أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - قفل قلبي(رواية)6















المزيد.....

قفل قلبي(رواية)6


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 15:43
المحور: الادب والفن
    


الورقة السادسة

ذات ليلة نادتني(الأم)،كنت في غرفتي أتصفح على ما أظن مجلة نسائية تخص الموديلات،وكان الوقت ما بين الثامنة والنصف والتاسعة تحديداً،نحيت المجلة أو بالأحرى دسستها تحت وسادتي ولبيّت النداء،وجدت نفسي أمام ضيف عزيز على أبي،جاملني بحلو الكلام وواعدني أن يتدخل ليضمن لي مقعداً في كلية الحقوق كما كان أبي يرغب،هو من وجد لأبي عملاً يوم ترك حياة الريف وكان ما بين فترة وأخرى يأتينا..
ـ هيّا..أنت بحاجة إلى امرأة تعتني بك..
قالت(الأم)ذلك وظلّ ضيفنا يهز رأسه..قال أبي :
ـ توكلي على الله يا امرأة وجدي له من تناسبه..
ـ من ترضى بي يا سيدتي،وما الذي أبقته لنا الحياة،كي نعطيه للنساء..
ـ عزوف الشباب دفعهن نحو الكبار..
ـ حسناً..لك أن تختاري لي من ترينها تلائمني..
اندفعت(الأم)بكل جد وهي واضعة في نصب عينيها فتاة،ليس بوسعي لحظتها أن أستفسر سر إضرابه عن الزواج قبل أن تذكي رغبته(الأم)،فماله بلا حدود وخيره يعم الكثير،بالطبع الآن أعرف كل شيء ولكن كي لا أفقد حماسيتي في تدوين سيرتي أرجوك أن تتمهل في طلب الإجابات،مثل هكذا سؤال قد يقلق مراهقاً مثلي ويشغلني لوقت ما،وجدت نفسي تطلب إيضاحا كي لا أفقد الكثير من الوقت في التلصص..سألت(الأم)عن سبب وحدانيته..قالت :
ـ ما شأنك بالآخرين يا ولد..
ـ مجرد سؤال..
ـ كل إنسان حر في حياته..
ـ كل هذه البساتين ملكه ولا يملك امرأة..
ـ يا ولد تفرغ لدراستك..
كان يجب أن أنسحب من فضوليتي وكل شيء آتٍ في قوادم الأيام،يا عزيزي قد حصل الآن إرباك لديك فيما أسرد من وقائع،كن واثقاً وأمضي معي كما بدأنا،أن لهذه الأمور صلة ليست عادية،صلة مدمرة بقضيتي،حياتي محبوكة مثل سجادة نسيجية حاكتها يد ماهرة،ليست هناك ثغرات،ولن أقول ما لا ينفعك،ليس لأنك طلبت مني بل أريد منصفاً كي يرد لي اعتباري على أقل تقدير،لقد كانت هناك امرأة بدينة كثيرة الزيارة لنا ودائماً كانت تتهامس مع(الأم)في مواضيع لم تثر رغبتي في معرفتها،امرأة (حفّافة)تدخل كل منزل،مهذارة لحد ما،تتدخل في ما لا يعنيها،حسناً لنمضي في سيرتنا،جاءتنا في صباح اليوم التالي مباشرة،كنت لحظتها أقرأ وتظاهرت بلا اكتراث هذه المرة لحظة رأيت(الأم)تسحبها على غير عادتها..قالت بصوت ساخر :
ـ عنين..
ـ وما أدراك..
ـ أقول كلامي وأنا واثقة منه..
ـ وكيف يعاملها..
ـ يحب اللعب والتخيلات..
ـ ليس هذا وقت مزاح..
ـ أقول لك الصدق..
ـ ربما أقع في ورطة..
ـ توكلي يا امرأة وأعملي الذي عليك..
لا اعلم من كان الرجل العنين وما هو بالضبط معنى الكلمة،فيما بعد سحبت قاموساً من مكتبة غرفتي ووجدت المعنى وعرفت الشخص المعني ومن هي الفتاة المؤهلة ليلعب معها غني بلدتنا وصاحب المقام الرفيع والصوت المسموع،صاحب الجاه والمال وأوسع بستان،يلعب معها وللحق أقول لم أعرف ما معنى اللعب أيضاً لولا الأيام التي تزحف وتأتي بما لم تزود،كانت ثرثارة منطقتنا،في كل مصيبة هي رأس خيط،لا تبقي في قلبها سر،حتى أنني ذات ليلة سمعت أبي بكلام خشن يحاسب(الأم)..
