أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد رياض اسماعيل - القيم الاجتماعية التي تتحكم في حياة البشر














المزيد.....

القيم الاجتماعية التي تتحكم في حياة البشر


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 7299 - 2022 / 7 / 4 - 20:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان ركوب السيارات والقطارات في بدايات القرن المنصرم مستحرما بفتاوي صادرة عن الملالي، كونها رجس من عمل الشيطان الذي خبئه الأجانب فيها!! وكانوا يرددون في خطب الجمعة " أتتركون حمير الله وتركبون الشمندفر ، والشمندفر كلمة باللغة الدارجة وتعني (القطار)؟" ، كما كانت المدارس غير محببة لعامة الناس، وكانوا يعتبرون اللذين يقصدون المدارس للتعليم بعديمي الرجولة، ويعتبرونها افساد للأخلاق وبطر! وكانت المدارس محرمة على النساء، وكانوا في كركوك يرددون المقولة الشعبية السائدة في نهايات الحكم العثماني " توت اغاجي توت ويري... مكتابللار كو... ويري" أي ان شجرة التوت تعطي توتاً، والمدارس تعطي مخانيث، ولكنهم كانوا يشجعون الدراسة الدينية في الجوامع او لدى الملالي! وكان النقاب فرضا على السيدات، والعباءة على البنات، وتعتبر السافرة ساقطة خُلقياً! وكانت تتعرض للإهانة والتحرش وترمى بالحجر. كما كان عمل النساء في المهن محرماً، وخصوصا لدى الحكومة، باستثناء الطبيبات والقابلات، ولم تنجوا الممرضات من الإهانة الاجتماعية والرشق بالتعابير البذيئة. واستمرت الحالة الى خمسينات القرن المنصرم، حيث كان الشباب يقفون طوابير على أبواب البنوك والمنشئات الحكومية التي تعمل فيها عدد قليل من النساء للتحرش بهن لاعتبارات تتعلق بشرفهن بعد ان قبلوا العمل مع الرجال!!! كما كان حلق اللحية والشارب معيبا، لأنها دلالة الرجل الخنثى، وتظهر كامل رجولته في إطلاق اللحية والشارب، وكلما كانت الشوارب ثخينا وطويلا كلما دل على فتونة صاحبها وشجاعته وغيرته، فيكون عند حسن تقدير وافتخار من لدن مجتمعه.. كما كان معيبا ايضا لبس القبعات وربطات العنق، كونها من عادات الكفار الأجانب، شياطين الأرض!! وتمتد المحرمات والمعيبات الى قوائم طويلة من العادات الاجتماعية المستحدثة، كانت ضحيتها في الغالب النساء، وكانت فتاوي غسل العار تطالهن لأتفه الأسباب. فكانت تلك المفاهيم والفتاوى تبسط قبضتها على الناس وتحكم المجتمع وتسيرها بخطى من بودقته النتنة، ووفق منظور الوعي السائد آنذاك. اليوم الغالبية من الناس تستهجن هذه المفاهيم والفتاوى، وتعتبرها تخلف وانحطاط. ولكن تغيير تلك المفاهيم السطحية استغرقت وقتا طويلا، لاستبدالها. ان هذه المفاهيم والفتاوي كانت تتسيد الموقف في حينها، وكانت تسير حياة العباد بحزم وعنف، وكان لابد من تضحيات في كل بضعة أجيال لتغيير بعض المفاهيم، وكانت المصالح العامة خير عون وسند للتغيير، فحين أصرت الحكومة على ادخال السيارات وتوسعت استخداماتها العامة وأدرك الناس بانها الوسيلة السهلة والاسرع لقضاء أعمالهم وحاجاتهم اقبلوا عليها غير مكترثين بما يفعله (الجن المسير لها)! ودفعت بعض النساء ثمنا باهظا لعملهن في المؤسسات الحكومية وذلك بتلويث سمعتهن، ولكن اصرارهن على العمل ومساعدة عوائلهن اثبتن بان مقياس الشرف هو العمل. تغيرت القيم الاجتماعية تباعا وغيرت الوعي العام، رغم الثمن الباهظ. وسواء ان غيرنا في الوعي العام بمفاهيم جديدة او حكمنا بصرامة على بعض التقاليد، أصبحنا اليوم بحاجة للتغيير مرة أخرى لوعي معشعش في البودقة الاجتماعية او نستبدل تلك التي غيرناها فعلا في السابق القريب. هل يجوز ان نفرغ القِربة الاجتماعية من أفكار سيئة وضارة ثم نعبئها بأفكار غير مدروسة بعمق! ولمجرد اننا برهنا بان القديم غير نافع؟! ان هكذا خطأ يعود بنا القهقري الى القديم الاسوء والذي لم يكن يعاصر زمنه. ثم الى متى ستستمر هذه الأخطاء ومن يتحمل وزر معالجتها؟ متى سنضع حدا لهذه المهزلة ونحدد من هو المجتهد او المفتي! متى سيتم إيقاف تجار الأديان (المتقنين لأفانين الكلام والتلاعب بالألفاظ) من هكذا امر خطير تسير الوعي العام؟ يذكر سلامة موسى في احدى كتاباته عن حرية الفكر، بان الكنيسة البروتستانتية في أوروبا أبان العصور الوسطى كانت تحرم دراسة القانون، كون الكتاب المقدس هو الفيصل في الحاكم في المنازعات بين الناس. وان أحدهم كان يعشق دراسة القانون وهاجر لإكمال دراسته، ولدى عودته الى مدينته فُضح قصة دراسته من قبل أحد اقاربه، فسيق للمحكمة الكنسية التي أصدرت حكم الإعدام به وتقطيع جثته ورميها للكلاب لكي لا يبقي منه اثرا ضارا على المجتمع المسيحي! بعد مرور مائتي عاما على إعدامه، تغير ت القوانين الكنسية التي سايرت تغير العصر والحاجة الملحة لدراسة القانون ووضع التشريعات التي تساير ايضا تقدم المجتمع وتنوع متطلبات العصر التي تستجد باستمرار.. فعقدت الكنيسة جلسة خاصة لتبرئ ذلك المسكين بعد مائتي سنة من إعدامه!
أتأمل أحيانا الوعي الاجتماعي السائد في مجتمعاتنا، فلاتزال المرأة والطفل والشاب فيها ضحايا مفاهيم سطحية سخيفة تسيرها لصالح قلة قليلة جاهلة غبية ترتزق من الأديان، وتمد بودقة الجهل الاجتماعي بمفاهيم تسود وتتسيد على العباد.
اما آن الأوان؟



