أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - أزمةُ مثقف














المزيد.....

أزمةُ مثقف


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 08:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يغيّبُ الأخ علي الديري أحداثَ فبراير في البحرين سنة ٢٠١١ عن أي بُعدٍ مذهبي سياسي وأنها حدثٌ بحريني إجتماعي خالص، يقول:

(هكذا إذاً، وجدتُ نفسي سريعاً جزءاً من هذا الميدان، ومثلما وجدت فيه تجربة للعيش المشترك معاً بالنسبة للمختلفين، كان بالنسبة لي تجربة أخرى، لنقل مختبرا لمفاهيمي النظرية كمثقف معني بالحرية والإنسان والفضاء العام والميدان المشترك والدولة والتعددية والديمقراطية. كان علي أن أقترب عملياً، من المفاهيم النظرية، التي استهلكتها كتب المفكرين والمثقفين الكبار، أختبرها في ميدان الناس وعلى أرض الواقع)، سيرتي، موقع اللجنة العربية لحقوق الإنسان.

إنه يشكلُ فكرةً تجريدية للقارئ عن تجمع سياسي مخططٍ له وذي جذور، فالحدثُ المُجهزُ عبر تنظيماتٍ مذهبية سياسية غير مقروء لديه، فهو حدثٌ بلا إعداد تنظيمي من جماعات معينة استفردتْ بعمل سياسي منعزل لعقود، وهي مثل الكاتب علي الديري نفسه لم تشكلْ وعياً ديمقراطياً وطنياً توحيدياً، لكن رغم الطائفية السياسية تقول إنه حدثٌ شعبي خالص، والشعبُ البحريني هنا بلا تاريخ فهو قد نزلَ الميدانَ كله، وها هو مثقف معني بالعلوم يقوم بدرس هذه الظاهرة.

يقوم الكاتب بقطع جذور الشعب عن سيرورته التاريخية، وتغدو(الجماعة) التي ينتمي إليها هي الشعب في تجريده، وغيابُ التحليلِ التاريخي وتعليقُ الظاهرةِ لن ينتجَ معرفةً معمقةً بالناس وبعملهم السياسي الديمقراطي.

هي قراءةٌ ترتكزُ على الذاتية الاجتماعية التي عاشها واختصرها بأنها هي الوطن والشعب، ولم يحاول أن يحفر فيها ليشكل ثقافة وطنية.

فالشعبُ منقسمٌ طائفياً، وتحريكُ طائفةٍ سوف يجر للصراع مع طائفة أخرى، أو على الأقل لن يمثل حراكاً وطنياً فاعلاً وسيغدو مغامرةً وتكون لها نتائج سلبية كما حدث ذلك فعلاً.

(تويتر كان يحرضني لأن أذهب إلى أماكن الحدث نفسها، أن أتابعها بنفسي، أسجلها بنفسي، أنقلها بنفسي، أقترب من حقيقة ما يحدث. المثقفون الذين لم يكونوا قريبين من هذا الحدث، كانوا بعيدين جداً، حتى لو كانت جغرافيا البحرين قريبة، إلا أنهم كانوا بعيدين لأنهم كانوا يستقون معلوماتهم عبر وسائل الإعلام الرسمية وعبر أبراجهم العاجية، وعبر مواقع مصالحهم في الدولة، ولو كانت هذه المصالح في شكل تسهيلات تافهة.)، المصدر نفسه.

التعميماتُ سهلةٌ في لغة الديري، فهو وحده المثقفُ القريب الذي ينزل حيث الحقيقة المطلقة التي تمثلها الجماعاتُ السياسيةُ من الطائفة، وهذه اللغةُ غيرُ ذاتِ جذورٍ سياسية متمرسة، فالديري علاقتُهُ بالسياسة هشة، سطحية، خاصة علاقته بتاريخ المعارضة في البحرين وثقافتها ونضالاتها، وجاء إليها متأخراً، وحين يعمم فهو يعممُ عن نفسهِ خاصة، لكنه شكلٌ لأزمة، ذاتٌ تجسدُ مشكلةً عامة؛ إنها طائفيةٌ عاجزةٌ أن تكوّن شعباً.

