|
وُجوبُ ما يَجيبُ
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5219 - 2016 / 7 / 10 - 22:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنتشرت في مجتمعنا ثقافة تفسير الأمور بعد حدوثها ، مما أدى إلى غفلة في جميع المرافق الإجتماعية والإدارية ، الرسمية وغير الرسمية ، وإستغلال تلك الغفلة من قبل الأعداء وضمنت سلامتهم أناء الإعداد لجرائمهم وتنفيذها . و لا يُستبعد دور السلطات الرسمية التي تتحكّم في رسم سياستها كُتل سياسية متصارعة ، إستمراؤها في إستدامة هذه الثقافة . بِدءاً من 2003 والعصابات الإرهابية تقوم بأعمالها الإجرامية بمأمن من الملاحقة ، ليس ، كما في الظاهر ، بسبب ضعف العمل الإستخباراتي أو الجهل الإداري ، بل تتوفر الأسباب المقتعة للشك في وجود قصد كامن وراء إستمرار الوضع على حاله ، وجعل المجتمع يدفع الثمن الغالي من أرواح الضحايا والتدمير المتعاظم للبنى التحتية وتعطيل الحياة الطبيعية .
أعوام تمرّ والجرائم تقع مخلفة وراءها الضحايا والدمار ، ثم تأتي عجلات قوات الأمن لتطوّق المنطقة ، ومنع الناس من الإقتراب من موقع الحدث ، وسيارات الإسعاف لتنقل الجرحى وجثامين الشهداء ، ويبدأ التحقيق " الجنائي " ، وتمر الأيام والشهور دون أن يصل التحقيق إلى نتيجة ، مما يدلّ على وجود ضغوط " معيّنة " من " جهات معينة " توقف اللجان التحقيقية عند هذا الحد .
الظاهر أن جهود السلطات التحقيقية حُصرت في تثبيت واقع الحدث في كل مرّة وأن لا تتواصل في البحث في ما وراء الحادث الإجرامي من باعث ، وكيفية حدوثه ، والأساليب التي مهّدت أو سهلت حدوثه ، و الأشخاص أو الجهات التي يمكن توجيه الشبهة إليها ، بقصد التحقيق معها ، أو على الأقل وضع الرقابة عليها لمعرفة أي إشارة إلى تورّطها بالجريمة .
إستسهلت اللجان التحقيقية تسجيل الجرائم ضد داعش دون أن تكلّف نفسها في البحث عن السبب الحقيقي الذي يسهّل على الإرهابيين الوصول إلى أهدافهم بدون عوائق ، رغم وجود الكثير من نقاط السيطرة والتفتيش في شوارع مدننا .
ينشغل " المسؤولون الأمنيون " وكذا المحللون السياسيون والكتاب في تحليل كيفية وقوع فاجعة الكرادة في بغداد ، وكذا في كثير من الحوادث الأخرى التي وقعت في أماكن أخرى ، في وصف السيارة المفخخة , المواد التي أستخدمت ، ثم يدخلون في إستنتاجات على فرضيات يفترضونها ، ويقترحون إقتراحات خديجة ، بل ويذهب آخرون للمطالبة بقيام جهة تحقيقية دولية بمهمة التحقيق في الموضوع ، كإشارة إلى فقدان الثقة باللجان التحقيقية الرسمية العراقية ، بإعتبارها جهات تخضع لضغوط سياسية ، مما يؤدّي إلى فشلها في الوصول إلى نتيجة . وهكذا وكأننا ندور في حلقة مُفرغة .
لا بدّ في هذا المجال ، أن يقدّم شعبنا " التهاني " إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي على " جُرأته " بقراره سحب أجهزة السونار الفاشلة في كشف المتفجرات من الشوارع ، بعد أن كان الإعتماد عليها ، منذ سنين ، السبب في وقوع الكثير من الضحايا بين شهداء ومعوقين وجرحى . إن العبادي بإلغائه إستخدام السونار ، يعترف رسميّاً بفشل هذا الجهاز ، وكنتيجة ، ومن باب أولى ، عليه إحالة الجهات المتورّطة في إستيراد هذا الجهاز إلى المحاكم ، وتنفيذ حكم العدالة بحقهم ليس كفاسدين فقط ، بل كمشاركين للإرهابيين في تنفيذ جرائمهم .
إن كان حيدر العبادي قد أصدر قراره بسحب أجهزة السونار من الإستخدام ، فلا بدّ أن تكون هناك وسيلة أمنية جديدة بديلة ، يؤمّل منها تحقيق وضع أفضل ، ولكن مع الأسف ، فإن الدلائل لا تشير إلى وجود فهم حقيقي لأسباب تدهور الوضع الأمني ، ودوامه لأكثر من عقد من الزمان . إن تكثيف القوات الأمنية وزيادة عددها وتوزعها في مساحات واسعة ، أو تطويقها للمدن ، إجراءات لا توصل إلى حلّ جذري ، ما دامت هذه القوات ملغومة بخطوط مائلة لها صلات بالأعداء ، أو بكتل سياسية لها مصالح في إدامة حالة عدم الإستقرار ، غير مبالية بجسامة الثمن الذي يدفعه الشعب .
