أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - هل من -فرصة حقيقية- للسلام؟!















المزيد.....

هل من -فرصة حقيقية- للسلام؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1893 - 2007 / 4 / 22 - 12:07
المحور: القضية الفلسطينية
    


هل من "فرصة حقيقية" للسلام؟!

حتى العقل السياسي، الذي ينبغي له أن يميل دائما إلى الشكِّ في أمور لا ريب في صحَّتها، يحتاج إلى التسلُّح بشيء من "المسلَّمات"؛ ولكن ثمَّة مسلَّمات ليست بالمسلَّمات، نتَّخِذها، في قضايا ومسائل معيَّنة، دليل إثبات أو نفي، مع أننا نحتاج أوَّلا إلى أن نُثْبِتها هي، ونقيم الدليل على صحَّتها وصدْقها، فما يَفْتَقِر إلى دليل مُقْنِع على صحَّته وصدْقه لا يمكنه أبدا أن يصلح دليل إثبات أو نفي في قضايا ومسائل أخرى.

هل ثمَّة "فرصة حقيقية" الآن، أو في الأشهر المقبلة، للتوصُّل إلى سلام، أو إلى السلام، بين العرب وإسرائيل حتى نُقْنِع أنفسنا، ونُقْنِع غيرنا، بأهمية وضرورة افتراص، أو انتهاز، هذه الفرصة؟ إنَّ القول، غير مرَّة، بوجود تلك الفرصة لا يعني، ويجب ألا يعني، أنَّ وجودها قد غدا "مسلَّمة"، وينبغي لنا، بالتالي، أن نتغيَّر، قولا وفعلا، بما يلبِّي الحاجة إلى اغتنامها، وانتهازها، وبما يدرأ عنا مخاطر التقصير عن اغتنامها وانتهازها، وكأنَّ الحال العربية العامة يمكن أن تسوء أكثر ممَّا ساءت.

حتى يصبح السلام، الذي يلبِّي الحد الأدنى من شروطنا ومطالبنا، في متناول أيدينا، وقاب قوسين أو أدنى من التحوُّل إلى حقيقة واقعة، لا يكفي أن نتأكَّد، وأن نؤكِّد للعالم، أننا (نحن العرب) نريده، ونرغب فيه، ونسعى إليه، فـ "الفرصة الحقيقية (الواقعية) للسلام" لن تقوم لها قائمة إذا لم يُرينا الطرف الآخر، ويُري العالم معنا، أنَّه قد تغيَّر، أو يوشك أن يتغيَّر، قولا وفعلا، بما يجعله شريكا لنا في صُنْع تلك الفرصة، فالفرصة الحقيقية للسلام نصنعها معاً، وعلى نحو متبادل، قبل ومن أجل أن نتمكَّن من صُنْع السلام ذاته، فعدا ذلك إنَّما يجعلنا نَظْهَر كمثل الذي يحاوِل زواجا من طرف واحد، أي كمثل الذي يحاوِل جَعْل المستحيل ممكناً!

لِنُثْبِت أوَّلا وجود فرصة حقيقة للسلام؛ وليس من سبيل إلى ذلك سوى أن نأتي بدليل مُقْنِع على أنَّ إسرائيل في عهد حكومة اولمرت، أو حكومة اولمرت التي تحكم الآن إسرائيل، هي في وَضْعٍ يُشَدِّد لديها الحاجة إلى سلام يقوم على تلبيتها الحد الأدنى من الشروط والمطالب العربية، التي لخَّصَتها خير (أو أسوأ) تلخيص "مبادرة السلام العربية".

لن نعلَّل النفس بوهم أنَّ اولمرت مع حكومته في حالٍ من الضعف الداخلي الممكن تحويلها إلى حالٍ من القوَّة إذا ما سلَّحْناهُ بما يكفي لكي يقف موقفا إيجابيا من تلك المبادرة، فالعاقبة الحتمية لموقف عربي يتسلَّح بمثل هذا الوهم إنَّما هي تسليح اولمرت بما يحتاج إليه في صراعه من أجل البقاء، وبما يؤدِّي، بعد ذلك، وبفضله، إلى القضاء بيديه على ما توهَّمْناه "فرصة حقيقية للسلام"، فالعرب يكفي أن ينظروا إلى حالهم العامة بعيون يقظة لا تغشاها أوهام حتى يقتنعوا بأنَّ لدى إسرائيل فرصة حقيقية الآن لابتناء سلام (لها قبل غيرها إنْ لم يكن لها وحدها) من حجارة "مبادرة السلام العربية"، أي عَبْر تحويلها إلى ركام من الحجارة.

