أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الظهير الشعبي للعظماء














المزيد.....

الظهير الشعبي للعظماء


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 12:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الظهيرُ الشعبي للمايسترو "محمد صبحي"!
Facebook: @NaootOfficial
ماذا على العظماءِ أن يفعلوا حينما يُغتالون أدبيًّا ومعنويًّا؟! هل يحملون سيوفَهم ويذودون عن أنفسهم؟ هل يقودون جيادَهم ويقتحمون حصونَ العدو ليدكّوها فوق رؤوسهم؟ هل يجوبون الطرقات حاملين الأبواق ليسردوا على الملأ دنايا خصومهم وفضائحَهم، فتبرأ ساحاتُهم؟ هل يقرعون الطبول في الساحات، ويستعرضون جراحهم أمام الجموع، ليشهد الناسُ أنهم طُعنوا، وأنهم لم يكونوا هم الطاعنين؟ لا. مطلقًا. لا يفعل العظماءُ شيئًا. فقط يجلسون في هدوء يحتسون قهوتَهم ويتسمعون إلى الموسيقى، ويبتسمون وهم يشاهدون أعداءهم يتساقطون من تلقاء أنفسهم تحت معاول الشرفاء. ومن هم الشرفاء؟ الظهيرُ الشعبي للعظماء.
أكثرُ ما يُبهجُني في كل محاولةٍ لهدم رموز مصرَ الفكرية أو الأدبية أو الفنية أو العلمية أو السياسية، هو تأملُ الجدار الشعبي الفولاذي الذي تتكسر عليه رصاصاتُ الحسد وسهامُ الغَيرة التي يطلقها أعداءُ مصر على قواها الناعمة. تتجلّى عبقريةُ الشعب المصري في سحق "الأصفار"، التي تتقافزُ وتتواثبُ وتتقلَّبُ وتتشقلبُ في محاولات يائسة بائسة لهدم "الرقم الصعب”.
ويبدو أن هذا نمطٌ تاريخي متكرر لم يخلُ منه عصرٌ ولا فرَّ منه مجتمع. يخبرنا التاريخُ كيف سخر أدعياءُ الفنّ من "فان جوخ"، ثم جعلته البشريةُ أيقونة الجمال الإنساني الخالد، وكيف حورب "جيمس جويس" ومُنعت روايتُه "عوليس" من التداول، لكن القراءَ جعلوه حجرَ الزاوية في الأدب الحديث، وكيف سُخر من "ألبرت آينشتين" باعتباره متوحدًا غريبَ الأطوار؛ لكن المجتمعَ العلميَّ حوَّله إلى أيقونةِ "عقل العصر"، وكيف تعرّض "تشارلي شابلن" لحملات تشويه في الصحافة الصفراء، فحفظه الجمهورُ العالمي ضميرًا للضحك الحزين، وكيف سُخر من إبداع "فرجينيا وولف" باعتباره من الهذيان النسوي، لكن القراءَ جعلوها واحدةً من أعمدة الحداثة الأدبية. وفي مصرَ حورب "طه حسين" من صغار الكتّاب وشيوخ الضجيج، فحماه الوعيُ الثقافي حتى ظلَّ عميد الأدب العربي شاهقَ القامة أحدَّ بصرًا وبصيرةً ممن حاولوا هدمه. ونُحر "نجيب محفوظ" بخطاب تكفيري بائس، فحوّله المثقفون إلى رمز أخلاقي للأمة. ولوحق "يوسف شاهين" بتشويه أخلاقي تعس، فرفعه جمهوره إلى العالمية. وكُفِّر "أحمد لطفي السيد" وجعله الزمنُ رمزًا للعدالة والتنوير. والأمثلة لا تنتهي منذ سقراط، وبيكاسو، وكافكا، وتولستوي، وغيرهم، في كل مرة لا ينتصر العظيمُ بنفسه لنفسه، بل ينتصر له الناس والتاريخ. لأن الدفاع هنا ليس عن شخص، بل عن معيار، وعن معنى، وعن قيمة. في كل مرة يمتلك الصغارُ أبواقَ الضجيج والصراخ، والناس يملكون الزمنَ. والزمنُ دائمًا في صف الكبار.
بعد الأحداث الكوميدية الأخيرة هاتفتُ المايسترو "محمد صبحي" لأطمئن عليه. وكان حديثًا طويلا أخبرني فيه عن المسرحية الجديدة التي يعمل الآن على رسم خُطّتها، وسوف تكون بحق مفاجأة حقيقية، ولكن غير مسموح لي الحديث عنها الآن. وفي نهاية المكالمة ضحكتُ وقلتُ له: "سيبك من كل ده يا مايسترو… إيه رأيك في جمهورك الذي ردَّ عنك سهامَ الحسد، فارتدت إلى صدور الحاسدين؟" فقال كلمتَه التي خلدتها الصحف: “احترمتُهم، فاحترموني.”
والحقُّ أن هذا الظهير الشعبي الشريف من جميع الأجيال لا يدافعون عن المايسترو، بل عن أنفسهم، عن تاريخهم ووجدانهم ومَدرستهم. فالمدرسةُ ليست بناياتٍ وجدرانًا وفصولا، بل هي أولئك العظماءُ الذين علمونا في طفولتنا وصبانا وشبابنا القيمَ والاخلاقَ مثل: "ونيس أبو الفضل"، و"حافظ نجيب"، وسنبل"، و"عرفة الشوّاف"، و"سنوسي جاد الحق"، و"آدم عبد ربه"، و"سطوحي"، و"هاملت"، وغيرهم من الأبطال الذين غرسوا في عقولنا بذرة التأمل، وأفسحوا لأنفسهم مساحةً في ضمائرنا، يعيشون معنا ولا يكفّون عن محاورتنا في المحكّات؛ حين نحتاج إلى المشورة.
الوعيُ الشعبيُّ يثبت دائمًا أنه أعلى كعبًا من الُمغرضين الزائفين، وأنه يقف بالمرصاد ضد التشويه، ضد التفاهة، ضد الخواء، ضد قصار القامة حين يحاولون جرّ القامات الشاهقة إلى مستواهم.
مَن قال إنه: "فارسٌ بلا جواد"؟! بل هو فارسٌ مغوارٌ يقفُ وراءه جيشٌ حاشدٌ يعتلي صهواتِ عشرات الملايين من الجياد الأصيلة، يردُّ سهام المتهافتين إلى نحورهم. المشهدُ الآن مفارقةٌ مدهشة سوف يكتبها التاريخُ في سجلّ محاربة العظماء. الملوثّة ضمائرُهم يملأون الساحات صراخًا، بينما يجلسُ "الأستاذ" المايسترو المُعلِّم "محمد صبحي" الآن إلى مكتبه هادئًا، يستمعُ إلى موسيقى "جورج بيزيه"، بينما يكتبُ ويرسمُ خطّة مسرحيته الجديدة، لتكون درسًا جديدًا لوجداننا، سوف يحفظه التاريخُ مثلما حفظ جميع خوالده العصيّة على النسيان أو الهدم. يا "مايسترو" عِشْ ألفَ عامٍ وأنتجْ لنا ألف عملٍ جديد، ولا تعبأ بالردّ على الصغار، لأنك مهما حاولتَ لن يكون بوسعك رؤيتهم. فالعمالقة الشواهق من المستحيل عليهم رؤية المتهافتين، لأنهم لصيقو الأرض، نسمع أنينهم ولا نكاد نراهم.



