أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - جرائد يومية أم أوراق يانصيب؟!














المزيد.....

جرائد يومية أم أوراق يانصيب؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1880 - 2007 / 4 / 9 - 10:55
المحور: المجتمع المدني
    


في أثناء مشاهدتي لفضائية عربية مشهورة، بَثَّت تلك الفضائية، مرَّات عديدة، إعلاناً تجارياً لجريدة يومية عربية، جاء فيه أنَّ شراءكَ لها قد يعود عليكَ بجائزة قيمة، قد تكون سيارة "رولز رايز"، أو "فيلا"، أو مبلغا كبيرا من المال.

لم أُوْرِد هذا المثال للقدح في تلك الجريدة، التي لم اسمِّها، فالظاهرة.. ظاهرة "الصحافة التجارية"، أو "التجارة الصحافية"، آخذة في الاتِّساع والشمول؛ وقد اعتدناها، واعتادتها الصحف، حتى غدا النظر إليها على أنها شيء غير طبيعي هو الشيء غير الطبيعي.

إنَّ الصحافة ولا سيما الجرائد اليومية غير منزَّهة، ولا يمكنها أن تكون منزَّهة، عن التجارة، منطقاً وهدفاً وأسلوباً؛ واستثمار أموال الأفراد، أو الدولة، فيها يجب أن يعود على المستثمر بربح لا يقل عن معدَّله العام في الاقتصاد القومي، وإلا انتقلت رؤوس الأموال من الصحافة، بوصفها قطاعا تجاريا، إلى حيث الربح لا يقل عن معدَّله العام.

وأعْلَم أنَّ "الإعلان التجاري" هو شريان الحياة بالنسبة إلى الجريدة اليومية، فهو، على وجه العموم، ما يحوِّل الخسارة التجارية الأكيدة لديها إلى ربح. وإذا كان من قانون ينبغي للصحافة أن تعمل بموجبه حتى تظل محتفظة بخواصِّها الصحافية المميِّزة لها عن كل نشاط تجاري صرف فهذا القانون إنَّما هو الآتي: الصحافة تنطوي على تجارة؛ ولكن لا تَعْدِلها.

تلك الصحيفة، التي هي في روحها التجارية جزء من كل، أي مثالٌ ليس إلا، لم تُبْدِ اهتماما بما يجب أن تهتم به حتى تظل منتميةً إلى العالم الحقيقي للصحافة. إنَّها لم تهتم بما يمكن ويجب أن يؤدِّي إلى زيادة عدد قرَّائها، وإنَّما بما قد يؤدِّي إلى زيادة عدد شراتها.
لم تُبْدِ اهتماما بتطوير محتواها الصحافي، خَبَراً، ومعلومةً، وصورةً، ومقالةً، وتعليقاً، ورأياً، ولا برفع سقف الحرِّية السياسية والفكرية والثقافية فيها، وكأنَّها فضَّلت "مصالحها التجارية" على مصلحة المجتمع في أن تكون له صحافة، تمارِس فعلا "السلطة الرابعة"، وتتوفَّر على صناعة الرأي العام، والتأثير في أنماطه، وفي ميول واتِّجاهات ونزعات المجتمع، أفرادا وجماعات.

عموماً، كل قارئ للجريدة، شارٍ لها؛ ولكن ليس كل شارٍ للجريدة، قارئ لها، فالجريدة التي تجتذب إليها "الشراة غير القرَّاء" بجوائز من قبيل سيارة "رولز رايز"، و"فيلا"، ومبالغ نقدية، تُحوِّل نفسها بنفسها إلى ما يشبه "ورقة (أو بطاقة) اليانصيب"، فينمو شراتها، ليضمحل، في الوقت نفسه، قرَّاؤها.

الجريدة اليومية إنَّما هي في وجودها وعملها وتطوُّرها صراع دائم لا يتوقَّف بين مَيْلين متضادين تنطوي عليهما، هما: "المَيْل إلى الحرِّية التجارية" و"المَيْل إلى الحرِّية الصحافية".
إذا هي ارتضت أن تظلَّ على فقرها لجهة الحرِّية الصحافية، فلن تتولَّد لديها الحاجة إلى تطوير محتواها الصحافي بما يحوِّلها من "قوَّة نَبْذ (وطرد)" للقارئ إلى "قوَّة جَذْب" له، وسيشتد لديها المَيْل إلى توسيع جمهورها من "الشراة غير القرَّاء" عَبْر جوائزٍ تشبه جوائز اليانصيب.

وجريدةٌ ارتضت لنفسها أن تكون في هذه الحال، التي يجتمع فيها الفشل الصحافي مع الفشل التجاري، لا تملك من جمهور الشراة ـ القرَّاء إلا ما يملك منه "القارئ غير السياسي وغير الثقافي" حصَّة الأسد، فـ "الإعلان"، بأنواعه، وليس الخبر أو المقالة.. ، هو الذي يجتذب إلى الجريدة القسم الأكبر من هذا الجمهور، وكأنَّ الجرائد اليومية، على كثرتها وتكاثرها، اسْتَنْفَدت، أو تَسْتَنْفِد، قدرتها على تلبية الحاجات السياسية والفكرية والثقافية للمواطنين على اختلاف ميولهم ونزعاتهم واتِّجاهاتهم.

حتى الآن، لم نرَ من صحافتنا اليومية إلا ما يُظْهِر ويؤكِّد التناقض السخيف بين جرائد يومية تربح تجاريا لتخسر صحافيا، وبين جرائد يومية تربح صحافيا لتخسر تجاريا، فمتى يعتدل تطرُّف هذا التناقض، فنرى توازناً، أو شيئاً منه، بين الربحين، الربح الصحافي والربح التجاري؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مبادرة- البرزاني!
- -زلزال- فجر الجمعة المقبل؟!
- -عمرو خالد-.. إلى متى؟!
- لماذا -تطرَّف- العرب في قمة الرياض؟!
- لِتُعْلِن إسرائيل -مبادرتها-!
- عندما يُسْتفتى الشعب!
- -قمة التضامن العربي-.. مع بوش!
- لا تعديل ل -المبادرة- ولكن..!
- -القانون- لا يميت الأحزاب وإنَّما يدفنها!
- حيتان على مائدة عشاء!
- جمهورية -العائلة المقدَّسة-!
- -مبادئ الرباعية- في -البيان الوزاري-
- من أجل هذا النمط من -الجماعية-!
- قطار سلامٍ سكَّته -التطبيع-!
- الظواهري.. لسان يبحث عن آذان!
- تغيير حقيقي أم خديعة؟!
- الانتخابات في مناخ -الفقر الديمقراطي-!
- اليوم -حَبْس- وغداً.. !
- -روح إسرائيلية- لإحياء -المبادرة العربية-!
- فيلم -هيكل سليمان الضائع-!


المزيد.....




- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - جرائد يومية أم أوراق يانصيب؟!