فالوعي حين يتشكلُ في مؤسساتِ دولةٍ هو غيره حين يتشكل على أرضِ الحياة العادية، والديري كان لسنوات طويلة موجوداً في تلك المؤسسات، وبالتالي فإن نزوله المفاجئ للدوار لا يخلقُ فجأةً وعياً سياسياً متجذراً في رؤيةٍ تحويلية وطنية.

فلم يكن ذا علاقة بجماعة أو بفكرِ جماعة مكافحة أهلية بل كان متعاوناً خاصة مع وزارة الثقافة ومركز الشيخ إبراهيم آل خليفة وجامعة البحرين وغيرها.

وكان يشكلُ مفاهيمَه من الحياة المذهبية العبادية البسيطة التي ينافحُ عنها بحدةٍ شديدةٍ في بدايةِ حياته الكتابية، ولكنه مع استمرارِ قراءته راح يبحث في المناهج الحديثة التي ظل متقلقلاً فيها كما سنقرأ ذلك لاحقاً.

وبهذا فإن مفرداته التجريدية لوضع الشعب البحريني كله في الدوار هو تغييبٌ للدرس الموضوعي التحليلي.

وهذا التعرض المخل وتغييب تاريخ الشعب ومشكلات انقسامهِ يغيّبُ تضاريسَ البلد لعقودٍ من النمو ومن التناقضات الاجتماعية كما يغيّب وضع المنطقة الخليجية ووضع الجزيرة العربية ونشوء الصراع المحوري بين المشروع القومي الإيراني والمشروع القومي العربي عامة. وهما المشروعان اللذان لم تعرف الجماعاتُ المذهبيةُ السياسية المخلتفة كيف تتجاوزهما، لكونها لم تَقمْ على ميراث الحركة الوطنية- القومية البحرينية، ولا هي سعت لتراكم فكري ديمقراطي وطني في المجتمع، وبهذا ما كان حراكُ أحدها المذهبي المنفرد أن يُحدثَ شيئاً تحولياً، وإذا كانت كل المجموعات المذهبية السياسية في طائفتي الشعب المقسِمتين له هي بسبب هذا الفكر الديني المحافظ المذهبي، فعليها بتجديد خطابها الفكري السياسي والقبول بالديمقراطية داخلها لترتقي بالناس وبنفسها.

إن جدلَ الشعب هو الذي يخلقُ التاريخَ لا صراعَ الطوائف.

وكان يُفترض في علي الديري أن يراجع ذلك ويساهم فيه، لا أن يحول مهمته إلى مهاجمة الكتاب الوطنيين الذين قاموا بما لم يقم به.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين
- عالمُ المماحكاتِ
- تقاسمُ المستعمراتِ الإسلامية
- التنظيمات والبالونات
- تناقضات المنطقة
- مساعدةُ الثورةِ السورية واجبٌ قومي إنساني
- الديمقراطيةُ الشموليةُ
- العودةُ الحادةُ للوراء


المزيد.....




- اكتشاف يذهل العلماء.. فتاة تعثر على صدفة سلحفاة عمرها 32 ملي ...
- مجلس الأمن يصوت ضد مشروع قرار يمنع تفعيل -آلية الزناد- في ال ...
- مقتل قيادي في -داعش- بعملية أمنية عراقية في سوريا.. ما علاقت ...
- كيف تحولت عملية مياه بيضاء بسيطة إلى كابوس يهدد بصر العشرات ...
- غزة: لماذا كانت دائماً ساحة صراع؟
- -سيأتي دورك-.. كاتس يهدد زعيم الحوثيين ويتوعد برفع العلم الإ ...
- الدوحة تستقبل بريطانيين أفرج عنهما من أفغانستان بوساطة قطرية ...
- التجويع الإسرائيلي يحصد مزيدا من أرواح الأجنة والخدج
- الاحتلال يهدد بقصف غير مسبوق لغزة وغاراته توقع عشرات الشهداء ...
- كابل ترفض تصريحات ترامب بشأن السيطرة على قاعدة باغرام


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - أزمةُ مثقف