أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي














المزيد.....

الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدساتير ليست سوى أنظمةٍ قانونية سياسية اجتماعية عامة تعبرُ عن حراكِ الطبقات الوسطى في علاقاتها الديمقراطية مع العاملين.
ولهذا فإن الكتابات الدينية والفكرية السياسية القانونية لما قبل هذه المرحلة لا تغدو دساتير، فهذه الكتاباتُ فكريةٌ وإيديولوجية واعتقاديةٌ عامة غيرُ محددةِ التوظيفِ السياسي العملي.
الدساتيرُ ظهرتْ مع الثوراتِ البرجوازية ونشوء الأسواق القومية والحاجة إلى علاقات سياسية اجتماعية بين الطبقات الوطنية المنتجة المختلفة، لإدارةِ الصراع السياسي بدون كوارث عنفية.
كانت الموادُ القانونيةُ المُنظِمة لبعض السلوك السياسي الديمقراطي موجودةً في التاريخ السابق منذ الإغريق، لكنها لم تكن حكماً واسعاً عميقاً شاملاً للإدارة السياسية وفلسفتها.
لم تكن الطبقاتُ الحاكمة تعترفُ بوجود بشر أو مواطنين، والحقوقُ غيرُ محددةٍ وواجبات العاملين كثيرة بدون حقوق.
للمرة الأولى في التاريخ يظهر ممثلو الطبقات الثلاث: الارستقراطية والبرجوازية والعمال، وقد أفرزَ التطورُ الاجتماعي السياسي المتصاعدُ في القرن التاسع عشر الأوروبي طبقتين اثنتين رئيسيتين، نظراً إلى نمو الصناعة ومحوها للكيانات الصغيرة الثانوية والارستقراطية التي تداخلتْ مع البرجوازية نظراً لتغيرِ ملكياتها وتوظيفاتها المالية أو لتساقطِ بعضها في الفئات الوسطى الصغيرة، فغدا الصراع السياسي الانتاجي الاجتماعي بين قوى الحداثة ولتبدل مفاهيمها السياسية على مدى القرنين التاسع عشر والعشرين، من صراعٍ مصيري قاتل إلى صراع ديمقراطي متطور، ولهذا فإن الدساتير واكبتْ هذه العمليةَ المُركَبة على المستوى القومي لكلِ بلدٍ وعلى المستوى العالمي وصراعاته، والقبول الأخير بالتعايش مع الاختلاف، والصراع ضمن الوحدة.
ولهذا فإن العالمَ العربي الإسلامي وهو يعيشُ حالاتَ الدساتير وصياغاتِها من دون أن يمتلكَ قواعدها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. فهو عالمٌ عربي وغيرُ عربي تحولي ينتقلُ من زمنيةِ الإقطاع حيث لا دساتيرَ ولا قواها المنتجة لها، إلى الزمن الرأسمالي مع ظهور فئاتٍ مجسدة له من دون اكتماله وتطوره الاقتصادي العميق الواسع ومن دون ثقافته الديمقراطية المعبرة عن خلاصة الإنسانية في هذا العصر.
ولهذا فالحراكُ السياسي حراكٌ متقلقل مضطرب، وقد غدتْ الارستقراطياتُ متحكمةً في رأسماليات الدول المختلفة، وتطرحُ أساليبَ إنتاجٍ متعددةٍ غيرِ ديمقراطية وغيرِ شعبية، فمن الهيمنات على المال العام إلى تسريبهِ للخارج بشكلٍ واسع وكلها هدر.
وهذه الفوائضُ هي التي تكّون الطبقتين الرئيستين في الانتاج الحديث وهما البرجوازية والعمال، ومن هنا فإن ثقافة الحداثة والديمقراطية لا تتأصل بسهولة، وتشكيل دساتير في مستوى الدول الحديثة الديمقراطية يحتاج إلى أرضية اقتصادية اجتماعية ثقافية مقاربة.
وتلعبُ عقلياتُ القوى السياسية هنا أدوارَها في مقاربة الديمقراطية العصرية أو وضع العراقيل في دواليبها، عبر فهمِ التشكيلةِ الرأسمالية وحلقات تطورها، فلا بد أن يعرفَ البلدُ المعنيلا حلقتَهُ الخاصةَ في تطور التشكيلة، فماذا كوّن من قواعد لها، ومدى قدرة الطبقتين على تحمل الانتاج وتطويره والقبول بالصراع السياسي التنافسي داخل نموه.