ـ حرام يا بنت الناس أن تسمعي أخبار الناس..
ـ تأتي وتسبب لي صداعاً..
ـ اطرديها يا امرأة،وراءها مصائب..
ـ لا أتجرأ على ذلك..
ـ سأتولى الأمر بنفسي..
رأيتها تدنو وتعانقه وتطرح رأسها على كتفه..
ـ ومن يجعلني حلوة لك يا رجل..
ـ آه..منك يا امرأة،تعرفين علّتي..!!
***
مات أبي وظلت تأتي ناقلة كل خبر على الدوام،تجالس(الأم)وبدأت تدنو شيئاً فشيئاً مني أكثر مما يجب خلتها أم غير والدة لي،كان يجب أن أحرر لها بعض مزاجي في مجاملات عابرة،كلما تجيء وأكون قربها تفرك وجنتي وتربت على ظهري وتغامزني بعينيها..ذات يوم قالت :
ـ الولد كبر جدي له مهرة..
ضحكت(الأم)..وقالت :
ـ مهرته مربوطة في إسطبل جميل..!!
اكتفيت بهزّة رأسي،بينما كانت تزيل ما نما فوق وجنتي(الأم)من شعر،في ذلك اليوم،وبعد أن انتهتا المرأتين من عملهما التجميلي،غادرتاني وبقيت في حيرة من أمري،كان الوقت صباحاً،وعند الظهيرة عادتا وهنّ يبتسمن،وقفت أصغي..
ـ سيلعب معها المسكين..
ـ قلبي يحدثني أن النهاية لا تسر..
ـ لا تخشِ،سيغريها بالمال ويغرقها بالذهب،تلك هي مراد فتيات اليوم..
ـ يا لك من مصيبة يا امرأة..
وقبل أن تستدير وتخرج غمزتني وأشارت نحوي بسبابتها..
ـ الولد كبر،متى نركبه على الحصان..
ـ اتركي الولد يا ملعونة..
لم أبدِ ردود فعل،وجدت(الأم)غارقة في سعادة،وفي الليل عرفت أنها وجدت من ستكون لعبة لضيفنا العزيز..قالت لأبي :
ـ فتاة جميلة أهلها فقراء،لك أن تخبره بذلك..
تناولنا عشاءنا ولم نشرب الشاي،تهيأ والدي ورافقته وفتح لنا الباب،دخلت بيتاً وحدها الأحلام كفيلة أن تؤسس في ذاكرتي مثله،أو ما رسمته لي الروايات والقصص من جنائن متخيلة،وحيداً كان،معتداً بنفسه،ملك في مملكة بلا رعية..
ـ هيأ نفسك يا أستاذ..
ـ خير إن شاء الله..
ـ الست وجدت لك من تناسبك..
فرح كثيراً ودسّ في جيبي حفنة من المال،وفي اليوم التالي،انشغلت(الأم)بتهيئة ما يجب تهيئته،ولم تمضِ سوى عشرة أيام حتى كنّا في حفل كبير ورأيته يقف وبجانبه فتاة وسيمة،لها نظرات مخيفة ورأيت كيف تنظر إلي وهي توسع حدقتيها وتحرر أنفاسها،للحقيقة أقول لحظتها خلتها تعرفني كون(الأم)هي من وجدت لها الرجل المناسب،لكن ظنّي لم يكن في محله بطبيعة الحال،لا تقل لماذا..؟؟أرجوك،كل شيء سيأتيك على مهل غير ممل..!!
