المنظّمة الشيوعيّة الثوريّة ، المكسيك : من أجل غرّة ماي ثوريّة ، 2024


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 7964 - 2024 / 5 / 1 - 01:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

جريدة " الثورة " عدد 851 ، 29 أفريل 2024
https://revcom/us/en/we-are-fighting-radically-different-and-liberatory-world

من بشاعة الإضطهاد و القتل و البؤس المحيطين بنا ، يمكن أن يظهر جمال مجتمع راديكاليّا جديدا و تحرّريّا . اليوم ، نناضل ، و عليكم أن تناضلوا ، و على المزيد من الناس النضال ، من أجل ثورة فعليّة و مستقبل مغاير جذريّا ممكن ، إذا لم نكن نرغب في الحياة في مستقبل أفظع فأفظع إليه يجرّنا جرا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي القائم .
النظام العالمي القديم يواجه أزمة ما يحدث عذابات هائلة غير ضروريّة بيد أنّه يضع أمامنا كذلك إمكانيّات جديدة للقيام بثورة فعليّة . و الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطيني و وحشيّة قتل النساء و المتاجرة بالنساء و الأطفال عبر العالم قاطبة الرأسمالي – الإمبريالي الراهن . لكن هذا النظام يحمل في أحشائه أيضا إمكانيّة مجتمع مختلفا راديكاليّا و أفضل بكثير .
و الأزمة البيئيّة تضرب العالم بأسره محدثة بعدُ كوارثا كبرى كما شاهدنا هنا مع إعصار أوتيس و الجفاف المتصاعد و مئات الحرائق غير المتحكّم فيها حديثا . و يتصاعد حتّى تهديد بإنقراض البشر و عدّة أنواع من الكائنات الأخرى ، جراء السير الساحق للنظام الرأسمالي و قانونه الأكثر جوهريّة هو التنافس بين الرأسماليّين الكبار و الإمبرياليّين من أجل تكديس الأرباح الطائلة وهو ينظّم كلّ شيء و يستغلّ الجميع في سيرورته هذه . و هذا يشمل بيمكس ( Pemex ) وهي مؤسّسة من المؤسّسات العشرة الأكثر تلويثا للبيئة في العالم .
يجب المضيّ نحو الجذور أبعد من المقاومة الموجودة بعدُ ، نحو الثورة لدفن النظام الذى يحفر قبر الإنسانيّة . و من الممكن و من الضروريّ بصفة ملحّة إنشاء نظام آخر تحكمه حاجيات الإنسانيّة و الوسط البيئي و ليس تحقيق قلّة من الناس أرباحا طائلة . هناك حاجة إلى نظام إشتراكي ثوري يجعل من الممكن تحقيق الكثير من الأشياء التي تبدو اليوم مجرّد أحلام. في أقرب وقت ممكن ، سيعمل على التخلّى عن إستخدام النفط و غيره من مصادر تسبّب ارتفاع حرارة الكوكب . و بفضل تعبأة الجماهير ستجرى عمليّة إحياء الغابات التي تعدّل المناخ و تجلب الأمطار ، و ستجرى عمليّة تنظيف للأنهار و غير ذلك كثير . و عند مصادرة ملكيّة الإمبرياليّين و الرأسماليّين الكبار و تحويلها إلى خدمة الشعب ، سنتمكّن من أن نشيّد معا إقتصادا إشتراكيّا يوفّر مواطن الشغل و السكن اللائق و الخدمات الصحّية و الترفيه و ثقافة متنوّعة و ملهمة حسب الحياة التي يستحقّها كلّ إنسان .
و راهنا ، تبرز الوحشيّة المطلقة لهذا النظام القائم في الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطيني على يد إسرائيل و الإمبرياليّة الأمريكيّة . و يتمّ هذا في إطار النزاع المحتدم و المتفاقم بين إمبرياليّى الولايات المتّحدة و إمبرياليّى روسيا و الصين و كلّ منهم يبحث عن توسيع إمبراطوريّته هو الرجعيّة على حساب الآخرين . و يجرّنا هذا إلى هاوية حرب نوويّة عالميّة تعنى نهاية الحياة كما نعرفها على هذا الكوكب . و قد أيقظت الإبادة الجماعيّة في فلسطين الوعي و دفعت إلى التنديد بالجرائم و النضال ضدّها عبر العالم قاطبة . و تسعى إسرائيل إلى تبرير هذه المجازر باللجوء إلى التذكير بالإبادة الجماعيّة النازيّة المريعة في حقّ اليهود . إلاّ أنّ آلاف اليهود المتحلّين بالشجاعة عبر العالم بأسره أطلقوا تنديدات بما تقترفه إسرائيل مشيرين إلى أنّ الدرس من محرقة الهولوكست النازيّ هو لا يجب أن يحصل هذا مرّة أخرى أبدا ضد أيّ كان . و لتحقيق هذا في الواقع ، ثمّة حاجة إلى القضاء على النظام الذى يفرز المجازر و المذابح و الحروب الرجعيّة . ثمّة حاجة إلى الثورة في فلسطين و في العالم بأسره .
