|
هَل يُحَوّل ترامپ العالم
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 21 - 11:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم أكن راغباً في إدلاء دلوي في موضوع فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة ، إلاّ بعد أن ركّز بعض الكتّاب على الإتصال الهاتفي بينه وبين حيدر العبادي وقوله له " أنتم من حلفائنا الأساسيين " . هذا التصريح الذي يمثل واقع حال ، بالإستناد إلى الإتفاقية الأمنية التي تربط بين البلدين ، ولكن بعض الكتاب أخرجوه ، في تحليلاتهم وتعليقاتهم ، من واقع تلك العلاقة .
لقد إعتبر الكثيرمن الكتاب فوز ترامب مفاجأة غير محسوبة ، ثمّ دخلوا في سياسته الداخلية والخارجية تفصيلاً ، كما يشتهون ، وظن بعضهم أنه سيحوّل العالم نحو إتجاه آخر ، وبالتالي على " زعمائنا العرب " أن يكونوا أذكياء جداً في تعاملهم مع التنين القادم .
يقول المثل المصري " يا خبر اليوم بفلوس .. بكرة يبأى ببلاش " ، تُرى لماذا لا ننتظر إلى بداية السنة 2017 حيث يستلم ترامب منصبه رسمياً ، ونرى ما سيفعل ؟
يعترف البعض أن ترامب رجل أعمال أمريكي ، وأن مؤسسته حققت أرباحاً خيالية من العولمة ، كباقي المؤسسات المالية الأمريكية ، ثم يخرجون إلى أن ترامب قد خبر الألعوبة فزجّ نفسه ليكون جمهوريّاً ، فنزل إلى الحلبة بأمواله ليُعبّر عن هشاشة " الديمقراطيين ".
النظام السياسي في الولايات المتحدة الذي يُعتبر بناؤه الفوقي ناتج البناء التحتي الذي هو مجموع علاقات المجتمع الإقتصادية ، لا يمكن تغييره من قبل فرد مهما كانت مكانته . القوانين والممارسات التي تعبر عن أخلاقيات وأعراف تأسيس النظام قد جعلت إستمراريته مرهونة بتوافق عصبة من عمالقة أصحاب الأموال الذين تتشابك مصالحهم المادية ، بغض النظر عن إنتسابهم إلى الجمهوريين أو الديمقراطيين . فقانون الإنتخابات لرئيس الولايات المتحدة فيه من التعقيد الذي ليس بإمكان شخص أن يحقق الفوز بدون حصول توافق على فوزه " داخل العصبة إيّاها " ، ولذلك يخطأ من يعتقد أن نظام الحكم في الولايات المتحدة نظامٌ ديمقراطي بالمفهوم المتعارف عليه في الديمقراطية . نظام الحكم في الولايات المتحدة هو نظام " أوليغاركي " تسيطر فيه على الحكم جماعة أصحاب الأموال ، على الرغم من تلك البهرجة الدعائية التي تجري قبيل وأثناء الإنتخابات . فتجارب عدة إنتخابات سابقة برهنت بأن لا يفوز برئاسة الولايات المتحدة من يحصل على أكثرية أصوات المواطنين .
من أعلاه نفهم ، أن ليس لرئيس الولايات المتحدة صلاحيات غير محدودة ، ولا الإمكانية في إجراء التغييرات كما يشاء ، أو كما عبّر عنه البعض " أنه جاء في لحظة تاريخية حاسمة رافضاً ما حدث رفضاً قاطعاً ، فيشكّل ظاهرة جديدة " .
توصل علماء الإقتصاد والسياسة الأمريكان إلى برنامج جديد ، إثر سقوط الإتحاد السوفييتي ، سمّي " النظام العالمي الجديد " ، وهو مشروع إستعماريٌّ جديد ، يختلف عن أشكال الإستعمارات السابقة ، الغرض منه إستعمار العالم كله تحت طائلة العولمة والتجارة العالمية الحرة . صحيحٌ أن مبادئ هذا النظام قد أعلنت عندما كان بيل كلينتون رئيساً للولايات المتحدة ، وهو من الديمقراطيين ، إلاّ أن الجمهوريين كانوا في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ومسيطرين على الكونكريس ونفّذوا ذلك البرنامج بجدارة إلى أن فاز أوباما من الديمقراطيين برئاسة الولايات المتحدة ، قبل ثمان سنوات.
في الحقيقة أن شعار ترامب " سأعيد لأمريكا مكانتها " ترجمة لذات مشروع النظام العالمي الجديد ، وأن هذا المشروع موضع توافق ستراتيجي فيما بين عصبة أصحاب الأموال المسيطرين على نظام الحكم ، ولذلك فإن أي تغيير قد ينوه عنه أي طرف ، لأغراض دعاية إنتخابية أو غيرها ، لا يتعدى أن يكون تكتيكيّاً ، ومحصوراً في مجال مواعيد التنفيذ أو أسلوبه ، وعلى الأكثر في إطار السياسة الداخلية ، و لا يمسّ الهدف الستراتيجي المتفق عليه . فترامب كأي من رؤساء الولايات المتحدة السابقين أو اللاحقين لا يتعدّى أن يكون موظّفاً يحمل لقباً إسمه " رئيس الولايات المتحدة الأمريكية " ليس إلاّ .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نَينَوى بعد التَحرير
-
عودة الصدر ليسَت غريبة
-
تَوَجُّهان مُتَضادّان في المسرَحِ السياسيِّ العراقيّ
-
أزمة الفكر القوميّ
-
الدّينُ والعقلُ
-
الدناءة
-
قنّ الدّجاج ومجلس القضاء الأعلى
-
طريقُ المصالحةِ الوطنية .. وتكاليفُها
-
وُجوبُ ما يَجيبُ
-
نَحنُ . . هُم
-
الذّيليّة *
-
عجيبٌ ... لا مؤامرة و لا إستعمار !
-
كَشَفوا نِقابَهُم
-
أفكارٌ عقيمةٌ تحكمُنا
-
مُجَرّد حوار مع الذات
-
خارطة طريق
-
رِسالَةٌ مُبَطّنَةٌ
-
رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟
-
قانونُ البطاقة - الوطنية -
-
قُدرَةُ حَيدَر العباديّ
المزيد.....
-
أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء
...
-
سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله
...
-
زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل
...
-
النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي
...
-
-لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت
...
-
أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث
...
-
نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
-
قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
-
بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ
...
-
أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|