***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “الشيخ والفيلسوف-… حوارٌ على الحافّة
- -يسرا اللوزي-… درسٌ هادئٌ في الحضارة
- -محمد صبحي-… والمُخرِصون!
- المعلّمة الجميلة!
- على هامش -الدهشة-!
- -صبحي-… المايسترو يشرقُ في -الأمم المتحدة-
- -أم كلثوم-… المسرحُ في أَوجِه
- أندهشُ … حين لا أندهشُ
- “فيروز-… ما نجا منّا
- الجميلة -حور محمد-… وجهُ الشمس
- سلفيون … ولاهون… وبينهما متحف!
- الفارسةُ … -يسرا-
- على أبواب المتحف… كلُّنا مصر
- مصرُ… التي من أجلها تُشرقُ الشمسُ
- توقيع -فاروق حسني-... على جدارية التاريخ
- التوحُّد… ثمارٌ وراءها ألمٌ
- -ولنا في الخيال حبٌّ-… السينما في أَوْجِها
- -الجونة- … وطنُ الجمال والفن
- أكتوبر … فصلُ الأمجاد المصرية
- حين تتكلم مصرُ... تصمتُ المدافع


المزيد.....




- رسالة السيد المسيح
- وسائل إعلام الكيان المؤقت | حزب -بن غفير- سيعرض على الكنيست ...
- وسائل إعلام الكيان المؤقت | حزب -بن غفير- سيعرض على الكنيست ...
- عاجل | بيان لـ21 دولة عربية وإسلامية: نرفض بشكل قاطع إعلان إ ...
- تاكر كارلسون: تصوير -الإسلام الراديكالي- كتهديد لأمريكا -دعا ...
- عراقجي: لدينا مبدأين غير قابلين للتنازل: سلمية البرنامج الن ...
- حمص تشيّع ضحايا تفجير المسجد وغوتيريش يندد بالهجوم
- المالكي: المسيحيون ملتزمون برفض التطبيع وأي تصريح فردي لا يم ...
- ترامب يرفض اعتراف إسرائيل بـ-أرض الصومال- وسط إدانة عربية وإ ...
- قائد الثورة الإسلامية في إيران :الحاجة الملحّة اليوم هي إلى ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الظهير الشعبي للعظماء