-الدولة والثورة- حواشٍ وتعليقات -الفصل السادس


نايف سلوم
الحوار المتمدن - العدد: 7908 - 2024 / 3 / 6 - 12:13
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات     

ابتذال الانتهازيين للماركسية
1-جدال بليخانوف مع الفوضويين
يقول لينين: يمكن القول بوجه عام أن تشويه الماركسية وابتذالها التام قد نشآ عن التهرب من مسألة موقف الثورة البروليتارية من الدولة، التهرب المفيد للانتهازية، والمغذي لها. 138 وقد ظهر هذا الامر لدي اثنين من أشهر نظريي الماركسية، هما جورج بليخانوف (1856-1918) وكارل كاوتسكي (1854-1938). ونريد أن نلفت انتباه القارئ هنا إلى كلام لينين عن بليخانوف وكاوتسكي كأثنين من كبار منظري الماركسية عند نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، خاصة كارل كاوتسكي الذي لقّب بـ "بابا الماركسية " وهي استعارة مأخوذة من الكنيسة الكاثوليكية، حيث البابا أعلى منصب في كنيسة روما هذه.
إن تناول "الفوضوية والاشتراكية" مع تجنب مسألة الدولة بصورة تامة. وعدم الإجابة على السؤالين: هل ينبغي تحطيم آلة الدولة القديمة من قبل البروليتاريا الثورية؟ وبأي شيء تنبغي الاستعاضة عنها؟، مع عدم ملاحظة كامل تطور موقف الماركسية من ذلك قبل كمونة باريس وبعدها، يعني انزلاق المرء لا مناص إلى الانتهازية. لأن الانتهازية لا تحتاج إلى شيء كحاجتها إلى عدم طرح هذين السؤالين الذين أوردناهما الان وإلى إغفالهما إغفالاً تاماً. وهذا هو موقف بليخانوف الانتهازي في كتابه "الفوضوية والاشتراكية" الذي صدر بالألمانية سنة 1894.
2-جدال كاوتسكي مع الانتهازيين
نريد أن ننقل هنا شهادة لينين الهامة إلى أقصى حد، والمنصفة إلى أقصى حد لمكانة كاوتسكي في داخل الحركة الاشتراكية الماركسية العالمية إلى قبيل بدايات الحرب العالمية الأولى، وموقف كاوتسكي من الحرب الامبريالية العدوانية هذه وردة فعل لينين على ذلك الموقف.
يقول لينين: "لا شك في أن العدد المترجم إلى اللغة الروسية من مؤلفات كاوتسكي ليس له مثيل بأية لغة أخرى. وليس من باب الصدف أن يمزح بعض الاشتراكيين –الديمقراطيين الألمان قائلين أنهم يقرأون كاوتسكي في روسيا أكثر مما يقرأونه في ألمانيا. وتقول أن في هذه المزحة من المضمون التاريخي العميق قدراً أكبر جداً مما يتصور الذين ابتدعوها. فالحقيقة أن العمال الروس، إذ أظهروا في سنة 1905 اقبالاً خارقاً غير مألوف على خير ما جاد به الادب الاشتراكي-الديمقراطي في العالم، وإذ تلقوا من ترجمات وطبعات هذه الكتب ما لم يسمع به في بلدان العالم الأخرى، قد نقلوا ذلك بسرعة، إن أمكن القول، إلى صعيد حركتنا البروليتارية الفتية الخبرة الكبرى التي حصلت عليها بلاد مجاورة خطت شوطاً أبعد في مضمار التقدم" 140 ويتابع لينين قوله: "وقد اكتسب كاوتسكي عندنا شهرة كبيرة بجداله مع الانتهازيين وعلى رأسهم برنشتاين، فضلاً عن عرضه للماركسية عرضاً سهل التناول. ولكن واقعاً يكاد يكون مجهولاً تماماً ولا يجوز للمرء إغفاله إذا ما وضع نصب عينيه مهمة تتبع انزلاق كاوتسكي إلى الاضطراب الفكري المشين جداً، وإلى الدفاع عن الاشتراكية-الشوفينية" أثناء الازمة الكبرى سنوات (1914-1915) 141
يكتب لينين: "ولكن ثمة أهمية أكبر جداً لواقع أننا نلاحظ الآن (1917)، عندما نستقصي تاريخ خيانة كاوتسكي الحديثة للماركسية، في جداله بالذات مع الانتهازيين وفي طرحه وتناوله للمسألة انحرافاً دائماً نحو الانتهازية في مسألة الدولة على وجه الدقة. " 141
ويتابع لينين: "إن هوة تفصل ماركس عن كاوتسكي من حيث موقفهما من واجب الحزب البروليتاري في أمر إعداد الطبقة العاملة للثورة" 144 ففي كراسه "الثورة الاجتماعية" جعل كاوتسكي موضوعه الخاص مسألة "الثورة البروليتارية" و "النظام البروليتاري". وقد أعطى كاوتسكي أفكاراً كثيرة قيمة جداً، ولكنه تجنب مسألة الدولة بالذات. وفي جميع مقاطع الكراس يدور الحديث عن الاستيلاء على سلطة الدولة وحسب، دون تحطيم آلة الدولة. إنه اختار صيغة التنازل أمام الانتهازيين ما دامت تسلم بالاستيلاء على سلطة الدولة البورجوازية دون تحطيمها.
