أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع شامخ - غاستون باشلار والحلم على لهب شمعة















المزيد.....

غاستون باشلار والحلم على لهب شمعة


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 01:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يصر باشلار علي الاعتراف بأنه صاحب مهنة بسيطة وهي البحث عن الصور. الصورة التي فيها من الجاذبية ما يكفي لتثبت أحلام اليقظة
إن لجوء باشلار إلي مغازلة أحلام اليقظة ليس مبعثها التوقف البليد أمام تداعياتها الشخصية باجترار زمن مضي واستعادة الماضي محنطاً كدمية ما عاد لنا أن نلامسه إلا بالأحلام، بأحلام اليقظة فقط،.
إن باشلار يدعو إلي استنفار كل الحواس لتحقيق حلم يقظة ولا باس علي الحالم أن يصرف الأذن التي منحت نفسها بشكل كامل إلي ضمير الإصغاء، وأن يصرف الجفن الذي يرتجف أمام اللهب، إنه يحلم فلما يكف المرء عن الإبصار فإنه يحلم، .
وهنا يجب التوقف والحذر من هذا الفيلسوف العالم والحالم بالسؤال: هل كان باشلار يعاين محنته في الربط بين العلوم الصرفة كالكيمياء والفيزياء والعلوم الإنسانية كعلم النفس.
يجيبنا باشلار: أن أقرأ فأنا لست سوي فاعل يقرأ، أفكر أنا لا أجرأ علي ذلك، عليّ أن اقرأ قبل أن أفكر فالفلاسفة يفكرون قبل أن يقرأوا.
وباشلار كمؤول لا يعتد بنصوصه كمرآة أولي وأخيرة، إنه الحالم بإعادة الاكتشاف وبدهشة عالية لكل نص يري فيه ظلاً أو عتمة أو ضياء للموشور الكلي لرمزيته (الزمكانية).
هل يمكننا أن نناقش مثل هذه الأفكار في عصر المصابيح الخافتة والمكونة كحارسة لأحلام ليلنا؟
هل يمكن لباشلار أن عثر علي مكان في الذائقة الحالية ؟ هل من الممكن قراءة باشلار مرة أخري؟
إن مثل هذه الأسئلة تحيلنا إلي قراءة باشلار كاملاً في أعماله وهذه مهمة عسيرة لي وللآخرين لكنني كحاكم يقظة (شاعر) وجدت في باشلار أكبر قمة لإعادة الاعتبار إلي الشعر بوصفه حلماً مجهضاً، أعاده هذا الفيلسوف الذي كان عالماً براطيقياً وحالماً ميتافيزيقياً بكل ما تنطوي عليه الكلمة الكلاسيكية للفيلسوف من معني الحكيم والأخلاقي والمبشر.
كما أن سيرته الشخصية تحولت إلي موضة، اللحية العظيمة الجاكيتة ذات الخروق البنطلون المشدود بمشدّات في موضع الحزام،
