أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وديع شامخ - (أم البروم)














المزيد.....

(أم البروم)


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 2235 - 2008 / 3 / 29 - 08:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الى البصرة ...
بمناسبة الوحشة..... وكوليرا الميليشات
ليست أم البروم نوعاً من القنابل التي توازي أم القنابل الأمريكية التي انهمرت علي الأهداف العسكرية والمدنية وعلى رؤوس الأشهاد في العراق، كما أنها بريئة الحسب والنسب من أم المعارك وأخواتها ، تلك الاخوات العاهرات اللواتي ذهبن بالبروم وبساحتهن الى مصائر متقاطعة لم تلتق ابدا.
(أم البروم) ساحة شهيرة في البصرة تتربع على قلب العشار، ولهذه الساحة تاريخ غريب ومثير(يؤسفني الآن أنني سأعتمد على ذاكرتي وعسى ان لا تخونني تجاه هذه الساحة الأم).
بدأت هذه الساحة بممارسة وجودها (كمقبرة) لضحايا مرض الطاعون الذي اجتاح البصرة آنذاك ، ولقد أشار الشاعر السياب إلى (أم البروم) كمقبرة، وفي جوعٍ أصاب العراق (وما مر عام والعراق ليس فيه جوع) نهضت المقبرة من وجودها كفندق للموتي حين تناخى أخيارها من البصريين التجار وحولوها إلى ساحة للبروم (البرم هو القدر الكبير) فجاءت القدور لتجتمع في هذه الساحة المقبرة، فاُشعلت النيران وفارت القدور لوأد الجوع، فانتصرت البصرة وأخيارها على شبح الموت جوعاً، ومنها أخذت هذه الساحة اسمها أم البروم، فكانت (وليمة في مقبرة) كما يصفها محمد خضير في كتابه (بصرياثا)، من هذه الساحة وبأمومتها تعلّم البصريون درسهم الأول في (الطيبة وحسن المعشر وإكرام الضيف، والابتسامة وروح المسامحة، وأنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) فإذا كانت البصرة ثغر العراق فساحة أم البروم أسنانها الناصعة، لكن هذه الساحة ببعدها الهندسي على مستوي الأرض لا يمكن ان تقاوم كل هذا الزحف بأبعاده الزمنية للوصول إلى البعد الرابع لاقتلاعها من الذاكرة البصرية.
وجاء الفاتحون ومعهم (السيك والكركرة والهنود) عام ،1917 وجاء معهم الجنرال مود، فلم يتركوا في البصرة غير بهارات الهنود والسمبوسة الهندية وسوق الهنود ومقبرة واحدة للإنكليز، أكلنا السمبوسة الهندية وصارت أكلتنا الشعبية وسيّجنا مقابر الفاتحين ..
لأقتربَ اكثر فالقلم يضغط عليّ، وأنا أتابع اخبار البصرة من بعيد ، فيما البوح في ساحة أم البروم... حيث كانت تلتقي العزاءات الحسينية لإتمام دورتها الطقسية، مواكب حسينية بالزنجيل والقامات والدماء، وجاء البعثيون فصارت الساحة الأم شاهدة لأعواد المشانق، مات الطقس وتحول مجري الدماء، فصارت ساحة أم البروم ملجأ للأخوة العرب العاطلين عن العمل والراغبين بأكل الكتف العراقي حدّ العظم، ، كما أنها مسطر فريد لعربات الباجة والتكة والمعلاق والفشافيش والشوربة والهريسة وأكلات بروليتارية صرفة، لايعرف سر رخص أسعارها، إلا القادمين من حانات شارع الوطن "تالي الليل" ولا يملكون سوى " إجرة الرجوع" وفائض فلسات فقط ، فالساحة مصباح دري لا تنام.
ومرت الأيام وأصبحت الساحة فرجاً مباحاً للجميع، لم تعد أماً بعد سقوط الأبوة، يكرر الزمن دورته والدروس تترى على رأس هذه الأيام، الصيرورة، أم البروم تصيرت كراجاً موحداً بلا ذاهبين ولا داخلين، يا لهذه الأم الشجاعة،فالبصرة بلا قلب والكوليرا تؤطر الأحاديث والموت على الأبواب والساحة فارغة ، فاغرة فمها الادرد.
حامل هي أم البروم، فيا أيها الفاتحون الجدد انقلوها إلى مستشفي بن غزوان للولادة، وحين تولد سلاماً على خديجها وحين تموت سلاماً على موتها.
أيها الفاتحون الجدد ان أم البروم ليست هدفاً ولا مقبرة انها أم، والكوليرا على شفتيها، باض الغراب على مبسمهما ، فهل تعيد نفسها كمقبرة ؟؟
الساحة معنية بالدرس الأول للإنسان، وانتم معنيون بالدرس المكرر، فكيف يتفق الدرس الواحد على ساحة حبلت بالعظام وانجبت البروم مع طاعون وكوليرا والساحة بلا أمومة !!؟
ايها البصريون .. اطردوا شبح طاعون الميليشيات .. أطردوا خفافيش الليل ، وسماسرة النهار السياسي الداعر .
ليكن نهاركم سعيد وليلكم خير ليل..!!
لتكن أم البروم قلبا جمعيا لبصرة هي رحم العراق وثغره ونحره ، وجِيده الذي تؤطره حباله الُجنّب وأشرعة الحب ، لا المسد.. فأم البروم ليست حمّالة للحطب.. وما فيها قدروها نار للحرب والموت ..
انها ساحة الحب والسلام .. فدعوها تقرع نواقيس برومِها للعاشقين دوما ...



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رعد عبد القادر ... شاعر توسَّد الموت وفوق رأسه شمس
- الألم بوق الله
- السياسي العراقي وضرورة التفاعل مع الواقع الآن ؟
- شحاذة وطنية !!
- الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
- الإلتفات الى العقل
- حصان الوطنية وعربة المأرب
- درس في الاختلاف
- غاستون باشلار والحلم على لهب شمعة
- علم وطني أم راية للخلاف أم جودلية!!؟
- ثرثرة فوق جثة الموت _ سركون بولص يرحل الى مدينة أين
- الغواية تكتب سيرتها الجمعية
- ابواب الدخول الى غابة الشعر
- رأس السنة وثعالب التقاويم
- دموع الجنرال
- دموع اجنرال
- بغداد أمنا .. لا تهالك على بابكِ الغرماء
- بغداد أُمنا ..لا تهافت على بابك الغرماء
- عرقيون .. ولكن بعد هذا الفاصل
- نص في الأزمة


المزيد.....




- لماذا تعتمد شركات عملاقة على الصين بالتصنيع وكيف تؤثر الرسوم ...
- سانا: مقتل سبعة مدنيين في غارة إسرائيلية قرب العاصمة السورية ...
- مأساة الفيضانات المناخية في إسبانيا بالصور
- تحقيقات في هتافات -معادية للسامية- في مظاهرة بهانوفر
- بوشيلين: القوات الروسية تتقدم في اتجاه كراسنوليمانسكي وتواصل ...
- نجل ترامب ينشر مقطع فيديو عن اقتراب انتهاء المساعدات الأمريك ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اصابة ضابطين بجروح خطيرة في جنوب غزة
- زلزالان يضربان سواحل كوبا خلال اقل من ساعتين (فيديو)
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصدق على توسيع العملية البرية في جنو ...
- بعد فوز ترامب.. سعي أوروبي لأمن مستقل


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وديع شامخ - (أم البروم)