أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - سينما ما بعد النكسة : تكذب .. ولا تتجمل















المزيد.....

سينما ما بعد النكسة : تكذب .. ولا تتجمل


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2327 - 2008 / 6 / 29 - 07:33
المحور: الادب والفن
    



في غياب بطل ملهم.. "شنبو " يحتل المشهد السينمائي
الغالبية العظمي من الأفلام عديمة المفعول .. قليلة القيمة
فيلم "أغنية علي الممر" يحفظ للسينما ماء وجهها
أشرف بيدس
جاءت هزيمة 67 لتحطم سفينة الأحلام الكبيرة التي كانت تجوب في مخيلة أبناء الوطن، والتي اختزنت - بالتراكم والتوجيه المباشر- طوفان من الشعارات واللافتات الصارخة لم يخفت وهجها، لكنها سرعان ما انطفأت وذابت في قاع المحيط بعد أن تزلزلت الأرض من تحتها ومحت في لحظة فارقة كثير من الأمور التي ترسخت وباتت مع الوقت وكأنها حقيقة مسلم بها، اكتشف فيما بعد أنها كذبة كبيرة.
كانت صدمة النكسة أشبه بضربة قوية علي الرأس، أفقدت التوازن والقدرة علي التمييز وحدث ما يشبه «اللخبطة»؛ وبدلا من قراءة المشهد الدرامتيكي قراءة متأنية للتحليل والوقوف علي الأسباب التي أدت لهذه الكارثة، راح الكثيرون يعزفون تلك النغمة الشاذة في السيمفونية الجنائزية التي أدمت العيون والقلوب في ذلك الصيف الحزين.
إذا كانت سينما ما قبل النكسة تقف في منطقة حيادية - تمسك العصا من منتصفها- فلاشك أن المشهد تغير كثيرا بعد 5 يونيو، وأصبح الجميع أمام حدث كارثي لا يمكن تغافله أو التهوين منه.
مشهد 1968 السينمائي
ربما يكون من المصادفات الغريبة أن أول إنتاج عام 1968 هو فيلم «أرض النفاق» -لاحظ العنوان- (عن قصة ليوسف السباعي وإخراج فطين عبد الوهاب وشارك في بطولته فؤاد المهندس وشويكار وسميحة أيوب)، ومبعث المصادفة أن بطل الفيلم (مسعود أبو السعد) المغلوب علي أمره والمضطهد في البيت والشارع والعمل يلجأ في لحظة يأس بعد أن أوصدت في وجهه كل الأبواب إلي رجل عجوز يبيع حبوب تجلب الشجاعة والصراحة والنفاق.. ربما تكون فيها الخلاص من أزماته المتكررة وواقعه المؤلم فيقبل عليها بشراهة وبالفعل يستطيع مجاراة ما يحدث حوله، وبعد أن تفقد الحبوب مفعولها يرجع كما كان من قبل علي صورته الأولي، فهل كنا - نحن - بحاجة إلي تلك الحبوب كي ننسي - ولو لفترة- ما حدث ؟ وهل فعلت السينما - فينا- ما فعلته تلك الحبوب ما فعلته في «أبو السعد»؟
إن ما عرض في عام 1968 كان أقرب ما يكون إلي عمليات التخدير وإلغاء العقل ومحاولة للبحث عن سبل جديدة للالهاء، فمن ضمن 39 فيلم، لم نجد فيلما واحدا يشير من قريب أو بعيد للنكسة، وكأنه كان أمرا مقصودا، أمرا غير معنيا، باستثناء ثلاثة أفلام جادة لم تلتفت بدورها للأزمة التي عاني منها الكثيرين وقتذاك، وهي (قنديل أم هاشم - كمال عطية، والبوسطجي - حسين كمال، والمتمردون - توفيق صالح)، أما فيلم «القضية 68» والذي حاول فيه صلاح أبو سيف أن يقول أن هناك شروخ في جدار الوطن لابد من ترميمها، لم تكن دعوته صريحة وواضحة بدرجة كافية، وأفسدت الرمزية مضمون الفيلم من محتواه، رغم التلميحات والعبارات الموجودة بالفيلم و التي حاولت أن علي استحياء أن تطلق إنذار الخطر، فقد كانت في حاجة إلي مترجم لشرحها وتفسيرها، ففي ذلك الوقت لم يكن الكثيرون يملكون رفاهية التحليل والتدقيق، لاسيما أن المشكلة كانت أحوج إلي المباشرة أكثر من الرمز الذي أفقد الواقع أهميته، بل -ربما - هون بدون داع من كارثة -كبيرة- لم تجد معها الإشارات الإيحائية.
