أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسكندر أمبروز - عظمة الفلسفة الرواقيّة وانحطاط الإسلام.














المزيد.....

عظمة الفلسفة الرواقيّة وانحطاط الإسلام.


اسكندر أمبروز

الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 22:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماركوس أوريليوس والرواقية.

شهدت البشرية في تاريخها الحافل والطويل العديد من الشخصيات اللامعة والبرّاقة , والتي سطّرت صفحات بأحرف ذهبية في سجلات التاريخ البشري.

ومن أهم هذه الشخصيات هو الامبراطور ماركوس أوريليوس , الذي حكم من 161 الى 180م , والذي عرفت روما بعصره أبهى وأسمى عصورها من مختلف النواحي القانونية والسياسية والعسكرية.

ويعود النجاح الرائع للإمبراطور القدير هذا الى تربيته السليمة ونشوئه في بيئة مشبعة بالفلسفة اليونانية , ومن أهم الفلسفات التي اعتمدها ماركوس في حياته صانعة منه امبراطوراً عظيماً والتي بقيت معه حتى مماته , هي الفلسفة الرواقية , والتي تعلم الإيثار وتطوير وضبط النفس والثبات كوسيلة للتغلب على المشاعر المدمرة , كالغضب والانفعال والخوف...الخ.

وحتى أنها تجاوزت عصرها في فكرة المساواة بين البشر , مناهضة لفكر الاستعباد وحثّها على اعتبار العبيد على أنهم "متساوون مع الرجال الآخرين ، لأن جميع الرجال على حد سواء من نتاج الطبيعة"

وبعد هذا التوضيح البسيط عن الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس وعلى أهمية الفلسفة الرواقيّة , وقدرتها العظيمة والرائعة على الرقيّ بالبشر والأخلاق الإنسانيّة منذ نشأة تلك الفلسفة في العصور اليونانية والرومانية وحتى اليوم...

سنناقش مثالاً متواضعاً من حياة الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس , وتحديداً في نهاية عهده وحكمه , حيث قام الجنرال الروماني أفيديوس كاسيوس بالإنقلاب على الإمبراطور ماركوس وإعلان نفسه إمبراطوراً في الولايات الشرقيّة للإمبراطورية في سوريا والأناضول , معلناً الحرب على السلطات الرومانية والإمبراطور الروماني الشرعي.

وعلى الرغم من كون الجنرال كاسيوس صديقاً جيداً للإمبراطور ماركوس طيلة حياته , إلّا أنه قرر خيانته والغدر به بعد كِبَر سنّ الأخير وظنّ الجنرال أن الإمبراطور لن يكون قادراً على مواجهته , وهذا ما كان لقمةّ مرّة على الإمبراطور الروماني , الذي رأى أحد أصدقائه يخونه ويغدر به بهذه الطريقة الفظيعة , والذي بدأ بالسعي للإطاحة به وإشعال حرب أهلية وإبادة عائلة الإمبراطور ماركوس...

ولكن وبعد وصول هذه الأخبار للإمبراطور , تصرّف على عكس ما هو متوقع من حاكم مطلق الصلاحيات تقريباً...حيث أنه أبقى على خبر الانقلاب سرّاً حتى على أقرب المقرّبين منه , فهو لم يكتفي بتمالك أعصابه فحسب , بل كتم الأخبار لأسابيع حتى يحكم على الأمور بحكمة وحتى يكبح جماح أي جنرال آخر يريد الثأر له والقضاء على الإنقلابيين وجنرالهم كاسيوس الخائن.

وبعد فترة قصيرة , أعلن الإمبراطور عن الإنقلاب في الشرق لتجمّع من القادة والسياسيين الرومان , وأمرهم بتجهيز الجيش للزحف والمواجهة , ولكن بشرط واحد , ألا وهو الدفاع فقط , والقبض على الجنرال الخائن , ليتم العفو عنه أمام الملأ في روما !

وهذا ما كان بمثابة الصدمة للجنرالات الرومان والسياسيين الذين بدأوا بالصراخ والعويل مطالبين برأس الخائن وإبادة قوّاته , ولكن ما كان رد الإمبراطور سوى أنه وقبيل جمعهم في هذا المجمع , كان قد نشر وأرسل المراسيل لكافّة أمصار الإمبراطورية , أن الجنرال أفيديوس كاسيوس وجميع قوّاته ومن والاه قد تم العفو عنهم , وكل ما عليهم فعله هو ارسال رسالة الإستسلام والعودة لقواعدهم العسكرية السابقة !

وبعد انتهاء المجمع وخروج الإمبراطور على رأس جيشه من روما , وصلته أخبار بعد أشهر قليلة , عن انقلاب قوات أفيديوس كاسيوس على جنرالهم الخائن , ورضاهم بالعفو الإمبراطوري , لا بل وقتل أفيديوس كاسيوس أيضاً من بعض قوّاته الذين رأوا منه رفضاً كاملاً للعفو الإمبراطوري , وهو ما أنهى الحرب الأهلية قبل أن تبدأ , وما أودى بحياة من أحدثها من خونة قبل أن يؤذوا أحد.

