أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَهوى 6















المزيد.....

الرواية : مَهوى 6


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2984 - 2010 / 4 / 23 - 19:10
المحور: الادب والفن
    



" ثمة كتابٌ واحد حَسْب ، مفقودٌ ، في دارة زعيم حيّ القنوات "
هكذا رحتُ أردّدُ في سرّي ، مُعتبراً ذلكَ كما لو أنه حقيقة ٌ ، مُبرَمَة ، لا ريبَ فيها ولا برهان . وبالرغم من يقيني هذا ، فإنني شئتُ سماعَ نواطق كلّ حرف من عنوان الكناش ، على لسان المملوك . إذاك كانَ بَصري مُتعلقاً بفمه ، المَضموم الشفتيْن ، مُنتظراً أن يتكلمَ . وإذا سَمْعي يُطرَقُ ، بغتة ، بصدى وقع أقدام ثقيلة ، متمهلة ، على درجات سلم القبو ، المفضي لحجرة المؤن . " إنه الزعيمُ " ، هَمَسَ الصقليّ بنبرَة تتبطن الحذرَ والرهبَة . فتحَ بابُ الحجرة رويداً ، وما عتمَ رأسُ الرجل الكبير ، المشدود بعمامة ناصعة ، مذهبَة الخز ، أنْ أطلّ علينا أولاً . ثمّ راحَ جرمُ الجسم ، الضخم ، يتبدَى بوضوح في الشذرات الخافتة لضوء المصباح الصغير ، الزيتيّ ، الموضوع على الطاولة المُستطيلة ، القريبة ليديّ .
" أرجو ألا يكونَ حضوري ، المُتطفلُ ، مُعيقاً لعملكم " ، خاطبني المُضيف بألفة ، فيما هوَ يأخذ نفساً عَميقاً من فتحتيْ منخره العظيم ، الأقنى قليلاً . ثمّ تابعَ ، على الأثر ، عبارَة ودّه : " أعتقدُ أنّ آذانَ صلاة العشاء ، لم يتناهى إلى القبو . لم ينقض وقتُ الفرْض ، بطبيعة الحال ؛ وعلى ذلك ، كنتُ في وارد دعوتكَ إلى مائدة الطعام " وكدتُ أن أجيبه ، فأفند اعتذارَه بعبارة مُجاملة ، حينما دَهَمَ فكري ، على حين فجأة ، هذا الخاطر : صحيح ، لم يَصلنا صوتُ المؤذن ، من المصلى المُجاور . وإذاً لا بدّ أنّ الوصيفَ ، المَغدورَ ، قد وقعَ صريعاً هنا ، في هذا المكان ، المُصْمّت ؛ طالما أنّ أحداً لم يَسْمَعَ صراخه .
" يَسُرّني وُجُودكم هنا ، أيها الكبيرُ ، وأشكرُ لطفكم وكرَمكم " ، قلتُ أخيراً أثرَ هنيهة تفكير . وكانَ المُضيفُ عندئذ يُحدّق بطبيخ خلطة الأعشاب ، المطلوبة ، الراقد في قعر الإناء الموضوع على نار الأتون ، الهادئة . فلحَظتُ أنه يَشتمّ البخارَ المُتصاعدَ من الإناء وكما لو أنه يُمََيّز ، بدرْبة وخبرَة ، أصنافَ صفة العطارة تلك ، المَنذورة لصحّة أبنته الوحيدة ، المُعتلة . وقلتُ له مُوَضحاً بلهجة مَرحَة ، تتصنع البراءة : " لدينا عديدُ من المواد ، هنا ؛ من الشبه والرشاد وقشر الرمان والزعتر . ولكنّ رائحة القرْفة ، الحرّيفة ، هيَ الطاغيَة ولا غرو على الخلطة " . فوافقني الكبيرُ بهزة مؤكدة من رأسه . ثمّ لزمَ من بعدُ السكوتَ ، المُتطاولَ ، إلى أن رآني أرفعُ الطبيخ عن الأتون ، فأضعه في صحن عميق القعر ، خزفيّ . وكنتُ أهيأ الكمية ، الضرورية ، التي سيأخذها المملوك إلى جناح الحَرَمْلك ، لما بدأ مخدومُهُ في التنحنح بصوت مسموع . فما لبثَ أن قالَ بهدوء : " سأصْعَدُ بالصفة ، بنفسي ، إلى البيت العلويّ " ، وأضافَ مُوَجّهاً كلمته للمملوك : " أصحَب الآغا إلى قاعة الطعام ، لكي يتعشى . وبعد ذلك ، عليكَ أن تعدّ منامته هناك ، في قاعة الضيوف " . ثمّ حَمَلَ الرجلُ ما كانَ مُفترَضاً أنه صفة ناجعَة ، تنفعُ بدَنَ أبنته المُبتليَة ـ كذا ، بعارض طاريء من حمّى الحنين . من ناحيتي ، كنتُ أدركُ ولا ريب أنّ محتوى الصفة ما كانَ سوى قليل من القرفة ، الممزوجة مع الشاي الأخضر ؛ وأنها وسيلة مُجرّبة في إسقاط الحَمْل ، بما أنّ تكرارَ استعمالها يُدرّ حيضَ المرأة بصورة دائبَة .

