أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - من الريع إلى القيمة: كيف يمكن للعراق أن يبني إستراتيجية واقعية لزيادة وارداته غير النفطية ؟














المزيد.....

من الريع إلى القيمة: كيف يمكن للعراق أن يبني إستراتيجية واقعية لزيادة وارداته غير النفطية ؟


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 11:49
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لم تعد التجربة السعودية في تنويع الاقتصاد ورفع مساهمة الصادرات غير النفطية مجرد نجاح قطاعي أو ظرفي، بل باتت نموذجا مكتمل الأركان لاقتصاد يعيد تعريف مفهوم الثروة،
وينقل الدولة من منطق بيع الموارد إلى منطق صناعة القيمة.
وإذا كان السؤال في السعودية اليوم: كيف نحول الطاقة إلى منصة للسيادة التقنية؟
فإن السؤال العراقي الملح هو:
كيف نكسر القيد التاريخي لريع النفط، ونبني موارد سيادية غير نفطية مستدامة؟
أولا: الدرس الجوهري من التجربة السعودية ؛ التنويع ليس قطاعا… بل منظومة قرار : تكشف بيانات التجارة الخارجية السعودية عن حقيقة اقتصادية بالغة الأهمية:
• نمو الصادرات غير النفطية بنسبة تفوق 30% سنويًا
• ارتفاع إعادة التصدير بأكثر من 130%
• تراجع الوزن النسبي للنفط في الصادرات الإجمالية
• توسّع الفائض التجاري رغم زيادة الواردات
هذه المؤشرات لا تعكس نشاطا تجاريا، بل تحولا في فلسفة الاقتصاد الوطني.
فالاقتصاد السعودي لم يكتف بدعم الصناعة أو اللوجستيات، بل أعاد هندسة موقعه في سلاسل القيمة العالمية، من الطاقة إلى الرقائق، ومن الموانئ إلى مراكز البيانات.
وهنا يكمن الدرس للعراق: التنويع لا يبدأ بالمصانع، بل يبدأ بقرار سيادي يعيد تعريف دور الدولة في الاقتصاد العالمي.
ثانيًا: المشكلة العراقية ليست نقص الموارد… بل سوء التموضع
العراق يمتلك:
• طاقة رخيصة (نفط + غاز + إمكانات طاقة شمسية)
• موقعا جغرافيا نادرا (حلقة وصل بين آسيا وأوروبا)
• سوقًا محلية كبيرة
• فوائض مالية نفطية متراكمة
• طلبًا إقليميا عاليا على الخدمات والمنتجات
ومع ذلك، تبقى الواردات غير النفطية العراقية ضعيفة، ومحدودة القيمة، لأسباب بنيوية، أهمها:
1. غياب استراتيجية تصديرية وطنية
2. اقتصاد مستهلك لا منتج
3. ضعف الخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد
4. غياب الصناعات القابلة للتصدير
5. فصل الطاقة عن الصناعة والتقنية
6. الخوف المزمن من الاقتصاد المفتوح بدل إدارته
ثالثا: التحول العالمي… من النفط إلى الرقاقة ؛ لماذا هذا التوقيت مثالي للعراق؟
العالم يشهد تحولا تاريخيا:
• الرقائق الإلكترونية = نفط العصر
• الذكاء الاصطناعي = محرك النمو العالمي
• الطاقة الرخيصة = شرط السيادة التقنية
• سلاسل الإمداد = سلاح اقتصادي
السعودية قرأت هذا التحول مبكرا، وربطت:
النفط → الكهرباء → مراكز البيانات → الذكاء الاصطناعي → الصادرات
أما العراق، فما زال يبيع النفط خاما، ثم يستورد:
• المعدات
• التكنولوجيا
• الخدمات
• حتى الكهرباء
وهنا تكمن المفارقة المؤلمة.
رابعا: ما الذي يمكن للعراق تصديره فعليا؟
خارطة أولية للموارد غير النفطية
بناء على المعطيات العالمية والإقليمية، يمتلك العراق فرصا حقيقية في:
1. إعادة التصدير والخدمات اللوجستية
• موانئ الجنوب
• طريق التنمية
• التخزين، الترانزيت، التوزيع الإقليمي
• العراق يمكن أن يكون منصة عبور لا مجرد سوق استهلاك
2. الصناعات كثيفة الطاقة
• الألمنيوم
• الأسمدة
• البتروكيمياويات
• الهيدروجين الأزرق مستقبلا
الطاقة الرخيصة يجب أن تتحول إلى صادرات، لا إلى دعم استهلاك.
3. مراكز بيانات إقليمية
• استضافة الحوسبة
• الذكاء الاصطناعي
• التخزين السحابي
• العراق يملك الطاقة والموقع… وينقصه القرار
4. الصناعات الغذائية والزراعية المعالجة
• لا تصدير خام
• بل سلاسل قيمة غذائية
• تعبئة، تصنيع، علامة تجارية
5. الخدمات الرقمية العابرة للحدود
• برمجيات
• خدمات مالية
• منصات لوجستية
• Outsourcing إقليمي
