أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى محمد غريب - علي عقله عرسان الجميل ما زلنا أمام العلم والثقافة اقزام وأقزام صغيرة جداً















المزيد.....

علي عقله عرسان الجميل ما زلنا أمام العلم والثقافة اقزام وأقزام صغيرة جداً


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 593 - 2003 / 9 / 16 - 02:01
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                             

من الشخصيات التي تركت أثراً حميداً في حياتي هو السيد علي عقله عرسان الاديب والمثقف السوري المعروف والمتعدد المواهب والاعمال، فعلى الرغم من قلة اللقاءات التي كانت معه وما قرأت له قبلها وبعدها وجدت أن هذا الرجل لا يمكن أن تغادره إلا

  ويترك لديك اطباعاً حسناً وأثراً لا تمحيه السنين مهما طالت ، لقداعجبني الكثير من ابداعاته وكتاباته ، تعجبني رقته ودماثة خلقه وكلامه الهادئ الجميل، فهو إلى جانب روحه المتواضعة قوي الملاحظة ذو حس مرهف في التتبع والتدقيق، مع قلة كلامه وتمتعته على القدرة في الاستماع  الذي يخلق لدى زائريه وضيوفه مدى عمق وعيه وتجربته في مجال المعرفة،حتى أنه لا يكثر الكلام إلا إذا دعت الضرورة والموقف أو البحث والاستنتاج وتقديم الرأي وهذه صفة نادرة قلما تجدها في الكثير من مبدعينا ومثقفينا، وكأن الكلام الكثيرعندهم صفة الوعي، وكأنه دالة على الشجاعة الادبية.

نعم انه علي عقله عرسان ذلك الرجل الودود الكاتب والمفكر والمثقف الذي تستطيع أن تجلس إلى جانبه ساعات ولا تملهُ، وتقص عليه الكثير  وتطلب منه الموقف حتى وأن كان لا يرغب ذلك، لكنه يتعامل معك بكل دفئ وود وبدون أن يشعرك أنه يرفض الفكرة فهو يأتي بفكرة أخرى أو برأي آخر كي يجنب جالسيه الحرج منه، وقد تخرج عن موضوعك الاساسي لكنه يبقى معك مستمعاً جيداً.. أنا لا أعرف أن كانت هذه الشخصية تختلف في حكم المهام الوظيفية أو اثناء العمل او الاجتماعات والمؤتمرات ولكن على ما اعتقد ان سلوكه في تلك وهذه لا يختلف عما تولد عندي من انطباع على شخصيته.

قد يتسآل المرء لماذا اكتب عن هذا الرجل بعد سنين عجاف مررتُ ومر العالم ومنطقتنا بالذات بها، وبعدما تركت دمشق الحبيبة العروس التي في ذراعيها حافظت على الكثير من العراقيين والمثقفين والسياسيين المعارضين للنظام الشمولي في العراق، وبعدما تركتُ العديد من الأحباء المثقفين والكتاب والادباء والقادة النقابين السوريين  الذين كانوا دائما يحملون الود والتضامن والدعم المعنوي الكبير، وفي قمة ذلك في الوفاء الجميل معنا.. كل الذين عاشوا مع الشعب السوري لم يشعروا يوماً من الايام أنهم غرباء وبالعكس مع شديد الأسف من البعض في الأقطار العربية الذين كانوا يطلقون علينا بالاجانب! 

