أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حميد كشكولي - الاتجار بالنساء عالميا عار العصر















المزيد.....

الاتجار بالنساء عالميا عار العصر


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 2905 - 2010 / 2 / 2 - 23:13
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    



يمكن اعتبار أعمال العنف التي تمارس بحق المرأة ، في المجتمعات الطبقية الباطرياركية ، منذ عصور مرّ بها تاريخ الحضارة البشرية، أحد أشكال ممارسة السلطة الأبوية ،واستغلال الإنسان للإنسان.
العنف هذا لم يتوقف ، ولم يختفِ رغم الادعاءات الصارخة بالتقدم الحاصل اقتصاديا واجتماعيا في مجال حقوق الإنسان، بل على العكس نشهد على أنه يأخذ أبعادا أوسع ويشتدّ يوما بعد يوم . فالعنف الجنسي في أنحاء العالم، يمارَس بأشكال عديدة، و أساليب مختلفة.
أشكال العنف ، مثل الاغتصاب ، والضرب و الاهانة ، و التزويج القسري،و الختان الذي هو تمثيل بجسد المرأة وهي على قيد الحياة، تتم كأنها مهمات يتكفل بها القطاع الخاص . و رغم أن الحكومات أصدرت شكليا قوانين تدين هذا العنف ، لكنها لم تخطو خطوة واحدة في سبيل إلغائه ، و لا تتدخل لقطع دابر هذا العدوان على المرأة.
وثمة أنظمة حكم مستبدة تدعم العنف على النساء ، وتمارسه أيضا ، بسنّها لقوانين ومقررات تكون في صالح المجرمين ، كما هو الحال مع النظام الإيراني الذي يرتكب كل جرائم الرجم و السجن و التضييق على حريات المرأة وفق الشريعة الشيعية ، وقد أباح جرائم قتل الشرف ، تماديا في تحريم المرأة من حقوقها الأساسية الطبيعية.
وثمة عنف يمارس عالميا عبر الحدود الوطنية ، ألا هو تجارة الرقيق الأبيض، إذ يتم التعامل مع النساء كأية سلعة من السلع التجارية و المواد الخام ، وتصدر من بلد إلى آخر ، و تستوردهن شركات خاصة في بلدان أخرى. أجل ، كأية سلعة ، تستهلك المرأة في المجتمع الرأسمالي المتفسخ وثم تتم سكربتها بعد نفاد صلاحيتها كأية مركبة . هذه التجارة تحولت منذ العقد الأخير من القرن الماضي إلى واحدة من أكثر المعاملات التجارية العالمية ربحا للعالم الرأسمالي.
وإن ضحايا هذه الجريمة المنظمة تقدر ب 500 ألف امرأة سنويا. وإن النساء اللائي يتعرضن إلى هذا النوع من العنف والاستغلال ، ينحدرن على الأغلب من الشرائح الفقيرة والمحرومة، فيقعن في فخ وعود من قبيل الحصول على الإقامة في البلدان الصناعية المرفهة ، أ و الحصول على دخل مادي جيد ، أو عقد عمل مناسب الخ ... وثمة بعض منهن يتم بيعهن كالبهائم من قبل أهاليهن، أو يتم اختطافهن. كما يتم استدراج كثير منهن إلى الإدمان على المخدرات ، وذلك في سبيل ربطهن بالمافيات ربطا لا فكاك منه. أو يتم تحميلهن ديونا طائلة من قبل مهربي البشر بحيث يستحيل عليهن تسديدها ، إلى حد لا يمكن تصور وجود وسيلة للنجاة من هذا المستنقع الجهنمي.
عمليات تصدير النساء واستيرادهن لا تتم ضمن نطاق محدود وخاص فحسب، بل أغلبها تقوم بها منظمات و شبكات عالمية.ومن البديهي أن مثل هذه الأعمال لا يمكن أداؤها بدون توفر حماية اقتصادية وسياسية وتنفيذية من سلطات سياسية و أمنية ومالية.
هكذا فان الحماية تبدأ بدفع الرشاوى لأصحاب القرار والسيطرة و البوليس ، فتأخذ أبعادا سياسية أوسع في سبيل الربح الكبير الاقتصادي، إلى حد تتحول فيه إلى سياسة اقتصادية مقنعة لبعض الحكومات.
وللتغطية على الجريمة تقوم المافيا المجرمة بتأسيس وكالات للسفريات، وشركات التوسط للزواج، أما ما يتعلق بالفتيات دون سن الثامن عشرة فيتم تأسيس شركات التوسط للتبني والأبوة. و لا يحق للنساء الواقعات في شراك العصابات المافيائية تقديم أية شكوى مما يعانين ، إذ لا تعتبرهن حكومات بلدانهن مواطنين لها ، وسوف تأخذ سلطات البلدان التي جلبن إليها إجراءات قاسية بحقهن في حال اكتشفت أنهن يقمن بأشغال ولا يؤدين ضرائب للدولة . وكذلك يبقين في خوف دائم من رجال المافيات وسماسرة البشر ، فلا يقدمن أي شكوى إلى الشرطة، كما أن أبسط إجراء من الحكومات هو إعادتهن إلى بلدانهن الأصلية ، حيث يتلقين صعوبات أكبر و مصائر مجهولة.