خامسا: من أين نبدأ؟ خمسة قرارات سيادية لا غنى عنها
1. تحويل وزارة النفط إلى وزارة قيمة مضافة ؛ ليس المطلوب زيادة الإنتاج، بل:
• ربط النفط بالصناعة
• ربط الغاز بالكهرباء
• ربط الكهرباء بالتقنية
2. إنشاء مجلس أعلى لتنويع الواردات
• مستقل
• مرتبط برئيس الوزراء
• بصلاحيات تنفيذية لا استشارية
3. ربط الطاقة بالتصدير
كل مشروع طاقة يجب أن يسأل: ماذا سيصدر بسببه؟
4. شراكات دولية ذكية لا استهلاكية ؛ كما فعلت السعودية:
• شراكات مع شركات تقنية
• نقل معرفة
• توطين سلاسل قيمة
• لا مجرد استيراد معدات
5. إعادة تعريف دور الدولة
• منظم
• شريك
• حاضن
الدولة: لا منافس ولا مستهلك.
سادسا: المخاطر إن لم نتحرك : إذا لم يتحرك العراق الآن:
• سيتراجع الطلب على النفط خلال عقدين
• ستتآكل فوائضه المالية
• سيبقى تابعا تقنيا
• وستتحول البطالة إلى أزمة سياسية
بينما التحرك الذكي الآن يعني:
• موارد غير نفطية مستقرة
• وظائف نوعية
• سيادة اقتصادية
• وزن تفاوضي إقليمي ودولي
ختاما : ليست معجزة… بل خيار ؛ ما فعلته السعودية لم يكن معجزة، بل خيارا استراتيجيا، بني على:
• وضوح الرؤية
• شراكات ذكية
• ربط الطاقة بالقيمة
• احترام الزمن الاقتصادي
والعراق، إن امتلك الشجاعة السياسية ذاتها، قادر ليس فقط على زيادة وارداته غير النفطية، بل على إعادة تعريف موقعه في الاقتصاد الإقليمي والعالمي.
المستقبل لا ينتظر المترددين، بل يكافئ من يحول المورد إلى قيمة، والقرار إلى سيادة اقتصادية.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدد الدستورية بين النص والتعطيل السياسي: مسؤولية القضاء وح ...
- العراق والسعر العادل لبرميل النفط ؛ حلول سريعة اليوم… أو قرا ...
- العراق في زمن إعادة ترتيب الإقليم كيف تحول الديمقراطية المنز ...
- العراق على حافة القرار : خطورة القرارات الفردية في زمن التحو ...
- العراق في زمن التحولات العالمية الكبرى : مسؤولية القرار في م ...
- المعادن العراقية: ثروات منسية
- الذكاء الاصطناعي والطاقة في العراق: علاقة مصيرية للجيل القاد ...
- عصر اللا – نصر
- الثورة الهادئة في مفهوم الشرعية: قراءة دستورية معمّقة في قرا ...
- هيمنة البنوك الحكومية على الائتمان المالي في العراق: حقيقة ا ...
- الكاش يبتلع السياسة: كيف غذّى اكتنازُ 90 تريليون دينار فوضى ...
- خطر التصعيد الموجَّه: محاولات جرّ العراق إلى مواجهة مع إسرائ ...
- هل من الممكن رفع الكفاءة التشغيلية في وزارة النفط ؟
- العراق بين التفاؤل الدولي والواقع الهيكلي: قراءة نقدية في أر ...
- أهمية عودة Exxon Mobil إلى العراق — تحليل اقتصادي
- تحوُّط اقتصادي استراتيجي للعراق في ظلّ بيئة عالمية متقلّبة
- عراق 2035: مدن تبتلع حقولها الخضراء
- حقل إريدو النفطي الواعد بين الإمكان الاقتصادي والمأزق التنفي ...
- العراق في قلب التحوّلات الإقليمية: من تجنّب الصدام إلى صناعة ...
- بين الصدمة والنزيف: قراءة عراقية في رؤيتين لطوفان الأقصى


المزيد.....




- سوريا: مصادر محلية من حمص: تفجير إرهابي داخل جامع الإمام علي ...
- مصادر سورية: شهداء وجرحى في التفجير الذي استهدف مسجداً في حي ...
- فرض طوق أمني في المكان الذي شهد انفجارا في حي وادي الذهب بح ...
- عاجل | سانا: معلومات أولية عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 5 جراء الا ...
- المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 100 نقطة أساس
- 2026.. عام اختبار صلابة الأسواق العالمية بعد صدمات 2025
- البنك المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 100 نقطة أساس
- الصناعة الصينية تتوقع نمواً بنسبة 5.9 بالمئة بنهاية 2025
- كيف تؤثر عودة مليون لاجئ على اقتصاد سوريا ومسار تعافيه؟
- حصاد النفط 2025.. تقلبات الأسعار وصراع القوى الكبرى


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - من الريع إلى القيمة: كيف يمكن للعراق أن يبني إستراتيجية واقعية لزيادة وارداته غير النفطية ؟