أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - استحقاقات المواطنة «العضوية»















المزيد.....

استحقاقات المواطنة «العضوية»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2245 - 2008 / 4 / 8 - 10:25
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لم تترسخ في الدولة العربية الحديثة بعد فكرة المواطنة على الصعيدين النظري والعملي، فهي تحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ على صعيد الدولة (السلطة والمعارضة)، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني على حدٍ سواء، نظراً لغياب ثقافة المواطنة وضعف الهياكل والتراكيب والمؤسسات الناظمة للاجتماع السياسي الحكومي وغير الحكومي، بما فيه فكرة الدولة المدنية وسياقاتها!

وإذا كان بالإمكان اعتبار فكرة الدولة أعظم منجز بشري، لاسيما في إطار المنتظم الاجتماعي لحماية أرواح وممتلكات المواطنين وحفظ النظام والأمن العام، فإن فكرة المواطنة ارتبطت بالدولة الحديثة أو أخذت أبعادها الفكرية والحقوقية منها، ناهيكم عن أساسها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الراهن.
اعتمدت فكرة المواطنة في القرن الـ 18 بالدرجة الأساس على بناء الدولة، لاسيما بأفقها الليبرالي الذي بشّر بإعلاء قيمة الفرد والحرية والسوق في إطار سيادة القانون. وشهد القرن الـ 19 تطوراً في فكرة المواطنة بتعزيز الحقوق السياسية بعد إقرار الحد الأدنى من الحقوق المدنية، وبشكل خاص عند تطور مفهوم الديمقراطية الناشئ وقبول مبدأ الاقتراع العام.

أما في القرن العشرين، فقد توسّعت فكرة المواطنة لتشمل مبادئ حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بعد التطور الذي حصل بإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، خصوصاً بتطور الحقوق المدنية والسياسية. ولهذا حظيت فكرة المواطنة باهتمام أكبر، لاسيما بانتقالها من فكرة تأسيس دولة الحماية إلى تعزيز دولة الرعاية.
خطت بعض البلدان خطواتٍ مهمةٍ في طريق تأمين الحقوق والحريات المدنية والسياسية، وسارت شوطاً بعيداً في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتأكيد حيوية وديناميكية فكرة المواطنة بمزاوجة الحقوق والحريات بالعدالة، وهو الأمر الذي نطلق عليه «المواطنة العضوية»، أي المواطنة التي تقوم على قاعدة المساواة أولاً في الحقوق والواجبات، وأمام القانون ودون تمييز بسبب الدين أو اللون أو اللغة أو الجنس أو العرق أو المنشأ الاجتماعي أو لأي سبب آخر.
وثانياً، قاعدة الحرية كقيمة عليا لا يمكن تحقيق الحقوق الإنسانية الأخرى بدونها، فهي المدخل والبوابة الضرورية للحقوق الديمقراطية السياسية، بما فيها حق التعبير وحق تأسيس الجمعيات والأحزاب وحق الاعتقاد وحق المشاركة السياسية في إدارة الشؤون العامة وتولّي المناصب العليا، وإجراء انتخابات دورية، إلى حق التملك والتنقل وعدم التعرض إلى التعذيب.. إلخ.
والثالثة قاعدة الهوية الوطنية العامة التي يمكن أن تتعايش فيها هويات مصغرة في إطار من المساواة والحرية واحترام حقوق الأغلبية من جهة، وتأمين حقوق الأقلية من جهة أخرى، أي التنوع في إطار الوحدة، وليس التنافر والاحتراب. فقد ظلّ الاتجاه السائد في الثقافة المهيمنة يميل إلى عدم احترام الخصوصيات أو التقليل من شأنها ومن حقوق الأقليات، سواء كانت قومية أو دينية أو لغوية أو غير ذلك.
أما القاعدة الرابعة، فهي تستند إلى فكرة العدالة التي يمكن أن تتحقق من خلال التنمية، وهو ما أطلق عليه التنمية المستدامة: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستندة إلى قاعدة الحريات والحقوق المدنية والسياسية، التي تعتني بالمعرفة وتنمية القدرات، لاسيما التعليمية وتأمين حقوق المرأة والأقليات وتقليص الفوارق الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
تعتبر الحرية قاعدة أساسية للجيل الأول لحقوق الإنسان، لاسيما فكرة المساواة في الكرامة والحقوق، وبخاصة الحق في الحياة وعدم التعرض للتعذيب وحق اللجوء وحق التمتع بجنسية ما وعدم نزعها تعسفاً، وحق الملكية إضافة إلى الحقوق والحريات الأساسية.
وارتبط الجيل الثاني لحقوق الإنسان بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لاسيما المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص عام 1966 التي شملت حقوق العمل والضمان الاجتماعي والتعليم وحقوق المرأة والطفل والمشاركة في الحياة الثقافية والاستفادة من منجزاتها وغيرها. أما الجيل الثالث لحقوق الإنسان فهو يستند إلى الحق في التنمية والحق في السلام والحق في بيئة نظيفة والحق في الاستفادة من الثورة العلمية-التقنية. ويمكن اعتبار الجيل الرابع ممثلاً بالحق في الديمقراطية، لاسيما بعد انتهاء الحرب الباردة وتحوّل الصراع الأيديولوجي من شكل إلى شكل آخر بانهيار الكتلة الاشتراكية وتفكيك دولها وبخاصة الاتحاد السوفيتي. وكان مؤتمر باريس المنعقد في نوفمبر 1990، قد وضع أساساً جديداً لشكل العلاقات الدولية. ورسّخ هذا الاتجاه مؤتمر برلين (يونيو 1991) بعد حرب الخليج الثانية، بتأكيد: التعددية والتداولية وتشكيل مركز دائم لمراقبة الانتخابات وحرية السوق، رغم أن القوى المتنفذة حاولت توظيف هذا التوجه العالمي الإيجابي لمصالحها الأنانية الضيقة.
ولعل انكسار رياح التغيير التي هبّت على أوروبا أواخر الثمانينيات عند شواطئ البحر المتوسط، كان بسبب سعي القوى الدولية المتسيّدة إلى توجيه الأحداث طبقاً لمآربها السياسية ومصالحها الاقتصادية دون مراعاة لحقوق شعوب ودول المنطقة، الأمر الذي عطّل عملية التغيير، تلك التي جرت محاولات لفرضها من الخارج، ولكن على نحو مشوّه، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، ونجم عنها احتلال أفغانستان والعراق والحرب على لبنان بحجة مكافحة الإرهاب الدولي.
مثل هذا الأمر يطرح فكرة العلاقة الجدلية بين المواطنة وحقوق الإنسان، وبقدر تحقيق هذه المقاربة، تكون فكرة المواطنة ببعدها الكوني وأساسها الحقوقي الإنساني قد اقتربت من المشترك الإنساني، مع مراعاة الخصوصيات الدينية والإثنية واللغوية، أي بتفاعل وتداخل الحضارات والثقافات، لاسيما باحتفاظها بكينونتها الخاصة في إطار علاقتها العضوية بالأبعاد الكونية الإنسانية.