ويتجسدُ ذلك في مدى قدرة الحدود الوطنية أو القومية على تكوين سوق موحّدةٍ، لا تفجرُها أثنياتٌ ومذهبياتٌ متصارعة ممزِقة، ومدى قدرة القوى السياسية الحاكمة عبر السلطاتِ الديمقراطية على إعادةِ الانتاج الرأسمالي المتنامي بالسيطرةِ على الفوائضِ وكيفيةِ توزيعها الاجتماعي الناهض لكل الطبقات الأمر الذي يحددُ الأفقَ العام للتطور السياسي العقلاني.
إن الدساتيرَ تغدو هي صيغٌ معبرةٌ عن تطور هذا الفهم من قبل القوى السياسية الاجتماعية، فكيف تكيفُ موادَه للمزيدِ من مقاربة الديمقراطية الحديثة، ومن التعبير عن القوى الاجتماعية المنتجة، التي تقدمُ عبرَ رساميلها وقوى عملها الطاقةَ الحيويةَ للنظام الاجتماعي، وهي أمورٌ تؤدي إلى عدمِ ترهل النظام الاجتماعي بإدارات مثقلة مكلفة مضيعة، فهذه الرساميلُ وقوى العمل الوطنية هي الضمانةُ لبقاء أي نظام سياسي بدون عوامل مؤقتة، كالقبول بالمساعداتِ الخارجية أو بالاعتماد على مواد مُباعة ثمينةٍ استثنائية كالنفط أو السلاح، ولهذا فإن التعاونَ الصراعي بين القوتين المنتجتين الرئيسيتن هو الذي يضمنُ بقاءَ الموارد وحسن استغلالها، وقبول الطرفين بتسوياتٍ واختلافات وتضحيات في أوضاعهما المختلفة، ولكن في حالاتِ صراعِهما القاتل أو عدم تمثلهما بشكلٍ معبرٍ عن دوريهما، فإن الأنظمةَ تدفع الثمن مستقبلاً.
ولهذا فكلما ازدادت الديمقراطيةُ وتبلورتْ دستورياً في التعبير عن القوى المنتجة الوطنية (والعمال الأجانب كذلك حسب تطور الدساتير) كلما رسختْ الاستقرارَ الاقتصادي السياسي، ولم تعش على الاحتمالات والمساعدات والمشكلات المصيرية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أسبابِ الحروبِ الأهلية
- الأيديولوجيا والتكنولوجيا
- الطبقة الضائعة المنتجة
- العلمانيةُ بين المسيحيين والمسلمين
- الإخوانُ وولاية الفقيهِ
- موقفُ المتنبي (2-2)
- موقف المتنبي (1-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (1-2)
- الفرديةُ الحرةُ المفقودة
- المحور الإيراني - السوري يطحن بعنف
- الماوية وولاية الفقيهِ (2-2)
- الماويةُ وولايةُ الفقيهِ (1-2)
- قوى توحيديةٌ بين المعسكرين
- تجاوزُ التطرفِ المحافظ
- الأزماتُ والتحولاتُ
- التوحيدُ والتطورُ السياسي (2- 2)
- التوحيدُ والتطورُ السياسي
- سذاجةٌ سياسيةٌ
- البيروقراطية والديمقراطية


المزيد.....




- نقوش غامضة على بوابة قلعة في إنجلترا.. ماذا وجد الباحثون؟
- أوشاكوف يصف مباحثات بوتين وشي جين بينغ بالناجحة
- قوات الدعم السريع في السودان تؤكد استعدادها فتح مسارات آمنة ...
- شاهد: مقتل 50 على الأقل وفقدان عشرات الأشخاص جراء فيضانات قو ...
- شاهد: الدفاع الروسية تعرض لقطات لقواتها وهي تدمر ست طائرات أ ...
- ليبيا.. المستشفيات في حالة تأهب و-الهلال الأحمر- يدعو لهدنة ...
- موقع: تسينتولا يعترف أمام المحكمة بذنبه بمحاولة اغتيال رئيس ...
- مراسلتنا: غارة إسرائيلية تستهدف سيارة قرب الحدود بين لبنان و ...
- وزيرة الصحة السلوفاكية توضح حالة رئيس الوزراء
- فولودين يعلق على قرار الاتحاد الأوروبي بحظر عمل وسائل إعلام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي