أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الوطنيون والطائفيون














المزيد.....

الوطنيون والطائفيون


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 08:57
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



تسارعتْ الانهياراتُ في رأسمالياتِ الدول الشرقية بدءًا من الاتحاد السوفيتي ومروراً بأوروبا الشرقية وأخيراً وليست آخراً خُتمت ببعض الدول العربية.

العمليةُ التاريخية تكشفُ النمطَّ المرحلي لرأسمالية الدولة ووراثاتها الاجتماعية والدينية وعدم قدرتها على التحول الديمقراطي السلمي، بسبب تحول الرأسمالية إلى احتكار اقتصادي سياسي بيروقراطي ونشوء طبقات مستغلّة، توقفُ نموَّ القوى المنتجة، ويصبحُ الشكلُ السياسي الأيديولوجي عائقاً لهذا النمو.

لقد ربطتْ القوى الوطنيةُ العربية أمورَها بهذه الرأسمالياتِ العابرة بهذا الشكلِ المرحلي الضروري لفترةٍ ما مؤقتة، وتكلستْ أشكالُ وعيها بمصالح ضيقةٍ مع هذه الرأسماليات، فغابت عن أشكالِ الوعي الأدواتُ التحليلية الموضوعية والنقديةُ الماركسية فلم تواصلْ دورَها الوطني الريادي، فراحت أدواتُ هذا الوعي تتآكلُ بسبب الانحياز لقوى هذه الرأسماليات الحكومية الشمولية، وتختلف طبائع هذه الرأسماليات وظروفها في كلِ بناءٍ سياسي اجتماعي قومي، من حيث التاريخ وطبيعة الانجازات وطبيعة أجهزة الدول والفكرة المركزية التي تهيمن على العملية التحولية، ومن حيث بروز أو غياب أدواتِ التحليل وعمق الارتباط بالقوى العاملة والمنتجة، ومستوى مراقبتها ومشاركتها في هذه العملية التاريخيةوعلى تباين التجارب ومدى مساهماتها في عملية انتصارِ الرأسمالية الحرة في الشرق فإن القوى الوطنية فشلتْ في التخلصِ من شباكِ البيروقراطيات الاستغلالية، وعدم قدرتها على تمزيق شباكها الأيديولوجية التضليلية، فتآكلتْ تلك الأدواتُ النقديةُ التحليلية ولم تتمكن من معالجةِ مسائل الإرث الفكري للشعوب وهو الإرث الذي تحول لشبكاتٍ اجتماعية سياسية تعود لمئات السنين السابقة نظراً للفراغ الفكري السياسي الإصلاحي، مثلما فشلت هذه القوى في رؤية عمليات توزيع الفائض الاقتصادي ولدورها في تكريس الشموليات وإعاقة تطور البلدان الوطنية الحديثة في الشرق.

ولهذا فإن الوعي الوطني القومي التوحيدي في كل بلد لم يستطع مقاومة هجمات القوى الطائفية التفكيكيةِ للبُنى الوطنيةِ الهشة، المُقامة أثناء مقاومة الاستعمار، وقد أُصيبتْ بعض هذه القوى الوطنية بدوار الرأس وفقدان المرجعية الأولى التي صدأت في غياب الوعي النقدي الموضوعي، وبسبب التلحف بمختلف أردية الذاتية، فساهمت في تضليلِ الجمهور ودفعه في الفيضان المتخلف للقوى الطائفية، وهو ما أدى ويؤدي إلى انهياراتٍ وانفجارات العمليات السياسية الجديدة ونشوء صراعات طائفية اجتماعية حادة على مستويات البلدان والمنطقة بأسرها وارتباكات عمليات التحول وتحديد الأهداف الحقيقية، ودفع الأمم الإسلامية للحروب.

إن الخبرةَ الشرقية الاجتماعية الضحلة في الصراع مع الرأسمالية توجهتْ للقفز عليها وإيجاد أشكال مصطنعة بالتعاون مع الإرثِ الاستبدادي الطويل للدول في الشرق والقائم على تحكم الأجهزة الحكومية عبر التاريخ، ولهذا فإن عمليات الصراع والتحول الراهنة تكتسبُ تجريبيات حارقة وجهلاً فظاً بالتاريخ والخبرة السابقة، وتغدو رأسمالياتُ الدولِ المستولى عليها عقب الثورات في مهب الرياح الاجتماعية السياسية، فإما أن تغدو رأسماليات دول دينية شمولية تعيدُ أشكالَ توزيع الدخل الوطني بطرقٍ طبقية استئثارية، وإما أن تغدو رأسماليات دولٍ وطنية ديمقراطية، تتداولُ فيها السلطاتُ والثرواتُ حسب مواقع القوى الاجتماعية المنتجة ومن أجل تغيير الهياكل الاقتصادية الاجتماعية المتخلفة، وحسب مساهمات القوى السياسية الاجتماعية في العمليات السياسية المُقامة على التضحية ونقد الذات والمكاشفات الواسعة والدفاع عن مصالح الشعوب.

إن هذه العمليات السياسية الاجتماعية تُغذى ضرورةً بتحولاتٍ نوعية في أشكال الوعي الوطنية القومية، المواكبة لفهم وتغيير التاريخ الراهن، وتعالج التراثَ معالجات ديمقراطية إنسانية، لتواكب قراءاتُهُ مجريات الأحداث والتطورات العقلانية الهادفة للسيطرة على فوضى الرأسمالية الجديدة المنفتحة المرتبطة بالعولمة، وجعلها في خدمة الأغلبيات الشعبية، وليس أن تكون الأغلبيات طعامَ نيران لفوائضها وأرباحها.

الوطنيةُ والطائفيةُ هما شكلا التوزيع الاقتصادي الاجتماعي الراهن، فإما توزيعٌ وطني يغذي بفوائضهِ حاجات الشعوب وتطورها وإما أن يغذي قوى معينة توجه العمليات الاقتصادية لمصالحها وتستغل أدوات التراث وثقافته وأشكال السلطات المتوافرة في تكريس هذا الانتاج لرأسمالية دولة، ومعه شكله في التوزيع الفئوي، وإما أن تكون رأسماليةَ دولةِ وطنية الانتاج والتوزيع وليست هي كل الاقتصاد وأنما ركيزته الكبيرة المُدارة ديمقراطياً.

فإما دولٌ وطنيةٌ تساهم فيها كلُ القوى السياسية والاجتماعية وتجددُ البناءَ السياسي القديم وتكرسُ الخريطةَ الوطنية، وتنظرُ للتاريخ والتراثِ بعيونٍ عقلانية متفتحة، وإما دولٌ طائفية ممزقةٌ متحاربةُ العناصر والأقاليم وذات ثقافات طائفية عنفية متعصبة.

هذه هي خلاصةُ التاريخ.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردُ والشموليةُ الساحقة
- الوعي الوطني ومخاطرُ اللاعقلانية
- أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين
- عالمُ المماحكاتِ
- تقاسمُ المستعمراتِ الإسلامية
- التنظيمات والبالونات


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الوطنيون والطائفيون