(أخشى أنني فقدت الموضوع)
***
لا تترك ما سردته جانباً،كن واثقاً أن ما أقوله،جواهر ليس بالضرورة أن تكن نفيسة،لكنها تنفعك يا صاحبي،ستسهل لك عملية خياطة هذا الجرح الذي أزعجك،سامحني إن أطلت عليك قليلاً،بي رغبة أن أراوغ عليك قليلاً،لا أعرف لم،ربما أريد أن أصبح روائياً برأسك،طالما كانت أمنية ورغبة،وقد يكون الزمن هو من لعب معي هذه اللعبة وأرجأ رغبتي حتى ينفلق أفق مستقبلي وتأتي أنت أيها الباحث عن آلام التعساء كي تجد لهم الدواء،حسناً،أسمح لي أن أتحرر من قيود الحكايات العمودية،سأتكفل لك بإيصال ما تبغيه منّي،(الأم)أفلحت في ربط مصائر فتيات برجال،لكنها فشلت أن تغويني،رغم وحدانيتي في منزل غادره الأب باكراً وبقى الابن بين كمّاشتين أرحمهما امرأة تزرع في دربه مفاتن النساء وحلاوتهن من خلال ابنة(عم)كانت دائماً تتركنا وحدنا،ليس بوسعي طبعاً التخلص من ملاحقتها وأشرت لك على ما أظن أن(الأم)ربما كانت تخطط لها ما الذي يتوجب أن تعمل لتسحبني إلى بئرها،وهذا ما حصل،ذات ظهيرة خرجت من غرفتي متناعساً مرهقاً بعد عودتي من عند(هي)لا أعرف كيف نهضت وفتحت الباب،وجدتها تكشف عن ساقيها وهي تسكب الماء بمهل،تتأوه وتترنم،حاولت أن أعود لسريري..صاحت صيحة إغوائية:
ـ تعااااااااااااااااااال..
ـ ماذا وراءك..
ـ تعال..لم تهرب..
ـ عيب يا بنت..
ـ وهل هناك عيب بين الأزواج..
جعلتني أضحك وضحكت معي،وقفت أستطلع(كتكوت)خرج تواً من بيضة،انسحبت ودفعت الباب وللحق أقول تلصصت عليها هذه المرة،وجدتها تستلقي على ظهرها على أسمنت الأرض وكان الصيف في أوجه،ربما كانت تعلم أنني سأفعل ما فعلته لذلك أخذت راحتها وراحت تتلوى وهي بلا أسمال،كانت سمكة تسبح خارج الماء،تتقافز وهي تلفظ أنفاسها الغالية،وكنت مثل صياد يتمزق من عصف الجوع،لم أهيمن رغم ما في من وهن الليل على جوارحي،كنت أغمض عيني وأرى بدلاً منها(هي)تغمرني بسعادة وتلعب بي كيفما ترغب بحلو الماء،آه..يا لقسوة الحياة وأسرارها،دائماً كنت أكتشف أن العفّة والغيرة تحجزاني أمامها،كلما تتوالد فكرة أن أجعلها مهرتي وأستبقي(هي)منارة ليلي لربما كنت أجد بعض الوقت وأخلو قليلاً لنفسي بدلاً من هذه الملاحقات المتواصلة،لكن(هي)دائماً وأبداً بالمرصاد،في لحظة اليأس تهل وتجذبني وتنقذني من التيه الاختياري..!!
(عذراً أشعر بإرهاق)
***
دائماً أجد البداية حجر عثرة،أحياناً يأخذني الوقت ويداهمني شعور بالملل يدفعني أن أمزق ما أراكم من أوراق،تباغتني من حيث لا أشعر أراك كما(هي)تنقذني أوان السأم،تأتي وتحجمني من ارتكاب هذه الهفوة الجاثمة عل صدري،وحدك من يحافظ على هذه المتعة المتأخرة جداً،ليتك بكرت قليلاً لربما لن يحصل الذي سيحصل،نعم أقولها وأظن أنني لمحت لك عن رغبتي ولو بشيء من التحفظ والكتمان،ما الذي سأفعله حين أنتهي من إلحاحاتك،آه..يا للهول أنت الآن تعرف كل شيء طبعاً،تعرف أنني أصبحت خارج حساباتك التمهيدية لإنقاذي،كيف لم أنتبه لذلك،المهم واصل الآن وأنا ميت يا عزيزي وربما تجد رغبة ضارية للمواصلة،ما سيحصل قرار لا رجعة فيه،متعة الكتابة يالها من متعة لكن المصيبة تتأجج عندما يأتي المساء وربما أعني نهاية الحياة أو فلنقل حين تضيق سبل السعادة وتغدو لنا العزلة جنينة والورق وسادة،وكل كتابة ـ هذا ما أجده الآن طبعاً من تعبير يحضرني ـ كنت بصدد أن أقول كل كتابة تسبق زمنها غير ناضجة كونها غير متسربلة بالمآسي،لابد أنها محض تهويمات واختلاقات غالباً ما سلال النسيان مساكنها،لقد تلوّن زقاقنا بالفرح آه..