أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - هل من الممكن رفع الكفاءة التشغيلية في وزارة النفط ؟















المزيد.....

هل من الممكن رفع الكفاءة التشغيلية في وزارة النفط ؟


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 11:59
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في مؤتمر صحفي عُقد ببغداد مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2025، أعلن وزير النفط أن قدرة العراق الإنتاجية تبلغ 5.5 ملايين برميل يومياً، وأن الصادرات الفعلية تقارب 3.6 ملايين برميل يومياً،
مؤكداً التزام العراق بحصته في منظمة “أوبك”.
لكن ما لم يُشر إليه الوزير – وهو ما يستحق التوقف عنده – أن أكثر من 85٪ من هذا الإنتاج تنفذه شركات أجنبية عبر عقود خدمة ومشاركة،
في حين لا تتجاوز مساهمة الوزارة وشركاتها الوطنية 14٪ من مجمل النفط المنتج والمصدّر.
هذه المفارقة الرقمية لا تتعلق بحصة أوبك ولا بمستوى الأسعار، بل بكفاءة الأداء الوطني داخل وزارة النفط نفسها: أين ذهبت القدرة التشغيلية المحلية؟
ولماذا لم تتحول الوفرة في الإيرادات إلى زيادة في الإنتاج الوطني المباشر؟
من هنا تأتي أهمية إعادة طرح هذا الملف، لا بنية اللوم، بل بنَفَس إصلاحي يستعيد للوزارة مكانتها ودورها كجهة إنتاج لا مجرد جهاز إشراف وتمويل .
رغم ما يعتري قطاع النفط من تحديات بنيوية، ما زال العراق يمتلك فرصة حقيقية لاستعادة زمام المبادرة الإنتاجية،
فثروته النفطية ليست مجرد مصدر دخل، بل رأسمال وطني يمكن أن يكون مدرسة لتصنيع الكفاءة.
وإذا نجحت وزارة النفط في توجيه إمكانياتها المالية والبشرية نحو بناء قدرات تشغيلية حقيقية،
فإنها لن ترفع فقط نسبة الإنتاج الوطني، بل ستعيد تعريف السيادة الاقتصادية بمعناها العملي: السيادة التي تُقاس بالكفاءة لا بالشعارات .
• أرقام لامعة… تكشف ظلاً من القصور ؛
فلا خلاف أن العراق يعيش وفرة نفطية تُحسد عليها الأمم.
فخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، تجاوزت صادراته 918 مليون برميل، محققة أكثر من 48 مليار دولار من الإيرادات، بحسب شركة تسويق النفط (سومو).
لكن خلف هذه الأرقام الزاهية تختبئ معادلة مقلقة: وزارة النفط، رغم ميزانيتها العملاقة وكوادرها الفنية، لا تساهم إلا بنسبة تقارب 14٪ من الإنتاج الكلي.
أي أن نحو 86٪ من النفط العراقي يُنتج فعلياً عبر الشركات الأجنبية المتعاقدة، ضمن عقود الخدمة والمشاركة، في حين تكتفي الوزارة وشركاتها الوطنية بالإشراف والمراقبة.
• أين الخلل في الداخل ؟ لا في الخارج :
ليس في الأمر لومٌ على الشركات الأجنبية، فهي تعمل ضمن اتفاقات واضحة وتؤدي دورها الفني بكفاءة.
لكن المشكلة في أن الوزارة لم تبنِ، منذ أكثر من عقد، خطة جادة لتحويل هذه العقود إلى رافعة لبناء قدرة وطنية تشغيلية.
لقد تحوّلت الشركات الوطنية إلى “جهات متابعة” بدلاً من أن تكون “جهات منتجة”،
بينما بقيت الملفات الإدارية والمالية تستهلك الجهد الأكبر على حساب التطوير الفني والتكنولوجي.
لقد حوّلنا الحقول إلى مدارس مفتوحة للعالم، لكن لم نخرّج منها جيلاً عراقياً يقودها.
• وزارة النفط: إمبراطورية مالية بفاعلية تشغيلية محدودة ؟ :
من غير المعقول أن تكون وزارة النفط العراقية – بما تمتلكه من تمويل ومعدات وهياكل بشرية – مسؤولة عن أقل من سدس الإنتاج الوطني المصدر.
