أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تجاوزُ التطرفِ المحافظ














المزيد.....

تجاوزُ التطرفِ المحافظ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 09:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في جمود العرب والمسلمين والمواطنين في هذه المجموعة الدينية القومية المتداخلة، بين التشكيلة الإقطاعية غير المتجاوزة والرأسمالية الحديثة غير المتكونة، والتي تجسدت في الانتقال من النظم العسكرية إلى النظم الدينية، تعبيرٌ عن هذا الاضطراب التشكيلي الحاد الكبير.
المشابهاتُ بين العسكريين والدينيين كثيرة؛ اعتماد القوة وجر العامة الحماسية غير المثقفة، وتأجيج صخبها وعنفها واستخدامها للارتفاع الطبقي المحدود لهذه النخب الطالعة من هذا الجيشان المضطرب وتسطيح الرؤى المستخدمة لهذه التحولات، هي وغيرها أشياء مشتركة بين فريقي القوة.
وإذا كان الفريقُ الأول قد انطلق من مراكز القوة وهي الجيوش التي أتيح لها أن تكونَ أدوات التحولات الانقلابية، فإن هذا كان تعبيراً عن رفض التراكم الديمقراطي الشحيح في الدول العربية والإسلامية عامة.
استخدامُ الجيوش كان أولَ شكلٍ للارتداد إلى الماضي العربي الديني الإقطاعي، حيث أدوات الحرب هي الوسيلة الوحيدة لإحداث التغيير، لكنه تغيير سطحي واستبدال طغمة بأخرى، فالعسكرُ القديمُ القبلي سرعان ما يلهثُ وراء الخراج والموارد، ويغدو بعد بضع سنين بذات ملامح السابقين المغدورين. وينتظر التطور اللاحق أي عسكرٍ قبلي جديدٍ يتكونُ في عروق العامةِ النازفة، وفقط في الدول الكبرى الموحّدة ذات الأسواق المفتوحة أمكن للعرب والمسلمين أن يحدثوا نهضة كبيرة.
ولهذا فإن العسكرَ الحديث الذي استولى على السلطات وقد غدت رأسمالياتٍ حكومية ومركز السيطرة على وسائل الإنتاج الأساسية ولم يستطع خلق التوحيد الوطني، لم يأتِ بجديد تشكيلي، غير أن عسكراً جديداً يستولي على السلطات صار أمراً غيرَ ممكنٍ بسببِ توسع الحياة المدنية العربية الإسلامية، التي راكمتْ موجتين متضادتين؛ تحديثيةٌ جلبتْ أغلبَ بضاعتِها من الاستيراد الغربي، ومذهبية محافظة جلبت أغلب بضاعتها من زمنية هيمنة الإقطاع العسكري على عموم الأمم الإسلامية الكامنة في قومياتها، المتشكلة ظاهراً كمذاهب.
الأسسُ الموضوعيةُ لتكونِ طبقاتٍ وسطى وعاملة توحيدية لم تتوسع بحيث تفرضُ مقاييسَ الحداثة العالمية، ومقاييس النمو القومي الديمقراطي للأمم الإسلامية، وهذا التصادم الشكلاني هو بسبب غياب تلك الأسس الموضوعية ولعدم قدرة ممثلي التيارات السياسية على فهم الإسلام والعصر كبنيةٍ واحدة.
الأغلبيةُ في عمليات البحث عن هذا الوسط (الذهبي) تنشد إلى هذا الطرف أو ذاك، تجمع بشكل غير جدلي مركب عميق بين بعض صور الحداثة كالانتخابات والأحزاب والقبول الهش بالآخر، وتقبل النمو التحديثي لحريات النساء والفنون والآداب، لكن الأغلبية ذاتها مكونة من هذه الجماهير التي لم يتحول عيشها إلى عيش متطور، وهي إذا تعمل على حقوقها المادية تغفل جوانب تطور البناء الاجتماعي المحافظ، لكونها جزءا منه. إنها تريد تطوير معيشتها من دون إحداث تحولات في طرق عملها وعاداتها ومقاييس رؤيتها للحرية.
الصراع بين التيارين الرئيسين التحديثي والديني متداخل متصاعد، وكل فريق يشد في اتجاه، وكل فريق يستغل تناقضات الآخر، ويكشف عيوبه.