قسم من هذه التجارة يتم بعلم تام من الحكومات و الشرطة ، إذ تم أثناء قيام العاب كأس العالم لكرة القدم عام2006 في ألمانيا ، تصدير 40 ألف امرأة إلى هذا البلد لغرض الدعارة ، وقد كانت إقامتهن خلال تلك الفترة قانونية ، ولم يكن لاعتراضات ناشطي وناشطات حقوق المرأة أي تأثير.

ولتجارة النساء جوانب أخرى منها الاستفادة منهن كقوة عمل رخيصة يتم استغلالهن بأبشع الصور.هذه القوة العاملة تستخدم في خدمات البيوت ، و رعاية المرضى ، و في المعامل وخاصة في المجالات الإنتاجية الحرة ، برواتب زهيدة جدا، في ظروف عمل قاسية و كثير منهن يتخذن كجواري ورقيق جنس من قبل أصحاب العمل و السماسرة و غالبا ما يتعرضن للاغتصاب والاستغلال الجنسي.
وفقا لإحصاء منظمة العمل الدولية، إن 43% من هؤلاء النسوة يجلبن للاستغلال الجنسي والمتعة الجنسية. و 32% منهن للاستغلال الاقتصادي . و 25% منهن لكلا الاستغلالين الجنسي والاقتصادي.
و وفقا لتقارير صدرت في حزيران من العام الفائت ونشرتها وسائل الإعلام، يتم سنويا تصدير 30 ألف إلى 40 ألف امرأة من البلدان الإفريقية إلى البلدان الأوروبية من ضمنها ألمانيا ، هولندا، اسبانيا، فرنسا واليونان لغرض ممارسة الدعارة.
ووفق إحصاء آخر من قبل مفوضية التشريع القضائي للاتحاد الأوروبي، يتم سنويا تسفير 120 ألف امرأة وطفل من البلدان الإفريقية والآسيوية والأمريكية الجنوبية إلى الإتحاد الأوروبي، للعمل في قطاع الدعارة أو كلا العمل والدعارة.

من الجدير بالملاحظة أن الإحصاءات المذكورة تعكس جزء من الواقع وليست هناك إحصاءات دقيقة وكاملة، إذ ترتكب كل هذه الجرائم ، بينما صوتت الأمم المتحدة عام 2000 على لائحة لمكافحة المتاجرة بالنساء ومعاقبة السماسرة. كما إن الاتحاد الأوروبي منذ 1996 إلى اليوم لم يتوقف عن إصدار بلاغات تدين المتاجرة بالنساء، إذ أصدر مجلس الاتحاد الأوروبي في عام 2000 بلاغا حدد فيه إستراتيجيات عالمية لمكافحة المتاجرة بالنساء، لكن النتيجة كانت التوسع في هذه التجارة وإدامتها، لأنها بكل بساطة تدر أرباحا على الشركات الرأسمالية، و تزيد من فائض القيمة لإدامة ماكينة الاستغلال الرأسمالي. ومن المتوقع أن تأخذ هذه التجارة أبعادا أخطر وأشد نتيجة الأزمة الاقتصادية الرأسمالية الراهنة.
وبالنظر إلى الأبعاد الواسعة للمتاجرة بالنساء ودور الحكومات البرجوازية فيها ، نستنتج أن الرأسمالية العالمية الباطرياركية ، لن ترغب أبدا في وضع نهاية لهذه التراجيديا بل ليس أمامها بسبب الربح البالغ من هذه التجارة ، والبالغ سنويا 7 مليارات من الدولار، إلا العمل على توسيعها والاستمرار فيها.هذا الربح السنوي الذي يتم ضخه للسوق وعلى القيمة المضافة، يديم و يصقل ماكينة الرأسمالية التي تهرس الإنسان بين أسنتها.