إن كانت حكومة العبادي جادة ، ومقتدرة ، وراغبة في مكافحة الإرهابيين وإيقاف جرائمهم ، عليها " إلغاء صلاحية كافة بطاقات الهوية والعبور عبر نقاط السيطرة والتفتيش " ، وتكليف لجان التفتيش ، سواء الثابتة أو المتنقلة ، إجراء التفتيش الفعلي لكافة الأفراد ، مهما كانت منزلتهم ومناصبهم ومواقعهم ، وكافة المركبات ، وحمولاتها ، وإعطاءها الصلاحية بمنع عبور أي شخص يستعصي على التفتيش . المنطق المعقول يُشير إلى إستحالة وصول أية وسيلة نقل إلى هدفها إذا لم يكن سائقها أو ركابها يحملون " بطاقات رسمية " ( حقيقية أو مزوّرة ) تمنع لجان التفتيش من إيقافهم أو حرمانهم من العبور بدون إجراء تفتيش عملي عليهم .
كان سبب بداية الحرب التي وقعت على العراقيين تَجبّر وعُنجهية الفئة التي إستحوذت على السلطة من المحتلين ، وإصرارها على الإنفراد بها ، وتكريسها الطائفية ، ومن بعد المحاصصة الطائفية الأثنية التي ولّدت وضعاً سياسياً بعيداً عن أساس المواطنة ، بل وضعَ صراعٍ مستديمٍ ، تحوّل بعد حين إلى صراع دمويّ مدمّر . كان على تلك الفئة ، أن تستفيد من تجارب الشعوب الأخرى التي تمكنت من تجاوز مثل هذا المصير ، كجمهورية جنوب أفريقيا وزعيمها نيلسون مانديلا ، و كذا من أقربها ، إقليم كردستان ، بأن تصدر عفواً عاماً عن جميع الجرائم السياسية ، ما قبل التغيير ، وتقطع الطريق على أعدائها من إستغلال بسطاء الناس في مقاومة الوضع الجديد .
ما زال ثمة مجال لنلتفت إلى حالنا ونتفهم حقيقة وضعنا ، ونخطو خطوات جدية إلى أمام : 1. إصدار عفو عام عن جميع الجرائم السياسية السابقة ، بما يشمل المخدوعين الملتحقين بالدواعش أو البعثيين ، بعد تعهدهم بالولاء للعراق ونبذ العنف . 2. فتح باب الحوار مع جميع الجهات السياسية الراغبة في الدخول بالعملية السياسية سلمياً . 3. تطهير الأجهزة الأمنية ، بكافة صنوفها من الفاسدين ، سواء كان الفساد جرمياً أو مالياً . 4. إعلان كون القوى الأمنية قوة وطنية غير منتمية إلى أية جهة سياسية ، ومنع وجود تشكيلات حزبية سياسية فيها . 5. إصدار قانون الخدمة العسكرية الإلزامية لجميع أبناء الشعب ، من كلا الجنسين . 6. توجيه كافة طاقات الشعب لبناء الوطن الواحد ، ومنع المزايدات الفئوية و الطائفية أو العرقية . 7. التهيئة لإجراء إحصاء حقيقي للنفوس ، وتفعيل قانون الأحزاب ، وإصدار قانون للإنتخابات ، يجعل العراق مركزاً إنتخابياً واحداً ، وإجراء إنتخابات لمجلس جديد للنواب تنبثق عنه حكومة منتخبة جديدة ، بعيدة عن المحاصصة السياسية .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نَحنُ . . هُم
-
الذّيليّة *
-
عجيبٌ ... لا مؤامرة و لا إستعمار !
-
كَشَفوا نِقابَهُم
-
أفكارٌ عقيمةٌ تحكمُنا
-
مُجَرّد حوار مع الذات
-
خارطة طريق
-
رِسالَةٌ مُبَطّنَةٌ
-
رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟
-
قانونُ البطاقة - الوطنية -
-
قُدرَةُ حَيدَر العباديّ
-
إحذَروا المُتآمرين
-
ثَورَةُ الشّعبِ وحيرةُ العبادي
-
قصّتان ؟ لا... بينهما رابط .
-
التَدَبُّر ومفتاحُ الحل
-
هَل مِن رجالٍ لفجرٍ جديد ؟
-
فَلِيَخسأ المُحَرّفون .. ولِيَنتَصر الشُرَفاء
-
إمام أبو الخرگ
-
إسگينا العَلگم
-
رسالة إلى حيدر العبادي
المزيد.....
-
سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
-
نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
-
برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
-
مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
-
روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
-
-حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
-
كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على
...
-
وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون-
...
-
رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|