أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - قصور بيضاء في منطقة خضراء














المزيد.....

قصور بيضاء في منطقة خضراء


واثق الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 6065 - 2018 / 11 / 26 - 02:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أحد يرتدي ملابس خضراء، ولا توجد فيها أشجار إنما قصور بيضاء، ومع ذلك تسمى المنطقة الخضراء! سكان يختلفون بالملبس والمأكل والأسواق والحالة المعيشية والجاه، عن بقية مناطق العراق.
تسأل هناك ولا أحد يجيبك، وكل متسمر على باب قصر، بشعور علوه فوق الناس والقانون، وحريص على سيده، لا يُريد الكشف عن أسرار ومقتنيات وقصور غنمها المسؤول حال تسنمه السلطة، أو لقربه من صاحب الجاه، أو تعرف على سبل الإبتزاز والحصول على العمولات، وحتى من لعق في أواني من تجاوزوا الطغاة، تجده هناك.
المنطقة محاطة بالحواجز والكلاب المدربة ونقاط التفتيش، ولا ترى من خلف الحواجز حتى رقاب الزرافات، ولا أحد يعرف ما يدور هناك، ولم تتكلم عنها تقارير إخبارية ولا إستكشافات كونية، تلك التي جالت العالم، وكشفت شعوب لهم تقاليد خاصة، لكن وسط عاصمة العراق منطقة يجهلها العراقيون تسمى الخضراء.
أُتيحت لي الفرصة في عام 2008م لدخول المنطقة الخضراء، وأول دخولي فاجئني أفريقي ضخم يقتاد كلباً أسوداً، أنزله من سيارة فارهة سوداء مظللة، بعطر فرنسي وهو يلهث من حرارة الصيف.. هذه المواجهة أخافتني وصورت لي أن الكلب سيصب جام غضبه على جسدي، ويفرغ حرارة تموز العراق بأوصالي.
في ذلك الوقت أعطيت باجاً لمدة شهر، لكنه لا يمنع تفتيش الكلب لي صباح كل يوم، ومع شعوري بالخوف، أتوقع أن الكلب سيقطعني في أي لحظة، لأني أعرف طباع الكلاب تهاجم الخائف، فأضع عطوراً كثيرة على جسدي، حتى لا يكتشف الكلب رائحة خوفي.
هكذا فهمت من الخضراء وطوال شهر، أنها منطقة تشعرك بالرعب لكثر الكلاب البوليسية، ونقاط التفتيش والحرس المدجج بالسلاح، وتشعر أنك متهم أمام هؤلاء، وكأني مسافر الى عالم آخر بعيد عن أجواء العراق، ومن ذلك الوقت لا أعرف بل أسمع من غيري أن الخضراء توسعت، ولكل حكومة حاشية ومقربين ومتملقين سكنوا هناك بقصورهم البيضاء، وكل دورة إنتخابية ستتوسع القصور، ولم يتخلى السابقون عن القصور، وكأنها بنيت لشخص لا لموقع حكومي مكلف بخدمة عامة.
لو قارنا قصور الخضراء بالبيت الأبيض، المخصص للرئيس وعائلته، وغيره من القصور الرئاسية في كل أنحاء المعمورة سوى الدكتاتوريات، لوجدت الرؤوساء والنواب والوزراء، يغادرون المنازل حال إنتهاء مهامهم، بينما تجمع الخضراء معظم الرؤوساء والنواب والوزراء، والتجار الكبار المرتبطين بالمسؤولين والنهاب، وأصحاب الباجات والجوازات الحمراء، سوى كانوا بمهمة حكومية أو إنتهت منذ دورات، وما يزال أول رئيس وزراء وثانيهم وثالثهم في نفس تلك القصور الحكومية، وما يزال من وهبوا بيوت هناك يسكنوها بلا إيجار حتى صدر قرار التمليك وبالاقساط والاثمان المريحة، وأمام كل منزل حمايات ومخصصات ونثريات وأجور مولدات، ومشتريات حقيقية ووهمية فوق الخيال.
لا يعلم أي مواطن ماذا يدور في الخضراء، ولماذا ينام سكانها في النهار ويسهرون الليل؟ ولماذا تقام الولائم وتتجمع السيارات تارة هنا وتارة هناك؟
بما أن رئيس الوزراء الحالي خرج من المنطقة الخضراء، وقرر أن يسمع يومياً أصوات العمال وسيارات "كراج العلاوي"، ويقول أن قراره هذا للتقرب من المواطنين، فالشعب يريد معرفة سكان القصور البيضاء داخل المنطقة الخضراء؟ وكيف تم الحصول عليها ووفق اي قانون؟ ولماذا تخرج من هذه المنطقة الجيوب المتورمة والبطون المنتفخة؟ وعلى أن لا يكون فتح الخضراء مجرد فتح شوارع وتبقى القصور البيضاء محاطة بالحرس والكونكريت، وملاذ لكل الصفقات المشبوهة.



#واثق_الجابري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواطن متذمر من مسؤول مقصر
- الوسيط بين السعودية وأيران
- سبعة خضر ومئات يابسات
- من -جاسم أبو اللبن- الى عادل عبدالمهدي
- وزير قيد الدراسة
- الأحزاب تأمر... وعبدالمهدي ينفّذ!
- الدولة العميقة قائمة
- البوصلة والمحصلة
- حلول التعليم الإستثنائية
- حكومة في أرض حياد
- الرأي العام.. بين التوظيف والتحريف
- كيف تصبح وزير في نصف ساعة؟
- ليلة سقوط حزب الدعوة
- عادل عبدالمهدي متهم الى أن يثبت العكس
- مقدمات مشجعة تنتظر
- نجاح الحكومة فرصة للقوى السياسية
- لماذا عادل عبدالمهدي
- أبكيتمونا وأضحكتم العالم علينا
- التسوية ضمن الشروط الوطنية
- الكتلة التي ستكبر


المزيد.....




- من هي كلاوديا شينباوم أول رئيسة للمكسيك؟
- القضاء الباكستاني يبرئ عمران خان من تهمة تسريب أسرار دولة
- مودرايا تكشف سبب رفض زيلينسكي الاستفسار لدى المحكمة الدستوري ...
- برلماني مصري يتحدث عن مفاجآت بعد استقالة الحكومة.. وآخر يعرب ...
- الحيوانات ترقص أيضاً والإنسان يقلّدها
- هل تعد السياحة نقمة على السكان المحليين؟
- فيديو: مشاهد مؤلمة لعائلات تودع قتلاها بعد قصف إسرائيلي عنيف ...
- بسبب بالونات تحمل القمامة... كوريا الجنوبية تعلق اتفاق السلا ...
- نتنياهو: ما عرضه بايدن ليس دقيقا والحرب ستتوقف لإعادة الرهائ ...
- ردا على -شهر فخر للمثليين-.. حانة أمريكية تحتفل بمستقيمي الج ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - قصور بيضاء في منطقة خضراء