كأنني تقمّصتُ ذعْرَ الصقليّ ، السرّاني ؛ وهوَ الذعر ، المفهوم بالنسبة لي . عليّ كانَ أن أدركُ مبعثَ خوف هذا المملوك ، بريئاً كان هوَ أم مَشبوهاً : في الحالة الأولى ، فإنه يخشى أن يُضحي الضحيّة التالية ، بعد الوصيف ؛ طالما أنّ دافعَ القتل ، على أغلب تقدير ، يُداور حولَ الكتاب والفتاة . أما في الحالة الأخرى ، فلا ريبَ أنّ الصقليّ يعرفُ ، بالتأكيد ، أنه أصبحَ مكشوفاً ، تجاهي على الأقل ؛ وما عليّ إذاً إلا أن أسلم رأسه لمخدومه ، قائلاً له بفخر : هوَ ذا عدوّكَ ، أيها الزعيم . فلأنكَ من أمَرَ باخصائه ، دله حقده على طريقة رهيبة للانتقام ؛ أن يضعَ سماً لآغا أميني ، لكي يقومُ وجاقُ القابيقول ضدكم ؛ وأن يَعمُدَ بعدئذ إلى ذبح الوصيف ـ منفذ الأمر ذاك ـ ليجعل الشكوك تحوم حولكَ أنتَ .
على أنني ، للحق ، كنتُ أرجح براءة الفتى . فلم أرَ ، على أيّ حال ، سبباً موجباً لأتعجلَ بالحكم عليه. كنتُ الآنَ حريصاً على حياته ، كما لو أنها حياتي نفسها . على ذلك ، لم أطق انتظاراً لحين انتهائي من العشاء ، بل أمسَكتُ بيد المملوك عند مدخل السلاملك لأهمسَ سؤالي المُلحّ : " ألن تخبرني ، أيها الصقليّ ، باسم كتاب الكنوز ذاك ، المَزعوم ؟ " . المفردَة الأخيرة ، في جملتي ، تعمّدتُ التشديد عليها عندئذ وكأنّ الأمرَ فضولٌ مني ، لا أكثر . وإذا بالمملوك يهزّ رأسه بجواب إنكار ، قائلاً ببساطة : " لقد نسيتُ اسمَ الكتاب "
" كيف ذاك ؟ فهل مضى وقتٌ طويل على كشف الوصيف علاقتك ، المُحرّمَة ، ببنت مَخدومكَ ؟ "
" منذ قرابة الشهرين " ، قالها بما يُشبه الاعتذار . ولكنه ما عتمَ أن وضعَ يده على جبينه ، بحركة من يَحُث فكره على التوقد ، ليستطردَ على الأثر : " مهلاً ، يا سيّدي . ما أذكرُهُ اللحظة ، أنّ صاحبَ الكتاب منعوتٌ بصفته شيخاً "
" أنتَ تعني ، ربما ، الشيخ أبن عربي ، صاحب كتاب الفتح المكي ؟ "
" كلا ، بل هوَ اسمٌ آخر ، غريب . ولكنني أظنّ أنّ عنوانَ ذلك الكتاب يحتوي ، بدوره ، على كلمة الفتح " ، أجاب الفتى وكان يبدو واثقاً ، هذه المرة ، مما يقوله . لقد تعمّدتُ أن أحرّف اسم كتاب " الفتوحات المكية " لشيخنا الأكبر ، لكي أشحذ نصلَ ذاكرة الصقليّ . نعم . لقد حَدَسْتُ ، وأصبتُ ، في يقيني ؛ بأنّ كتاباً واحداً حسب ، هوَ ما يُبْحَث عنه في هذا المنزل .