الكثير من الحكومات الرأسماليّة في العالم تسكب دموع التماسيح على الشعب الفلسطيني لكن هنا ، في المكسيك ، أعلن الرئيس لوباز أبرادور أنّه " محايد " في ما يتّصل بما يجرى في غزّة . " محايد " ! بشأن الإبادة الجماعيّة !
هذا أمر غير مقبول مطلقا ! رغم كلّ كلامها عن الوطنيّة ، هذه الحكومة شأنها في ذلك شأن الحكومات السابقة ، تقبل بأن تهيمن الإمبرياليّة الأمريكية على البلاد و لا تتجرّأ على وضعها موضع السؤال ذلك أنّها مسألة حسأسة للغاية بالنسبة إلى الإمبراطوريّة . و إلى ذلك تنفّذ عملها القذر في قمع و قتل المهاجرين السجناء الذين يفرّون بيأس من العنف و الجوع الناجمين عن هذا النظام العالمي ، و كذلك في حرقهم أحياء . و يتمادى الجيش المكسيكي في إستخدام برامج معلوماتيّة إسرائيليّة للتجسّس و التنصّت على الصحفيّين و النشطاء و المعارضين .
و هذا هو ذات الجيش الذى شارك مباشرة في العمليّة التي تمّ خلالها إغتيال ستّة أشخاص و خطف و إخفاء 43 طالب من آيتزنابا وهو يرفض في الوقت الحاضر تقديم الأدلّة التي توثّق جرائمه ضد الإنسانيّة . إنّه جزء من الدولة الرأسماليّة التي تتواطئ أكثر فأكثر مع الجريمة المنظّمة ما يفرز المزيد من الجرائم العنيفة إجمالا و اكثر من مائة ألف مختطف وقع إخفاؤه . و أكثر من الثلث وقع خطفهم و إخفاؤهم في هذا السياق ، و " الحلّ " الوحيد الذى يعتمدونه هو السعي إلى فسخ وجود المفقودين من السجلّ المدنيّ الرسمي !
إنّهم يتحدّثون بنفاق عن شعوب السكّان الأصليّين بينما يقومون بسرقة أراضيهم و يقمعونهم و يدمّرون مجتمعاتهم و ثقافاتهم عن طريق " التطوّر " الرأسمالي الزائف لمشروع قطار دزكى " مايا " ، في الممرّ المحاذي للمحيط و عن طريق المناجم المدمّرة . و الآن في إطار حمّى الانتخابات البرجوازيّة يعلنون أنّه " حان وقت النساء " غير أنّه بعدُ قد تبيّن أنّ حتّى مع وجود نساء في وظائف الدولة الرأسماليّة ، يتواصل قتل النساء و المتاجرة بهنّ و التحرّش فيهنّ لأنّ إضطهاد النساء جزء جوهريّ من النظام القائم .
لكلّ هذا نناضل في سبيل دفن و إرساء الإشتراكيّة الثوريّة غير أنّنا لا نتحدّث عن " الإشتراكيّة " الزائفة في كوبا أو فنزويلا أو الصين راهنا ففي الواقع هذه البلدان بلدان رأسماليّة . و أيضا لا نتحدّث ببساطة عن إعادة أفضل ما في الثورات الإشتراكيّة الماضية . و إنّما نتحدّث عن إشتراكيّة جديدة تسترشد بالشيوعيّة الجديدة التي طوّرها بوب أفاكيان متعلّما من المكاسب الكبرى و كذلك من الأخطاء الهامة للثورت الإشتراكيّة السابقة . نتحدّث عن مجتمع جديد بقوانين ثوريّة جديدة يعتمدها و ينطلق منها نحو ، و لا يقمع ، النضال من أجل القضاء عل كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد و تحرير شعوب السكّان الأصليّين و النساء و المثليّين و المحوّلين و المزدوجين جنسيّا ، الشعب عامة ، و تحرير البلاد من الهيمنة الإمبرياليّة و ذلك خدمة للنضال في سبيل تحرير الإنسانيّة جمعاء . و نتحدّث عن مجتمع يتمّ فيه تشجيع المنهج العلميّ بدلا من المغالطات و الكذب ؛ كما يتمّ فيه تشجيع الفكر النقدي و المعارضة و النقاش العقلاني بدلا من خنقهم أو تشويههم ؛ ويتمّ فيه تشجيع التعاون الإنساني الحقيقي و في الوقت نفسه يجرى التصدّى إلى محاولات إعادة تركيز الرأسماليّة و صراعها الذى لا هوادة فيه للجميع ضد الجميع .