لقد التقيت بعلي عقله عرسان في مقر اتحاد الكتاب العرب العديد من المرات مابين عامي 1985 – 1992 باسم غريب صالح الذي كنت أكتب به حينذاك وكان هدفي من اللقاء تعريفه بواقع العمل النقابي واوضاع المثقفين العراقيين وكذلك رابطة الكتاب والصحفيين الديمقراطيين التي كنت نائباً لرئيس فرعها في دمشق عامي 1991- 1992    طالباً من الاتحاد وشخصه الدعم المعنوي لكتابنا ومثقفينا، وعرضت عليه كل ما استطيعت عليه من أوضاع شاذة كان العراقيون والمثقفون يعانون منها بسبب الاضطهاد والتعسف والغربة، شرحت له سياسة النظام الشمولي وقهره ، تحدثت مطولاً عن حوادث وأخباراً واقعية، وشعرت في قتها أنه يعرف البعض منها إلا أنه ابى أن يقول ( أعرف.. كما يفعل البعض وهو لا يعرف حتى لا تقل عنه أنه بعيد عن العالم) بل كان يطلب مني التفصيل فيها أكثر فأكثر، ولا أتذكر أنه قاطع حديثي طوال أكثر من ساعة على الرغم من أن بعض الأخوة الكتاب طرقوا علينا طالبين حضوره لاجتماع طارئ ، فكان يقول لهم بضحكته الحلوة ووده اللطيف ممازحا ( لدي ضيف سأكون عندكم ) وعندما احسست بالحرج وقلت له " استأذن لأنك على مايبدو مشغول  قال لي بلطف " لا عليك الاجتماع طارئ لنكمل الحديث"  لن أنسى ذلك أبداً وربما هو قد نسى وأكثر من ذلك ربما لا يتذكر بسبب زحمة السنين والتطورات التي حدثت  وقلة اللقاءات التي جرت معه ولاشغاله الكثيرة ولقاءاته المتشعبة.. لكن الوفاء العراقي الاصيل لذلك الموقف، لا يمكن ان ينساه واحداً مثلي  عاش عذاب الغربة والقهر وهو مرغم على تركه وطنه وشعبه واهله بسبب البطش والارهاب الذي عانى منه اكثرية الشعب العراقي ويريد ان يستمع له احداً لكي ينقل همومه وهموم بلد بكامله.

أما المرات الاخرى فكنت لمجرد المرور للسلام عليه حتى يطلب مني بل يلح ان أجلس إليه لشرب قهوته اللذيذة مثل روحه وطلعته الهادئة، كان دائما يطلب مني أن انقل له اخبارنا ووضعنا وحال الاوضاع النقابية والمثقفين العراقيين وما يعانونه وكثيراً ما كان يعلن التضامن معنا ضد النظام الشمولي واجهزته القمعية،  ولا أنسى ابداً عندما نصحني أحد الأصدقاء من المثقفين العراقيين " أن لا أتحدث معه حول الاكراد وحلبجة والقضية الكردية " وغيرها لكنني صممت متجاوزاً نصيحة الصديق وتحدثت عن مأساة حلبجة والآنفال وما جرى للاكراد فيهما فما كان حتى تلألأت الدموع في بؤبؤ عينيه فلم يستطع إلا وان قال " أنها الجريمة " واطبق طارقاً رأسه إلى اسفل الطاولة حتى ان ابراهيم الفريجي الذي كان يعمل في الاتحاد قال لي بعد ذلك بايام " ان الاستاذ علي عقله عرسان تأثر كثيراً بكلامك بعد مقابلتك له، لا سيما شرحك لمأساة حلبجة  هذه الجريمة التي لا تضاهيها جريمة "

في كل مرة وهي ليست كثيرة كما قلت كان يندمج ويتسآل ويتضامن ولم يكن مرة معارضاً للحديث او مشككاً بالاخبار التي كنت انقلها له واحصل عليها من الاحزاب المعارضة العراقية التي كانت تعمل في كردستان العراق، كان بالعكس يشيع التفاؤل والامل في المستقبل، كان تضامني القول والموقف مع الشعب العراقي والمثقفين العرقيين المعارضيين للنظام الشمولي حتى ان مواقفه التضامنية أدت إلى قبول العديد من المثقفين العراقيين في اتحاد كتاب العرب كاعضاء حالهم حال المثقفين السوريين  على الرغم من اعتراض البعض على هذه العضوية..

نعم ان الذي حدى بي ان اكتب الآن، اولاً فقد عرفني وعرف كتبي الشعرية التي قدمتها للاتحاد وطبعت البعض منها في دمشق تحت اسم غريب صالح حتى انه لم يكلف نفسه بالسؤال، وثانياً انه دين في رقبتي لأقول كيف كان هذا الرجل وكيف كانت مواقفه التضامنية معنا، وبخاصة بعد ما قرأت له من ايضاح في قضية " أحمد ابو الفتح عبد الرحمن الخميسي"  فقد بدا ايضاحه بمثلٍ يَصْلح ان يكون في كل مكان وزمان لأولئك الذين يتصيدون في الماء العكر " التاجر عندما يفلس يفتش في دفاتره القديمة، لكنه عندما يبتلى بما هو افظع من الفلس يفتش في دفاتر غيره "  لقد قارن بين  أحمد ابو الفتح وبين والده المرحوم الاديب والمثقف الكبير عبد الرحمن الخميسي فقال عن الأخير

 " كان الخميسي كبيراً اديباً وصحفياً وشاعراً وقصاصاً ومخرجاً مسرحياً وسينمائياً ومؤلفاً سمفونياً واشياء أخرى كثيرة لا تحصى ولا تعد" بهذا الوصف والذكر الحميد يضع القارئ امام حقيقة نمر بها في ظروفنا الراهنة، وهي قفز البعض من فوق الآخرين للحصول على شهرة ما حتى لو أدت  إلى التجريح والإساءة ما دام الهدف هو الذات الافعوانية التي تدوس اقدس المقداسات لكي تحصل على ما تريد .

