أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العسكرُ والقومية














المزيد.....

العسكرُ والقومية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 07:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حاولت النزعاتُ العسكرية أن تتجذر في البلدان العربية وتجعلها فاشية، فتنحو نحو حكم عسكري دموي متأصل.

نجد انه في مصر لم تستطع القوى العسكرية أن تغدو مثل ذلك، وهذا فارق واضح بينها وبين فارس، فمصرُ عرفتْ التنوعَ الحضاري، وفي المرحلة المصرية القديمة كانت تعدديةُ الآلهةِ وتقدير الآلهة الأجنبية كذلك تعبرُ عن طبيعةِ شعبٍ متسامح رغم أن مصر أول نظام مركزي في التاريخ.

ولهذا كان الفارقُ مختلفا في استجابةِ كل من مصر وفارس للإسلام. لقد قام كل من مصر وفارس بإنشاء إمبراطورية تعدديةٍ وانتجت العديد من الأفكار والمذاهب الداعية للمساواة والسلم وقبلتا بكل أديان الشعوب التي اُحتلت.

لكن كان رد فعل فارس عنيفا تجاه الإسلام، وعلينا أن نعرفَ أن الخط بين عرب الجزيرة وفارس كان داميا على مر آلاف السنين، وكانت ضرباتُ فارس للجزيرةِ العربية استثنائية بعنفها، وربما كان ذلك أيضا لكون العربِ هم على حدود الإمبراطورية وفي بعض الأحيان النادرة جرؤوا على مهاجمتها.

كانت نظرةُ الفرس للعرب وللأسف لاتزال عند بعض الأوساط أنهم همج، في حين لم يعرف المصريون هذه العلاقة الدامية، وحين أسلموا تم الأمر بصورٍ اعتيادية رغم الصراعات التي تمت خاصة في فترات الأسرِ الأرستقراطية التي انتزعت أراضي الفلاحين وتعاملتْ معهم بنفس تعامل الإمبراطوريات الأجنبية.

على الرغم من ضخامة الحضارة المصرية، بل ربما بسبب ذلك، ساروا مع الاتجاهات السائدة في الدين الإسلامي، وكانت لحظاتُ الثورات استثنائية وقد تجمع فيها السكان عامة، الذين انصهروا عبر الغالبية المسلمة.

في حين مضت فارس خلال قرنين داميين تقاومُ العربَ ولم تتصور مطلقا أن يحكموها أو تذوبَ في القوى السكانية التي تغلغلتْ في فارس، بل ان هذه القوى هي التي غدتْ فارسية، وتحولت فارس مركزا للمذاهب الإسلامية المعارضة.

وحين استعادت فارسيتها وتلونت بشكل مذهبي مختلف تغلغلت في الأجزاء العربية التي كانت واسعة على حدود فارس.

لهذا فإن طبيعة النظام العسكري المصري لم يتسم بدموية حادة، ولم يقطع العلاقة بالإسلام والسنة والمسيحية العربية وكانت حداثيته و(اشتراكيته) في هذا الإطار. لم يجعل نفسه نقيضا لهذه الأجسام العربية والإسلامية المتعددة، بل على العكس حاول أن يقودها بعقليةِ الضباطِ الكبار غيرِ الديمقراطية وغيرِ البعيدة النظر.

ولم تخاصمْ فارسٌ القوميات والبلدانَ الأخرى في الحدود غير العربية كما عادت العرب، وهو مظهرٌ غريب مرضي وتاريخي، وتمثلت لها العروبة والسنة كجسم سياسي (عقائدي) واحد، وهو أمرٌ ينطبق على الأوساط العليا بشكل خاص ولكن العامة يتم شحنها بهذا المخدر العنصري القومي.

التاريخ الفارسي الآري كان مُحاصرا من قبل القوميات المضمرة الأخرى، لكن لم يتمكن أحدٌ من هدم هذا التاريخ وقلبه سوى هؤلاء العرب القادمين من الجزيرة العربية.

والمجتمع الإيراني الحديث لم يحل مشكلاته الوطنية وتعدده القومي ومشكلات التطور الديمقراطي، فقفز الى الأمام هروبا من حل هذه المشكلات.