وكم كان ماركس في البيان الشيوعي على حق حين رد على البرجوازيين ادعاءهم:
و "لكنكم، أيها الشيوعيون، تريدون إدخال إشاعة النساء". كذا تزعق بنا بصوت واحد البرجوازية كلها. فالبرجوازي يرى في امرأته مجرَّد أداة إنتاج. و هو يسمع أن أدوات الإنتاج يجب أن تشتغل جماعيا. و طبعا، لا يسعه إلاّ أن يعتقد بأنّ قدَر الاشتراكية سيصيب النساء أيضا. و لا يدور في خلده أنّ الأمر يتعلق، ضبطا، بإلغاء وضع النساء كمجرّد أدوات إنتاج. و للمناسبة، لا شيء أكثر إثارة للسخرية من ذعر برجوازيتنا الأخلاقي المسرف في أخلاقيته، من إشاعة النساء الرسمية، المدَّعَى بها على الشيوعيين. فالشيوعيون ليسوا بحاجة إلى إدخال إشاعة النساء، فقد وُجدت على الدوام تقريبا. فبرجوازيّونا، غير القنوعين بأن تكون تحت تصرّفهم، نساء بروليتاريتهم و بناتهم، ناهيك عن البغاء الرسمي، يجدون متعة خاصة في أن يتداينوا باتفاق متبادل. فالزواج البرجوازي، في الحقيقة، هو إشاعة النساء المتزوجات. و قصارى ما يمكن أن يُلام عليه الشيوعيون، هو أنهم يريدون إحلال إشاعة رسمية و صريحة للنساء محل إشاعة مستترة نفاقا. و للمناسبة، من البديهي أنه بإلغاء علاقات الإنتاج الراهنة تزول أيضا إشاعة النساء الناجمة عنها، أي (يزول) البغاء الرسمي و غير الرسمي.
" من البيان الشيوعي"

هذا العالم الرأسمالي الذي وصل مرحلة التفسخ منذ عقود لا يمكن أن نصدق قادته و عسكره و جيوشه بأنهم جاؤوا إلى العراق و أفغانستان و اليمن بالديمقراطية و الحرية.
هذا هو العالم الذي يمثله بلير و بوش ورامسفيلد و المحافظن الجدد والقدامى ، هؤلاء الذين يدعون بأن المجازر اليومية ، والقصف اليومي على المدنيين ، والتواطؤ مع القوى الأكثر ظلامية ودموية في التاريخ ، هي أعمال ديمقراطية ومدنية وإنسانية.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسطورة ضرورية للإنسان
- من الشعر الكردي : تفاحات بيروت لجمال غمبار
- مذابح أهالي شمالي اليمن، لمصلحة من ؟
- الحوار المتمدن ولد ليختلف، و يواجه فلول الظلام
- ما سعر كيلو من الشعور الطازج؟
- الحرب.. قصيدة للشاعر الكردي قوباد جليزاده
- جدار برلين كان مسخا للشيوعية و مبادئها الإنسانية
- قصائد للشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون
- نوبل للسلام ، أم لخدمة الرأسمالية؟
- قوباد جليزاده : نسفّد القُبَل و نشوي النهود
- المرأة مجرمة وفق الأعراف القبلية
- قصيدة - الحب ّ الكلّي- للشاعر الإيراني الكبير أحمد شاملو
- في قطران الليل للشاعر الإيراني سهراب سبهري
- تجربة اليسار الايراني مع الاكليروس ، دروس لا غنى عنها لليسار ...
- الشاعر الإيراني اسماعيل خوئي
- جماهير إيران تسير في طريق الثورة على استبداد ولاية الفقيه
- ترنيمة زهرة الخلود
- عندليب الامبريالية الأسمر : وداعا حقوق الإنسان
- برتولت برشت و الأزمة الراهنة للرأسمالية
- ليكن الأول من أيار هذا العام حافزا لليسار العراقي في إيجاد أ ...


المزيد.....




- مقتل امرأة عراقية مشهورة على مواقع التواصل.. وأجهزة الأمن تح ...
- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حميد كشكولي - الاتجار بالنساء عالميا عار العصر