ليتك رأيت أيّ فرح كان،فرح الملوك يا صاحبي،فرح من ماله لا ينقطع مهما بذخ منه،وعشنا ليلة كلها نعيم كما يحلو للبعض القول،لقد زارتنا كوكبة من الغجر ورقصن حتى نسى الناس في تلك الليلة النوم،جاءت مهرة جذابة وسيمة،ناريّة الطباع،شهوانية النظرات،إذا رغبت شيئاً لا مجال لإبداء رأي بخصوص ما تطلب،ما تريده يجب أن يتحقق،هذا ما رصدته عبر تجربة مريرة وليالي عذبة،كانت غير راضية عن الدنيا ورغبت كما صرحت لي أن تنتقم من كل شيء وكان السبب هو حظها العاثر ولم تفه بغير ذلك سبباً بادئ ذي بدء،في عينيها رأيت البحر وهيجانه،في ثغرها وجدت أن جوف المرأة بإمكانه أن يشعل الحرائق إذا ما غضبت،هكذا كانت(هي)واستمرت إلى آخر الشوط،حقاً ما سمعته من كلام بخصوص عزوف الشباب عن الزواج بسبب الحرب الطاحنة،تركت عندي ردود أفعال نفسية،فلي أصدقاء ذهبوا إلى المعارك واختفوا،تركوا نساء بعمر الورود،وصرن فيما بعد نساء لرجال أرادوا أن يجددوا شبابهم على أنقاض الراحلين،يا صاحبي،لم يعد هناك وقت للزواج،الحرب تزحف وتلتهم،لم أرغب أن أترك هذه البلوى الساكنة فوق دربي كي تكون لغيري،كنت أقول لنفسي لن أنفذ ما يريد أبي وبقيت أراوغ وأهرب حتى مات،أتعلق بأغصان(هي)تأخذ رغباتي وتدفعني مثل بالون نفد وقوده،وأفلحت لوقت لا بأس به،أن أدرأ عن ساحتي أو غرفتي كل فرصة ناضجة لكسر رقبتي،أذهب وأعود،حياة تمضي على أنغام ثابتة،كثّفت من قراءاتي للروايات وقصص الغرام وكتبت دفاتراً من كلمات رنّت في خيالي،كنت أخالها شعراً،ثق لا أحد غيرك سيطلع عليها،هي عندي في مظروف،كنت أحياناً أتسلى بإضافات وتعديلات وأحياناً أنساها،هي الآن رهن يديك ولك ما شئت أن تفعل بها وأنا أرغب أن تحرقها،لأنها لم تعد تنفع،كون الشعر أصبح سلعة الصعاليك والمخنثين وطارقو أبواب الطغاة والتغني الزائف بالماضي القميء،خذ ما ينفعك وأترك الباقي للنار،كانت الأيام تنصرم ولا تغيير في آلية حياتنا وذات مساء رغبت أن أجلس بين(الأم)وبين بنت(المصائب)كانتا تتجاذبان حواراً خاصاً ما أن دخلت عليهن الغرفة،بترن حوارهن وتهيأن لاستقبالي بحميمية مصطنعة..قالت بنت(العم):
ـ القمر من أين خرج هذه الليلة..
ـ من حيث أنت تجلسين..(قلت)..
قالت(الأم) :
ـ اتركي الولد يا بنت..
ـ سأمت القراءة..
ـ ألم أقل لك،الكلام مع النساء يفيدك أكثر من هذه الخرافات..
ـ ليس كل كلام طبعاً..
ـ ماذا تقصد يا أبن عمي..
ـ كلام الزواج والمستقبل والروتينيات..
ـ الكلام يسحب الكلام وينسى الواحد نفسه..
ـ يا(أم)أريد أن أبحث عن عمل يناسبني..
ـ ماذا تقول لسنا بحاجة إلى شيء،راتب والدك وما يأتينا من خير الدكان يكفينا،ثم أنك لا وقت لديك،تفرغ لدراستك..
ـ أريد أن أجلس في دكاننا..
ـ ماذا تعني..
ـ المستأجر قال إنه سيذهب إلى العسكريّة لقد استدعوا مواليده..
ـ ودراستك..
ـ سأتركها..
ـ ويحك..
