمر . ...
- سأحكى لكم قصة - شادى - .
- بوس إيد أبونا .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 7) _ فليدفعوا صاغرون .
- ضيقوا عليهم الطرق .


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - إشكاليات التراث ومتطلبات العصر وأين يكون حرثنا فى الأرض أم فى الماء ؟