أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -أم كلثوم-… المسرحُ في أَوجِه














المزيد.....

-أم كلثوم-… المسرحُ في أَوجِه


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 12:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
صبيٌّ يجلس على شط الترعة يُغنّي، يصير مع الأيام "عبد الحليم حافظ”. طفلةٌ تُنشدُ في الموالد تغدو مع السنوات "أم كلثوم". تلميذٌ يذاكر على مصباح الشارع، يصبح "أحمد زويل". هكذا قال الشاعر المُلهَم د. “مدحت العدل"، ليحكي كيف تغزل مصرُ أمجادَها على نول الزمن، بهدوء وتروٍّ؛ مثلما شيدت أهرامَها حجرًا في إثر حجر. قالها وهو يقدّم فريقَ العرض المسرحي المدهش "أم كلثوم- دايبين في صوت الست" الذي يُقدّم الآن على مسرح موفنبيك مدينة الإنتاج الإعلامي. وجوه جديدة معظمها يقف على خشبة المسرح للمرة الأولى، تم اختيارهم بدقّة ليجمعوا بين حلاوة الصوت وموهبة الأداء المسرحي العسِر. هذا الرهان الجسور يحملُ أكثرَ من رسالة. أولا: إيمان مؤلف العرض ومنتجه الشاعر "مدحت العدل" أن مصرَ لم تتوقف منذ ميلادها قبل آلاف السنين عن إنجاب المواهب، ومن ثَم علينا أن نتوقّع المزيد من "أم كلثوم" في مقبل الأيام من مواهب العرض الشابّة، وثانيًا: ألا يتكئ العرضُ الجميل على نجومية قامات مضيئة بذاتها، بل ينبعثُ الضوءُ من العمل عبر تأليف أنيق وإخراج مدهش ومواهب تمثيلية وصوتية واستعراضية لافتة، وإنتاج مبهر ينافس معايير "برودواي" العالمية في فن السينوغرافيا.
“مدحت العدل"، صديقي المنشغل بحقيقة أن الفن الرفيع هو "طوق النجاة" من الكبوات الأخلاقية التي تضربُ المجتمعات، أراد أن يربط جيل "ألفا" بخوالد التاريخ في بلاده، فاختار شخصية "أم كلثوم"؛ التي لم تكن صوتَ مصرَ الخالدَ وحسب، بل كانت رحلة مهمة من تاريخ مصر الفني والسياسي والإنساني. لم يقدّم العرضُ ما نعرفه عن "أم كلثوم" من حفلاتٍ ومواقفَ ومحطات، بل قدّم "الإنسانَ" الذي يسكن "أم كلثوم" بأحلامه وانكساراته، بانتصاراته وإخفاقاته، بأفراحه وأوجاعه، بشموخه وخفّة ظله. بعد صوت "جلال معوّض" الشهير يقدّم لنا "الست"، نراها في غرفة الاستراحة أمام مرآتها تنظرُ إلى حاضرها الماجد، فيظهرُ على صفحة المرآة أمسُها الفقير: الطفلة التي تجوب الموالد مع والدها متخفيةً في عقال الصِّبيان، إذ كيف تشدو فتاةٌ؟! تخرج من الغرفة طفلةً يلتقطُ نبرةَ صوتها الملحنُ الذكي الشيخ "أبو العلا محمد"، الذي نَدينُ له بـ"ذوباننا في صوت الست"، حين راهن عليها وجعلها تشرقُ في سماء القاهرة، ومن ثم في سموات العالم والتاريخ.
المدهشُ في العرض الغنائي أنه مباراةٌ بين أصواتٍ عظيمة تسكنُ وجوهٍ جديدة. “أم كلثوم" الطفلة التي تتلمّس طريقَها نحو المجد بسرعة الشهب؛ هي الصغيرة "ملك أحمد" بصوتها القوي، وكبيرةً هي الشابّة "أسماء الجمل" بصوتها الساحر وأدائها الشامخ الذي حاكت فيه "أم كلثوم" بشخصيتها الواثقة. ثم توالى العظماءُ الذين ساهموا في غزل الأسطورة: “محمد القصبجي، أحمد رامي، رياض السنباطي، بليغ حمدي، محمد عبد الوهاب، محمد فوزي”. وكنتُ أرجو ألا يُغفل الموسيقارُ العظيم "محمد الموجي" الذي لحّن لها عديد الأغنيات دُرّةُ تاجِها: "حانة الأقدار"؛ ليكتملَ العطرُ. وساهم في صناعة الإبهار ديكور "محمود صبري"، وإضاءة "ياسر شعلان"، وملابس "ريم العدل".
