أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - المرأة والسينما والانتخابات















المزيد.....

المرأة والسينما والانتخابات


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2325 - 2008 / 6 / 27 - 08:52
المحور: الادب والفن
    



حرص الفنان المصري عندما هم بصناعة المشربية أن يجعل قطع الخشب الصغيرة متداخلة ومتماسكة ومحكمة لا يفصل بينهما إلا ثقوب صغيرة تكاد تسمح بدخول الهواء، فقد رأي أن «تعشيق» هذه القطع دون فراغات قد يزيدها جمالا ويضفي عليها مسحة من الغموض، ولم يكن بذهنه - أو كان يعلم - أن ذلك قد يضيق مساحات الرؤية.
ولأن النساء كن قابعات مستسلمات داخل بيوتهن فقد عزت عليهن هذه المشربيات فسحة من الرؤية، لكنهن لم يستسلمن وظلن طوال حياتهن يحفرن بأناملهن الرقيقة لاتساعها حتي لا تطول فترة بقائهن خلفها، وجاءت الفرصة عندما خرجت منهن ثلثمائة إمرأة يوم 16 مارس 1919، في مسيرة إلي «بيت الأمة» (مسكن سعد زغلول) للمطالبة بالاستقلال الوطني، والحرية للمرأة. وقد قامت المظاهرة رغم رفض سلطات الاحتلال اعطاء ترخيص للنساء بالتظاهر. وأحاط جنود الاحتلال بالمظاهرة لمنعها من الوصول إلي «بيت الأمة»، وأستمر الحصار لأكثر من ثلاث ساعات. وتتالت مظاهرات النساء في الأيام التالية، وأنضمت فيها نساء الأحياء الشعبية إلي نساء الطبقة العليا، وتصاعدت حدة المواجهات. وسقطت أول شهيدة مصرية برصاص قوات الاحتلال، وهي شفيقة بنت محمد. وقد رصدت السينما هذه المظاهرة في فيلم «قصر الشوق» للمخرج حسن الإمام، إلا أن ذلك التاريخ لا يعني بأي حال من الأحوال بداية انتفاضتهن، فهناك من القصص والمواقف البطولية يذخر بها تاريخنا القديم والحديث ، حاولت فيها المرأة مواجهة المعوقات التي وقفت في سبيل رقيها ومشاركتها البناءة في تنمية مجتمعها والاصرار علي التمسك بحقوقها الشرعية. ولكننا لسنا معنيين هنا برصد تاريخ المرأة النضالي، وفتح صفحاتها المزدهرة والتي ضحت فيها بكل غال، وقد يغرينا تاريخها المزدهر بفتح هذه الملفات فيما بعد، أما ما نحن بصدده الآن هو إطلالة علي علاقة المرأة بالانتخابات ورصد ذلك بالسينما.
من يقرأ تاريخ السينما المصرية يكتشف أن هناك قصورا شديدا في الموضوعات التي تطرقت لاقتحام المرأة العمل السياسي، فلم يكن التهميش مقصورا علي المجتمع ومؤسسات فحسب، بل أنعكس علي السينما أيضا، وجاءت الأعمال التي تناولت تاريخ المرأة بالانتخابات وبالتالي دورها في البرلمان قليلة جدا، بل شحيحة وغير مرضية، ولا يكفي احصاءها اليد الواحدة، فلم تختلف صورة المرأة في السينما عن الواقع، بل كان الواقع أشد قسوة عليها، ولأن صورتها في الحياة العامة كانت باهتة جاءت بالسينما اشد بهتا وتشويها، ولم يكن يسيرا أن تصلح السينما تشوهات المجتمع وأن تقف بجوار المرأة، مثلما فعلت -هي- في بدايات السينما وقامت الرائدات (بهيجة حافظ، عزيزة أمير، آسيا، ماركي كويني، فاطمة رشدي) بدور طليعي لم تشهده فرنسا أو ألمانيا اللذين شهدا اختراع السينما، أو حتي أمريكا التي أصبحت رائدة في صناعة الأفلام فيما بعد.
اهتمت السينما بلا شك برصد التغيرات الايجابية التي لحقت بالمرأة علي كافة المستويات، وناقشت في كثير من الأعمال الضغوط التي تعرضت لها، وكفاحها المتواصل في الحصول علي حريتها واستقلالها، وإن كان معظم الموضوعات عزفت علي الوتر التقليدي من أنها كائن ضعيف مغلوب علي أمره.
وقد اكتشفنا من هذه القراءة السريعة وجود خمس أفلام علي أكثر تقدير، تناولت علي استحياء اقدام المرأة علي العمل السياسي، ولم تكشف الكواليس الحقيقية لهذه المعارك والتي يكون للبلطجة والفساد والأموال اليد العليا فيها، كما حدث في الانتخابات الأخيرة، وما طفحته هذه الممارسات علي السطح من أساليب ملتوية لا تستطيع النساء الإقدام عليها، إلا إذا كان يقف وراءها جيوش من البلطجية واصحاب السطوة والنفوذ، يأتي في مقدمة هذه الأفلام، فيلم «موعد مع الرئيس» للمخرج منير راضي، والذي قامت ببطولته إلهام شاهين، والفيلم رصد معاناة نائبة في مجلس الشعب تحاول كشف الفساد بمواجهة رجال أعمال يحاولون أزالة منطقة سكنية لإقامة مشروعات استثمارية وتنجح في