" إنكَ عثرتَ عليه ولا ريب ، وإلا لما كنتَ تتحدّث إليّ وٍرأسكَ ما يفتأ بين كتفيك "
قلتُ للصقليّ بانشراح . فأجابني ضاحكاً : " هذا حقّ ، يا سيّدي . ولكنّ القبرصيّ هوَ من عثرَ على مطلوب الوصيف ، فأنقذ رأسي " . وباللهجة نفسها ، المُداورَة ، المُتمثلة قلة الاهتمام ، عدتُ أقول للفتى : " أنتَ نلتَ قسطاً ، مُعتبَراً ، من العلوم العربية ـ كما سبقَ وحدثتني . فلا غرو أن تكون قرأتَ هذا الكتاب ، وفهمتَ غرَضه ؟ "
" أجل ، يا سيّدي ، أنا أجيدُ القراءة . إنما لم يُتحْ لي فرصة ُ فتح ذلك الكتاب ، أبداً "
" حسنٌ . وصاحبكَ هذا ، القبرصيّ ، أينَ سأجده الآنَ ؟ " ، وجهتُ سؤالي الأخير للصقليّ ، قبل أن أشرَع بولوج قاعة الطعام . عندئذ كان عليّ ، بدوري ، أن أتلقى مذهولاً مفاجأة اليوم ، الأخيرة : " لقد اختفى المسكين ، منذ منتصف ليلة أمس ، ولم يُعثر له على أثر " .
أربعُ عضائد ، من الحجر المكين ، تسند سقفَ حجرة النوم هذه ، المنذورة لضيف كبير الأعيان ؛ وأربعُ عضائد ، من التواطؤ الخفيّ ، تسندُ سقفَ حجرة أبنته . فالأبّ ، علاوة على المربية والصقليّ والقبرصيّ ؛ هؤلاءُ جميعاً اتفقوا فيما بينهم ، ودونما حاجة لميثاق ، أن يتكتموا على الفضيحة . إنّ كلاً منهم ، علاوة على البنت طبعاً ، لديه سببٌ لقتل الوصيف . وإذا ما نحينا جانباً المربية ، الكبيرة السنّ ـ كونها انهارت تماماً في ليلة الأورطات ـ فيبقى أربعة أشخاص حسب ، من أهل الدار ، على شبهة بيّنة .
" ولكن ، ماذا جرى للخصي ذاك ، المفقود ؟ أمن الممكن أن يكونَ مقتولاً ، أيضاً ؟ " ، تساءلتُ في سرّي . كنتُ عندئذ قد آويتُ إلى فراشي ، مُبكراً ؛ أنا من هُدّ بدنه وروحه بنوائب التعب والقلق . رأيتني إذاً متفرداً بحجرة من قاعة نوم الضيوف ، الفارهة ، المقسومة إلى حجرات عديدة . وكانَ الضيوفُ الآخرون ، من جماعة المجلس ، قد سبق لهم ، بعيد صلاة المغرب ، أن مضوا إلى مشاغلهم ومهامهم . فحينما كان أولئك الأصحابُ يتمتعون بقيلولة رخية ، إثرَ وليمة الغداء ، كنتُ أدسّ أنفي ، هنا وهناك ، مُشتماً أثرا ما ، محتملاً ، للقاتل الذي سمّمَ آغا القابيقول وذبحَ الوصيف . آنذاك ، حقّ لشكوكي أن تشملَ جماعة المجلس ، فضلاً عن كبيره : وهذا كانَ عذري ، لكي أتكتمَ على الأمر أمامَ صديقي ، العريان ، والذي كنتُ بحاجة ماسّة لحصافة رأيه لحلّ هذه المعميات . على أنني ما أفتأ على ترددي ، في مفاتحة صديقي بالأمر غداً . فرُبّ ضيق في خلق الرجل ، سيدفعُ حنقه للثورة عليّ بهذه الكلمة : كلّ البلد ، الآنَ ، مشغولٌ بأمر واحد حسب ؛ وهوَ وصول القبجي مع فرمان الأمان . بينما تريدُ أنتَ أن يُضيّع المجلسُ وقته في أوهام باطلة .