إن كاوتسكي في سنة 1902 يبعث من الموت على وجه الدقة، ما أعلن ماركس في سنة 1872 أنه قد "شاخ" في برنامج البيان الشيوعي" إن كاوتسكي يستخدم العبارة الماركسية الخارجة من الخدمة في مواجهة العبارات "العاملة" خدمة للانتهازيين.
في كراسه السالف الذكر، لم ينبس كاوتسكي بحرف عما أعطته سنة 1871 وخبرة الكمونة، من جديد في مسألة الاستعاضة عن الديمقراطية البورجوازية بالديمقراطية البروليتارية. لقد تملص كاوتسكي من الامر الأساسي بعبارات "مبتذلة" "رصينة" : "بديهي أننا لن نصل إلى السيادة في ظل الأوضاع الحالية. فالثورة نفسها تفترض نضالاً طويلاً يطال الأعماق، يتسنى له أن يغير بناءنا السياسي والاجتماعي الحالي" 145
يعلق لينين بالقول: من المؤسف أن تتخذ هذه العبارات الفارغة الطنانة بصدد النضال الذي يطال "الاعماق" وسيلة لتجنب مسألة حياتية بالنسبة للبروليتاريا الثورية هي مسألة معرفة فيما يتجلى "عمق " ثورتها هي حيال الدولة، حيال الديمقراطية، خلافاً للثورات السابقة، غير البروليتارية."
لقد كانت الثورات البورجوازية السابقة على الثورة البروليتارية تكتفي بالاستيلاء على آلة الدولة القائمة وتحسن فيها وتصقلها، بينما مطلوب من البروليتاريا حتى تحطم سلطة البورجوازية وتزع ملكية الرأسماليين لوسائل الإنتاج، أن تحطم هذه الآلة البورجوازية وأن تستبدلها بآلة بروليتارية جديدة.
إن السلطة البروليتارية ستتخذ على الفور ضد تحول الموظفين الحاكمين تدابير كانت قد اقترحتها كمونة باريس، لكيلا يتحولوا إلى بيروقراطيين فاسدين مستبدين. لكن خبرة التجربة السوفياتية بينت أن الامر تاريخياً أكثر تعقيدا بما لا يقاس، وهو أمر مشروط بالظروف التي مرت بها الثورة، خاصة عزلة الثورة الروسية، وحصارها من قبل الدول الامبريالية، والاخطاء الجسيمة التي وقعت فيها القيادة الستالينية، خاصة على صعيد تحالف الطبقة العاملة مع الفلاحين الفقراء.
إن تمتع أعضاء مجلس السوفييت الأعلى بالسلطتين التشريعية والتنفيذية في الوقت عينه، لم يستطع أن يجنبه السقوط في الفساد والبيروقراطية والاستبداد والانقياد للامتيازات على حساب جماهير الشعب الكادح. لقد كان الشرط التاريخي هو الحاكم، وجاءت أخطاء الحكام لتعزز هذا الشرط غير المواتي لتقدم ديمقراطية البروليتاريا في روسيا الاشتراكية وازدهارها.