و تصبح هذه الثورة ممكنة أكثر مع تفاقم ازمة النظام . فخلف الحصن الظاهري للنظام ، يتسارع نسق الأزمة البيئيّة و المواجهات الشديدة قد تفضى إلى حرب عالميّة تحدث تصدّعات متنامية في النظام العالمي منها يمكن تفجير القدرات الثوريّة الكامنة للجماهير بقوّة متدفّقة ، طالما نتقدّم الآن في تركيز الفهم والقيادة و التنظيم الضروريّين لهذه الثورة التحريريّة.
في المكسيك ، يواجه الذين هم في ألأعلى في كلّ مرّة مشاكلا أكثر في الحكم بطريقة موحّدة . ليس مستطاع حتّى تنظيم انتخابات دون العشرات من القتلى من المرشّحين المحتملين . و الصدام بين الأحزاب الإنتخابيّة الرأسماليّة ( PRI-PAN-PRD-Morena و غيرهم ) يحتدّ أكثر و يصبح أكثر فسادا في كلّ مرّة ، و يتحالف هؤلاء و أولئك مع قيادات مافيا يشنّون بدورهم حربا حدّ الموت من أجل التحكّم في المجال الوطني و التجارة السرّية العالميّة . و إزاء أزمة الحكم ، إلتجأوا إلى أكبر عسكرة في التاريخ لكن القوّات العسكرية عينها في نزاع مع الجريمة المنظّمة و يبقى الوضع متفجرا ، من شياباس إلى سينالوا ، و من " ماتاوليباس " إلى " غارا كروز "
و ضمن من هم في الأسفل ، في كلّ مرّة لا يستطيع عدد متزايد من الناس أن يواصلوا العيش كما في السابق . فجماعات كاملة تتزاحم على الإرتباط بتجارة المخدّرات و تتسلّح للدفاع عن نفسها أو تغادر المكان ، ما أفرز مئات آلاف النازحين . و الرشاوى و الإبتزازات و شرطة تجارة المخدّرات يمدّون نفوذه في جميع الأنحاء ، بينما تقاتل غالبيّة الناس كي تعيش بالكاد عيشة سيّئة .
هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، الطبقة المهيمنة في الولايات المتّحدة ، " صخرة الاستقرار " بالنسبة إلى الطبقات المستغِلّة في المكسيك ، توجد على حافة حرب أهليّة ممكنة الحدوث بين الحزب الجمهوري الذى يبحث عن فرض الفاشيّ و الحزب الديمقراطي الذى يبحث عن الحفاظ على الخدعة التقليديّة للديمقراطيّة البرجوازيّة . و هذا فسح المجال لإمكانيّات ثورة ، أجل ثورة ! في قلب الغول الإمبريالي ، بقيادة بوب أفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
و كافة الأزمات و الجرائم التي أشرنا إليها تعنى المزيد من الفظائع و العذابات بالنسبة إلى الشعب لكنّها أيضا تفسح المجال لإمكانيّات جديدة للثورة . إنّنا نناضل الآن للتمكّن من إستغلال هذه الفرص ، غير أنّه ثمّة حاجة إلى أن يلتحق المزيد و المزيد من الناس بالحركة من أجل الثورة . إذا كنتم تملكون الوعي و الجسارة و الشجاعة لرؤية أبعد من النظام الفاسد الحالي ، إذا كنتم تجرؤون على الحلم و النضال من أجل عالم أفضل بكثي ، إتّصلوا بنا ، فالشعب في حاجة إليكم .
Aurora Roja
Voice of the Revolutionary Communist Organization, Mexico
[email protected] | aurora-roja.blogspot.com