" سيدي ، إنّ القبرصيّ عادَ إلى المنزل من توّه "
كذلك هتفَ إليّ الصقليّ هَمساً . وكنتُ آنئذ أهوّمُ في السدرَة العليا من منامي ، حينما جذبتني يدُ المملوك إلى أرض المَوجود . تطلعتُ إليه في حلكة الليل ، فما كانَ منه إلا أن أضافَ بنبرَة خبيثة : " يبدو أنّ صاحبنا فرّ بمؤخرته من يد الأورطات ، منذ بدء هجومهم على الدار ، فرأى نفسه ضائعاً في متاهة دروب المدينة " . تنبّهتُ عندئذ إلى أنّ هذا المملوك ، المُتفكه ، قد أهملَ أيّ كلفة بينه وبيني . بيْدَ أنني ، في هذه اللحظة ، ما كنتُ مُهتماً به أو بدبْر صديقه . كانَ الوقتُ هوَ ما يُشغلني ؛ فعلمتُ إذاك أننا بعد منتصف الليل بسويعات ثلاث . وإذاً ثمة فترة كافيَة ، مريحة ، تفصلنا عن صلاة الفجر . قمتُ من فراشي في عتمة الغلس ، دونما حاجة لإشعال المَسْرَجَة . ولم أجدُ من داع أيضاً لتغيير ملبَسي ، المكوّنُ من منامَة خفيفة . على ذلك ، تبعتُ الصقليّ مُتأثراً خطاه الهيّنة ، الحذرة ، والتي شاءتْ سلوكَ أرضيّة السلاملك في الطريق إلى القبو ؛ إلى حجرته الصغيرة ، الحقيرة ، التي يَشغلها ورفيقه ، القبرصيّ . هذا الأخير ، كانَ هنا إذاً في انتظارنا ، وقد أينعَ الذعرُ في أراك قسماته الرقيقة ، المُتجلية نوعاً في نور المشكاة ، الضئيل . ولكنني توجّهتُ بكلامي ، أولاً ، إلى المملوك الآخر : " عليكَ أن تصعد ثانية ً إلى الحوش ، لتراقب حجرة سيّدكَ " . أجابني هذا مُتبسّماً : " كنتُ سأقترحُ ذلكَ ، يا سيّدي . فربما يفيقُ الرجلُ قبل صلاة الفجر ، فيلحَظ ما يُريب في أمرنا " . بعيد خروج الصقليّ ، التفتُّ نحوَ رفيقه وسألته من فوري : " هل قرأتَ كتابَ " النفحُ الليْلكي والفتحُ الجَرْمُكي " للشيخ البرزنجي ؟ " . القسمات الحَسَنة للملوك ، والمُتماهيَة بذعر شفيف ، لم تظهر مع ذلك علامَة مفاجأة ، مُفترَضة . لا بدّ إذاً أنّ صديقه ذاك ، الصقليّ ، قد حدّثه قبلاً عن مُرادي . فأجابني على ذلك من فوره : " لا يا سيّدي ، فأنا أجهلُ اللغة العربية تماماً ، قراءة وكتابة "
" أأنتَ من سلّمَ الكتابَ للوصيف ، المرحوم ؟ "
" لا رَحْمَة من الله عليه ولا من يَحزنون "
" وإذاً ؟ "
" إنّ الصقليّ هوَ من فعلَ ذلك . ولكنّ ياسمينة ، بفضولها المتأصل فيها ، أجازتْ لنفسها أن تستعيرَ الكتابَ "
" وهل تعرف مخدومتكَ القراءة ؟ "
" نعم ، يا سيّدي . وقد بقيت ليلة كاملة تطالعُ فيه ، كما أخبرتنا " .