إن وسائل اجتثاث البيروقراطية في روسيا السوفياتية كانت معطلة منذ البداية بجكم عزلة الثورة وفشل ثورات أوروبا الغربية، وبفعل سرعة التصنيع التي أرهقت الفلاحين ووضعتهم في مواجهة عنيفة مع سلطة البروليتاريا الممثلة بقياد الحزب البلشفي. كان الحزب يلعب دور السوفييتات في دمج الصلاحيات الإشراقية والتوجيهية والتشريعية والتنفيذية، الامر الذي عطل عمل السوفييت كسلطة فعلية للبروليتاريا، تم استبدالها بسلطة الحزب. لم تستطع البروليتاريا الظافرة في روسيا القضاء التام على البيروقراطية، ولا إقامة الديمقراطية الكاملة من أجل الشعب. وكان هذا في أساس تفكك الدولة (الديمقراطية) السوفياتية في بدايات العقد الأخير من القرن العشرين.
يقول لينين: لقد أظهر كاوتسكي هنا نفس "الخشوع الخرافي" أمام الدولة، نفس "الايمان الخرافي" بالبيروقراطية. 148
بعدها يجري لينين عرضاً أميناً لكتيب (كراس) كاوتسكي "الطريق إلى السلطة" أو "طريق السلطة" حسب ترجمة جورج طرابيشي. يقول لينين: "لننتقل إلى آخر وأحسن مؤلفات كاوتسكي ضد الانتهازيين، إلى كراسه "الطريق إلى السلطة" لم يصدر بالروسية، لأنه صدر عندما كانت الرجعية في روسيا على أشدها سنة 1909. هذا الكراس خطوة كبيرة إلى الامام ما دام الحديث فيه لا يدور حول البرنامج الثوري كما هو حال كراس سنة 1899 ضد برنشتاين، وما دام لا يدور عن مهام الثورة الاجتماعية بصرف النظر عن زمن حدوثها بوجه عام كما هو حال كراس "الثورة الاجتماعية" سنة 1902، بل يدور الحديث عن عن ظروف ملموسة تحملنا على الاعتراف بأن "عصر الثورات" (الاجتماعية) قد بدأ " 148
يتابع لينين القول: "لقد بين المؤلف بوضوح اشتداد التناقضات الطبقية بوجه عام والاستعمار (الامبريالية) الذي يلعب دوراً كبيراً جداً في هذا الامر. بعد "المرحلة الثورية" في سنوات 1789 -1871 في غرب أوروبا، بدأت من سنة 1905 مرحلة مماثلة في الشرق. إن الحرب العالمية تقترب بسرعة مقلقة. "لم يبق في مستطاع البروليتاريا أن تتحدث عن ثورة تأتي قبل أوانها". "لقد دخلنا المرحلة الثورية". "لقد بدأ العصر الثوري " (هذا الكلام لكاوتسكي بالحرف) “148
إن من شأن كراس كاوتسكي هذا أن يكون مقياساً للمقارنة بين ما وعدت الاشتراكية -الديمقراطية الألمانية قبل الحرب الاستعمارية بأن تكون عليه وبين الدرك الذي هوت إليه (ومعها كاوتسكي نفسه) عند اندلاع الحرب. وقد كتب كاوتسكي في الكراس الذي نتناوله: "إن الحالة الراهنة تنطوي على خطر إمكان اعتبارنا (أي الاشتراكية-الديمقراطية الألمانية) بسهولة معتدلين أكثر مما نحن في الواقع". يعلق لينين بالقول: "إلا أن الحزب الاشتراكي-الديمقراطي الألماني قد ظهر في الواقع أكثر اعتدالاً وانتهازية إلى مالا حد له “149
والبليغ أبلغ الدلالة على الانتهازية أن كاوتسكي بعد أن أعلن بكل الوضوح أن عصر الثورات قد بدا، وذلك حتى في كراس وضع كما قال هو نفسه لبحث مسألة "الثورة السياسية" (السلطة) بالذات، قد تجنب مع ذلك تماماً مسألة الدولة هذه المرة أيضاً" 149
يتابع لينين: كأن لسان حال الاشتراكية –الديمقراطية الألمانية يعلن بشخص كاوتسكي:
-أحتفظ بنظراتي الثورية (1899)
-أعترف خاصة بأن الثورة الاجتماعية البروليتارية أمر محتوم (1902)
-أعترف بأن عصراً ثورياً قد بدأ (1909)
-لكن ما أن تطرح مسألة مهام الثورة البروليتارية حيال الدولة حتى أتقهقر مع ذلك إلى الوراء بالمقارنة مع ما قاله ماركس سنة 1852 (1912)
هكذا بالضبط طرحت المسألة مجابهة في جدال كاوتسكي مع بانيكوك.