حين نطالع الثورةَ المصرية الديمقراطية الراهنة نقرأ العديدَ من العقد التاريخية كذلك، مثل عقدة غياب الانصهار الوطني الكلي، وبقاء التناقض بين الدين والدولة، ووجود البنى التقليدية غير المحدثة وغير المعصرنة، وهي تمثلُ المناطقَ التي تعيش عليها القوى الاجتماعية السياسية المحافظة، ولكن لا نجد هذا الهجومَ الكاسحَ على قوى الحداثة والديمقراطية كما في إيران، بل نرى أن آفاق التعاون بين القوى السياسية المختلفة ممكنة.

لقد حاول العسكر خلق المشكلات الكثيرة لتنامي الحكم المدني الديمقراطي لكنهم خرجوا بذيول حارقة لم تزل تستعرُ في بعض المناطق.

في حين يمثل ارتداد إيران لنظام كهنوتي عسكري دموي على مستوى البلد وعلى مستوى المنطقة كما في حراكها الفاشي الدامي في سوريا تصاعدا عكسيا مخيفا.

لقد تكون هتلر فارسي حقيقي على كل تلك المقدمات.

لقد حاول ضباط آخرون صياغة هتلر عربي لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، ليس بسبب القوى الأجنبية ولكن لكون العرب والقوميات الأخرى ذات نزعات عربية وإسلامية إنسانية مجافية للتسلط الشامل الساحق، ولهذا غالبا ما يفشل نموذج هتلر عبر تفكك سلطاته وهروب الأقاليم المختلفة من قبضته.

ويثبت نموذج الشعب السوري هذه الحقيقة رغم أربعين عاما من التسلط العسكري المافيوي. ولهذا فإن الشعب السوري يقاوم نموذجين هتلريين، داخلي وخارجي، ولكن النموذجين يتقلقلان، ولم تعد الشعوب بمن فيها الشعب الإيراني بقابل لهذا النموذج العسكري المتسلط، وبدا أن ذلك يُعالج حتى في الدوائر العليا الإيرانية فهو فعلا طريق مسدود مدمر للجميع.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولايةُ الفقيهِ والقاعدة (٢-٢)
- ولاية الفقيهِ والقاعدة (١-٢)
- القيمة في التوحيد
- بنتُ الشاطئ وأبوالعلاء المعري
- تحرك عربي ماركسي ديني (٢-٢)
- تحركٌ عربيٌّ ماركسيٌّ دينيٌّ ´- 1
- ثورة وثورة مضادة
- حقوقُ الإنسانِ والعقلُ السياسي التحديثي
- عنفُ ما قبل الحداثة
- جانبا التشكيلة يمرضان
- الثالوثُ العسكري وفجائعُ الحروب
- الاصطداماتُ الثقافيةُ الدينية
- مشروعٌ متأزمٌ
- القوميتان والصراعُ الاجتماعي
- هل يسرق الإقطاعُ الديني الثورات العربية؟
- أنماطُ التحالفاتِ بين القوى الحديثة
- التشكيلةُ لها تاريخٌ
- العربُ وفشلُ التجريبِ السياسي
- القوميات الكبرى والأفكار
- خنادق وهميةٌ


المزيد.....




- تحديث مباشر.. ترامب يدرس خيارات أمريكا مع دخول الصراع بين إس ...
- السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد
- اكتشاف آلية للتحكم بالجوع
- ماذا يعني تناول جرعة زائدة من المغنيسيوم؟!
- أغذية تحمينا من كسور العظام عند الشيخوخة
- اليوم السادس للتصعيد الإيراني الإسرائيلي - صافرات الإنذار تد ...
- إيران تشن هجمات صاروخية متتالية على إسرائيل
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا بالإخلاء لسكان إحدى المناطق في ...
- الجيش الإسرائيلي: سلاح الجو بدأ الآن موجة من الهجمات في طهرا ...
- الحرس الثوري الإيراني يصدر تحذيرا بإخلاء منطقة -نيفيه تسيدك- ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العسكرُ والقومية