أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعدون محسن ضمد - اغتيال مدينة














المزيد.....

اغتيال مدينة


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2439 - 2008 / 10 / 19 - 05:58
المحور: المجتمع المدني
    


أهم ركيزة في بناء الدولة الحديثة هي وجود مدينة حديثة. وأهم ركائز وجود مثل هذه المدينة هو وجود مجتمع متمدن يتكفل بناءها. والمجتمع لا يكون متمدناً إلا إذا توفرت فيه بعض الصفات منها: انتقاله من معيار القرابة إلى معيار المواطنة في قبوله ورفضه المنضمين إليه، أولاً
وثانياً انتقاله من القانونين العرفي أو الديني، إلى القانون الوضعي. وثالثاً وجود مؤسسة حكومة تخطط للانتقال بمجتمعها من مرحلة ما قبل المدينة إلى ما بعدها.كل هذه المقومات أخذت تتفكك وتنهار تباعاً منذ أحداث 2003 وحتى الآن. حتى تحولت بغداد إلى قرية، بل قرية بمجتمع غير متحضر، لأن الحدود ضاعت بين القرية والمدينة في المجتمعات الحديثة.
لو سألت علماء الاجتماع او علماء الإنسان عن أهم مميزات الانتقال من مرحلة ماقبل التحضر إلى ما بعدها، فسيخبرونك بأن تقسيم العمل بالاستناد للكفاءة لا للقرابة هو الجواب. وفي العراق ومنذ أن بدأت تتشكل مؤسسات الدولة وإلى الآن ونحن نشهد عودة مبتذلة من معيار الكفاءة إلى معيار القرابة، حتى باتت مكاتب الوزراء ووكلاؤهم والمدراء العامون عبارة عن ملتقيات أقرباء لا مؤسسات أكفاء. بل إن الامر وصل إلى مؤسسة البرلمان. خاصَّة أن بين بعض البرلمانيين قرابة من الدرجة الأولى أي هناك الزوج وزوجته والأب وأبناؤه!!!
وعندما سُن الدستور حرصت أهم الأحزاب الممثلة بالبرلمان والمسؤولة عن سنه على توفير مستوى من الهيمنة للقانون العرفي أو الديني على القانون الوضعي، وهذه هي العلامة الثانية من علامات الرجوع بالمجتمع من مرحلة التحضر إلى ما قبلها. أما العلامة الثالثة فهي تخلي مؤسسة الحكومة وبمعظم مفاصلها ـ بشكل غير مقصود أغلب الظن ـ عن دورها في الارتقاء بالمجتمع. خاصَّة من خلال ظاهرة خرق القانون، فالقانون يخرق أكثر ما يخرق من قبل تلك المفاصل. بل إن هذا الخرق يتحول (لفنطازيا) عندما تُنتهك قوانين ضبط السير من قبل شرطة المرور. وقوانين الحفاظ على أمن المجتمع من قبل القوى المسؤولة عن الأمن.. وهكذا.
عملية اغتيال التحضر في مدينة بغداد مستمرة بشكل تصاعدي. ففي وقت سابق (مثلاً) كنّأ نعترض على الجلبة التي تحدثها مواكب حماية المسؤولين وهي تجوب الشوارع بصفاراتها المخيفة وانتهاكاتها لجميع قوانين البلد. واليوم لم نعد نعترض على المواكب، بل على المركبات المفردة التابعة لتلك المواكب وهي تجوب شوارع بغداد خارج إطار الواجب وبنفس العنف والعنجهية. لقد أصبح من حق سائق المسؤول أن يفعل ما يحلو له وسط شوارع بغداد، وهذا دليل على أن مسؤوله صار بالنسبة إليه مثالاً يحتذى على التخلف.. هناك من المسؤولين من سيتذرع بالاختلالات الأمنية ويعتبر أن الغرض من الرعب الذي يبثه موكبه هو حمايته وسط أوضاع أمنية خطيرة. وسنقول له بأن تسنمك للمسؤولية في هذه الأوضاع خيارك الذي اخترته بملء إرادتك، وعليك أن تتحمل تبعاته كاملة، وكان من أهم شروط هذا الخيار هو أن تكون مسؤولاً عن فرض القانون لا عن انتهاكه. وكما أن المثقف الفاعل (كاتباً، إعلامياً، أكاديمياً)، يتحمل تبعات خياره كاملة وسط فضاء خال من أية امتيازات أمنية أو مالية، عليك أن تفعل ذلك، أو أن تتخلى عن المسؤولية لمن يتحمل تبعاتها. خاصَّة وأننا نتحدث عن حدود قصوى من انتهاك القانون. فبالنسبة لانتهاك قوانين السير وصل الأمر حد بث الرعب الحقيقي وسط شوارع بغداد. أما فيما يتعلق بأنواع الخروقات الأخرى فاسأل مفوضيتي النزاهة والانتخابات ومؤسسات الإعلام يخبرونك بالعجب العجاب مما لا يصدقه عقل أي إنسان (مدني).



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت ثوريا
- التثوير الديني
- يقين الأحمق
- كلام المفجوع لا يعول عليه يا صائب
- البقاء للأقوى يا كامل
- اقليم الجنوب
- القرد العاري
- محمد حسين فضل الله
- وأعدائهم
- عبد الكريم قاسم
- ثقافة الوأد
- أعد إليَّ صمتي
- سخرية القصاب
- وعينا المثقوب
- ولا شهرزاد؟
- لو أنته حميد؟
- I don’t believe
- كيف تسلل الشيطان
- دويلات عراقية
- سحقا لكم أيها الأتباع


المزيد.....




- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...
- جامعة كولومبيا تكشف تفاصيل حول المحتجين المعتقلين بعد اقتحام ...
- منسق الإغاثة الأممي جريفيث: مقتل عمال إغاثة في السودان أمر ل ...
- اعتقال سياسي معارض في جزر القمر لأسباب سياسية
- المحكمة الجنائية الدولية تطالب بالتوقف عن ترهيب موظفيها


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعدون محسن ضمد - اغتيال مدينة