|
امتحانات الطلبة .. وامتحان المصير
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4816 - 2015 / 5 / 24 - 23:47
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
منذ ست سنوات أقوم بتدريس طلبة المرحلة الأولى في الكلية التي أعمل فيها . و ملاحظاتي خلال هذه السنوات ( وقد أكون مخطئاً في تقدير تبعاتها ، أو غير منصفٍ ، أو غير دقيق في وصفها ) هي : - عاما بعد عام تسوء مخرجات الدراسة الإعدادية . وتستقبل الجامعات طلبة بمعدلات تخرّجٍ جيدة . غير ان مستواهم العلمي والمعرفي ، ومهاراتهم الأوليّة في القراءة والكتابة والتعبير عن الرأي ( بشكل عام ) ، وقدرتهم على الإجابة على ابسط الأسئلة تتراجع باستمرار . - النظام التربوي والتعليمي بائس ومتخلف . والطلاب لم يساهموا في صنعه ، ولكنّهم ضحاياه . - عاما بعد عام يزداد الضغط النفسي والمعيشي على الطلبة ، وانعكاسات البيئة المضطربة والظالمة التي يعيشون فيها ، على سلوكهم ، وآمالهم ، وسعيهم إلى أن يكونوا في وضع افضل مما هم عليه ، بل وحتّى على رغبتهم بالعيش ، والبقاء في هذا البلد . - عاما بعد عام يزداد اضطراب الطلبة ، وتوترهم ، والإحساس بعبث الدراسة ، وانعدام الأمل في تحسّن الوضع العام ، وانسداد الأفق ، والميل إلى تبديد الوقت بكلّ الطرق الممكنة ( باستثناء الدراسة وانتظام الدوام ) . وأصبح همهم الوحيد هو كيف يتمكنون من الحصول على الحد الأدنى من الدرجات الأمتحانية التي تنقلهم من مرحلة دراسيّة إلى أخرى . - التدريسيون يخضعون لذات الأشتراطات ، والمحددات ، وتتضاءل امامهم ، لا فرص اداء واجباتهم بحدها الأدنى فقط ، بل وحتّى رغبتهم بالأستمرار في التدريس . - يأتي الطالب إلى الجامعة ليجد انه يدرس 16 مادة دراسية ( وفق نظام الكورسات ) .. يستطيع ان يرسب بثمانية مواد منها ، ويؤدي امتحاناتها في الدور الثاني . - وعندما يرسب هذا الطاب في الدور الثاني بأربع مواد من أصل ثمانية ، يجد أحيانا " دورا ثالثا " ليمتحن فيه . - و في هذا الأمتحان قد يتمكن هذا الطالب من النجاح بمادتين .. فيجد قراراً يسمح له بالتحميل بالمادتين الأخريين ، يأخذهما معه إلى المرحلة الدراسية التالية .. وسينجح فيهما " حتماً " ، وينتقل إلى المرحلة التالية .. وهكذا إلى أن يتخرج في نهاية المطاف . - اذا لم يتمكن هذا الطالب من النجاح ، وتم ترقين قيده في عام دراسيّ ما ، قد يصدر قرار يقضي بـ " اعادة الطلبة المرقنة قيودهم " إلى الدراسة في ذلك العام .. فيعود الطالب المرقن قيده .. ويواصل دراسته ، وينجح في نهاية المطاف . - أصبحت هذه الأجراءات والقرارات ، التي يفترض انها مؤقتة ، وتعالج أوضاعا استثنائية ، تسبّبت بها منظومات اخرى ( غير منظومة التربية والتعليم ) ، عبئاً دائما على قطاع التربية والتعليم . وأصبحت هذه " القرارات " أقرب ما تكون الى سياقات عمل أكاديمية " جديدة " ، و تم التأسيس