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتحار الزمن المُعتَقلْ
- تداعيات الحروب بالنيابة على الشعب الأمريكي والعالم
- هل العراق معني بالاختناقات والانهيارات الاقتصادية
- التغيير ممكن مع التأمل والملاحظة العميقة..
- عاطفة الرحمة والشفقة
- تنقية العقل من الوعي العام الفاسد
- الجزء الاخير لقواعد العشق الاربعين من وجهة نظري الشخصية
- تتمة سلسلة قواعد العشق الاربعين من وجهة نظري الشخصية
- رحلة في الذاكرة، وتأمل لواقع مرير..
- اقتصادنا المتردي بين عالم محتظر واخر على وشك الولادة
- هل الحب تحرر من الانانية؟
- الصين وامريكا، محاورة عاجلة من وجهة نظر محايدة
- تكملة لمقال/ قواعد العشق الاربعين من وجهة نظري
- قواعد العشق الأربعين لشمس التبريزي/ تكملة لما نشرته في الموق ...
- الإدارة المحلية بين ماضٍ عريق وحاضر غريق*
- الصور الفكرية في ميزان العقل/ الجزء الثالث
- الصور الفكرية في ميزان العقل/ الجزء الثاني
- الصور الفكرية في ميزان العقل
- حكم الشعب ام حكم النخبة؟
- البنك المركزي العراقي بين المطرقة والسندان


المزيد.....




- شاهد كيف بدت خوذة جندي روماني عمرها 2000 عام بعد ترميمها
- بكل هدوء.. كاميرا توثق لحظة انتحار رجل أعمال باكستاني (فيديو ...
- -حماس- ترد على اتهامات بلينكن بتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار
- اشتباكات بين الطلاب المؤيدين لفلسطين والمؤيدين لإسرائيل في ج ...
- من مصر إلى غزة.. قافلة بيت الزكاة والصدقات السابعة تدخل معبر ...
- أكاديمية علوم روسية تعد برنامجا لاستصلاح القمر
- وزيرة إسرائيلية: صفقة الرهائن تلقي بأهداف الحرب في -سلة المه ...
- لابيد: لا أعذار سياسية لنتنياهو تبرر رفضه صفقة الرهائن
- أوكرانيا.. محاكمة 10 أطباء زوروا مصدّقات طبية لأشخاص للتهرب ...
- جنرال إسرائيلي: مصر ضاعفت قوتها المدرعة وتسعى لتقزيم قدرات إ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد رياض اسماعيل - القيم الاجتماعية التي تتحكم في حياة البشر