فقد ولد هذا الشاعر الحالم في عام 1884 وتابع دراسته الثانوية ثم حصل عل ليسانس رياضيات في عام 1912 وعند اندلاع الحرب العالمية الأولي أمضي أربع سنوات في خنادق القتال ثم عمل مدرساً للعلوم الطبيعية في بلدته بعد الحرب، وفي عامه السادس والثلاثين حصل علي ليسانس فلسفة ثم حصل علي إجازة الأغرغاسيون وبعدها حصل علي الدكتوراة عام 1927 وقام بالتدريس في جامعة ديجون حتي عام 1940 ثم انتقل إلي جامعة السوربون أستاذاً للفلسفة حتي وفاته عام 1962م، ومن المفيد هنا أن نشير إلي أن باشلار قد أنجز ما يربو علي الثلاثين كتاباً في مختلف حقول المعرفة الإنسانية مثل التجانس المتعدد في الكيمياء الحديثة، والروح العلمية الحديثة، وحدس اللحظة، وجماليات المكان، وشعرية أحلام اليقظة، والقيمة الاستقرائية للنظرية النسبية، وحق الحلم، والتحليل النفسي للنار، والماء والأحلام، والنشاطات العقلانية في الفيزياء، وآخر كتاب أنجزه هو لهب الشمعة.
ومع حصيلته الثرة هذه كان باشلار يغترف من الآخرين بروح الفيلسوف المنفتح ويمكننا أن نتلمس أبرز مرجعيات ومصادر باشلار وكالآتي:-
المراجع الفلسفية:أولا
أ ــ أرسطو: إذ أن باشلار استعار مفهوم العناصر الأربعة (النار والتراب والماء والهواء) من أرسطو واستطاع أن يميز بينها في مؤلفاته (التحليل النفسي للنار) و(الأرض وأحلام الإرادة) و(الماء والأحلام) و(الهواء والأحلام) فقد استطاع باشلار أن يجد محددات نفسية حسب ــ بيرجه ــ طبقاً للعلاقة المتخيلة بين العناصر الأربعة.
ب ــ ديكارت: لم يشكل هذا الفيلسوف (الكوجيتي) لباشلار سوي نقطة للافتراق مع العقلانية الديكارتية المحضة إذ أن باشلار حرص علي تعريف الروح بنوع من العقلانية المفتوحة والمتطورة والبعيدة أيضاً عن ديناميكية الفكر البدائي كما بعد باشلار مكملاً للابتسمولوجيا الديكارتية.
ج ــ الظاهراتية: لقد كان باشلار مدين لمعطيات الفلسفة الظاهراتية في أعماله وخصوصاً التحليل النفسي للنار والدراسات الأدبية التي أنجزها إلا أنه أراد أن يؤسس للفلسفة الظاهراتية منهجاً نقدياً للدراسات الأدبية واستطاع بالفعل أن يبدع مفهوماً ديناميكياً وخصوصاً علي اشتغاله علي أحلام اليقظة وهذا المفهوم يجمع بين الإدراك وبين الإبداع الذي يجعل العالم في علاقة تطورية بين الفاعل والموضوع.
د ــ كانت: كانت فكرة التسامي الكانتية واضحة في أعمال باشلار الذي استطاع أن يكون مكملاً لها عبر التأكيد علي الطابع المتسامي للخيال المسير بالتجربة عوضاً أن يكون نتيجة لها.
ثانيا -مراجع التحليل النفسي

