|
هل بقت من الديموقراطية شيء في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4509 - 2014 / 7 / 11 - 13:15
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعدما وصلت الحال العراقي الى المستنقع الذي فيه، فلم يتمكن من الخروج منه باقل الخسائر قبل ان يدفع ثمن اخطاء قيادييه . كان العراق من الاساس و بعد التغيير يعاني من اخفاقاته في السياسة الداخلية والخارجية التي سلكها، فخارجيا ازدادت التدخلات الفضيحة في شؤونه و به فقد استقلاليته السياسية، وداخليا سار نحو التفرد و الاستناد على الاتجاه الواحد و لم يدر انه في مرحلة لا تتحمل التراجع عن اساسيات الديموقراطية، لانه قطع شوطا منها و كسر الشعب جدار الخوف الذي بناه الدكتاتورية، وعليه اعتقد الشعب بانه خرج من السجن و اشرح صدره و التقى بالجنان التي تمناها من قبل، الا ان اصطدامه بعودة الافعال و السلوك ماقبل السقوط بلباس اخر صدمه و زرع القلق و الخوف على مستقبله في قلبه و انزاحت الثقة من فكره بمستقبل جيد لاولاده . تفشي الفساد و لغة التهديد و الوعيد و عدم توفر الخدمات الاساسية، بل تراجع عن بعض ما وفر من قبل، فوضع العراقي في حيرة من امره، بعدما توقع خلاصه من الجور و الويل الذي مر به طوال عقود ماضية . الاسوا ما شوهد في مسيرة الحكم الجديد في العراق هو استغلال الديموقراطية بكافة الطرق من اجل الحزب و الشخصية و المصلحة الضيقة، اي اداء العملية لغرض ينتج عكس ما مراد منها، فهل من المعقول ان تتفرد و تتوجه نحو المضايقة في الحريات و تامر و تتصرف دكتاتوريا مستغلا الديموقراطية كوسيلة لتلك الاغراض و السلوك و العقلية غير المناسبة لمتطلبات العصر . لم تكن الدواء مناسبا و شافيا، لا بل شُرب المريض الكمية كلها بجرعة واحدة و دون مقدمات او ارضية او تحضر مسبق، و كان الشعب يعيش في مرحلة تتسم بما في العصور الغابرة من السمات و الثقافات نتيجة مضايقات و قمع الدكتاتورية و افعالها المشينة تجاه العقليات و النخبة بشكل خاص و الشعب بشكل عام . الامرٌ في الامر هو ان تستغل بدايات الديموقراطية و تمهد للدكتاتورية لا بل الاسوا . ما هو عليه العراق الان سواء المساحة التي تحكمها داعش او المركز العراقي، انه يعاني من كافة الجوانب الحياتية الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، و تراجع خطوات كبيرة عما كان عليه بعد السقوط، فيما هدر من الاموال و الثروات التي تكفي لان ينتقل العراق بها الى مرحلة الراحة و السعادة و الرغد و الرفاه لابناءه . بعد سيطرة داعش اختلط كل الامور على بعضها و لم نسمع الا لغة التهديد و الوعيد و القتل و الذبح و الخراب، و لم يلق الشعب غير المآسي و الصدمات القاتلة . عندما تفكر في الطريقة المناسبة الملائمة السلسة لحكم العراق بهذه الظروف الصعبة و كيفية او الطريقة التي تمكنه من الخروج او تخطي الوضع لبرهة، لم نعثر غير الديموقراطية الحقيقية و الاستناد على الدستور و املاء المناصب بالشخص المناسب الذي يمكن بلفتة منه او امر ان يغير الاحوال نحو الاحسن . نعم تراجعنا كثيرا و حتى الى ما قبل التغيير و اكثر سوءا، بعد مجيء داعش و ما تلقت الناس من حكمها و ما تفرض عليهم بسطوته و حرابه فاعادهم الى الكهوف و عصر التخلف و الحياة البائسة . فكيف الحل اذا؟ بعدما نشخص المرض و نعترف بان الابتعاد عن الديموقراطية هو المرض و نوضح السبب و المسبب، لابد من الدواء الخاص العاجل قبل العملية القيصرية، لان الشعب لا يتحمل اكثر، فاما ينهار او تحدث انقلابات و تخبطات و امور لا تحمد عقباها . قبل فوات الاوان، يمكن ان نجد راس الخيط الذي يوصلنا الى المكان المناسب لفك العقد و السير على السكة الصحيحة. كيف؟ انه صعب جدا و لكن ليس بمستحيل. بداية كل شيء هي الخطوة السهلة، ان يجتمع الجميع على حل الامر و بنية صافية، سواء بتوسط خيٌر او بخطوات ديموقراطية تفرض الامور و ليس العكس اي استغلال الديموقراطية لاغراض معاكسة لها كما يحدث لحد الان في العراق . العودة عن الخطوات السيئة لا تتم الا بعزل و اخراج المسببين عن الساحة، و هذا لا يتم الا بتعاون الجميع على ذلك، و منع التدخلات الخارجية من التاثير على قرارات الداخل و زرع الثقة بين الجهات، عبر اعادة النظر و السياسة الصحيحة للجهات الكبيرة المؤثرة على العراق و مستقبله. و نقول، لا يمكن هذا ايضا الا بالعودة الى الاستناد على مباديء الديموقراطية في حل الامور و اتباع الخطوات التي لا تتعارض مع جوهر الديموقراطية و متطلباتها، ثم نسال كيف يمكن ان نعود الى الديموقراطية و نحن هربنا منها، انها خطوة يجب ان تفرض على الاقل فوقيا في المرحلة الراهنة و كوسيلة للاصلاح و التقارب، اي يمكن ذلك عند فرض الراعي للعملية السياسية في العراق استغلال و استعمال اوراقه و اشهار الاحمر بوجه المخالف، و الديموقراطية هي الحل بما تتحمل من محتوى و طرق تتمكن من ايجاد الحلول لكل المعضلات و القضايا الشائكة ايضا . ان لم نفعل و نضحي سوف نعيش في دوامة من القتل و التشريد و الخراب عقود اخرى .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تسيطر لغة التهديد على الساسة العراقيين
-
اختيار رئيس الوزراء عراقيا هو الحل
-
اليسار بين الداعش و مطالب الشعب
-
دولة كوردستان بين التاييد و التخوين
-
افرازات هاجس الخوف من الاخر
-
بداية انفتاح الاعلام العربي عن الكورد
-
هل تسقط الدولة الاسلامية في العراق
-
بعدما تقاسموا الكعكة يتعاركون على لحم الذبيحة
-
لماذا ينظمون الى الداعش ؟
-
هل نجد الشعرة الضائعة في العجين العراقي ؟
-
هل تركيا هي من تنتصر في النهاية ؟
-
المالكي بين ملذات الكرسي و نهاية عمره السياسي
-
كركوك قضية شعب كوردستان و ليست جهة معينة
-
المشكلة هي الانتماء الوطني
-
الحق حق اينما كان
-
الموقف الموحد اثلج قلوب الشعب الكوردستاني
-
ممكن للعلماني ان ينقذ العراق ؟؟
-
لماذا كل هذه التشنجات منذ الجلسة الاولى
-
اختيار المالكي رئيسا للوزراء لصالح الكورد
-
هل تطول حال العراق كثيرا
المزيد.....
-
التلفزيون الإيراني: تعرض طائرة الرئيس -لحادث- وسط تعثر جهود
...
-
-حادث صعب- لمروحية بموكب الرئيس الإيراني.. وغموض بشأن وضعه
-
فيديو: أحد أكثر المطارات ازدحاما وأحدثها في البرازيل يغرق تح
...
-
أنباء متضاربة عن -هبوط صعب- لمروحية الرئيس الإيراني في شمال
...
-
واشنطن ونيامي تعلنان في بيان مشترك بدء انسحاب القوات الأمريك
...
-
وسائل إعلام: القضاء على زعيم الانقلاب في جمهورية الكونغو الد
...
-
علييف يصف الصداقة الإيرانية الأذربيجانية بعامل استقرار في ال
...
-
تراشق كلامي بين ترمب وبايدن وحشد على فوهات البنادق
-
طائرة الرئيس الإيراني تتعرض لحادثة ومصيره مجهول
-
إيران: تعرض هليكوبتر تقل الرئيس إبراهيم رئيسي لـ-حادث- في مق
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|