ـ ما فائدة الدراسة والحرب تأكلنا..
قالت بنت العم :
ـ يا عمة اتركيه كما يرغب،أين هم أصحاب الشهادات،كل يوم يأتون بهم في توابيت..
ـ غداً أذهب لأجرد المحل وأتوكل على الله..
سهرنا بعض الوقت ونلت مرادي غب مناقشات عقيمة ومملة،عجزت(الأم)من إلانة عريكتي،أو ثنيي عن رغبتي الجديدة،في اليوم التالي كنت بين رفوف الأقمشة،كانت رغبة(هي)ليلة قالت لي :
ـ دع المدرسة وأجلس في محل أبيك..
ـ ربما أجد سدوداً..
ـ حاول ولا تخشى منها..
ـ سأحاول،من أجلك غداً سأحاول وماذا بعد..
ـ عليك أن تفلح أولاً وكل شيء سيتم وفق الظروف..
ـ سأفلح طالما تعلمت أن المرأة حلم لا يرغب التحقيق..
كنّا معاً وكان الليل يمضي،ليل العاشق دقائق سريعة..سريعة جداً..سريعة ساعة العاشق، ساعة..سـسسسسسسـ..ااااااااااا..عـ..ـة..!!
(آن أن أتوقف..لم أعد أحتمل)
***

















الورقة السابعة

تناثر حديث معقول رغم أنني لم أرتح له،قالوا كيف تربط وردة بشوكة،قصدوا زواج مأفون أكرش وإن كان ذا مال وجاه من فتاة حملت براءتها بين أكفها وحلمت بسعادة بريئة ربما لا تتجاوز حدود فقرها الواقعي،فتاة حباها الله بتقاطيع وملامح متناسقة،عينان لا تكفّان عن نثر أسئلة عن ألغاز كبيرة،فتاة ما درت أن الحياة ثعبان كبير والرجال أسرار،والفتيات محرومات،ضحايا لحروب تتواصل،وجوع لا يرحم البلاد،جوع مزروع على أرض الخيرات،هو خمبابا ارض الرافدين، آه..وحدي من رفض هذا الحديث،هذا اللهيب اللاهث لتدمير اسرة قريبة التكوين،كوني الورقة الرابحة للعروس،كنت حذراً جداً من السقوط في عين أو فوق لسان وأنت تعلم كيف صارت الألسنة في زمن الحرب،حصل ذلك ذات ليلة حين كنت قربها وأنا أشكو من جفاف يفتت لساني،خوف يؤرجحني وهي تبكي وتريد أن تقول شيئاً ثقيلاً يتحجر على لسانها..رفعت ذقنها،كانت الدموع تضيف ترسيمة الشهوة في موقيها الثرثارين، تمتمت:
ـ ما الذي يبكيك يا روحي..
ـ أنت..
ـ أنا..
ـ نعم أنت..
ـ لا أفهمك..
ـ لم لا تعرف..ألست ولداً..
ـ قولي..لا أعرف شيئاً،لا أفهمك..
ـ أنت زوجي..
ـ أنت متزوجة..
ـ ليس بزوج..لا يملك شيئاً..
ـ لكنك زوجته..
ـ قال لي أشياء مخيفة وتوسل أن لا أعلم أحداً بذلك..
ـ لكنك بحت بالسر..
ـ أنت من الآن زوجي،ولا سر بيننا،قال أبقي ولك ما أملك ولن أتدخل في حياتك،فقط أبقي عندي..
ـ يا له من مسكين هذا الرجل الذي يملك ملكاً كثيراً..
ـ تعال دائماً،كل ما تريده موجود سأعطيك نقوداً كثيرة..!!
***
قبل تلك الليلة سهرنا ولم يكن لنا سوى خوف يتلاشى ورغبات تنضج وجدار يتصدع ويهوي،معاً نضجنا،ووصلنا شاطئ الفرح،عليه خيمة وسط جنينة خلاّبة،في تلك الليلة سقط العالم في كفّي ووجدت نفسي ساهمة مأخوذة،كل شيء من حولي خراب يا صاحبي خراب،أقولها ملء فمي خراب،أتذكر أنها صمتت وقتاً لا بأس به،قبل أن تتحول نظراتها القاتلة إلى نظرات يائسة،مهزومة، جف لسانها الذرب فجأة،تململت ووصلت إلى النافذة وسحبت الستارة وألقت إلى الليل نظرة دامعة،قبل أن تباغتني:
ـ عذريتي..
