أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - التشكيلةُ لها تاريخٌ














المزيد.....

التشكيلةُ لها تاريخٌ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3853 - 2012 / 9 / 17 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ككلِ التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية كالمشاعية والعبودية وغيرهما التي استمرتْ آلاف السنين، التشكيلةُ الرأسماليةُ لها تاريخ.

عناصرُ العملةِ، والسوق، والعملِ المأجور، والربح، وغيرها كانت منذ أزمنةٍ سحيقة ولكن تداخلها وتكونها كنظامٍ احتاج إلى مقدماتٍ اجتماعيةٍ طويلة، أهمُها تفككُ الإقطاع، وظهورُ أسواقٍ قومية، ونمو الصناعة، ودرجة معينة من تطور العلوم الطبيعية خاصة، وحدوث فيضٍ سكاني كقواعد واسعةٍ للعمل المأجور.

هذا يتكون عبر عقود ويراكم نظرات فكرية وسياسية جديدة التي تغدو ذروة الظهور، فنلاحظ في ثورة بريطانيا قيام مجلس العموم، أن الثمرةَ قد نضجت، وأن الطبقةَ التي كدست أرباح التجارة والصناعة وصار بيدها قرارُ السوق، صارَ بيدها قرارُ الحكم.

هنا بدأَ ظهورُ التشكيلة الرأسمالية، إنها في بلدٍ واحد فكيف تصيرُ تشكيلةً؟ ربما كان هذا حدثاً استثنائياً؟

إن البلدان التي أنضجت السوقَ الداخلية بكل تلك العناصر الاقتصادية الاجتماعية الثقافية السابقة الذكر المتداخلة تهيىءُ البنيةَ الاجتماعية لقفزةٍ سياسيةٍ تنضمُ بموجبها هذه البنية للتشكيلة.

فالتشكيلةُ ليست حدثاً فردياً فهي نتاجُ تطورِ تلك العناصر من سلعٍ وعملة وعمل مأجور ورأس مال وثقافة ديمقراطية من صحف حرة وعلوم ومدارس صناعية والأهم هو تفككُ الإقطاعِ واحتضاره ودفعه للملايين نحو السوق الحرة، حيث لا تكون الأرضُ مغلقةً على رأس المال، ولهذا فإن فرنسا وهي تناضلُ ضد الإقطاع وتوزع الأرضَ وتصادرُ أملاكَ الأديرة تحركُ السلعَ ورأس وقوى العمل المأجور.

إذن التشكيلة سيرورةٌ تاريخية تنمو حسب عوالم موضوعية، وليس لأن فرنسا مجاورة لبريطانيا، وربما كان عاملُ القرب مؤثراً، ولكن الأسبابَ العميقة هي في تفتحِ البنية القديمة لنمو العناصر الجديدة وتغلغلها فيها وتجاوزها.

أي تحول تلك العناصر الجديدة بناءً جديداً مغايراً.

من هنا كانت أمريكا الشمالية أقرب لدخول التشكيلة من أسبانيا أو إيطاليا، لكون أمريكا الشمالية بلا تاريخ إقطاعي، وهي أرضٌ حرة للاستثمارات المختلفة، وفيها كافة العناصر التشكيلية البنيوية للرأسمالية، بخلافِ أمريكا الجنوبية التي حولها الغزاةُ الأسبان والبرتغاليون إلى دولٍ تقوم على الإقطاع!

ومن هنا غدت أمريكا بعد فترة تتجاوزُ بلدانَ أوروبا الغربية المتفردة بريادة التشكيلة بسبب ضخامة تلك العناصر وغزارتها في بلد هائل الموارد.

ما لم يدرسهُ منظرُو الاشتراكية الأوائل هو السيرورة التاريخية للرأسمالية، وتركزت أنظارهم في ظهور تلك العناصر السابقة الذكر في بناها المعزولة عن النمو التاريخي.

ومن هنا فإن الاشتراكيةَ هي رديفةُ الرأسمالية، هي نقيضُها الملازم، في ظلِ تشكيلةٍ واحدة، هي صراعُ المالكين والمنتجين وتغيير البنية الوطنية لكل دولة في مسارٍ تاريخي لا يتوقف.

