أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثورة وثورة مضادة














المزيد.....

ثورة وثورة مضادة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3863 - 2012 / 9 / 27 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إذا كان زوالُ التناقضِ بين الماركسية والغربِ الرأسمالي قد بدأ مبكرا في بحوث علماءِ الإنسانيات في غرب أوروبا خاصة، فإن قادةَ الولايات المتحدة قد أدركوا أهميةَ هذه النظرية وضرورةَ درسها، وكان ذلك قبل سقوط جدار برلين مخفيا متواريا، ولكن حين سقطَ الاتحادُ السوفيتي لم يعدْ هناك مبررٌ للتحفظ تجاه ذلك، وقد فعلوا هذا لفهمِ العالمِ من خلال منظار العدو، ومن أجل مقاربة الوضع الحقيقي، فالطبقة الوسطى العدوة التقليدية للماركسية وجدتْ من الضرورة أن تدرسَ الماركسيةَ بعد طول منع، ولهذا رُفع الحظرُ عن الحزب الشيوعي الأمريكي بعد سنواتٍ طويلة من المنع، وسُمح بدراسة الماركسية كوجهةِ نظرٍ معاصرة مثلها مثل أي نظرية أخرى في الجامعات الأمريكية.

وليس غريبا أن يقول الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إنه ليس معاديا للماركسية وانه يتعلمُ منها.

في الدهاليز الخلفية ومراكز البحوث وجدوا أن دراسةَ الماركسية مهمة لضربِ الدول(الاشتراكية).

لقد غاصوا في القراءات والبحوث وجمعوا معلومات هائلة عن الدولِ الشرقية ذات النمط الرأسمالي الحكومي، فلقد تدهور وعي قادةِ هذه الدول الشرقية بالماركسية وصارت لديهم نسخ مزيفة عنها، وجعلتهم الشمولية ينفصلون عن الواقع الحي، ويدبجون إنجازات اقتصادية وهمية، وتنفصل الأقلياتُ الحاكمةُ البيروقراطية عن القواعد الشعبية الواسعة، وتؤدي العسكرة والنفقات الباهظة على القوى الصديقة في الخارج، إلى تدهور قوى الإنتاج والتقنية، وإثقال السكان بالأعباء الاقتصادية والاجتماعية.

ولهذا فإن رفع النفقات العسكرية عالميا من قبل الولايات المتحدة على مدى عقود كان يتجهُ الى إنضاجِ الثورة داخل روسيا، وكان تحمل الاتحاد لكُلف هائلة تزيد أعباءه وتحفز السكان الى التمرد عليه، ولقد علمتهم الماركسية ما هي شروط الثورة، حيث ان لها شروطا موضوعية وذاتية مركبة متداخلة، ومعرفتها تغدو أشبه بعلم، وقد قاموا بإنضاج الظروف الموضوعية لتلك الثورة الداخلية من خلال تلك الأساليب المتعددة. ومن سخرية التاريخ أن يدرك قادة الرأسمالية العالمية مسائلَ الماديةِ التاريخية مطبقة على وضع تاريخي معين في حين يفشل تلاميذُ معلميها الأوائل، وأن يفهم هؤلاء ان الرأسماليات البشرية هي أشكالٌ عالمية متعددة التطور، ذات قدرات إنتاجية مختلفة، وان المنافسة الاقتصادية وحفز التناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج هو الذي يؤدي الى الانهيارات الاجتماعية.

فهمٌ مادي تاريخي لكن من أجلِ ثورةٍ مضادة، وفي سيرورةِ التاريخ هي الممكنُ الوحيدُ لتحريكِ التطور لغياب الوعي الداخلي التقدمي الديمقراطي وتفاقم الانتهازيات في روسيا. إن جدليةَ التطورِ معقدة.

وقد قام قادةُ الاتحاد السوفيتي أنفسهم بتطبيق هذا الفهم على الدول الحليفة في المعسكر(الاشتراكي)، من أجل إعادة تجديد الاشتراكية كما فهمها جورباتشوف، فتم إسقاط حكومات حليفة في بضعة شهور، وكان هذا كذلك تطورا للتاريخ.

إن الرأسماليات الحكومية الشرقية راحت تتقاربُ مع الرأسماليات الحرة الغربية، والضحايا هم العمال أثناء الصعود والهبوط.

إن جذور هذه العملية تكمنُ في الانهيار الاقتصادي التقني الداخلي المعقد للاتحاد السوفيتي، وعجز رأسماليتهِ الحكومية عن تجاوز أزمتها في ظل الهيمنة الحكومية الاقتصادية المركزية الساحقة.

