وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 17:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
التشابه في فكرة المنقذ والمخلص في المسيحية والتقليد الشعبي الشيعي
قراءة انثروبولوجية
( 1 ) :
(ان انتظار المهدي المنتظر للقضاء على الظلم لايكفي , يجب ان نقف جميعا في وجه الظلم)
سامي البحيري
(ان الرغبة في عودة المهدي النتظر وظهور العذراء يمثلان افتقادا وحنينا لاهم القيم الانسانية على الاطلاق : العدل والحب)
سامي البحيري
(2 ) :
المقال منقول وباختصار وبتصرف من مقالة بعنوان :
(جدلية الالم والامل في الخطاب الشيعي ), لعالم الاجتماع العراقي , الدكتور ابراهيم الحيدري , نشرته له مجلة ( الكشكول ) بالعدد (106 – 107 )كانون الثاني ( يناير ) – شباط ( فبراير)-2010
مفهوم الشفاعة والمنقذ الالهي عند الشيعة
لايعرف الاسلام السني فكرة البطل المنقذ كما يعرفها الشيعة , ذلك لان القبول بالخلافة الرسمية جعل فكرة الشفاعة غير ضرورية .
ان اخفاق الشيعة على مر العصور في الوصول الى السلطة , وانتظار من ينقذهم , عمل على توحيد فكرة الالم والامل معا في فكرة المنقذ الالهي وانزالها الى ارض الواقع .
(3 ) :
يكتب د . ابراهيم الحيدري:
( ان استشهاد الامام الحسين في سبيل الحق والعدالة وتحمله الام التضحية والفداء لاينفصل في ذات الوقت عن دور الامام في الشفاعة لشيعته يوم القيامة ).
ومن هنا رفع الشيعة شعار ( ياحسين ياسفينة النجاة) . وبحسب الاحاديث والروايات الشيعية فان النبي محمد قال في حديث له مع ام سلمة وهي احدى زوجاته الكريمات :
(بان الحسين يشفع لشيعته يوم القيامة ويكون المهدي من ولده ). وبحسب هذا التصور فان مشيئة الله قد قررت امور هذا العالم والخلق منذ الازل وقررت تاريخ المخلوقات البشرية وكذلك استشهاد الحسين في كربلاء .الذي هو احد اسرار الكون لايعرفه الا الله والراسخون في العلم .
كما ان جبرائيل كان قد اخبر رسول الله باستشهاد الحسين ووصف مقتله والامه في كربلاء ..وقد لعن عيسى المسيح قتلته وامر بني اسرائيل بلعن قاتليه ايضا .وهنالك قصص واساطير تتحدث عن النبي ابراهيم اطاع ربه حين ارسل اليه جبرائيل يخبره ان يختار بين اثنين , اما ان يضحي بابنه ابراهيم او بسبطه الحسين من اجل انقاذ البشرية , فقرر ان يضحي بسبطه الحسين , وان يضحي بشاة بدل تضحيته بابنه اسماعيل , لان الحسين سوف يستشهد في كربلاء من اجل انقاذ البشرية .
وهنالك حديث يقول بان محمد ابن الحنفية اخ الحسين نصحه بالعدول عن التوجه الى كربلاء , فقال له الحسين :
(لقد جاء جدي رسول الله وقال لي : ياحسين اذهب لقد اراد الله ان يخصك بالشهادة ).
( 4 ) :
المسيح والحسين
ان فكرة الشفاعة والتي نجدها في تضحيات الامام الحسين , نجد مايشابهها في المسيحية حيث سيتم انقاذ البشرية على يد المسيح عن طريق اراقة دمه على الصليب وموته وقيامته .حيث يعتبر الانجيل ان السيد المسيح مولود بدون خطيئة وهو لذلك ليس نبيا فحسب ,بل جاء مخلصا للبشرية .
في حديث ينقله الامام جعفر الصادق انه قال :
( ليس هناك انسان كان قد ولد وعمره ستة اشهر الا عيسى ابن مريم والحسين بن علي ).
هذا التشابه بين المسيح والحسين كما يقول د. ابراهيم الحيدري هو رفع الى ماهو (فوق طبيعي )الذي يميز بين البشر العاديين وفوق العاديين .
وقد ادعى البعض ان الحسين لم يمت مثلما يموت الناس وانما شبه اليهم مثل المسيح.
