أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - العرب ومجتمع الزيف














المزيد.....

العرب ومجتمع الزيف


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 04:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



مجتمع الزيف هو منتوج ككل المنتوجات الزائفة ، فالزيف واحد وان تعددت تمظهراته . وبما أننا نعيش زمن مابعد الحداثة ، فان الحقيقة أصبحت تحرق كل سكان الكهوف عندما يضيق بهم الحال في مغاراتهم الباردة والمظلمة فيحاولون الخروج الى رحاب الحياة المنفتحة والمفتوحة على الابداع والانتاج والعطاء .
مجتمع الزيف حقيقة كل الشعوب التي رضيت بالقدر والقضاء ، ولم تتفاعل مع هذه النظرية ، وبقيت حبيسة تواكلها وانتظاريتها القاتلة ، حتى تمطر السماء ثروتها ويقدم لهم الحظ نصيبهم من الحياة . فالقضاء والقدر لايبقي لهما من معنى في ظل الاستسلام لطواحين الظلم والأنانية وعقدة التفوق والعظمة . ولا يأخذان معناهما الا في المحاولة المستميتة والجسورة للانسان في بحثه عن امكانيات أخرى تهجس بها طبيعته الانسانية باعتباره كائنا حالما وطموحا . ففي ظل الاستسلام المطلق لنظرية القدر والقضاء ، يبطل سعي الانسان ومجهوده وعطاؤه ، ولا يبقى منه غير ثبات وتمثال ، قد يكون أحيانا متحركا .
مجتمع الزيف مجتمع بطبيعته خائف متوجس ، نكوصي سلبي ، لايعتقد بالنقد والمساءلة ، لا تداخله الحيرة والدهشة ، انه مفروغ من ماهية الانسان ؛ باعتباره كائن يتمتع بجميع الحقوق الطبيعية ، كما يقول جون لوك ، لمن أعماه هوس الاسترفاد من الغربيين ، أو باعتبار كونه مؤمن ب " أن ليس للانسان الا ماسعى " ، لمن ينفتح على جميع الثقافات دون عقدة الخواجة بتعبير اخواننا المصريين .
مجتمع الزيف مجتمع عالة ، يعتمد في تمظهراته على المظاهر والشكلانية ، يخاف الأعماق والأغوار ، سطحي وسلبي ، انه ضد الروح واللب ، انه مجتمع لامتذوق ومستمتع ، لا يتلذذ ولا يستلذ ، كل ما تمنحه اياه يقبله بطيب خاطر ، حتى وان منحته السم يشربه هنيئا مريئا ، يتلوى في مكانه ، يتضور ، يتألم الألم الشديد ، واذا سألته يبتسم ابتسامة الموتى وينطوي على ذاته . هو قانع ، لكنه لا يعرف مفهوم القناعة ، لم يسأل نفسه يوما هل أستطيع قطف هذه الثمرة ؟ ان الشجر وارف وثمره يانع ، ولا حارس عليه ، فهو لي ما دمت أنا الوحيد الذي يحرسه ويرعاه . انه يخاف أن يقول هذا حتى في سره . لأنه منمط على طريقة لاترى ولا تسمع . انك عبد من عبادنا الصالحين ، في مفهومه الناسوتي طبعا ، وهذه هي لغة جلادي الأمة !!!!
مجتمع الزيف ، مجتمع تقليدي نمطي ، انه قالب اجتماعي .
وعي الذات لا يختلف عن وعي الاشياء -*- ، وعينا بذاتنا هو وعي الأشياء التي تحيط بنا ، وعي علاقاتنا بالآخرين ، وضعنا الاجتماعي والانساني ، فكلما كان وعينا بما نحايثه ونتماس معه ونتداوله راقيا ، كان وعينا بذاتنا راقيا . لكن حاصل وجودنا عكس هذه الحقيقة الوجودية ، فنحن احساسنا بالأشياء فاقد لأي حيوية وتفاعل . أحياؤنا عبارة عن مزابل ، مدننا مجرد زريبة ينتفع منها أوصياء الظلام ، أوطاننا سجون مفتوحة ،نعجز على السفر عبر شوارعها الطويلة ، حكامنا منافقون من العيار البواح ، مثقفونا مثقفو النعمة الذين يضعون على صدورهم "بادج " المثقف ،دون أن تسري في دمائهم روح المثقف القلق المنخرط في قضايا عصره ووطنه وشعبه ، وتبقى الشعوب !!!فاقد الشيئ لا يعطيه ، هذا ما يمكن أن نجمله حول شعوبنا .
