أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ميوشة والعنكبوت














المزيد.....

ميوشة والعنكبوت


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 1873 - 2007 / 4 / 2 - 09:43
المحور: كتابات ساخرة
    


اعتادت ميوشة ان تأوى الى فراشها قبل ساعة من موعد نومها.في هذه الساعة - وهي احلى لحظاتها اليومية- تتمدد على فراشها وتبحلق في السقف سارحة في عالمها الخاص, هذا العالم الذي لايعرفه احد غيرها, انه تماما يشبه الدخول الى كهف مظلم لا احد يعرف مسالكه الا صاحبه وفي ركن منه تجلس مغمضة عينيها وتذهب بعيدا الى حيث لايراها احد. وهناك ينجلي عالمها الخاص: شاب غيور يحتضن حبيبته وكأن ملامح وجهه تقول لو كان بامكاني ان ادخلها في روحي ولا ادعها تخرج منها, وذاك رجل كهل اثقلت عليه الدنيا ولكنه ما زال يبتسم للعابرين حين ينظرون اليه, وتلك اليافعة الصغيرة تضحك حين تطير نسمات من الهواء العذب خصلات من شعرها, وبائع الصمون لم يعد ينادي على بضاعته فقد عرفوه الناس وعرفوا ان خبزه اطيب خبز في المدينة. وهناك في اقصى الزقاق امرأة عجوز تثرثر مع جارتها وهي تشرب الشاي, وفي الساحة الكبيرة يلعب الاطفال بكرات لفوها من بقايا قطع القماش. وامام الجامع بيت صغير مفتوح بابه على مصراعيه مما ترك الفرصة لطفل يحبو ان يطل برأسه نحو الشارع شبه المقفر.
والى اليمين حيث بائع الخضروات ينحدر جبل صغير مسطح تعتليه ساحة تتسع لاكثر من خمسين شخصا خصصت لاقامة الاعراس رغم انها قليلة, ورغم قلتها فكل الناس تقريبا يحرصون على الحضور لا لشيء الا انهم لا يجدون ما يفعلون غير ذلك.
في تلك الليلة ارادت - كعادتها- ان ترحل الى عالمها ولكن العنكبوت الذي توسط سقف غرفتها حال دون ذلك. نظرت اليه طويلا, لم يكن يتحرك بعد نسج خيوطه البيضاء الناصعة على جزء كبير من مساحة السقف.
ترى كيف تتزوج ايها العنكبوت وهل لديك زوجة تحضر لك قهوة الصباح كل يوم وتقبلك قبل ان تنهض من سريرك وهل تدخل معك الحمام لتدلك لك ظهرك بعد ان تطبع عليه قبلة طويلة تفيض حنانا وحبا وهل تتحدثان عن فيضانات دجلة والفرات بالروؤس المقطوعة.
ترى هل لديك اولاد صغار تخاف عليهم من الخروج واللعب بكرة القدم المصنوع من خرق القماش. وهل تحمل في جيبك اربع هويات او اكثر كل واحدة منها تنبأ انك تنتمي الى هذا القطيع او ذاك.
خيل لميوشة ان العنكبوت بدأ يتململ وربما رأته وهو يتحرك بعيدا الى زاوية السقف وبعيدا ايضا عن اسئلتها المقلقة.
صبرا ياعنكبوت لم انه اسئلتي بعد, ليس هناك من يسمعني غيرك, لديك اصغاء ساحر لما اقوله انك اعظم مصغ في هذا العالم. ناسي هنا اورثوني الخيبة فهم يتحدثون بل ويصرخون وينادون بعضهم على بعض دون ان يسمعوا بعضهم شفاههم , تلوك الكلام دون توقف, لم اجد واحدا اوقف شفتاه عن التوقف ابدا. كلهم يلوكون الكلام ولا احد يسمع الاخر.
لا تدري ميوشة كيف اطبقت عيناها وراحت في غفوة طويلة, ولا تدري كم من الساعات مضت وهي مستغرقة في نومها ولكن الذي تدريه انها استيقظت على ضربات قوية على باب دارها. فتحت الباب لتجد جارتها "حسنة" واقفة وعلى وجهها علائم الحيرة.
وقبل ان تلقي "حسنة" تحية الصباح بادرتها بالقول:
- ايه ميوشة قلقت عليك فانك لم تتعودي على النوم الى مثل هذه الساعة.
ردت ميوشة فرحة
- تعالي ياحسنة ساريك عنكبوتا رائعا.
دخلت حسنة مذهولة وقادتها ميوشة الى غرفة نومها وطلبت منها ان تنظر الى السقف لترى هذا العنكبوت الجميل.
صاحت حسنة:
- ماذا اصابك يا ميوشة انه ليس الا عنكبوت
ردت ميوشة
- نعم ياحسنة انه عنكبوت
تمتمت حسن بكلام لم تسمعه ميوشة ولكنها حزرت ان حسنة طعنت في عقلها والا لماذا هذه الدهشة والاستغراب على وجهها.
فجأة وخلال ثوان رأت ميوشة حسنة وهي تمسك بنعالها وترميه على العنكبوت الذي سقط على الارض مهشما.
ركضت ميوشة نحو حسنة وهي تصرخ بالم ومسكتها من كتفيها وهزتها بعنف.
" اتدرين ماذا فعلت يا حسنة لقد قتلت العنكبوت.. قتلت من كان يصغي الي ... ربما كان ينتظر زوجته او اولاده وهم يعودون من المدارس .. ربما يحن الان الى كوب القهوة الصباحي تقدمه له زوجته او ربما ستبكي زوجته لانها لم تجد احن منه عليها. من يا الهي سيدلك ظهره في الحمام بعد الان ويطبع اجمل القبلات عليه.
لماذا يا حسنة فعلت كل ذلك.. لماذا؟ من سيتحدث معي بعد الان عن دجلة والفرات .. عن درا السلام بعد ان ضاقت بمن فيها, عن "ابو الخصيب" وزاخو والنار الازلية في كركوك, من يحدثني بعد الان عن ازقة البتاوين والسدة وحمام الاعظمية وسمبوسة الميدان.
من ياحسنة يحدثني عن اربيل وبيوتها المعلقة بالجبال, من يحدثني عن كاكا حمد وكبة الموصل, من ياحسنة من؟.






#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اربع حكايات اسيوية
- ميوشة تقص شعرها وتنثره بين النسوان
- اروع مخابرات في العالم
- خطبة ابوبريص
- الحجاب الحاجز
- شبعاد
- بمناسبة مرور 5 سنوات على انشاء الحوار المتمدن
- بغداد ... في عيون مي
- يوميات صحافي ... سائق تاكسي/ الحلقة الرابعة
- يوميات صحافي .. سائق تاكسي / الحلقة الثالثة
- يوميات صحفي ... سائق تاكسي- الحلقة الثانية
- يوميات صحفي ... سائق تاكسي
- اتمنى ان اصير امرأة
- حتى الكلاب
- ينتحرون حتى في الجنة
- انا مهدي المنتظر وهذا صك البراءة
- هكذا تحدث عبد الباقي بن يرفوع
- هكذا تكلم عبد الباقي بن يرفوع
- ميوشة تنذر للملا مطشر
- مازالوا يضحكون حتى اعداد هذا الخبر


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ميوشة والعنكبوت