والعبرة من القصّة السابقة يمكن تلخيصها في مقولة للإمبراطور ماركوس أيضاً حين قال "كن متسامحاً مع الآخرين وشديداً مع نفسك"... وحين قال أيضاً "إذا كان شخص ما يحتقرني ، فهذه مشكلته. شاغلي الوحيد هو عدم فعل أو قول أي شيء يستحق الازدراء"

والآن لو قارنّا بين ما سبق ذكره من قصص وعبر مع ما جاء في دين السبي والنهب , سنرى تناقضاً وتضارباً صارخاً لا يخفى على عاقل , فأين تسامح ماركوس أوريليوس من حيونة كلب الصحراء وصعاليكه , وجرائم الحرب التي اقترفها من قتل لقبائل بأكملها وإبادات جماعية واستعباد وبيع ومتاجرة بالبشر , وقتل المعارضين واغتيال الناقدين حتى ولو كانوا متعلّقين بأقدس المقدّسات العربية آنذاك !

وأين تسامح ماركوس أوريليوس من غدر وحقد مذمم بن آمنة ؟ طبعاً لا مقارنة !

وهذا مع العلم أن الفلسفة الرواقية أقدم بمئات السنين من حيونة دين بول البعير , ومع هذا جائت بمبادئ أخلاقية رفيعة المستوى لم نصل إلى بعضها حتى في زمننا هذا من عظمتها وروعتها وقدرتها على ضبط النفس واحترام الحياة الإنسانية وقداستها , وتقدير وتفهّم ما يمكن أن يحصل عليها من فساد ومحاولة إصلاحه بالتسامح والقوّة والبأس الأخلاقي الرفيع.

فالقوي هو من يستطيع الأخذ بالثأر ومن ثم يعدل عن ذلك لا لشيء سوى لأخلاقه الأرفع والأقوى من أي ثأر يمكن أن يتملّك أي إنسان , تماماً كما فعل الإمبراطور ماركوس أوريليوس , وتماماً كما يجب أن نفعل اليوم مع جميع البشر حتى المجرمين والإرهابيين منهم , من خلال إلغاء عقوبة الإعدام والحروب وغيرها من ترسبات الحيونة التي لا تزال البشرية تعاني منها , والتي يساهم الدين ببقائها , حيث أنه (أي الدين) هو المثال الواضح على ما يجب تجنبه أخلاقياً وعملياً , على عكس ما جائت به البشرية من أخلاق ورقي فكري قبل الطاعون الديني بأشكاله المختلفة.

المصادر :
Meditations , by Marcus Aurelius

How to Think Like a Roman Emperor: The Stoic Philosophy of Marcus Aurelius , by Donald Robertson

The Obstacle Is the Way , by Ryan Holiday



#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كان الاسلام رجلاً لقتلته.
- نسب الإجرام للإله.
- كيف يمكن للأديان أن تقضي على البشرية.
- سخافة المعجزات.
- فانتازيا الكتاب المقدّس.
- الأديان هي آخر ما تبقّى من التراث الحيواني السلبي لدى الجنس ...
- الأعور الدجّال , مثال الخرافة المُتناقَلة.
- العوائل المختلة في مجتمعاتنا.
- الله هو رسوله محمد
- التشبّث بالخرافة رغم معرفة حقيقتها.
- أخلاق الأديان نسبيّة وقاصرة حتى مع وجود الإله.
- مسطرة العلم وفوضوية الأديان.
- فضائل الثورة الفرنسية على العالم.
- نابليون بونابارت القذر.
- الصلاة ونرجسية الله اللامتناهية.
- تاريخ العثمانيين الأسود.
- كلمة مسلم هي أكبر إهانة لأي إنسان.
- المصائب في الإسلام لا تأتي فرادى !!
- سراب تطور دول الخليج.
- آثار الحرب تنسف الله ووجوده.


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصفها هدفا حيويا في إيلات ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف هدف حيوي إسرائيل ...
- استقالة -مدوّية- لموظفة يهودية بإدراة بايدن لدعمه إسرائيل
- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: منع الرموز الدينية بالمدارس ...
- -إف بي آي- يستجوب -مؤرخا يهوديا-!
- الفيلسوف الإيطالي أندريا زوك: الحرب على غزة وصمة عار والإسلا ...
- الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تعلق على اتهام وزير الداخلية الإ ...
- دولة إسلامية أكبر مستثمر في جمهورية تتارستان الروسية
- بناء أول كنيسة للمسيحيين الأرثوذكس الإثيوبيين في الإمارات
- أول موظفة يهودية أميركية تستقيل من إدارة بايدن بسبب الحرب عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسكندر أمبروز - عظمة الفلسفة الرواقيّة وانحطاط الإسلام.