ان مجتمعات الزيف يلزمها صدمة كبيرة لتقف على حقيقتها . فالزيف الذي تعيشه زيف تاريخي واجتماعي ، وتفاعلي ، والمقصود بالزيف التفاعلي ،هو هذه الصناعة اليومية والآنية التي تفتك به أينما حل وارتحل , الى درجة أصبح شبه مستحيل أن تميط كل أستار الزيف التي تغرق فيها هذه المجتمعات اليوم . فهي حين تخرج الى الشوارع لا تعيش الا زيفا مطلقا حتى الأدوات المنزلية التي تشتريها أصبحت جميعها مزيفة ، والشوارع التي تمشي فوقها مزيفة ، وحين تلتقي بأحدما من أصدقائك تجده مزيفا ، وعندما تسأله عن حاله يجيبك ، بخير والحمد لله ، رغم أن وجهه مكفهر وعبوس . واذا عاد الى المنزل يجد أسرته تعيش حالة نقصان هائل في جميع المستويات ، فينكفئ على زيفه وينام ، على زيف آخر ليصبح كائنا مزيفا .
المجتمعات الزائفة تخاف ولا تخجل ، لأن شخصيتها انفصامية ، فهي تقوم بجميع مظاهر العبادة كالصلاة والصوم ، لكنها تبطلها اثناء قيامها بهذه العبادات ، قبل أن تغادر المصلى او تنهي صيامها . لأنها لم تترسخ في وجداناتها قيم العبادة وعقائدها بقدر ما هي تؤدي طقوسا متوارثة ، ومظاهر تعطي بعض الصور الاجتماعية المطلوبة . الى درجة أننا نحكم على كل ملتحي بالتدين والورع ، بينما هو يقضي ليله في الحانات ، وينهب مال غيره . وعند الانتخاب يقوم جزء هام من الشعب على انتدابه حاكما ومسؤولا لأنه يرطن بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع الشعر من واقع العرب
- ايران ولعب الكبار
- الصمت بين المعنى والوجود
- لاتصدقي تجار الدين
- تحريف الجهاد
- الحداثة هدف مؤجل
- البيان حلم والممارسة واقع
- ثمة أغنية في الحنجرة
- الانسان ذلك المنحرف -1-
- القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
- قصة الدمعة -قصة-
- مؤتمر جنيف-2- الميت
- ريق السحلية
- البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
- ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
- عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
- قصة : لم أتعلم الندم
- الى السيد عبد العالي حامي الدين*
- تلبيس ابليس لباس القديس
- ليس دفاعا عن العلمانية -2-


المزيد.....




- أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف ...
- أسوشيتد برس: السلطات الإسرائيلية أوقفت البث المباشر للوضع في ...
- مراسل RT: تشييع مليوني للرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ...
- مشاجرة و-معدية متهالكة-.. تفاصيل غرق 10 فتيات -بعمر الزهور- ...
- الشرطة الإيطالية تداهم مقر اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأو ...
- وزير الخارجية السريلانكي يؤكد خطط البلاد للانضمام إلى مجموعة ...
- عارضة تجني آلاف الدولارات شهريا بالتظاهر أن ساقها مكسورة
- محلل سياسي أوكراني يكشف عن تحذيرات أمريكية مبطنة لنظام كييف ...
- كندا تدرج شخصيتين و6 شركات في قائمة العقوبات ضد روسيا
- رئيس وزراء بولندا يوعز بتشكيل لجنة للتحقيق في -التأثير الروس ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - العرب ومجتمع الزيف