ـ (أعذرك)..
ـ عذريتي يا أحمق..!!
لقد مر وقت قبل أن أعي ماذا كانت تعني،قبل أن أستنجد بقاموس المنجد الذي أنضج الكثير من مفاهيمي الضئيلة عن أسرار النساء،هذيان استوطني وغرقت في عالم سديمي،أشياء تجرح جسدي،غادرني النوم وزال إرهاقي حتى الخوف تلاشى سريعاً،لم تدعني أن أستغرب من كلامها وربما عرفت أنني لا أعي مثل هذه الأمور،تقدمت مني وعانقتني وهمست في أذني :
ـ صرت زوجي الحقيقي..
ـ ولكن..
ـ بلا لكن أرجوك..أنا أتدبر الموقف..!!
(الذكريات مؤلمة..مرهقة)
***


ـ البارحة لم تعد إلى المنزل..
ـ من قال هذا..
ـ كانت غرفتك مفتوحة..
ـ ربما كنت في الحديقة..
ـ كان باب الفناء موصداً..
ـ آه..تقصدين الليلة الماضية..
ـ لا تراوغ يا ولد،أنك لم تعد إلى البيت،أين كنت..؟؟
ـ ألم أخبرك أنني ذاهب إلى بيت عمي..(كانت كذبة بطبيعة الحال)..
ـ وهذا ما يغضبني أكثر..
ـ نقلت وصية أبي لعمي..
ـ يا ولد أنك مريض..
ـ أنا بصحة جيدة،أنا مرهق،ربما مثلما تقولين أنا مريض ولم أعد أتذكر الأشياء..
هربت منها إلى غرفتي وألقيت بنفسي فوق السرير وأجهشت ببكاء زائف..!!
ـ سامحك الله يا ولد..
كانت تقف قرب السرير،ربتت على كتفي وأنا أدس وجهي بين ذراعي،أنهضتني واحتوت رأسي وراحت تفرك ظهري بأنامل راغبة..!!
ـ يا أم..
ـ أنك تهرب في الليل..
ـ لا أطيق نفسي،أرغب الهروب من هذا العالم..
ـ أتهرب منّي أم من بنت عمك..أم..(سكتت)..
ـ لا أعرف مم أهرب..
ـ إن كنت السبب،لن أتدخل في شؤونك ثانية..
ـ أنت طيبة يا(أم)..
ـ منها..أنها تحبك،دائماً تريد أن تفرحك..
بقيت وحدي أفكر،ما الذي يجري من حولي،كنت يا صاحبي غارقاً في بحر وأنا أجهل السباحة، أحاول أن أجد قشة تنقذني من أذرع اليأس والمجهول،عدت إلى النوم ثانية رغم أن النهار كان في منتصفه،أنهضتني(الأم)وهي مرتبكة..
ـ أنهض وأجلب سيارة،بنت عمك فقدت وعيها..
أوقفت السيارة ونقلناها إلى عيادة نسائية،جلست وكلي قلق وإرهاق،خرجت فتاة قصيرة بدينة وقفت أمامي،مدّت كفّها..ابتسمت..قالت بفرح متكلف:
ـ مبروك،زوجتك حامل..أين الحلاوة..!!
***




#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قفل قلبي(رواية)7
- قفل قلبي(رواية)5
- قفل قلبي(رواية)4
- قفل قلبي (رواية)3
- (قفل قلبي)رواية 2
- (قفل قلبي)رواية1
- الحزن الوسيم(رواية)9 القسم الأخير
- الحزن الوسيم(رواية)8
- الحزن الوسيم(رواية)7
- الحزن الوسيم(رواية)6
- الحزن الوسيم(رواية)5
- الحزن الوسيم(رواية)4
- الحزن الوسيم..(رواية)3
- الحزن الوسيم..(رواية)2
- الحزن الوسيم..(رواية)1
- مزرعة الرؤوس(قصة قصيرة)
- خمس حكايات
- لعبة الموت..البرلماني الغيور(حكايتان)
- الشرفة الواشية..قبلة أزلية(حكايتان)
- لقاءان..الكرة الزجاجية رقم 301(حكايتان)


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - قفل قلبي(رواية)6