لقد أعطت هذه العمليةُ الثوريةُ المشكلةُ غربيا أفقا أوسع لقادة الولايات المتحدة لكي يوسعوا حضورَ الرأسمالية الأمريكية القوية في العالم، ويحجموا من الرأسماليات الغربية الأخرى المنافسة كذلك، فحجم التصنيع الثقيل في أمريكا مقارب لمستويي العملاقين معا أوروبا الغربية واليابان، وهو أمر يقودُ للقيادة وإلى مشكلات ضيق الأسواق الخارجية كذلك.

لكن الإطاحة برأسمالياتِ روسيا وأوروبا الشرقية لم تكفِ، لقد وجدت القياداتُ الأمريكيةُ المتتالية أن توسع أسواقها ضخّم رساميلها وقواها الاقتصادية والسياسية، لكن الهضم للرأسماليات الحكومية الشرقية مستمر، كما أن ثقوبَ الرأسمالية الأمريكية الداخلية العسكرية والبذخية هائلة، وجاءت المساهمةُ الأمريكيةُ في الثورات العربية واضحة. إن قادةَ الجيوش والعديد من النخب في دول مثل تونس ومصر واليمن على علاقات طيبة بأمريكا، وهو ما جعل البلدان الأولان لا يعيشان المجازر الكبيرة للبلدين الآخرين اليمن وسوريا.

يستطيع قادةُ أمريكا أن يدركوا في ضوء الماركسية المأمركة، معنى الأزمات البنيوية للأنظمة، وكيفية تشغيل الفعل الثوري، وإزاحة طواقم سياسية ثقيلة على التطور الاقتصادي الرأسمالي(الحر)، وجلب قوى أكثر شعبية تحركُ الاقتصادات بشكلٍ رأسمالي فردي أكبر، وتخفف من القطاعات العامة المحتكرة، فهذه تستفيد وأمريكا تستفيد.

وحين تنزاحُ من التاريخ المعاصر أدلجاتٌ وأوهامٌ تنمو الاقتصادات والمجتمعات، وهو أمرٌ يفيد القوى الثورية الأخرى، حيث لم تسقط الأحزابُ الاشتراكيةُ الديمقراطية في شرق أوروبا كليا، وغيّرتْ بوصلاتها الفكرية، واستمرت مدافعة عن الأغلبيات الشعبية، واسهمت في الرأسمالية الجديدة، وعاد بعضُها للحكم.

وهذه القراءة(الثورية)الأمريكية تجدُ مختبرَها الأوسع في إيران الآن، إنها الحقلُ المدفوعُ الى التأزمِ في المجال الاقتصادي الاجتماعي أساسا، لكن ينقصهُ الفعلُ الثوري الفكري المحرض الشبابي لتفجير برميل البارود الذي تكون على مهل.

وما تأسسّ على ثورةٍ شمولية تركزُ الاقتصادَ في يديها لابد أن ينتهي بثورة مضادة، تعيدُ الاقتصادَ للنسبية والتعددية وحاجات الناس الحياتية.

هو تاريخٌ من الجدل المركبِ لتطور نمطين من الرأسمالية، وإعادةُ تجديدٍ للأفكار الطليعية في عصرنا من خلال مواقع اجتماعية متباينة متداخلة. وهو حراكُ القوى العليا والشعوبُ العاملة وقودُها ومادةُ استثمارها.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوقُ الإنسانِ والعقلُ السياسي التحديثي
- عنفُ ما قبل الحداثة
- جانبا التشكيلة يمرضان
- الثالوثُ العسكري وفجائعُ الحروب
- الاصطداماتُ الثقافيةُ الدينية
- مشروعٌ متأزمٌ
- القوميتان والصراعُ الاجتماعي
- هل يسرق الإقطاعُ الديني الثورات العربية؟
- أنماطُ التحالفاتِ بين القوى الحديثة
- التشكيلةُ لها تاريخٌ
- العربُ وفشلُ التجريبِ السياسي
- القوميات الكبرى والأفكار
- خنادق وهميةٌ
- الأممُ الكبرى العسكريةُ في الشرق
- القومياتُ الكبرى وأزمةُ التحول الديمقراطي
- سقوطُ الحربِ الباردةِ الفلسفية
- الماضي أغلالٌ
- وتائرُ تطورِ الرأسمالية
- ثقافةُ التحليلِ وثقافةُ التحلل
- التناقض الخلاق والتناقض المدمر


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثورة وثورة مضادة