أما فيما عدا تلك النماذج التي أوردناها فحدث ولا حرج عن بقية الأعمال التي قدمت، وكانت أشبه بالمخدر الردئ، عديم المفعول قليل القيمة، وإذا تفصحنا سويا كل الأفلام التي عرضت سنجدها علي النحو التالي: (شنبو في المصيدة، السيرك، كيف تسرق مليونير، حكاية 3 بنات، مطاردة غرامية، شهر عسل بدون ازعاج، حواء والقرد، عالم مضحك جدا، حلوة وشقية، المليونير المزيف، أشجع رجل في العالم، ابن الحتة، روعة الحب، 6 بنات وعريس ، نفوس حائرة، بابا عايز كده، حب وخيانة، عدوية، المساجين الثلاثية، عفريت مراتي، الزواج علي الطريقة الحديثة، التلميذة والأستاذ، بنت من البنات، مجرم تحت الاختبار، افراح، حواء علي الطريق، مراتي مجنونة مجنونة). والعناوين لا تحتاج إلي تفسير فهي أعمال في أغلبها غير صالح للمشاهدة، وهي ليست بالأمر المستغرب فمنذ إنشاء السينما وحتي وقتنا الحاضر، مثلت الأفلام الكوميدية النصيب الأكبر مما يعرض، لكن التوقيت كان مبعث الاندهاش في وقت كان الوطن فيه ينزف.
مشهد 1969 السينمائي
لم تتغير الصورة كثيرا، بعد ألقت الهزيمة ظلالها بكثافة علي المشهد السينمائي، في الوقت الذي كانت تدار علي الجبهة أنبل المعارك والمواجهات والتي عرفت بحرب الاستنزاف، أما الواقع فقد تشابكت خيوطه في بعضها البعض لتشكل لوحة سريالية عنكبوتية احتار الكثيرون في الهروب من براثنها أو فك خيوطها بينما راحت تتنامي وتتشابك بمرور الوقت.
ولعل موسم 69 هو الموسم الوحيد في تاريخ السينما الذي احتل المرتبة الأولي في عدد «القبلات»، وشهد أحد أفلامه وهو «أبي فوق الشجرة» النصيب الأوفر منها، وأصبح احصاء عدد القبلات الموجودة بالفيلم عامل جذب لكثير من مريديه، وهذا ما جعله حتي هذه اللحظة ممنوع من العرض في التليفزيون المصري.
تجاوزت قائمة أفلام هذا العام 45 فيلم، بدأت بفيلم «الحلوة عزيزة» وأنتهت بـفيلم «لصوص ولكن ظرفاء» أما قضية النكسة وقراءة ما حدث لا حس ولا خبر.
لم يمنع ذلك من وجود بعض الأفلام الجيدة مثل (ميرامار- نجيب محفوظ- كمال الشيخ) والذي انتقد الثورة متمثلة في الانتهازي «حسان البحيري» عضو الاتحاد الاشتراكي، وأيضا فيلم «بئر الحرمان) (احسان عبد القدوس- وكمال الشيخ ايضا)، وفيلم (شيئ من الخوف) ( ثروت أباظة - حسين كمال) والذي أحدث لغطا كبيرا، وكاد أن يمنع من العرض بعد أن أوحي البعض للمسئولين بأن شخصية «عتريس» ترمز لعبد الناصر، وأن «فؤاده» هي مصر، ثم أخيرا «يوميات نائب في الأرياف» (توفيق الحكيم - توفيق صالح).
مشهد 197. السينمائي
تكرر السيناريو المعتاد، فالغلبة كانت للأفلام الخفيفة والتي لم تترك أثر لدي المشاهد، ولم تناقش قضايا كانت تفرض نفسها بقوة، وقد ضمت القائمة 47 فيلم، شكل واحد منها علامة بارزة في تاريخ السينما، وهو فيلم «الأرض» (عبد الرحمن الشرقاوي- يوسف شاهين) والذي ناقش بوعي عال ومسئولية قضية الأرض والدفاع عنها، وجاء مشهد النهاية شديدة الدلالة والتميز، وعبر وإن كان بصورة غير مباشرة بما يئن به الوطن من جراح، أما فيلم «غروب وشروق» للمخرج كمال الشيخ، والذي كان ينتقد الأوضاع أيام الملكية اعتبره البعض تمجيد للثورة التي مازال جرحها ينزف في سيناء، رغم احتفاء العديدين بالفيلم وبمدي أهميته، كما قدم في هذا العام فيلم (نحن لا نزرع الشوك) (يوسف السباعي- حسين كمال) ، أما بقية القائمة فكانت من نوعية «الكدابين الثلاثة، سارق المحفظة، رضا بوند، حرامي الورقة، أنا وزوجتي والسكرتيرة، المجانين الثلاثة، الغشاش، هاربات من الحب، فرقة المرح، بحبك يا حلوة، انت اللي قتلت بابايا، لصوص علي موعد، ربع دستة اشرار، شقة مفروشة، وأعمال أخري أقل من المستوي.
مشهد 1971 السينمائي
لم يكن هذا العام أفضل من سابقيه وقد تجاوزت أفلامه 46 فيلما، الجيد منها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، (شيء في صدري) (احسان عبد القدوس- كمال الشيخ)، والذي ينتقد الملكية أيضا، (الخيط الرفيع) (احسان عبد القدوس- بركات) و(زوجتي والكلب) للمبدع سعيد مرزوق، وأخيرا (ثرثرة فوق النيل) (نجيب محفوظ- حسين كمال) وهو فيلم كاشف وصدامي، ازاح الستار عن السوس الذي ينخر في المجتمع والسلبية التي يعيشها البعض، وذلك من خلال مجموعة من الأصدقاء (صحفي- فنان- محامي- روائي- موظف- مخرج- موظفة- طالبة) لا هم لهم سوي شرب المخدرات وإطلاق النكات، والفيلم يصور وقع الهزيمة علي شريحة من المجتمع فقدت توازنها ولهثت وراء نزواتها لتشبعها، وأعادت مشاهد البيوت المتهدمة في السويس ذكري الحرب التي حاول الكثيرون اخفاءها، ولعل أغنية «الطشت قال لي» والتي تضمنها الفيلم دلالة موضوعية عما يحدث وعن حجم الفجوة والعزلة التي يعيشها الكثيرون.
مشهد 1972 السينمائي
وهو المشهد الأخير قبل حرب أكتوبر، والذي تضمن 42 فيلما كان من بينها أهم الأفلام التي عبرت عن نكسة 67 وهو فيلم «أغنية علي الممر» (علي سالم- علي عبد الخالق) بطولة محمود مرسي، محمود ياسين، صلاح السعدني، صلاح قابيل، أحمد مرعي، والذي رصد فيه بأمانة وصدق هزيمة يونيو من خلال مجموعة من الجنود المحاصرين في الجبهة كاشفا عن الجانب الإنساني من حياتهم، كما سجلت انفعالاتهم المختلطة والمتباينة حول الموت والحياة والنصر، ولولا هذا الفيلم لخرجت السينما المصرية من السنوات الست السابقة لأكتوبر صفر اليدين. ورغم أهمية الفيلم لكنه لم يصمد كثيرا أمام طوفان «زوزو» الذي استمر عرضه لأكثر من عام.
يتضح من هذا السرد للأعمال السينمائية التي انتجت ما بعد هزيمة يونيو أنها لم تعبر بصدق وموضوعية عما حدث، لكونها اعتبرت أن القفز علي الواقع والتعتيم عليه وتجميل مواطن القبح الموجودة فيه أمر تفرضه المصلحة الوطنية، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.
أخيرا فإن سينما ما بعد النكسة دفنت رأسها في الرمال، ولم تكن حيادية، حاولت أن تكذب وفشلت في أن تتجمل.



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بهيجة حافظ : بنت الإسكندرية الارستقراطية التي عشقت الفن
- خطاب التنحي: وانتفاضة الجماهير في 9و1. يونيو
- الإرهاب في السينما : تخاذل مقصود أم وعي مفقود
- في عام النكسة : السينما لم تدفن رأسها في الرمال
- سينما نجيب محفوظ : واقعية وجريئة
- المرأة والسينما والانتخابات
- سعاد حسني في ذكراها السابعة: حالة خاصة جداً
- فؤاد المهندس سفير الكوميديا
- شبح اللمبي .. يطارد محمد سعد
- يوسف شاهين : تنويعات من التمرد والغضب والحب
- «الأم» في السينما المصرية.. نهر متدفق من العطاء
- فوضي حالات الاستثناء
- من «قيافا» حتي «اولمرت»00 يمتد طريق الآلام
- فلسطين 00 توابيت وأكفان
- وطن ينزف شعبا
- ضاقت مساحات الوطن
- يا جبل ما يهزك ريح
- شمعة حبلي بالنور
- إدوارد سعيد قلب المكان
- أمي الفلسطينية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - سينما ما بعد النكسة : تكذب .. ولا تتجمل