المنظّمة الشيوعية الثوريّة ، المكسيك : ما الأثمن، حياة البشر أم المال؟ الحكومة المكسيكيّة زمن فيروس كورونا


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 15:25
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية     

مقال من ترجمة جريدة " الثورة " عن موقع الفجر الأحمر [ Aurora Roja]، لسان حال المنظّمة الشيوعية الثوريّة ، المكسيك .
جريدة " الثورة " عدد 642، 6 أفريل 2020
https://revcom.us/a/642/mexican-government-in-times-of-the-coronavirus-es.html

ما الأثمن ، حياة البشر أم المال ؟ بالنسبة لحكومة المكسيك الآن ، المال أثمن .
في مواجهة وباء فيروس كورونا العالمي ، في الوقت الذى أكّدت فيه منظّمة الصحّة العالميّة مرارا و تكرارا أنّ المفتاح هو " التحليل ، و التحليل ، و التحليل " ، صرّحت الحكومة المكسيكيّة أنّ التطبيق على نطاق واسع للتحليل ليس أمرا ضروريّا . لماذا ؟
أخصّائي من المعهد الوطني سلفادور زوبيران للعلوم الطبّية و التغذية يشرح لنا أنّ هذا ليس ضروريّا لأنّ " لدينا نظام فعّال لإكتشاف و مراقبة الأوبئة " . " ليس من المعقول جدّا أن نجري تحاليل ل 85 بالمائة من السكّان الذين إن كانوا مصابين سيخرجون بأقلّ من أنفلونزا ، لأنّنا سنكون حينها أنفقنا مواردا هائلة " ( جريدة " الخرنادا " ، مقال ،" تطبيق جماهيري غير ضروري للتحاليل : اخصّائي " ، 27 مارس 2020 ).
عندما يتحدّث عن " نظام فعّال لإكتشاف و مراقبة الأوبئة " يقصد أّهم يعوّلون بالأساس على أعراض المرض لإكتشاف الفيروس . و مع ذلك ، قد وقع بعدُ بواسطة التطبيق على نطاق واسع للتحاليل في عديد البلدان تحديد أنّ جزءا له دلالته من حاملى الفيروس لا تظهر عليهم أيّة عوارض . لذا ، بعدم إجراء التحاليل على نطاق واس ، لن يتمّ تشخيص الكثير من حاملى الفيروس أو عزلهم بما يؤدّى إلى مزيد إنتشاره و المزدي من الموتى ؛ و نسبة وفاة المصابين تساوى الآن أربعة بالمائة .
هذا هو الدرس المستخلص من ما جدّ بكوريا الجنوبيّة حيث ساهم التحليل على نطاق واسع بدرجة كبيرة في تقليص إنتشار الفيروس و في تقليص عدد الموتى . و هو الدرس السلبي من إيطاليا حيث أفضى نقص تطبيق التحليل و إجراءات أخرى إلى وضع فظيع فيه ، ضمن عدد سكّان أقلّ بكثير ، عدد الموتى تجاوز عدد موتى الصين أين كانت إنطلاقة الفيروس . و يواجه العاملون في مجال الصحّة بإيطاليا القرار الفظيع ، قرار من سيحصل على آلة تنفّس و من لا يحصل عليها ، و من سيساعدون على البقاء على قيد الحياة و من لن يساعدوا على ذلك ، و النظام الطبّي قد وجد نفسه متجاوز تماما ، وهو يترك الأموات في بيوتهم و لا أحد ينقلهم .
صحيح أنّ الحكومة المكسيكيّة إتّخذت بعض الإجراءات السليمة كتعليق سكرتير التعليم للدروس و تعليق النشاطات الحكوميّة غير الأساسيّة . و كان الأمل يحدوهم أن تقلّص هذه الإجراءات من سرعة إنتشار الفيروس ، لكن في الوقت نفسه . يقول لنا الناطقون باسم الحكومة عينها ، إنّ هذا الوباء سيمتدّ زمنيّا إلاّ أنّه لن يتمّ إيقافه.