المواطنة تقوم وتستند إلى قاعدة المواطن-الفرد الذي ينبغي مراعاة فرديته من جهة، ومن جهة أخرى حريته الأساس في مساواته مع الآخر تساوقاً في البحث عن العدالة. المساواة والحرية تعززان المنتظم الاجتماعي الوطني والائتلاف والانسجام من جهة، وتغنيان التنوع والتعددية من جهة أخرى، ولكن في إطار الوحدة وليس الانقسام أو التشظي.

وإذا كانت فكرة المواطنة تتعزز من خلال الدولة، فإنها تغتني وتتعمق بوجود مجتمع مدني حيوي وناشط، بحيث يكون قوة رصد من جهة للانتهاكات المتعلقة بالحرية والمساواة والحقوق، ومن جهة أخرى قوة اقتراح وليس احتجاج حسب، بحيث يصبح شريكاً فعالاً للدولة في توسيع وتعزيز دائرة المواطنة العضوية وتأمين شروط استمرارها، لاسيما إذا تحولّت الدولة من حامية إلى راعية، مرتقية لتعزيز السلم المجتمعي والأمن الإنساني، لاسيما بوجود مؤسسات ترعى المواطنة كإطار والمواطن كإنسان في ظل الحق والعدل.
فأين نحن من فكرة المواطنة العضوية في الواقع العملي في حياتنا العربية؟!
مفكر وباحث عراقي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق الإنسان الصورة والظل!
- الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!
- «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!
- مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي
- تحطيم العراق كان أحد أهداف الاحتلال الأمريكي
- العرب والأكراد : بعيدا عن المجاملات أو الاحتقانات
- مفهوم المجتمع المدني ..بين التنوير والتشهير !!
- كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!


المزيد.....




- بصورة يحيى السنوار وتمزيق ميثاق الأمم المتحدة.. ضجة على رد ف ...
- محمد بن سلمان والملك فيصل وتعليق إمام الحرم المكي الأسبق.. ت ...
- شاهد لحظة تمزيق سفير إسرائيل ميثاق الأمم المتحدة خلال كلمة غ ...
- إيران تدعم بقوة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن فلسطي ...
- ما هي الدول الممتنعة والمعارضة لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة؟ ...
- ليست بالرَّكيكة عن الحكومة الضاحكة
- أمين الأمم المتحدة: أي هجوم بري إسرائيلي برفح سيؤدي لكارثة إ ...
- -بحلول نهاية 2025-.. العراق يدعو إلى إنهاء المهمة السياسية ل ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - استحقاقات المواطنة «العضوية»