ولن نعلَّل النفس بوهم أنَّ إدارة الرئيس بوش هي الآن في حالٍ من الضعف الداخلي، الذي هو في أسبابه عراقيٌ في المقام الأول، وفي حالٍ من الضعف في مواجهة التحدِّي النووي (وغير النووي) الإيراني، تجعلانها في أمسِّ الحاجة إلى دعم عربي، يمكن ويجب أن يكون ثمنه أن تضغط على حكومة اولمرت لتقديم ما يكفي من التنازل للفلسطينيين والعرب؛ وفي هذا السياق لن نعلِّل النفس بوهم ثالث هو أنَّ إسرائيل تحتاج إلى العرب، وإلى علاقة جديدة وجيِّدة معهم، في سعيها إلى أن تدرأ عن نفسها المخاطر الإيرانية، فكل الوزن العربي الآن يقلُّ، ويقلُّ كثيرا، عن وزن مصر عندما شرعت تخطو خطوتها الأولى على طريق السلام مع إسرائيل.

ما أراه؛ لأنْ ليس لي مصلحة في أن أرى سواه، هو أنَّ العرب هم الذين في وضع يشدِّد لديهم الحاجة إلى أن يدرأوا عن أنفسهم المخاطر العراقية والإيرانية من خلال إعانة إدارة الرئيس بوش، عراقيا وإيرانيا..، وطلب معونتها في سعيهم إلى إقامة علاقة جديدة وجيِّدة مع إسرائيل، على أن تقف الدولة اليهودية من "المبادرة" مواقف يمكن أن تُظْهِر تلك العلاقة على أنَّها جهد حقيقي يُبْذَل من أجل السلام.

"المبادرة" هي الآن في طريقها إلى "التفعيل"، الذي يبدأ بـ "الشرح والتوضيح"، فحكومة اولمرت تريد أن تسمع من وفد عربي شرحا مبينا لها، يَعْدِل ترجمة لها ليس باللغة العبرية، وإنَّما بالمعاني العبرية.

"لجنة الاتِّصال العربية" يمكن أن تتسع؛ ولكن ليس قبل أن تتجاوب حكومة اولمرت مع "إذا شرطية عربية جديدة"، تضمَّنها البيان الصادر عن اجتماع اللجنة الوزارية العربية المؤلَّفة من 13 عضوا. وقد حرص "فقهاء الاتِّصال" على إصدار الفتوى الآتية: كل تفاوض يتضمَّن اتِّصالا؛ ولكن ليس كل اتِّصال يتضمَّن تفاوضا.

من أجل أن يتَّصِلوا بإسرائيل (عَبْر فريق عمل عربي موسَّع) اتِّصالاً لا تشوبه شبهة التفاوض، لا بد لحكومة اولمرت من أن تُوْقِف "الحصار"، وبناء المستوطنات، وبناء "الجدار"، وأن تعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل 28 أيلول 2000. إذا هي تجاوبت مع هذه الـ "إذا الشرطية العربية الجديدة"، تألَّف فريق العمل العربي الموسَّع هذا، وذهب إلى إسرائيل، متِّصِلا وليس مفاوِضا. وهدف هذا "الاتِّصال" هو "التشاور معها في سُبُل تحقيق تسوية سلمية".

وحتى يذهب هذا الفريق إلى إسرائيل على نور لا بدَّ أوَّلا من أن تنجح مصر والأردن في المهمة الاستكشافية التي كلَّفتهما بها الجامعة العربية، والتي تستهدف الحصول على أجوبة إسرائيلية جديدة وجيِّدة بَعْد، وبفضل، شرحهما لإسرائيل أبعاد ومعاني "مبادرة السلام العربية"؛ وقد التزمت حكومة اولمرت "حُسْن الإصغاء"، مؤكِّدةً أنَّها لن تملي على الطرف الآخر ما سيقوله، ولن تقبل أن تُمْنَع هي من التعبير عن موقفها في حرية تامة.

إذا ما تحقَّق ذلك، وإذا ما تجاوبت إسرائيل، بعد ذلك، مع "إذا الشرطية العربية الجديدة"، تألَّف الفريق الموسَّع، وذهب إلى إسرائيل للتشاور معها في سُبُل تحقيق تسوية سلمية، وليؤكِّد لها، في الوقت عينه، أنَّ "زيارة الاتِّصال (والتشاور)" التي قام بها هي أوَّل الغيث في "التطبيع اللا مجاني".

"التفاوض" لن تُطْلِقه إلا "قمة إقليمية ـ دولية (لقاء العشرة)"، يشارِك فيها أعضاء اللجنة الرباعية الدولية، والأردن، ومصر، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل، والسعودية، والمغرب.
وقد تُخْتَصَر الطريق، فلا يذهب فريق العمل العربي الموسَّع إلى إسرائيل، بعد نجاح المهمَّة التي كلَّفت جامعة الدول العربية مصر والأردن القيام بها، فيَحْدُث اللقاء ضِمن تلك "القمة الإقليمية ـ الدولية". أمَّا النتيجة العملية التي قد تَظْهَر قبل انتهاء ولاية الرئيس بوش فهي المزاوجة بين المسارين: مسار "الحل" الذي تضمَّنته "إذا الشرطية العربية الجديدة"، ومسار "التطبيع". على أنَّ المسار الثاني، أي مسار "التطبيع" قد يكون أكثر دينامية.

