أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - خنادق وهميةٌ














المزيد.....

خنادق وهميةٌ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 07:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الخندقُ الذي يفصلُ الأممَ الإسلامية خندقٌ وهمي، والاختلافاتُ وهميةٌ والصراعات مجانية.

هم كلهم في عالمٍ محافظٍ ذكوري استبدادي، فالانقلاباتُ بشعاراتِها المجللةِ سابقاً غدتْ محافظةً يمينية، وكانت اشتراكية صارخة ثم غدت رأسمالية فوضوية فاسدة مثل الاشتراكية.

أحزابُ اليسار كأحزابِ اليمين، فما هي سوى سويعات تاريخية حتى ينقلب اليسار يميناً، والعلماني طائفياً، والتقدمي رجعياً، والقلة من أمسكت بخيوط النضال والإصلاح وسط الخرائب.

كلهُ طلاءٌ سياسي براني ويبقى الذكرُ سيدَ المخلوقات الأرضية.

ثار الرجالُ المحافظون وهم الأكثرية الساحقة حين حاول الإسلامُ مقاربةَ النساء وحقوقهن، الإيمانُ والشركُ اللذان أخذا بعض السنوات هيمن بعدها صراعُ الذكورةِ المستبدة ضد حقوق النساء وضد العقلانية والوحدة السياسية قروناً ولم يُوضع حد للحرب الاجتماعية بعد.

الفتوح والحروب التي أُبعدتْ عنها النساءُ صارت انقلابا في السياسة لأن الهيمنة الذكورية الساحقة كانت موجودة. لكن بدأ عصرُ الرجال الكلي وتكريس بُنى المحافظة ومنع تطورات العقلانية والديمقراطية والمساواة، وفي هذا النظام غير العادل بين الأجناسِ تتواصل السلبياتُ الأخرى، كاضطهاد الأمم والشعوبِ داخل الدين الواحد، وتغدو الطائفياتُ والغيبياتُ المتطرفة هي الأشكالُ اللاعقلانية لمجابهة السلطات الذكورية المستبدة الباذخة في المركز.

ومن هنا غدت السياساتُ العصريةُ الراهنة في هذه المجتمعات هي شعاراتٌ فوقيةٌ يعجنها الرجالُ النخبُ في تجمعاتِهم المفصولة عن البيت والأسرة والعقل، ربما بدمائهم وعرقهم وربما برغوةٍ زبَدية، وتبقى الأيديولوجياتُ المستوردة تفرقهم وتجمعهم، ولكن تتثبت الأيديولوجياتُ الذكوريةُ القامعة، العُنفية، التي تعطي لهؤلاء الذكور فرصَ إخراج مضامينهم الداخلية المتوارية حتى عن صحبهم، وتخفي خوفهم من النساء ومن المساواةِ معهن، وتُزال قراءةُ النصوصِ المستوردة أو المستعادة بحرفية شكلانية من التراث، بشكلٍ عقلاني ديمقراطي إنساني، والمضامينُ المحافظة الشمولية تخرجُ وتسيطرُ على القراءات والأحزاب والدول. البُنى القديمةُ تؤكدُ نفسَها في مواجهةِ أحلامِ الناس في السعادة والسلام.

يظهر ذلك بأشكالٍ استعراضية ولا يستطيع الذكرُ المناضلُ أن يقيمَ علاقةً إنسانية مع زوجته أو أخته.

والمضامينُ تظهر وتسود بين المختلفين وهم شركاء في الخندق المحافظ، الثائر المذهبي الراهن يثور على نظام للجوانب الجيدة فيه لا على جوانبه السلبية من الاستغلال الفاحش للمال العام، يثور على مقاربته للحداثة، ولحرية النساء، و(شيوع المحرمات). وهو في سيطرته على المال العام، الهدفُ والمُرمام، يجدُ بفذلكةٍ رخيصة تاليةٍ أن هذه الجوانب أصبحت لازمةً في العصر الحديث وأن المؤمن أمره مع ربه، وأن العلاقات مع الغرب (الكافر) لابد منها حتى يتقوى الإيمان والمؤمنون. فلماذا لم تطور هذه التسامحية المذهلة خلال عقود حشوتَ فيها العقولَ بالكراهية والحقد على الحداثيين والمذهبيين المغايرين والأديان الأخرى؟!

قراءاتٌ هي دائماً على السطوح وتبقى الهيمنةُ على النسوةِ والعقول والنصوص والمجتمع توحدُ المهزومين الذين اندحروا والمنتصرين الذين غَلبوا.

حين هُزم الأمويون وانتصر العباسيون لم يكن ثمة فروق جوهرية غير أن التجارة كانت أوسع وكان لها نبضٌ في الحداثة، ثم حين غارتْ هذه التجارةُ في عالم الأوبئةِ والحروبِ والبذخِ ذهبتْ تلك النهضةُ وغاصتْ الأممُ في عمق التخلف.

الآن يعيدنا الطائفيون للخنادق المتقاتلة، ثمة أمةٌ لها عٌـقدٌ في تاريخِها الخاص، وغير قادرة على تعميقِ الحداثة والديمقراطية وإعطاء النساء حقوقهن ووقف التعدي على العقول الحرة فيها.

وثمة أمة منوعةٌ، قسمٌ منها يعيش في ذاتِ الظرف للأمة الأخرى وأقسامٌ أخرى متفاوتة في مقاربة الحداثة، والكلُ يعيش في القرون الوسطى فعلياً ويحاولُ الخروجَ بإمكانيات محدودة.

ولكن بدلاً من القراءات النقدية لهذا التاريخ المعلب، والموجود في المغارة، والمشي خارجها، تأخذُ السياسيين الأحقادُ القوميةُ الغائرة في مستنقعاتِ التاريخ، تطفحُ على سطوحها موادُ نصوصٍ رثة، هي الموادُ التي تكونت لظهور هذه القوميات تحت العباءات الطائفية المليئة بالنصوصية الجامدة أو بالخرافات والشعائرية الحادة التي غدتْ تُحملُ وتنشرُ بوسائل الحداثةِ الأكثر شعبية، لإعادةِ تلك القمامات وتوسيع حضورها في الشباب ليكونوا موادَ المذابح.

وبدلاً من الخروج من الكهوف تُحذفُ أصابعُ الديناميت من كهفٍ لآخر.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأممُ الكبرى العسكريةُ في الشرق
- القومياتُ الكبرى وأزمةُ التحول الديمقراطي
- سقوطُ الحربِ الباردةِ الفلسفية
- الماضي أغلالٌ
- وتائرُ تطورِ الرأسمالية
- ثقافةُ التحليلِ وثقافةُ التحلل
- التناقض الخلاق والتناقض المدمر
- تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا
- الطائفيون وخرابُ البلدان
- افتراق قطبي المسلمين
- الوطنيون والطائفيون
- الفردُ والشموليةُ الساحقة
- الوعي الوطني ومخاطرُ اللاعقلانية
- أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة


المزيد.....




- تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
- واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
- رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار ...
- الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد ...
- نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
- إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة ...
- صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في ...
- من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟
- الخارجية الإيرانية تدين الهجوم -الإسرائيلي- بمسيرة على إحدى ...
- أبرز محطات العلاقات بين الجزائر والإمارات


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - خنادق وهميةٌ