يؤكد ( د. ابراهيم الحيدري ) ان تناقل هذه الاحاديث والروايات في بعض المجالس الحسينية وبخاصة الشعبية منها دون وعي وتمحيص تقود الى اعتقاد غير صحيح , وهو ان هنالك منبعا واحدا للشيعة , مثلما هو للمتصوفة وهو بحسب (آدم متز ):
( الغنوصية المسيحية)والتي هي فلسفة عرفان تؤمن بامكان المعرفة بالالهام والكشف . وكذلك بالطقوس التي تقام يوم الجمعة الحزينة في اسبوع الالام في المسيحية والذي يسبق عيد القيامة او الفصح كما يحلو للبعض تسميته , وبخاصة المشاهد الدرامية التي تمثل المسيح على المسرح والتي تعرض الام السيد المسيح ومحاكمته وتعذيبه وصلبه وموته .
حيث تصاحب هذه الاحتفالات مواكب كبيرة ترفع فيها الصلبان والرايات والشعارات الدينية . ومازالت هذه الاحتفالات تجري في بعض المدن الايطالية والاسبانية الكاثوليكية , وحتى في جزر الفلبين , حيث يقوم المحتفلون بتعذيب اجسادهم عن طريق جلد سيقانهم وارجلهم بقضبان خشبيةغليظة حتى تسيل الدماء منها , تعبيرا على مواساتهم لالام السيد المسيح .
ان التصور الشيعي الشعبي الذي ربط بين شخصية الامام الحسين والسيد المسيح لم ينطلق , كما يؤكد على ذلك الدكتور ابراهيم الحيدري , من مراسيم اسبوع الالام والجمعة الحزينة , بقدر ما ارتبط برؤية الاسلام الشيعي الشعبي للسيد المسيح وتقديسه .
(5) :
البكاء والنواح الجماعي
كتب احدهم :
شيعتي ما ان شربتم عذب ماء فاذكروني
او سمعتم بقتيل او شهيد فاندبوني
يلعب طقس البكاء على الحسين دورا هاما في الشفاعة والخلاص .فالبكاء, بحسب كاتب المقال , تعبير عن الندم والتوبة والعودة الى الله , والبكاء بحسب اللاهوت المسيحي هو نوع من انواع المعمودية المسيحية . وتعني المعمودية هنا , ليس طقس التغطيس في الماء , بل الجوهر الروحي للمعمودية وهي المسحة الروحية والاتحاد مع المسيح والولادة الجديدة للانسان بالاتحاد بالمسيح , والتي يعبر عنها الرسول بولس بعبارة :
( لان كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح )
من رسالة بولس الرسول الى اهل غلاطية (3 – 27 ).حيث يولد الانسان في المعمودية ولادة روحية جديدة متخلصا من ذنوبه ويصبح جميع المؤمنين واحدا في المسيح.وبالمقابل يعتبر استشهاد وموت الحسين نوع من معمودية الدم تحقق الشفاعة والخلاص للمؤمنين به من الشيعة.
وهكذا , وبحسب كاتب المقال , يكون البكاء على الحسين تعبير عن التوبة والولادة الجديدة وعن الاتحاد مع الله .
ان البكاءعلى الحسين, كما يؤكد الدكتور ابراهيم الحيدري , احد الشروط المهمة في طلب الشفاعة مثلما هو تعبير عن حب ووفاء للامام الحسين .
لقد بات الاعتقاد الشعبي بان(كل ارض مدماة هي كربلاء وكل يوم حزين هو عاشوراء ). كما اصبح البكاء طريقا للخلاص ووسيلة من وسائل الشفاعة والنجاة .
مسك الختام
يقول د ابراهيم الحيدري في نهاية مقالته :
( ان البكاء ليس فرضا اسلاميا ولا واجبا دينيا وشرعيا ولا ركنا من اركان التشيع , وانما هو ظاهرة طقسية ارتبطت بحب اهل البيت والحزن عليهم وتوقع الشفاعة عندهم يوم القيامة , وكذلك من اجل اثارة عواطف المشاركين في العزاء وتبرير استدرار دموعهم ).
مقالات ذات صلة:
مقالتنا ( الحلاج شهيداعلى درب المسيح ) وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=300871
مقالتنا ( الغنوصية المسيحية)وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293762
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