أ ــ فرويد: لقد كان تأثير فرويد مهيمناً علي دراسات باشلار ولا سيما في كتاب التحليل النفسي للنار إذ أن منهج فرويد في التحليل النفسي كان سائد التأثير علي الدراسات الأدبية، ولكن باشلار استطاع أن يقصي تأثير فرويد .
ب ــ يونغ: يمكننا أن نقول أن الانقلاب الذي أحدثه (سي. جي. يونغ) في حقل التحليل النفسي قد أثر علي باشلار والذي استطاع أن يوظف فكرة (اللاوعي الجمعي) ذات الطابع الأكثر حسماً من فكرة اللاوعي الفردي، وهذا المفهوم الإبداعي الديناميكي للحياة وجد صدي كبيراً في نفس باشلار بتصوراته للحياة التي تتحول من الخيال المادي إلي الخيال الحركي إلا أنه استثمرها ــ حسب بيرجه ــ ضمنياً.
ثالثا - المراجع الشعرية

أ ــ نوفاليس: لا شك أن باشلار مدين لكل روح ثائرة علي عصر الأنوار لا سيما في نهج باشلار الذي أتسم بإعادة الروح إلي الخيال، إلي الحلم، والذي اقترن بعصر ما قبل الأنوار عصر الشمعة والشمعدان ونوفاليس بروما نطيقية وحدوسه الشعرية.
ب ــ بودلير: لقد تأثر باشلار بفكرة السفر عند بودلير فلم يعد هذا السفر نوعاً من اللجوء إلي الصورة وهي في حركتها الإبداعية.
ج ــ لوتريامون: يعتقد باشلار أن فكرة الخيال لا تعي الشكل إلا إذا عملت علي تغييره وحركت من صيرورته ولهذا كان شعر لوتريامون حسب باشلار هو شعر التهيج والاندفاع العضلي ولم يكن شعر الأشكال والأدوات علي الإطلاق. لقد كان باشلار متيقظاً لإعادة الاعتبار إلي الكائن المستوحد أمام مصيره فليس أكثر من لهب شمعة أو نار يعاينها المتوحد لإيقاظ ذبالة الشمعة من مصيرها الأكيد لإعادة الاعتبار للرماد بعيداً عن الفينيق وأساطير العودة. هكذا ينهي باشلار حياته كحاكم متأمل شاعر دون خرافات ولا أساطير أقام باشلار للشعر مكاناً عظيماً في التجربة الفردية للكائن وهو يواجه مصيره.
إن باشلار العالم والحالم والفيلسوف أراد أن نبلغ بالجمال إلي مداه دون عقلنة فيلسوف دون انطفاء لتجربة فردية أمام قدرتها علي إحياء العالم ثانية، بالحلم والتأمل هو دعوة إلي الينابيع
آه أيها النور الخافت
آه أيها الينبوع
آه أيها الفجر الطري
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
المصادر:
ــ لهب شمعة ــ غاستون باشلار ــ ترجمة د. مي عبد الكريم محمود وعلي بدر ــ مخطوطة.
ــ جان فال ــ قصائد ظرفية



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم وطني أم راية للخلاف أم جودلية!!؟
- ثرثرة فوق جثة الموت _ سركون بولص يرحل الى مدينة أين
- الغواية تكتب سيرتها الجمعية
- ابواب الدخول الى غابة الشعر
- رأس السنة وثعالب التقاويم
- دموع الجنرال
- دموع اجنرال
- بغداد أمنا .. لا تهالك على بابكِ الغرماء
- بغداد أُمنا ..لا تهافت على بابك الغرماء
- عرقيون .. ولكن بعد هذا الفاصل
- نص في الأزمة
- الكونغرس الأمريكي .. هل وحّد ساسة العراق أم فَضَحهم
- علي السوداني ومحنة البحث عن الحياة الآمنة
- الشاعر العراقي وديع شامخ.....الشعر تجربة انسانية وجمالية.لا ...
- الرئيس بوش في ضيافة ابو ريشة
- جال في خاطري أن أغني قبل التدوين
- الدم الأمريكي .. خط أحمر
- الدم الامريكي.. خطّ أحمر!!
- 33شمعة تضيء تجربة الشاعر أديب كمال الدين
- المشهداني وراتب التقاعد الأريحاني


المزيد.....




- فيديو لدخان يتصاعد من طائرة ركاب أمريكية بعد إقلاعها من لاس ...
- ترامب من قمة الناتو: قد نتحدث مع إيران الأسبوع المقبل وبوتين ...
- بلغاريا: الفهد الأسود لا يزال طليقًا بعد ستة أيام من البحث ا ...
- إسرائيل وإيران تحتفيان بـ-النصر-.. فمن هو الخاسر إذن؟
- -يوم صعب وحزين- لإسرائيل ـ مقتل سبعة جنود بعبوة ناسفة في غزة ...
- من الانقلاب إلى العقوبات.. محطات العداء بين طهران وواشنطن
- ماذا نعرف عن مصير اليورانيوم المخصب لدى إيران بعد الضربات ال ...
- مخزية ودنيئة.. إيران ترد على إشادة أمين عام الناتو بالضربات ...
- خسائر الاحتلال بغزة تزيد الضغوط على نتنياهو لوقف الحرب
- هل انتهت حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران؟ وما مكاسب كل طرف ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع شامخ - غاستون باشلار والحلم على لهب شمعة