تتوجه الرأسمالية في تطورها على الممكنات المباشرة وهي تنمو كعلاقات عالمية، وتزيح عالم الإقطاع العالمي الواسع، الذي يتركز في بعض البلدان الأوروبية نفسها، وشرق أوروبا وروسيا وما يسمى بالعالم الثالث.

فراحت الرأسمالية الغربية سواء في أوروبا الغربية أم أمريكا الشمالية، تنمو وتجمد تطور الدول الأخرى المستعمَرة خاصةً عن أن تكون رأسماليةً مثلها!

أبقت الرأسماليةُ الغربيةُ الإقطاعَ في بقية الأرض، فهذا نقيضها الذي نفتهُ من أرضها حافظتْ على وجود الكثير من أسسهِ في الخارج، بسبب أنها اتجهت للحصول على المواد الخام والأسواق، وتوجه البلدان الأخرى لذات النمط الانتاجي سوف يدمرُ اقتصادَها.

بين القسمين الأوروبي الغربي والأمريكي الشمالي وبين انتشار الرأسمالية في العالم الآخر ثمة ما يقارب القرن، تمكنت فيه الرأسماليةُ الغربيةُ من التفوق والسيطرة على مفاتيح الصناعة والعلوم، وبعدها تغدو المسافةُ موجودة بينها وبين سائر العالم رغم أن بعض الدول تخترقها، أو تحدث استثناءات لأسبابٍ خاصة كاليابان وأستراليا. والمسافة تتيح بقاء الدول المؤسِّسة للرأسمالية متفوقةً ولا تتضرر من عولمة الرأسمالية في المرحلة الراهنة.

في الدول غير الغربية فإن نمو الرأسمالية اعتمد على نفس التطور بسببياته السابقة، فكلما انتشرت العناصر السابقة الذكر وتغلغلتْ في البُنى الاجتماعية، وأصبح الإقطاع يحتضر، فإن التطور الرأسمالي التحولي الشامل يغدو متوجاً بديمقراطيات.

إن التشكيلة الرأسمالية في نموها التحضيري منذ عصر النهضة في أوروبا انتقالاً لعصر الكشوف الجغرافية ثم عصر الصناعة الحرفية احتاجت إلى عدة قرون، وفي تأسسها بعد ذلك مضت عدةُ قرون، وفي اكتساحها الأرضَ قرنين.

ولهذا فإن الحلول الاشتراكية المؤقتة وسعت تطور الرأسمالية واختزلت بعض الوقت لكنها لم تكمل مقاربة التشكيلة إلا بعد إزاحتها للعوامل المعرقلة، وعدم الانتصار للتشكيلة في بلدان يعود لجمود العلاقات ما قبل الرأسمالية وعرقلتها للتطور والأشكال الكارثية التي تحدث من عدم التحكم الكلي لقوانين التشكيلة خلال ذلك، وهي تحدث لعوامل قومية مضمرة لم تنتشر فيها العلاقاتُ البضاعيةُ النقدية والعلاقات الديمقراطية بعمق خلال عقود، وتحدث لها صدمة من دخول هذه العلاقات ومع كل ما يترافق معها من ضربات للعالم التقليدي الذي عاشت فيه على مدى قرون سابقة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العربُ وفشلُ التجريبِ السياسي
- القوميات الكبرى والأفكار
- خنادق وهميةٌ
- الأممُ الكبرى العسكريةُ في الشرق
- القومياتُ الكبرى وأزمةُ التحول الديمقراطي
- سقوطُ الحربِ الباردةِ الفلسفية
- الماضي أغلالٌ
- وتائرُ تطورِ الرأسمالية
- ثقافةُ التحليلِ وثقافةُ التحلل
- التناقض الخلاق والتناقض المدمر
- تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا
- الطائفيون وخرابُ البلدان
- افتراق قطبي المسلمين
- الوطنيون والطائفيون
- الفردُ والشموليةُ الساحقة
- الوعي الوطني ومخاطرُ اللاعقلانية
- أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - التشكيلةُ لها تاريخٌ