|
تَوَجُّهان مُتَضادّان في المسرَحِ السياسيِّ العراقيّ
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5302 - 2016 / 10 / 2 - 18:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشرت وكالة السومرية نيوز في 29 أيلول 2016 ردّ الحزب الديمقراطي الكردستاني على البيان الصحفي الذي صدرعن النائب عبد السلام المالكي ( كتلة دولة القانون ) الذي دعى فيه الإدعاء العام لتحريك دعوى قضائية ، وإصدار مذكرة قبض بحق زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني حال وصوله إلى بغداد بتهمة " التخابر مع الأجنبي وتهريب ثروات البلد والتعامل مع الأنظمة الإرهابية " . نحن هنا لسنا بصدد ما جاء في رد الحزب الديمقراطي الكردستاني ، و لا نريدُ تسمية عبد السلام المالكي باللاشيء ، لإننا نعرف جيّداً أنه " شيءٌ " وذاك الشيء جزءٌ من قاذورات مزبلة إسمها دولة القانون ، التي يرأسها نوري المالكي ، ولكننا نودّ أن يجيبنا هذا المالكي ويشير لنا إلى أية شخصية سياسية في المسرح العراقي ما بعد 2003 معصوم من أن توجّه له تلك التهم التي يريد توجيهها للبرزاني ، فالجميع جاؤوا على الدبابات الأمريكية ، والجميع مساهمون في نهب المال العام الذي بلغ الألف مليار دولار في فترة حكم نوري المالكي ، والجميع لهم إتصالات وتعاون مع دول الجوار الداعمة للإرهاب بهذا الشكل أو ذاك. تتضحُ لأي مراقب للمسرح السياسي العراقي صورة فريقين : فريق يسير إلى الأمام نحو تجميع القوى وتوجيهها نحو تحرير الأرض من الدواعش ، نحو إجراء إصلاحات سياسية وإجتماعية وإقتصادية ، ومكافحة الفساد ، وإسترداد الأموال العامة المسروقة ، ومعاقبة الفاسدين ، والبدء بإعمار البلد ، وفريق آخر يعمل بالضد ، ويعمل على تعطيل جميع تلك الإجراءات وخلق المشاكل وصياغة المؤامرات والتحريض على الفرقة . فريق العبادي يسير بخطوات ، مهما إختلفنا بشأن بطء حركتها ، ولكن علينا الإعتراف أنها خطوات إلى أمام ، في المحافظة على وحدة الكتلة المتوجهة إلى أمام في العمليات العسكرية ضد داعش ، وكذلك خطواته في إدامة العلاقة بين الحكومة الإتحادية والإقليم ، وفي إدارة السياسة المالية للدولة على الرغم من إلإنخفاض الحاد في أسعار البترول وإستلامه خزينة فارغة من سلفه والعجز الكبير في الميزانية ، على الرغم من الجهود المحمومة ، سواء من داخل حزبه أو من الكتل السياسية الأخرى ، لعرقلة نشاط حكومته وإفشاله في تحقيق أي نجاح يُحسَبُ له . إستخدم المالكي كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق الولاية الثالثة ، فمن تبذير أموال الدولة وإستخدام إمكانياتها للحصول على أصوات الناخبين بشراء ذممهم ، إلى زيارة طهران للحصول على مباركة الولي الفقيه إلى التهادُن مع حزب الإتحاد الوطني الكردستاني ( حزب جلال الطلباني _ كتلة هيرو خان – زوجة الطلباني ) ووعدها بمنصب رئيس الجمهورية إن هي جعلت الحزب يؤيّد حصوله على الولاية الثالثة . وبعد ترشيح التحالف الوطني حيدر العبادي لرئاسة الوزارة ، دأب المالكي ، ومن ورائه كتلة من ذات حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي ، على خلق العراقيل داخل الحزب ، وفي داخل الكتلة البرلمانية المسماة دولة القانون ، وكذلك بما يتمكن من التأثير على باقي الكتل السياسية ، لإفشال العبادي من تحقيق أي شيء إيجابي على جميع الصعد . ليس من مصلحة المالكي أن يحقق العبادي نجاحاً في أية فقرة وردت في برنامجه الذي أعلنه عند إستلامه رئاسة الوزارة : فلو تم تحرير الموصل لفُتح ملف كيفية تسليم الموصل إلى الدواعش ، فيواجه تهمة الخيانة العظمى وكذا يُفتح ملف جريمة مذبحة سبايكر ، ولو إستقرّ الوضع الأمني وتم تطهير القضاء المسيّس لفُتحت ملفات الفساد المالي والإداري وكُشفت الجهات المتورّطة في إختلاسات ونهب المال العام وتهريبه إلى الخارج . وقد إستخدم المالكي الملفات التي جمعها ضد السياسيين المتورّطين بعمليات الفساد ليبتزّهم ويضمن سكوتهم ، أو حتى كسب تأييد نوابهم في البرلمان ، كما حصل في عمليّتي سحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي ووزير المالية هوشيار زيباري . في