لها كسلوكيات عمل مُلزمة للإدارات التعليمية و الجامعية . - ان هناك أدراك تام من قبل المسؤولين في هذا القطاع ، بحجم هذه المشكلة ، وتبعاتها الكارثية ، و بأن تكريس هذا النمط من الحلول الترقيعية ( وفرضها عليهم بما يشبه التقليد السنوي ) ، بات يوجه ضربات قاصمة للنظام التعليمي برمته ، ويضعه على حافّة الأنهيار التام . ولكنهم لا يستطيعون فعل شيء جاد لوقف ذلك ، لأسباب عديدة ، يعرفها الجميع . - ليس الطلبة ولا التدريسيون ، هم المسؤولون عن ضياع مدنهم ، وبيوتهم ، وجامعاتهم ، ونزوحهم إلى ارض الله الواسعة . وبينما يدفع هؤلاء الثمن باهضاً من خلال ضياع الوقت والفرص والأمل بخلاص بعيد ، فأنّهم لا يجدون ملاذا بديلا ليواصلوا فيه دراستهم ،حتّى في سياقات وإشتراطات وإمكانات الحدود الدنيا ، لمواصلة الدراسة. - ليس مطلوباً من المسؤولين عن قضايا التربية والتعليم في هذا البلد ، أن يذهبوا لقتال " داعش " . إنّ عليهم ان يقاتلوا بشراسة على جبهات أخرى ، يتوقف عليها ، لا مستقبل هذا البلد ، بل ومصيره ايضاً . عليهم ان يلتفتوا إلى ما آل إليه الحال ( بقدر تعلق الأمر بواجباتهم الأساسية ) ، وإلاّ ضاع كلّ شيء . واذا ضاع طلبة هذا البلد .. سيضيعُ كلّ شيء . كلّ شيء . كلّ شيء .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لأنَ هُناك الكثير من الأشياء
-
في أحد الأيام
-
بغداد .. شيءٌ من تاريخ السُلطة ، و تاريخ الرجال
-
أعيشُ طوال اليوم
-
في هذا البلد الفارغ
-
العُطَل العظيمة .. في العراق العظيم
-
عطلة .. ورة .. عطلة
-
عن هذا الحِداد .. الطويل الأجل
-
بعد خراب الموصل ، وغيرها .. وقبل خراب المدن ، التي لم تُخَرّ
...
-
قُبْلَة
-
في هذه المدينة التي بلا قلب
-
1 آيار .. 2 آيار
-
الأشياءُ .. وما تستحّق
-
هل هذا كابوس ؟
-
حجم الأنفاق ، وجدوى الأنفاق ، في الموازنة العامة للدولة . قط
...
-
صباحوووو
-
بسمارك
-
فتى الأبتدائيّة الوسيم
-
ريال مدريد و برشلونة .. والطائفيّون في الوطن الجميل
-
عندما يعودُ الجنودُ إلى البحيرة
المزيد.....
-
التلفزيون الإيراني: تعرض طائرة الرئيس -لحادث- وسط تعثر جهود
...
-
-حادث صعب- لمروحية بموكب الرئيس الإيراني.. وغموض بشأن وضعه
-
فيديو: أحد أكثر المطارات ازدحاما وأحدثها في البرازيل يغرق تح
...
-
أنباء متضاربة عن -هبوط صعب- لمروحية الرئيس الإيراني في شمال
...
-
واشنطن ونيامي تعلنان في بيان مشترك بدء انسحاب القوات الأمريك
...
-
وسائل إعلام: القضاء على زعيم الانقلاب في جمهورية الكونغو الد
...
-
علييف يصف الصداقة الإيرانية الأذربيجانية بعامل استقرار في ال
...
-
تراشق كلامي بين ترمب وبايدن وحشد على فوهات البنادق
-
طائرة الرئيس الإيراني تتعرض لحادثة ومصيره مجهول
-
إيران: تعرض هليكوبتر تقل الرئيس إبراهيم رئيسي لـ-حادث- في مق
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|