تذبذب الكتلة المحافظة نحو استنساخ دور العسكر صعب، لكنه ممكن في بعض البلدان أو بعض الفترات أو بعض المناطق التي تُسلخ من الدول.
يعبر الوعي المحافظ عن عدم الرغبة في تغيير البناء الاجتماعي التقليدي، وهو يضعف في المدن ويتقوى في الأرياف والبوادي.
ورأينا أن كتل ولاية الفقيه والقاعدة هي المعبرة عن هذا الرفض الكامل لأي شعرة من الحداثة، ومن هنا يغدو العنف أداتها، فهي الجيوش القديمة وقد صارت فِرقاً، أو هي جيشٌ كبير في دولة تم الإستيلاء عليه لعدم الاقتراب من الحداثة والديمقراطية.
الأنظمة العسكرية لها إيجابياتها ورغم ريفية صناعها الأبرز إلا أنها تكرست في المدنية، وجلبت جوانب كبيرة من الحداثة، غير أن الأسس الشمولية لأنظمتها جعلت الناس تكره الحداثة، فتصاعدت الأزمات وهيمنة الأرياف والبوداي على المدن العربية مما أرجع بندول التاريخ للوراء على مستوى الوعي فيما العديد من القواعد التحتية متغيرة.
وما تفعله الحكومات الدينية المنتخبة يجري أغلبه في الدعاية والإجراءات اليومية البسيطة والعلاقات الخارجية، والاستدانة من جهات عدة تريد السيطرة عليها، ولهذا فإن التحالفات الداخلية الديمقراطية النهضوية والاعتماد على الجهود الأهلية هي الجسور الوحيدة لتجاوز حكم العسكر.
على المستوى السياسي تغدو برامج التحول الاقتصادي الاجتماعي لصالح الأغلبيات الشعبية أساسية لكي تتشكل تلك التحالفات على أسس مادية قوية، لا تمنع التباينات الفكرية ومصادر المعرفة المختلفة، وأي سياسات أخرى تعني التوجه للشمولية الدينية السياسية السابقة الذكر وعدم القدرة على التطور الداخلي الديمقراطي في تغيير الحياة التقليدية وتجاوزها وتفاقم العنف وهو ما يمكن أن يلعب الدور الأساسي في صعود العرب والمسلمين إلى الحضارة الحديثة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزماتُ والتحولاتُ
- التوحيدُ والتطورُ السياسي (2- 2)
- التوحيدُ والتطورُ السياسي
- سذاجةٌ سياسيةٌ
- البيروقراطية والديمقراطية
- انتهى زمنُ العمالِ الآليين
- كيف تلاشتْ النصوصُ الحكيمة؟
- صراعٌ طائفيٌّ متخلفٌ
- الإخوانُ والرأسمالية الحرة
- الطائفية وتدهور الثقافة
- صراعٌ طائفي إقليمي
- التطورُ الاقتصادي السياسي في الخليج
- الأجهزة والتجارة
- العسكرُ والقومية
- ولايةُ الفقيهِ والقاعدة (٢-٢)
- ولاية الفقيهِ والقاعدة (١-٢)
- القيمة في التوحيد
- بنتُ الشاطئ وأبوالعلاء المعري
- تحرك عربي ماركسي ديني (٢-٢)
- تحركٌ عربيٌّ ماركسيٌّ دينيٌّ ´- 1


المزيد.....




- خبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على ج ...
- في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال ...
- القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة ب ...
- تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية ال?إيران?ية وتلوّح ...
- مساعدات التنمية: ألمانيا تقلص الإنفاق على الناس الأكثر فقراً ...
- فرنسا: المنطاد الأولمبي سيعود للتحليق في سماء باريس بعد تحول ...
- بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
- عبر الخارطة التفاعلية.. آخر التطورات في المواجهة الإيرانية ا ...
- ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع ...
- الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تجاوزُ التطرفِ المحافظ