مقابلة السيد الرئيس لعرض القضية عليه، أما الفيلم الثاني فهو «ونسيت اني امرأة» بطولة ماجدة الصباحي، ويعالج الفيلم غياب المرأة عن منزلها وما يسببه ذلك من اضطراب في علاقتها بزوجها وابنتها وحياتها الاجتماعية، ثم فيلم «بخيت وعديلة» للمخرج نادر جلال وبطولة عادل إمام وشيرين الذي يصور الصعوبات التي تلاقيها المرأة أثناء الحملة الانتخابية وإن تم ذلك بشكل كوميدي لم يرصد المشاكل الحقيقية. أما فيما عدا ذلك فهناك بعض المشاهد القليلة والمتناثرة هنا وهناك ولم تكن تحمل أية أهمية في السياق الدرامي للعمل. فبعضها رصد وقوف المرأة بجوار الرجل في معركته الانتخابية، وأخري استخدمت فيها المرأة للايقاع بمنافس، أو رصد طوابير النساء للادلاء بأصواتهن، أو استخدامهن في بعض أمور البلطجة. وحتي عندما يتم طرح هذه القضية.
أن دور المرأة في النهوض بالمجتمع، يظل كلام نظري غير قابل للتفعيل، لا يتعدي كونه بنود في برامج الأحزاب، أما علي أرض الواقع فالصورة مختلفة ومقلقة.
أن السينمائيون بلا شك ينظرون لهذه القضية من منظور تجاري بحت، ويضعون حسابات المكسب والخسارة عند اقدامهم علي أي عمل فني، وقضية المرأة والانتخابات ابعد ما تكون عن اهتمامهم، ولا يستطيع أحد أن يلومهم علي ذلك، فإذا كانت الدولة بما تملكه من مقدرات ومؤسسات لا تبلي بلاء حسنا ، فكيف نطلب من المنتجين المجازفة والمخاطرة بأموالهم في أعمال من المؤكد أنها ستسبب لهم خسائر مادية فادحة. في حين أن هناك موضوعات كثيرة خصصت لدور الرجل ، وإن كان يعيبها أنها ناقشت الجوانب السلبية وقضايا الفساد، ولم تطرح نموذج مشرف، وكأنها دورها انصب علي كشف المساوي دون إلقاء الضوء علي الجوانب المضيئة.
لقد شهدت الانتخابات الأخيرة نجاح خمس نساء فقط مثلوا 1% من مجموع المقاعد. فهل هذا هو الحجم الحقيقي لدور المرأة في المجتمع؟ وكيف يتسني لمجتمع ما أن ينهض ونصفه المتمثل في المرأة لا ينال حقوقه السياسية بل يمارس عليهن القمع والتحجيم. ومن المدهش أن أكثر من 8.% من المساحة المقررة لها إعلاميا تهتم بالطهي والحياكة والموضة وتربية الأطفال.
أن المجتمع يعامل المرأة بمنتهي القسوة، في ظل تراجع سافر للقيم والأخلاق، وفي ظل تكاسل الأحزاب والمؤسسات الحقوقية، ولو أن ذلك يحتاج لمقالات كثيرة لرصد عناوينه دون الخوص في أسبابه.
نحن نعيش في مجتمع ذكوري شكلا وموضوعا، ولو كانت هناك نية للنهوض بالمرأة سينمائيا، لافسحت الأفلام 5% من مجمل أعمالها والتي صنعت للراقصات والعاهرات، واباحت للملتاعين جسدها وعفتها علي الشاشات بحجة التوظيف الدرامي، وكأن ذلك الشيء الوحيد المنقوص من حقوقها، فمجمل الإنجازات التي حدثت للنهوض بالمرأة هو كشف مناطق كانت محظورة رقابيا وأخلاقيا ودينيا، والآن تم العفو عن جسدها ليشبع الحاجات. فهل أخذت المرأة حقوقها السياسية؟
لا شك أن هناك أعمال عظيمة قامت بها الفنانات، وخصوصا من قاموا بالانتاج مثل آسيا وماركي كويني وماجدة الصباحي ومديحة يسري ، وقد يحتاج ذلك لمقال تفصيلي، لكن كل هذا الإنجاز لم يكن مرضيا ولم يتواصل لرأب الصدع والتشققات التي تتسع يوما بعد يوم، وللأسف ليس في المستقبل أي أمل في ظل سينما تجارية كل ما يعنيها هو الربح ومعابثة أهواء الجماهير المكبوتة سياسيا واجتماعيا وثقافيا وإنسانيا. أن السينما ترصد الواقع، ولو كان هناك أية انتفاضات، كان حتما سترصد سينمائيا!!



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعاد حسني في ذكراها السابعة: حالة خاصة جداً
- فؤاد المهندس سفير الكوميديا
- شبح اللمبي .. يطارد محمد سعد
- يوسف شاهين : تنويعات من التمرد والغضب والحب
- «الأم» في السينما المصرية.. نهر متدفق من العطاء
- فوضي حالات الاستثناء
- من «قيافا» حتي «اولمرت»00 يمتد طريق الآلام
- فلسطين 00 توابيت وأكفان
- وطن ينزف شعبا
- ضاقت مساحات الوطن
- يا جبل ما يهزك ريح
- شمعة حبلي بالنور
- إدوارد سعيد قلب المكان
- أمي الفلسطينية
- فرحة الدنيا
- العاشقة الصغيرة
- سمراء
- الموت00 ورائحة الياسمين
- تبت أياديكم
- ريم00 امرأة فلسطينية


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - المرأة والسينما والانتخابات