يجري سجال بين موقف لينين من جهة وموقف كاوتسكي من الجهة الأخرى بخصوص البيروقراطية، من المفيد تسجيله مع التعليق عليه.
يكتب لينين: نحن لا نستغني عن الموظفين في الرأسمالية، في ظل سيادة البورجوازية. فالرأسمالية تظلم البروليتاريا وتستعبد جماهير الشغيلة. في الرأسمالية تكون الديمقراطية مقيدة، مكبوسة، بتراء، يشوهها كامل ظرف عبودية العمل المأجور وفاقة الجماهير وبؤسها. ولهذا السبب، وما من سبب آخر يفسد الموظفون في منظماتنا السياسية والنقابية (أو بالأصح يظهرون ميلاً إلى الفساد) من جراء ظروف الرأسمالية، ويظهرون الميل إلى التحول إلى بيروقراطيين، أي إلى أشخاص ذوي امتيازات منفصلين عن الجماهير ويقفون فوقها. هذا هو جوهر البيروقراطية، وما لم تصادر أملاك الرأسماليين، ما لم تسقط البورجوازية، يظل حتماً شيء من "البيروقراطية " حتى في الموظفين البروليتاريين." 155
هذه حجة لينين ضد البيروقراطية. وهذه الحجة لم تصل في تحليل الطور الأول الأدنى للشيوعية إلى نتائجه المنطقية، خاصة فيما يتعلق ببقاء ما يسمى "الحقوق البورجوازية" و "التوزيع البورجوازي لمواد الاستهلاك والرفاه" في هذا الطور الأول أو "مرحلة الاشتراكية"
أي أنه توجد أرضية اقتصادية ذات أصل بورجوازي لكي يظهر ميل ما عند الموظفين المنتخبين نحو البيروقراطية وعبادة الامتيازات والانفصال أكثر عن جمهور الشعب وقضاياه اليومية النقابية وقضاياه السياسية.
يقول لينين: يؤول الامر عند كاوتسكي إلى ما يلي: "مادام هناك مسؤولون ينتخبون، يبقى بالتالي الموظفون في ظل الاشتراكية، وتبقى البيروقراطية" ويعلق لينين بالقول: هذا هو الغلط بعينه. وأقول: هذا القول ليس بغلط، لكنه قول ناقص يحتاج إلى تتمة، بحيث يغدو الكلام كالتالي: ما دام هناك مسؤولون ينتخبون، يبقى بالتالي الموظفون في ظل الاشتراكية، أو الطور الأول من الشيوعية. ومادام "الحق البورجوازي" في توزيع مواد الاستهلاك والرفاه يبقى قائماً في الطور الأول من الشيوعية (الاشتراكية)، ويبقى معه انتخاب الموظفين العامين كممثلين للجمهور في آلة الدولة والإدارات الأخرى (النقابات وغيرها) يبقى خطر البيروقراطية باقياً وبقوة في هذه المرحلة (الاشتراكية). خاصة وأن البيروقراطية في الاشتراكية، ومع الغاء حق تملك وسائل الإنتاج الاجتماعية من قبل الافراد مهما يكن موقعهم، يكون حق التوزيع البورجوازي، ومسألة الامتيازات هي ضالة البيروقراطي الذي يستغل منصبه العمومي لزيادة امتيازاته وحصته في التوزيع ورفاهه على حساب الجمهور. خاصة وأن العقلية البورجوازية في "التمتع" لم تبارح المسرح بعد.
