أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسكندر أمبروز - أخلاق الأديان نسبيّة وقاصرة حتى مع وجود الإله.














المزيد.....

أخلاق الأديان نسبيّة وقاصرة حتى مع وجود الإله.


اسكندر أمبروز

الحوار المتمدن-العدد: 7073 - 2021 / 11 / 10 - 17:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لنبدأ هذا الموضوع مع بعض التعريفات البسيطة لكل من الأخلاق , والمطلقيّة بمعناها الأخلاقي. فأولاً تعريف الأخلاق الأقرب الى الواقع هو الوعي بأن بعض الأمور خيّرة وبعضها سيّئ , وأيضاً الحدس لمعرفة أنه علينا القيام بما هو خيّر وعدم القيام بما هو شر. وأما تعريف المطلقيّة فهو عدم التأثّر بالمشاعر أو الآراء الشخصية والنظر في الحقائق ورؤيتها كما هي عليه , والتي لا تعتمد على العقل من أجل الوجود الفعلي.

وعلى ضوء هذه التعريفات السابقة يمكننا الحكم وبكل سهولة على أخلاق الأديان أنها أخلاق نسبية لا مطلقة ! والتي يسقط معها ادعاء المؤمنين أن الأديان مصدر مطلق للأخلاق لا تبديل فيه ومسطرة أخلاقية كما يدعي بعض المؤمنين المغيَّبين عن الواقع والحياة.

فالمؤمن بأي دين , يعتقد بأن أخلاق دينه مطلقة , وهي مسطرة أخلاقية لا تبديل فيها , ولكن كيف حكم عليها بأنها أخلاقيّة في المقام الأوّل ؟ فالمؤمن بالمسيحية مثلاً يحكم على دينه بأنه أخلاقي وعلى الأديان الأُخرى أنها لا أخلاقية , ولكن كيف وصل الى هذا الحكم ؟ أي كيف له أن يقرر ويجزم ويضع المسيحية ضمن تعريف الأخلاق ؟ فهو وغيره من المؤمنين يحكمون على أديانهم وأديان غيرهم من خلال النظر اليها من منظورهم الشخصي وأخلاقهم هم. وبالتالي الأخلاق الدينية تتحوّل من المطلقية , الى نسبيّة من يحكم عليها من البشر , وهذا ما يجعل من أخلاق البشر وطبيعتهم ومنشأهم وبيئتهم المحيطة بهم مصدر الأخلاق والحاكم النهائي لا النص الديني.

ولو قلنا مثلاً أن اله أي دين موجود , مثلاً اله الإسلام , وأنه هو مصدر الأخلاق , فهو من يحدد ما هو شر وما هو خير , وما علينا فعله لنكون أخلاقيين وهذا ما يجعل الأخلاق الدينية مطلقة أليس كذلك ؟ كلا...

ويمكننا رؤية هذا من خلال التعريف السابق للأخلاق والذي يتضح من خلال طرح السؤالين التاليين , لماذا علينا فعل ما هو خيّر ؟ وكيف علمت أن أوامر الهك خيّرة ؟ وقد يجيب المؤمن بأن الله من عرّف الخّير والشرير , ولهذا علينا فعل ما يأمر به الإله , ولكن هذا ليس بتبرير فلسفي على الإطلاق , فهو أعاد المشكلة الى الله , فلماذا علينا فعل ما يأمر به الإله ؟ لأنّه خيّر ؟ ولكن كيف حكمت عليه بأنه خيّر ؟ لأنه عرّف الخير ؟ ولكن كيف علمت أن ما عرّفه بأنه خير هو خير فعلاً ؟ ونرى أن الأمر تحوّل الى دائرة منطقية مغلقة. والحُكم في النهاية يعود للبشر الذين لهم النسبية ليختاروا ما هو خيّر من أوامر الإله وما هو شرّير وما عليهم القيام به وما عليهم تركه.

فلو كان الله موجوداً فالأخلاق لن تكون مطلقة بنائاً على أوامره هو , فكما رأينا آنفاً , فوجود الإله وأخلاق الأديان تعطينا منطقاً دائريّاً سخيفاً تاركاً للبشر للحكم على الأمور من خلال تجربتهم وواقعهم , فكيف لأي شخص أن يثبت أن أمراً الهياً للقيام بشيء ما , أو نهي عن القيام بشيء آخر , هو خيّر أو شرّير بدون ملكات عقله هو والحكم النسبي منه هو شخصياً على هذه الأوامر والنواهي ؟

وهذا ما يصل بنا الى النقطة الثانية في هذا المقال , ألا وهي مطلقيّة الأخلاق بعيداً عن الأديان...فالمسطرة الأخلاقية الحقيقية مبنيّة كما بيّنا على الواقع وما يحيط بنا كبشر وعلى تجاربنا وخبراتنا الشخصية , وعلى تقييمنا الشخصية للأمور بنائاً على نتائجها على أرض الواقع , وهذه هي الأخلاق البشرية المُجَرّدة والمطلقة , فلا يمكن لأي كان أن يحكم على أوامر اله بالخير والشر دون العودة الى أخلاقه هو ومحيطه , وبهذا يستحيل أن تكون أخلاق الأديان مطلقة أو مسطرة للأخلاق فلسفياً وعقلانياً وحتى علمياً.

ولهذا الحكم على الأمور بالخير والشر من المنظور الإنساني المحايد وعقلنة الأمور والتصرفات ووضعها في ميزان النتائج التي تأتي بها هو مصدر الأخلاق الحقيقي لكل البشر حول العالم مؤمنين كانوا أم ملحدين , فالأخلاق مُطلقة بمفهومها الإنساني ونتائجها على الأرض , ومتطوّرة نحو الأفضل بتاريخها الطويل كما نعلم (ولمن يريد الدليل على هذا عليه بقرائة كتاب the better angels of our nature , والذي نصحت به مراراً وتكراراً).

ومحاولة حصرها وتحجيمها وقصقصتها على الهيئات الدينية المشوّهة وصبّها ضمن قوالب النصوص الدينية الجامدة هو شرّ ما يمكن فعله , ونتائجه الفظيعة لا نزال نرى آثارها الى اليوم , من خلال نصوص الإسلام القذرة التي كانت متخلّفة أخلاقياً حتى في زمنها , والتي يعيد اجترارها المؤمنون بها ليل نهار مدّعين أنها مطلقة وصالحة لكل زمان ومكان , محيّدين لعقلهم وتفكيرهم وإنسانيتهم وأخلاقهم , متشبثين بقالب النصوص الصفراء الداعشية , والنتيجة...مصائب لا تحصى.

وللتأكيد على هذه النقطة أود أن يسأل كل مؤمن يقرأ هذا المقال السؤال التالي , ان لم يكن هنالك اله , هل ستستمر بالقيام بالأفعال الخيّرة ؟ ولا أريدك أن تجيبني أنا أو أي أحد آخر , بل أجب نفسك , وإجابتك هي ما سيحدد إن كانت نصوص دينك هي ما يحكمك أم أخلاقك وحكمك على الأمور شخصياً وبنفسك.

فمسطرة دينك الأخلاقية عزيزي هي مسطرة مكسورة منطقيّاً ولا يمكن لها أن تقيس التصرفات البشرية والأخلاق بتعقيداتها الفلسفية العميقة , وهذا يبيّن أحد أمرين أولهما أن الهك غير موجود , وثانيها أنه حتى وإن كان موجوداً فهو قاصر على إنتاج نظام أخلاقي أفضل مما أنتجه البشر , والذي يحكم العالم اليوم شاء من شاء وأبى من أبى , وبالتالي الهك ليس بإله أصلاً.



#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسطرة العلم وفوضوية الأديان.
- فضائل الثورة الفرنسية على العالم.
- نابليون بونابارت القذر.
- الصلاة ونرجسية الله اللامتناهية.
- تاريخ العثمانيين الأسود.
- كلمة مسلم هي أكبر إهانة لأي إنسان.
- المصائب في الإسلام لا تأتي فرادى !!
- سراب تطور دول الخليج.
- آثار الحرب تنسف الله ووجوده.
- اختلافات بالجملة في صفحة واحدة من مخطوطات القرآن.
- معايير الحكم على الأيديولوجيات وتصنيفها.
- الله الظالم.
- مسخرة زوال النِّعم.
- ألا ليتهم يتآمرون على دين الله !
- الاستهتار بحياة البشر في دين بول البعير.
- تساؤلات حول مهزلة رضاع الكبير.
- متى يخسر المرء حقه في حرية التعبير ؟
- الجنّة للأغبياء.
- ردّاً على مصري ملحد , فيما يتعلّق بإنقاذ ستالين للاتحاد السو ...
- المعجزات في تلاوة الهلوسات !


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسكندر أمبروز - أخلاق الأديان نسبيّة وقاصرة حتى مع وجود الإله.