لقد شعرت أن الرجل على عقله عرسان مازال على قيمه وتواضعه ومواقفه الصريحة المعلنة، وما اروع ما نقله اثناء التوضيح عن الذين قالوا " إذا أردت أن تصبح مشهوراً، فإن أقصر الطرق هو أن تلقي بنفسك بين عجلات عربة رجل محترم "

انها حكمة ممكن ان يستفيد الكثيرين منها، وقول ينطبق على العديد ممن يستغلون الانترنيت ويكتبون بدون مسؤولية ولا ضمير، يكتبون ما يشاؤون ويتسلون بارسال الغثيث الذي تربوا عليه، يكتبون الأسوء والادنى والممقوت بدون الشعور بتأنيب ضمير عما يبثونه من سموم، كلما تم توضيحه من قبل الاديب والمثقف علي عقله عرسان جميل وهادف ومفيد، أختاره بوعي تعليمي وعرضه كمهذب بروح التلمذة وبخاصة ما كتبه عن الكاتب الراحل عبد الرحمن الخميسي.. انها شهادة رجل متعلم ومتواضع يحسده الكثيرون على مكانته في عالم الثقافة والأدب، لكننا نتمنى ان نتعلم منه.. فما زلنا أمام العلم والثقافة أقزام ، وأقزام صغيرة جداً .

 



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيبقى نظام المختارية في العراق ساري المفعول؟ اليس الافضل ...
- سيدتي.. هذا الذي ترينهُ، معقول.....!
- اسس تشكيل الوزارات هل يجب ان يكون لكل طائفة او حزب أو عشيرة ...
- ليس الحل بمجيء قوات تركية أو غيرها ! العراقييون المخلصون هم ...
- الدولة والمجتمع المدني والديمقراطية
- الأخت بنت كركوك المحترمة والوزارة الجديدة
- بعض ملامح نشوء الحركة النقالبية العربية - سوريا
- الغاء الفتوى / ضرورة فصل الدين عن الدولة لايمكن الاستهانة بش ...
- الأزهر واصدار الفتاوي تحريض على الفتنة وعدم مدّ يد العون وال ...
- لكن.. من أجلي، من أجل الله، لا.. لا تصحو
- بعض ملامح نشوء الحركة النقابية العربية
- هل مقاومة المحتلين.. تخريب وتدمير ممتلكات الشعب..؟
- مالفرق بين موقف مجلس الأمن وقراره الأخير 1500 وموقف الجامعة ...
- كيف يمكن أن نكون واقعيين ومنطقيين في تحليلاتنا واستنتاجاتنا ...
- وجع الغابات المنسي
- صنمية ذاتية الحركة في الأصنام
- كيف يمكن النظر إلى قضية التضامن العربي...! يحتاج العراق وال ...
- رغد ابنة الرئيس صدام حسين كانت فرحانة متشمتة ومتشفية غير مفج ...
- الحركة النقابية العمالية العالمية والعربية- اتحاد النقابات ا ...
- ما هي المشكلة مع الكرد العراقيين والقضية الكردية


المزيد.....




- مصر.. صورة دبابة ميركافا إسرائيلية بزيارة السيسي الكلية العس ...
- ماذا سيناقش بلينكن في السعودية خلال زيارته الاثنين؟.. الخارج ...
- الدفاعات الروسية تسقط 17 مسيرة أوكرانية جنوب غربي روسيا
- مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انته ...
- صحيفة هندية تلقي الضوء على انسحاب -أبرامز- الأمريكية من أمام ...
- غارات إسرائيلية ليلا على بلدتي الزوايدة والمغراقة وسط قطاع غ ...
- قتلى وجرحى جراء إعصار عنيف اجتاح جنوب الصين وتساقط حبات برد ...
- نصيحة من ذهب: إغلاق -البلوتوث- و-الواي فاي- أحيانا يجنبك الو ...
- 2024.. عام مزدحم بالانتخابات في أفريقيا
- الأردن.. عيد ميلاد الأميرة رجوة وكم بلغت من العمر يثير تفاعل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى محمد غريب - علي عقله عرسان الجميل ما زلنا أمام العلم والثقافة اقزام وأقزام صغيرة جداً