الآونة الأخيرة ، وبعد أن تمكنت القوات العسكرية والأمنية والحشد الشعبي والبيشمركة من تحقيق نجاحات باهرة في دحر الدواعش وإعلان البشائر بقرب تحرير الموصل ، صعدت الحمّى الإجرامية لدى الفريق المناوئ للتقدّم وتحقيق التحرير الكامل للأرض ؛ فنرى حدوث كارثة الكرادة التي إتفقت جميع الآراء على عدم إمكانية حدوثها ما لم تكن هناك تواطؤات معيّنة سهّلت للمجرمين تحقيقها ، أو إعادة مثيلاتها سواء في الكرادة أو مناطق أخرى. يضاف إليها الحملات الإعلامية المضادة في القنوات الفضائية المأجورة وفي مقدمتها قناة آفاق الفضائية ، والمقالات التي يدبجها بعض الكتاب المأجورين ، ومن ضمنهم من يُسمي نفسه الخبير العسكري الإستراتيجي وفيق السامرائي ( مدير الإستخبارات العسكرية في عهد صدام ) ، وكذلك نرى المتناقضين في توجهاتهم السياسية ، في كتلة الإصلاح البرلمانية بقيادة أحمد الجبوري ( المصلاوي ) ، وإتفاقهم بالإجماع على سحب الثقة من وزير الدفاع ( المصلاوي أيضاً ) بينما الجيش متقدّمٌ لتحرير الموصل !!! وكذلك نرى ، نوري المالكي يزور السليمانية ليلتقي هيرو خان ويخدعها للمرة الثانية بوعود جديدة ويدعها توعز إلى آلاء الطلباني بأن يصوّت نواب الكتلة الكردستانية إلى قرار سحب الثقة عن وزير المالية ؛ هوشيار زيباري نكاية بمسعود البرزاني وتعميقاً للشرخ الحاصل بين الحزبين الكرديين من جهة وزيادة الضغط على العبادي بقصد إفشاله . إنّ تغيّر موقف كتلة الإصلاح التي وقفت يوماً موحدة لطرد سليم الجبوري من رئاسة البرلمان إلى موقف متوافق مع سليم الجبوري ، بعد زيارته لطهران ، ليكونوا ضمن خطة موحدة بين سليم الجبوري ونوري المالكي ضد حيدر العبادي أمرٌ يضع المحلل السياسي في حيرة ، وكذلك الإنقلاب الذي حصل في موقف آلاء الطلباني والنواب الأكراد الذين صوتوا معها لسحب الثقة عن هوشيار زيباري . لا الإنتماء إلى الموصل ( الممثلة للوطن لكل مصلاوي كأحمد الجبوري وعبد الرحمن اللوزي ) كان أمراً حاسماً لثبات أولئك على مبادئهم ، ولا الإنتماء القومي الكردي كان حاسماً عند هيرو خان وآلاء الطلباني . فليَخسأ المتقلبون في مواقفهم و اللاهثون وراء مصالحهم الأنانية الضيّقة ، والمفرّطون لحقوق أبناء جلدتهم ووطنهم . ختاماً نقول بكل إيمان وثقة أن مؤامرات المالكي إن نجحت في إسقاط حكومة العبادي أو فشلت فإن العراق الموحّد بشعبه ووطنه سيبقى ، وسينتصر مهما طال الزمن ، والمسؤولية الكبرى تقع على عاتق القوى الوطنية والديمقراطية في رفع وعي الشعب بأسباب تدهور وضعه ، وزج طاقاته الموحّدة في نضال سلمي واعٍ لبناء غدٍ أفضل .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة الفكر القوميّ
-
الدّينُ والعقلُ
-
الدناءة
-
قنّ الدّجاج ومجلس القضاء الأعلى
-
طريقُ المصالحةِ الوطنية .. وتكاليفُها
-
وُجوبُ ما يَجيبُ
-
نَحنُ . . هُم
-
الذّيليّة *
-
عجيبٌ ... لا مؤامرة و لا إستعمار !
-
كَشَفوا نِقابَهُم
-
أفكارٌ عقيمةٌ تحكمُنا
-
مُجَرّد حوار مع الذات
-
خارطة طريق
-
رِسالَةٌ مُبَطّنَةٌ
-
رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟
-
قانونُ البطاقة - الوطنية -
-
قُدرَةُ حَيدَر العباديّ
-
إحذَروا المُتآمرين
-
ثَورَةُ الشّعبِ وحيرةُ العبادي
-
قصّتان ؟ لا... بينهما رابط .
المزيد.....
-
لص يهرب من الشرطة ليعلق في هيكل شاهق لا يمكنه النزول منه.. ش
...
-
شركة أمريكية تعيد إحياء اختراع الطائرة الفضائية..كيف؟
-
أوكرانيا تستهدف مناطق عدة في روسيا بينها موسكو بأكثر من 140
...
-
عشرات القتلى والجرحى في -منطقة إنسانية- بغزة.. وإسرائيل توضح
...
-
أبل تكشف عن آيفون 16 المعزز بالذكاء الاصطناعي
-
مصر.. قرار جديد بعد القبض على سعد الصغير
-
زاخاروفا تعلق على مفاوضات نظام كييف مع الإرهابيين في سوريا
-
شويغو: ممثلو -بريكس- سيناقشون المبادرات حول أوكرانيا
-
الصحة اللبنانية: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين بغارة إسرائيلية
...
-
إيران تؤكد سيادتها على الجزر الثلاث وتدعو للعودة إلى المفاوض
...
المزيد.....
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
المزيد.....
|