أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - موت السياسية














المزيد.....

موت السياسية


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7201 - 2022 / 3 / 25 - 22:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يعتبر عدد من الدارسين/ات أنّ خطب الحبيب بورقيبة «وتوجيهاته»اليومية اضطلعت بدور أساسي في تغيير العقليات وبثّ التوعية بالتحديات التي تواجهها دولة فتية بصدد بناء المؤسسات والعمل على مواجهة الأزمات: الأميّة والتخلّف والفقر، و»السخط الكلّ ...بل إنّها كانت مشروعا تعليميّا وتربويا يقوم على تهذيب سلوك الأفراد وتحفيزهم على العمل الجادّ وتغيير نمط عيشهم وهندامهم وطريقة التحّكم في نسلهم وغيرها من المسائل. وبقطع النظر عن تقييم محتوى هذه الخطب فإنّ المُجمع عليه أنّها كانت ذات تأثير ونجاعة يكفي أنّ أغلب التونسيين لا زالوا يسترجعون بعض الكلمات أو الأمثلة أو التلميحات التي تضمّنتها هذه «التوجيهات»، وأنّ شهادات عدد منهم/نّ تشير إلى إفادته/ها من «الدروس» الشاملة واعتراف بالجميل ممّا يثبت احتلال هذه الخطب موقعا في الذاكرة الجمعية.
ولكن ما الذي دعانا إلى استرجاع هذا التاريخ؟
نشير إلى هذا الموضوع لعلاقته بشكل من أشكال تواصل الرئيس المسؤول مع الجماهير والذي كان يقوم بالأساس على وضع سياسات شاملة ومشروع متكامل لا ينفصل فيه البناء عن التغيير والإصلاح، ولا تتنزّل فيه القرارات والمراسيم والأوامر دون أن تُشفع بتواصل شبه يومي للتوضيح والشرح والعمل على تغيير البنى الذهنية. وإذا قارنا تواصل الرئيس بورقيبة بما نُعاينه اليوم من إصرار الرئيس سعيّد على بناء خطاب أحادي قائم على استحضار الأعداء والعمل على تحميلهم كلّ المصائب وفضح المؤامرات والدسائس و... الأمر الذي أدّى إلى حالة من العزوف عن متابعة هذه التدخلات بسبب اجترار نفس الأساليب (الوعد والوعيد، التهديد، الفضح ...) حتى وإن تغيّرت المواضيع، كذلك بسبب انتفاء إمكانية تجدّد الخطاب «القيسيّ» وفقدان نجاعته. فأن تشهّر بالآخر وتفضح نواياه وتصوّره على أساس أنّه الشيطان/الشرّ/الكيد... معناه أنّك تتعمّد الفصل والتمييز وإقامة الحدود بين الأنا/الآخر ولكن هل يكفي ذلك لإحداث التغيير على أرض الواقع؟ أليست المحافظة على نفس الطريقة والمضمون مخبرة عن التسييج والتكلّس والعقم وعدم القدرة على بناء خطاب أكر قدرة على التأثير في الجماهير التي يُطلب منها أن تنخرط في العمل والإنتاج وأن تثبت مدى تعلّقها بالقيم والمبادئ والوطن؟ وهل يعقل أن يكون خطاب من هو في موقع المسؤولية خطابا انفعاليا (غضب وتشنج واستياء...) تحضر فيه الشكوى؟ وهل أن هدف الخطاب كسب عدد من الناخبين عن طريق استدرار تعاطف الناس معه وتحريك مشاعرهم فيرددون: «مسكين الرئيس»، «سعيد لست وحدك»،..؟
لا نحسب أنّ هذا الشكل التواصلي الانفعالي القائم على الشكوى المستمرّة من الآخر مندرج ضمن الخطاب السياسي الذي بإمكانه أن يتحوّل إلى مادة تُدرّس في اختصاصات عديدة كالعلوم السياسية ودراسات الميديا وغيرها فهو يفتقر إلى مقوّمات الخطاب السياسي. ولا نتصوّر أنّ هذا الخطاب قد استطاع تغيير عقلية التونسي والدليل على ذلك أنّ دعوات التطهير والامتثال للقانون والقيم والتغيير من الذات لم تؤخذ على محمل الجدّ.فظهر المحتكرون وفضح شجع البعض واستشرت الفردانية والرغبة في الاحتكار والدفاع عن حقّ الحياة والخلاص إلى غير ذلك من الأمراض الاجتماعية التي تؤكّد أنّ التسويق لصورة الملك/الإمام/الرئيس العادل والأمين والشريف والصالح في قطيعة مع واقع مأزوم.
ولئن أشرنا إلى مظهر من مظاهر قتل الفعل السياسيّ وعقم الخطاب فإنّ الأمر يتجاوز شخص الرئيس إذ يكفي أن تتابع مداخلات عدد من اطلق عليهم «سياسيون» حتى تتفطنّ إلى الواقع المؤلم فبالرغم من انتشار الأكاديميات السياسية، واحتكار أهل القانون والعلوم السياسية المشهد تأطيرا ومواكبة وشرحا وتنبيها.. فإنّ المحصلّة مخزية إذ استمر المتطّفلون في لعب أدوار باهتة على الركح المتداعي، وظهر صبيان جدد يرغبون في «تعلّم السياسية في رؤوس اليتامى».



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهمّشات: بين أنظمة الاضطهاد والهيمنة وواجب المقاومة
- تحية إكبار «لشباب/ات تونس» في أوكرانيا
- في علاقة الدولة بالمجتمع المدني
- الهامش يتحرّك
- لا ثقة بعد اليوم في القانون
- نساء الحكومة المحجوبات والصامتات
- لقاء احتفالي أم تصفية للحسابات ؟
- الاستشارة الإلكترونية؟
- 14 جانفي وأشكال توظيف التواريخ
- أن تكون نصف مواطن/ة
- واقع الحقوق والحريات بعد 25 جويلية
- هل تحوّل موقع المؤسسة العسكرية؟
- «صمت الدولة يقتل النساء»
- الأحزاب المعارضة وأزمة إثبات الوجود
- رئيسة الحكومة من «صمت القصور» إلى «كسر حاجز الصمت»
- «شهادة للتاريخ» عن الخروج من التاريخ
- في أشكال الردّ على العنف الممارس في الفضاء المدرسي
- التونسيون وخطاب الكراهية
- يوتوبيا «الشعب يريد»
- رئيسة الحكومة ومسار الاختبارات


المزيد.....




- عبدالله بن زايد يلتقي رئيس القائمة العربية في الكنيست منصور ...
- حزب الله يُعلن مسؤوليته عن إطلاق عشرات الصواريخ نحو الجولان ...
- إسبانيا تخطط إلى جانب عدد من الدول الأخرى للاعتراف بدولة فلس ...
- مسؤولة أممية: رغم أن العقود الماضية من الاضطرابات لا تزال تؤ ...
- حفارات ذكية وروبوتات لتشييد مبان صديقة للبيئة
- السودان وغزة: -الحزن واحد والجرح واحد وإن اختلفت الأماكن-
- مفاوضات اللحظات الأخيرة تبوء بالفشل..توخل سيرحل عن بايرن
- لقاء مع سعادة السفير احمد الطريفي رئيس قطاع الشئون العربية و ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر ملخص عملياته في عدة مناطق بغزة (فيديوه ...
- -حزب الله- يرد على غارة النجارية بـ50 صاروخ كاتيوشا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - موت السياسية