على أثر سَهَرها مع الكتاب طوال الليل ، أفاقت ياسمينة ، ولا غرو ، في وقت متأخر من النهار . وكانَ وجهها يتألق ببارق مُلغز ، مُحيّر ، حينما أخرجتْ الكناشَ من طيات ثوبها وسلمته للصقليّ . هذا الأخير ، لم يمدّ يده عندئذ إلى الغرَض ذاك ، بل إلى ثوب الفتاة نفسه ، ليحاول انتزاعه . فما كانَ من ياسمينة ، وعلى مُنقلب غير متوقع ، إلا أن دَفعَتْ المملوكَ بقوة وعنف ، ثمّ وَلّتْ من الحجرة بخطوات سريعة وكأنما تفرّ فراراً . حصلَ ذلك بوجود القبرصيّ ، وعلى مرأى من عينيْه المَدهوشتيْن . ولم يُدرك أيّ منهما ، في تالي الأيامَ أيضاً ، كنه مسلكها هذا ، الغريب . لقد اعتادا منها فيما سَلف تقبّل المداعبَة ، بشبَق وغلمَة ، حينما كانا ينفردان معها هنا ، في هذا القبو ، أو ثمة في الحَرَمْلك . ولكن ، منذ ذلك اليوم ، الموسوم ، أضحى جَسَدُ ياسمينة حَرَماً ، مُقدّساً ، لا يجوز للمملوكيْن مسّه أبداً .
من جهته ، فالقبرصيّ كانَ غلاماً بعدُ ، لما وَجَدَ نفسه بين يديّ الوصيف ، القويتيْن ، اللتيْن عَمَدَتا لشدّ سلك رفيع ، من المصّيص المتين ، حول خصيتيْه الدقيقتيْن . أمّه كانت جارية جميلة ، سبقَ له أن رافقها ، وهوَ في عمر أبكر ، حينما جلبتْ لدمشق من جزيرة الأروام ، وبيعتْ في سوق الخيل ؛ ثمة ، أين كانَ مَوْضعُ المساومات ، المُعتادة ، الخاصة بالرقيق . والظاهر أنّ زعيم حيّ القنوات ، الصارم الطبع ، قد خففَ كثيراً من غلوائه بوصول هذه الفتاة اليافعة ، الفائقة الفتنة . إلا أنّ رفضها ، العنيد ، ترْكَ دين الصليب ، جلبَ عليها نقمة سيّدها . فحينما ظهَرَتْ عليها علامات الحَبَل ، بعد سنة تقريباً من وجودها في داره ، أقصاها الرجلُ من حظوته وأمَرَ حاجبَهُ أن يتدبّرَ وسيلة لإسقاط الجنين . لم تجْد ، في آخر الأمر ، أيّ صفة من صفات العطارة ، وولد للمرأة طفل غضّ ، بهيّ ، كأنما هوَ صورة عنها . إذاك تدخلَ السيّد ، ثانية ، لكي يَمْنعَ هذه المرّة وَسْم الوليد باسم " بطرس " ؛ الذي اختارته له أمه . هذه المرأة ، المسكينة ، لم تحتمل صحتها ، الضعيفة ، آثارَ الحمل والولادة ، فما لبثتْ أن فارقتْ الحياة . بدوره ، وإذ كانَ الوليدُ ما يفتأ رضيعاً بعدُ ، فإنه رفضَ حليبَ المُرضعات ، ثمّ ماتَ بعدَ أمه بقليل . فأصرّ المالكُ أن يُرَبّى في منزله ـ كأيّ مملوك آخر ـ أبنُ المرأة ، الآخر ؛ ذاكَ الغلامُ الرقيق ، المُتوحّد . عند ذلك ، ارتأى الوصيفُ أن يُدليَ بدلوه ، أيضاً . فأقنعَ سيّدَهُ بضرورة أخصاء هذا المملوك ، الروميّ ، طالما أنّ ياسمينة ، الصغيرة ، مُوَلعَة كثيراً بصحبته .



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية : مَهوى 5
- الرواية : مَهوى 4
- الرواية : مَهوى 3
- الرواية 2
- الرواية : مَهوى
- الأولى والآخرة : مَرقى 13
- الأولى والآخرة : مَرقى 12
- الأولى والآخرة : مَرقى 11
- الأولى والآخرة : مَرقى 10
- الأولى والآخرة : مَرقى 9
- الأولى والآخرة : مَرقى 8
- الأولى والآخرة : مَرقى 7
- الأولى والآخرة : مَرقى 6
- الأولى والآخرة : مَرقى 5
- الأولى والآخرة : مَرقى 4
- الأولى والآخرة : مَرقى 3
- الأولى والآخرة : مَرقى 2
- الأولى والآخرة : مَرقى
- الأولى والآخرة : توضيحٌ حولَ خطة التحقيق
- الأولى والآخرة : مقدّمة المُحقق


المزيد.....




- -فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان
- ترام الإسكندرية و-أوتوبيس- القاهرة..كيف يستكشف فنان الجمال ا ...
- تردد قناة بطوط كيدز Batoot Kids 2024 بجودة HD وتابع أجدد الأ ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...
- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
- الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَهوى 6