المخرج الشاب "أحمد فؤاد" الذي درس الفلسفة والنقد والإخراج، وابتُعث في روما ليتعلّم ويخرج، لا يتوقف عن إبهارنا في كل عمل يقدمه. قدّم لنا العام الماضي مسرحية "النقطة العميا" عن رواية "العطل" لـ"فريدريش دورنمات"، وكتبتُ عنه يومها مقالا بعنوان: "المسرحُ في تمامِه"؛ إذ نجح في عبقرية إخراجية أن ينقل على خشبة غرفة صغيرة لا تتجاوز الأمتار الخمسة، عالمَ "دورنمات" الموحشَ المعقّد الذي يُحاكم البشرَ على خطاياهم الخفية التي لا يرونها ولا يراها الناسُ، واليوم على خشبة هذا المسرح الضخم الفخم يعيد إبهارَنا بنقلنا إلى عوالم "أم كلثوم" وكواليسها الإنسانية، فيختصرُ لنا في ١٨٠ دقيقة أسطورةَ سبعين عامًا من المجد والمواجع.
من التيمات الراقية في العرض هو عدم الجَور على خصوم "أم كلثوم" ومنافسيها طمعًا في "أسطرة" الست. بل جعل المعارك بين أندادٍ عظام. “منيرة المهدية"، التي قدمتها "ليديا لوتشيانو" بصوتها المدهش، و"عبد الوهاب" الذي قدّمه بعذوبة الفنان "أحمد علي الحجار". التصميم البصري للمعارك كان ذكيًّا وموحيًا حاشدًا بالرمزية. عراك الست مع "منيرة" كان رأسيًّا؛ ليرمز إلى أفول القديم ليُفسح الطريقَ للجديد، بينما معركتها الطريفة مع "عبد الوهاب" أفقية، لأنهما نِدّان متجايلان، أو هرمان متناحران قررا أخيرًا أن يصنعا معًا صرحًا جديدًا بطعم جديد.
والحقُّ أن كل مشهد من العرض يحمل رمزيةً ورسالةً وفكرة، وهذا أحد أسرار نجاح هذا العرض العظيم الذي أرجو أن يجوب العالم ليقول إن مصرَ التي صنعت الحضارة في فجر التاريخ، مازالت تصنع مجدَها الحاضرَ على نحو أصيل ومعاصر في آن. وليس أجمل من كلمة: "يا حبيبي" بصوت الست خاتمةً للعرض، وكأنها تقولها للمبدع "مدحت العدل" ورفاقه.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أندهشُ … حين لا أندهشُ
- “فيروز-… ما نجا منّا
- الجميلة -حور محمد-… وجهُ الشمس
- سلفيون … ولاهون… وبينهما متحف!
- الفارسةُ … -يسرا-
- على أبواب المتحف… كلُّنا مصر
- مصرُ… التي من أجلها تُشرقُ الشمسُ
- توقيع -فاروق حسني-... على جدارية التاريخ
- التوحُّد… ثمارٌ وراءها ألمٌ
- -ولنا في الخيال حبٌّ-… السينما في أَوْجِها
- -الجونة- … وطنُ الجمال والفن
- أكتوبر … فصلُ الأمجاد المصرية
- حين تتكلم مصرُ... تصمتُ المدافع
- وجهُ مصرَ في اليونسكو
- لعبةُ الحَبَّار
- الإنسان… جسرٌ أم بحر؟
- هندسة عين شمس … العظيمة
- -أولاد- الدكتورة -سهير-
- -زهرة النار-… الحلمُ يخفقُ في الرماد
- -القمة-: -غزّة- امتحانُ الضمير العالمي


المزيد.....




- وثيقة إسرائيلية: نتنياهو يدعم بناء البؤر الاستيطانية التي يد ...
- مكتب نتنياهو: الرفات المسلمة من -حماس- لا تعود لأي من المحتج ...
- ما بعد حظر الإخوان: تحديات -حماس- في مواجهة شيطنة الإسلام وإ ...
- إيران والإخوان.. تحالف الضرورة يفرض نفسه على أجندة الطرفين
- الاحتلال يوزع منشورات تهديدية في بلدة الزاوية غرب سلفيت
- القناة الإخبارية السورية: عصابات الهجري تقتل رجل دين ثان بال ...
- بابا الفاتيكان: الكنيسة تقترح على حزب الله ترك السلاح
- بابا الفاتيكان يدعو اللبنانيين إلى عدم الإحباط والرضوخ لمنطق ...
- بابا الفاتيكان يدعو لبنان ليكون علامة للسلام في المشرق
- الفاتيكان: نحو 150 ألف شخص تجمعوا لحضور قداس البابا ليون الر ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -أم كلثوم-… المسرحُ في أَوجِه