بالنتيجة وبناء على تحليل لينين للطور الأول من الشيوعية، خاصة بقاء "الحق البورجوازي" في توزيع مواد الاستهلاك والرفاه، يوجد بالفعل أرضية اقتصادي في المرحلة الاشتراكية لازدهار البيروقراطية وامتيازات البيروقراطيين. وقد تجلت هذه الظاهرة بشكل مأساوي في التجربة السوفياتية لدرجة أن البيروقراطية السوفياتية ابتلعت سلطة البروليتاريا الاشتراكية كلها ابتداء من موت لينين 1924 واستلام ستاين أمانة الحزب وسلطة الدولة الاشتراكية، مع ما راقها من ظروف ذكرناها أعلاه. من هنا على البروليتاريا الظافرة بالسلطة، والمحطمة لآلة الدولة القديمة البورجوازية، أن تتحضر كفاية لمواجهة خطر التعلمق البيروقراطي والفساد الإداري في أجهزة سلطة الدولة الاشتراكية الجديدة. إن اندماج التشريع مع التنفيذ في مجالس السوفييتات لم تمنعها من السقوط في المرض البيروقراطي القاتل.
يكتب لينين: لقد استطاعت الكمونة في عدة أسابيع أن تشرع ببناء آلة دولة جديدة، بروليتارية بهذا الشكل، متخذة التدابير المذكورة أعلاه بقصد ضمان ديمقراطية أوفى واستئصال البيروقراطية." 158 بينما كانت أسطقسات (عناصر) آلة الدولة الجديدة تتشكل اعتباراً من ثورة 1905 ، لكنها أخذت أبعاداً تنظيمية هائلة اعتباراً من نيسان 1917 ، حين قرر البلاشفة الاستيلاء على السلطة بقوة لجان سوفيتات العمال والجنود المسلحة ، كانت الطبقة العاملة المسلحة وفقراء الفلاحين والجنود المؤيدين للثورة هم الآلة الجديدة التي سوف تحل مكان الآلة القديمة التي حطمها البلاشفة في أكتوبر 1917 . لكن التدابير المتخذة بقصد ضمان ديمقراطية أوفى واستئصال البيروقراطية فقد تأخرت كثيراً، ثم تلاشت تحت وقع الحرب الاهلية المدمرة، وتحت وقع الحصار وعزلة الثورة، أول ثورة اشتراكية في العالم في بلد بحجم الإمبراطورية الروسية، ومن ثم صعود نجم البيروقراطية السوفياتية.
إن كلام لينين: فلنأخذ إذن عن الكمونيين جرأتهم الثورية، ولنر فيما اتخذوه من تدابير عملية صورة أولى لتدابير عملية ملحة ممكنة التطبيق على الفور، وعندئذٍ بسيرنا في هذه الطريق، نستأصل شأفة البيروقراطية" 158 إن كلام لينين هذا قد ذهب أدراج الرياح نتيجة الحرب الاهلية والحصار وتشكيل الجيش الأحمر، ونتيجة لجسامة المهمات في بلد متخلف غالبيته من الفلاحين الفقراء الاميين، ولا تشكل البروليتاريا فيه أكثر من 10% من السكان، تم تحييد خيرتهم في الحرب الاهلية التي استمرت سنوات ثلاثة.
في الأخير يقدم لينين تقييماً عاماً لمسيرة الأممية الثانية بالقول: "وإذا ما أخذنا الظروف بعين الاعتبار يحق لنا أن نخلص إلى استنتاج مفاده أن الأممية الثانية في الأغلبية الساحقة من ممثليها الرسميين قد انزلقت تماماً إلى الانتهازية." 160
أما بخصوص الفصل السابع "خبرة ثورتي 1905 وسنة 1917 الروسيتين “فلم يتسن لي أن أكتب من هذا الفصل أي سطر، عدا العنوان، "أعاقتني" الازمة السياسية، عشية ثورة أكتوبر سنة 1917. وأعتقد أني سأرجئ لزمن طويل الجزء الثاني من هذا الكراس الذي يتناول خبرة ثورتي 1905 و1917 الروسيتين، إذ أن تحقيق الثورة بالفعل (تطبيق خبرة الثورة) أطيب وأجدى من الكتابة عنها" 163