و الأخصّائي المستشهد به أعلاه يشرح أنّ عدم إنجاز التحاليل على نطاق واسع يُعزى إلى أنّنا سنكون " أنفقنا مواردا هائلة " . و يعنى هذا أنّه من الأفضل إنقاذ الموارد حتّى و إن كان ذلك على حساب مزيد إنتشار الفيروس و ارتفاع أكبر في عدد الموتى .
و لقول ذلك بطريقة مباشرة ، بالنسبة للحكومة المكسيكيّة الآن ، المال أهمّ من حياة البشر .
لماذا ؟ لأجل توفير تمويل لمشاريعهم الرأسماليّة القاتلة و جلب المزيد من الإستثمارات الإمبرياليّة . فمشاريع من مثل قطار مايان الذى إن تحقّق سيحطّم حتّى أكثر البيئة و سيفضى إلى إنتزاع ملكيّة عددا أكبر من السكّان الأصليين لجنوب شرق المكسيك . مشاريع مثل محطّة تكرير النفط في دوس بوكاس ، التي ستنمّى إطلاق المكسيك للغازات التي تتسبّب في ارتفاع حرارة الكوكب نتيجة إستخدام المحروفات الإحاثيّة من قبل النظام الرأسمالي- الإمبريالي العالمي الراهن و الذى أوجد ظروفا أكثر مواتاة لظهور جراثيم جديدة كفيروس كورونا ، إلى جانب تهديد الحياة على الكوكب بعدُ بطرق شتّى ).
و بالرغم من كون هذا يعنى التضحية بحياة بشر ، على هذا النحو قرّرت الحكومة المكسيكيّة التعاطى مع هذا الوباء العالمي في الوقت الحالي أمام حاجة لا مناص منها للإستثمارات التجاريّة للنظام الرأسمالي الراهن ( و ليس فحسب الحكومة ) ، الذى يحكمه التنافس بين الرأسماليين الكبار من أجل أكبر قدر من الأرباح. في ظلّ نظام إشتراكي حقيقي نناضل من أجله ، نحن أنصار الشيوعية الجديدة ، حياة البشر و حاجياتهم ستكون في المقام الأوّل .
و ليزيد الطين بلّة ، إستخدم الرئيس المكسيكي أندرياس مانويل لوباز أوبرادور [ أملو ] ظرف الوباء العالمي ليشجّع على مزيد التطيّر و الظلاميّة الدينيّة دافعا على الملأ أنّه " مَحمِيّ " بفضل "نيشان قلب ياسوع المقدّس " ، تعويذة تستخدمها ( ضمن أهداف أخرى ) حركة كريستارو التيوقراطيّة الرجعيّة لتوفيرها حماية مزعومة من رصاصات منافسيهم . بداهة هذه التعويذة لا تحمى أحدا من أيّ شيء ، لكنّها جزء من حملة أملو ، بالرغم من أنّه يقدّم نفسه على أنّه من أتباع بنيتو خواراز [ أيقونة مكسيكيّة للفصل بين الكنيسة و الدولة ] ، لتقويض الدولة العلمانيّة ن و فسح المجال لمدّ الكنائس النجيليّة بأسباب القوّة و الموارد ، وهو يدعو إلى دين بطرياركي / ذكوري رجعي ب " مرشد أخلاق " و إحالاته الديينيّة و البطرياركيّة المستمرّة إنطلاقا من وظيفته كرئيس .
أجل ، نعلم بعدُ أنّه بقول هذا الأتباع الذين يقتفون خطاه دون نقد ، سينعتوننا ، سيرا على عادة أملو ، ب" المحافظين " و " البرايان " [ كلمة تجمع بين حزبي برى و بان ] و أشياء أخرى أقلّ أناقة . و بالشيء نفسه نعتوا المناضلات النسويّات و المدافعين عن البيئة و الزاباتستا و السكّأن الأصليين و الأساتذة الديمقراطيين و عديد المناضلين و المناضلات الآخرين و الصحفيّين ، و جميعهم لا صلة لهم بحزبي بان و برى وغيرهما من الأحزاب التي تنافس مورينا [ حزب أملو]. ( و هذا النزاع في صفوف الأحزاب الإنتخابيّة ، من الجانبين ، نزاع بالأساس لتحديد من سيظلّ داخل أو يدخل الحكم ليمثّل مصالح النظام الرأسمالي الى لا يم الدفاع عنها ).
و يبقى سؤال واحد : هل أنّ المال أهمّ لديكم أم حياة البشر ؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------------