الآن، ننتظر موقفا إسرائيليا فيه من "الإيجابية" ما يُبرِّر بدء الاتِّصال العربي بإسرائيل عبر مصر والأردن، فاللقاء من أجل التقاط الصور فحسب فَقََدَ جاذبيته وأهميته. ويُتَوَقَّع أن يأتي هذا الموقف بعد نجاة اولمرت من "لجنة فينوغراد".

إننا مع كل جهد عربي يُبْذَل من أجل "تفعيل" المبادرة على أن لا يتحقَّق هذا "التفعيل" من خلال شرح المبادرة لإسرائيل بما يوافِق شروطها للوقوف منها موقفا إيجابيا، وعلى أن لا يتحقَّق من خلال الزجِّ بالعرب في صراعٍ ليس لغير الولايات المتحدة وإسرائيل من مصالح حقيقية فيه.

و"التفعيل" لن يتحقَّق إذا ما قُلْنا لإسرائيل: تعالي نتفاوض، فليس من حلٍّ تخشينه؛ لأنْ لا حلَّ يمكن أن يرى النور إذا لم يحظَ بموافقتك.

إنَّ موقفا كهذا لا يعني سوى أنَّ العرب قد اختاروا حلاًّ لا يقوم على التزام "الشرعية الدولية"، إسرائيلياً وعربيا، فـ "الحل" يمكن ويجب أن يكون متَّفَقاً عليه؛ ولكن بما يوافِق "الشرعية الدولية"، ويتَّفِق معها.

نحن نَعْلَم أنَّ حقائق الواقع لا تسمح للغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين بأن يمارسوا حقَّهم في العودة إلى حيث كانوا، أو كان آباؤهم وأجدادهم ، قبل تهجيرهم وتشريدهم؛ ولكنَّ هذا لا يعني، ويجب ألا يعني، أن يقوم "الحل العادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين والمتَّفق عليه بين إسرائيل وبين الفلسطينيين والعرب، بما يوافِق قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة الرقم 194" على مبدأ "تعويض اللاجئ الفلسطيني مالياً عن حقه في العودة".

مشكلة اللاجئين الفلسطينيين هي لجهة سببها ليست فلسطينية، وليست عربية، وإنَّما إسرائيلية، ولا بدَّ لإسرائيل من أن تتحمَّل المسؤولية كاملة.

عمَّا قريب سنعرف أمرين على وجه اليقين: الأمر الأوَّل هو كيف تجاوبت حكومة اولمرت مع "مبادرة السلام العربية"، والأمر الثاني، وهو الأهم، كيف تجاوب، ويتجاوب، العرب مع هذا التجاوب الإسرائيلي. وعندئذٍ سنتأكَّد أن لا فرصة حقيقة لسلام يتجاوب مع الحد الأدنى من الشروط والمطالب العربية، وأنَّ الفرصة الحقيقة السانحة الآن هي الفرصة لسلام يقوم على انتهاك العرب للشرعيتين الدولية والعربية!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا يغدو -التطبيع أوَّلا- مطلبا عربيا!
- محادثات لتجديد الفشل كل أسبوعين!
- -الناخِب الجيِّد-.. هذا هو!
- متى يصبح العرب أهلاً للسلام؟!
- -ثقافة الموت- التي يجب تغييرها!
- -استضافة- في كردستان أم -استيعاب- في غزة؟!
- جرائد يومية أم أوراق يانصيب؟!
- -مبادرة- البرزاني!
- -زلزال- فجر الجمعة المقبل؟!
- -عمرو خالد-.. إلى متى؟!
- لماذا -تطرَّف- العرب في قمة الرياض؟!
- لِتُعْلِن إسرائيل -مبادرتها-!
- عندما يُسْتفتى الشعب!
- -قمة التضامن العربي-.. مع بوش!
- لا تعديل ل -المبادرة- ولكن..!
- -القانون- لا يميت الأحزاب وإنَّما يدفنها!
- حيتان على مائدة عشاء!
- جمهورية -العائلة المقدَّسة-!
- -مبادئ الرباعية- في -البيان الوزاري-
- من أجل هذا النمط من -الجماعية-!


المزيد.....




- مشتبه به في إطلاق نار يهرب من موقع الحادث.. ونظام جديد ساهم ...
- الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟
- بشار الأسد يستقبل وزير خارجية البحرين لبحث تحضيرات القمة الع ...
- ماكرون يدعو إلى إنشاء دفاع أوروبي موثوق يشمل النووي الفرنسي ...
- بعد 7 أشهر من الحرب على غزة.. عباس من الرياض: من حق إسرائيل ...
- المطبخ المركزي العالمي يعلن استئناف عملياته في غزة بعد نحو ش ...
- أوكرانيا تحذر من تدهور الجبهة وروسيا تحذر من المساس بأصولها ...
- ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعدا ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو أثار غضبا كبيرا في ال ...
- مصر.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو -الطفل يوسف العائد من الموت- ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - هل من -فرصة حقيقية- للسلام؟!