فالحقول الكبرى التي تضخ عصب الاقتصاد العراقي تدار اليوم بواسطة فرق أجنبية تعمل وفق عقود خدمة فنية، في حين بقيت الشركات الوطنية عاجزة عن تشغيل مشاريع جديدة أو رفع طاقتها الإنتاجية المستقلة.
إن ما نواجهه ليس نقصاً في الأموال ولا قلة في الرغبة، بل ضعف هيكلي في إدارة الكفاءة، وتراكم البيروقراطية، وانكماش المبادرة الميدانية داخل الشركات التابعة للوزارة.
وكلما طال هذا الوضع، كلما ازدادت فجوة الخبرة والاعتماد الخارجي.
• ما هي الحجة حين تتحدث الأرقام بوضوح ؟ ؛
بلغ مجموع الصادرات لعام 2024 نحو 1.25 مليار برميل، وهو المستوى نفسه تقريباً الذي يتحقق هذا العام.
لكن في المقابل، لم تتغير النسبة الوطنية في الإنتاج: بقيت الوزارة بحدود 14٪ رغم استقرار أو ارتفاع حجم التصدير.
أي أننا زدنا الكمية، لكن لم نرفع الكفاءة الوطنية.
تحسّنت الإيرادات، لكن لم يتحسن وزن الوزارة في معادلة التشغيل.
وهذه مفارقة خطيرة: دولة غنية تنتج نفطها بتمويلها وسيادتها، لكنها لا تملك “أيديها التشغيلية” في معظم الحقول.
• ماهو الطريق إلى استعادة الدور الوطني ؛
أن إصلاح هذا الخلل لا يعني إلغاء العقود الأجنبية ولا الصدام مع المستثمرين،
بل المطلوب إصلاح البيت الداخلي للوزارة بحيث تتحول من “مراقب” إلى “مشغّل”، ومن “جهة اعتماد” إلى “جهة إنتاج”.
ولتحقيق ذلك، أطرح أربعة ركائز أساسية:
1. بناء القدرات الوطنية الميدانية :
إطلاق برنامج وطني لتطوير الكفاءات التشغيلية داخل الشركات التابعة للوزارة،
يركز على إدارة المكامن، الحفر، المعالجة، والتسويق، عبر شراكات تدريبية مباشرة مع الشركات العالمية العاملة في العراق.
ليس المطلوب زيادة أعداد الموظفين، بل تحويل الكوادر الحالية إلى فرق تشغيل حقيقية تدير حقولاً بإشراف عراقي كامل خلال خمس سنوات.
2. تحفيز الكفاءة لا التكدّس:
إعادة تصميم الهياكل الإدارية بحيث تكون الحوافز مرتبطة بالإنتاج والكفاءة لا بالرتب والمناصب.
وزارة بهذا الحجم يجب أن تعمل بمنهج شركات كبرى، لا كجهاز حكومي تقليدي.
الخبرة الفنية يجب أن تتقدم على التسلسل الوظيفي، والقرار الميداني يجب أن يُمنح للمهندس المنتج لا للموظف الجالس خلف المكتب.
3. شراكات إنتاجية لا استشارية:
دعوة الشركات العالمية الكبرى (شيفرون، إكسون موبيل، توتال، بي بي…) إلى الدخول في مشاريع شراكة إنتاجية وتكنولوجية جديدة مع شركاتنا الوطنية،
بحيث تكون الغاية نقل الخبرة وبناء القدرات، لا الاكتفاء بدفع أجور خدمة.
الشراكة يجب أن تُبنى على “العقل والتكنولوجيا” لا على “المال فقط”.
4. ربط الحوافز والمكافآت بالإنتاج الفعلي والكفاءة التطويرية:
تحتاج مجالس إدارات شركات الاستخراج الوطنية إلى تحويل نظام الحوافز والمكافآت السنوية من صيغةٍ إداريةٍ تقليدية إلى أداةٍ تحفيزية مرتبطة مباشرة بالأداء الإنتاجي والتطوير المهني.
فوفق قانون الشركات العامة، تُصرف مبالغ كبيرة سنوياً كمكافآت دون أن تعكس تحسّناً ملموساً في كفاءة التشغيل أو زيادة الإنتاج.
المطلوب أن تُربط المكافآت بنسبة الزيادة في الإنتاج، ونوعية التطوير في أداء الكوادر، ومؤشرات الكلفة التشغيلية،
ليتحوّل نظام المكافآت من عبء مالي إلى رافعة أداء تدفع كل مستوى إداري نحو هدفٍ مشترك: [رفع الإنتاج الوطني وتقليص الاعتماد الخارجي].
• خطة العشر سنوات: من 14٪ إلى 50٪ :
يمكن للعراق أن يرفع إنتاجه الوطني ضمن معدلات الانتاج العام تدريجياً من 14٪ إلى 50٪ خلال عقد واحد، عبر خطوات عملية:
• تدريب 500 مهندس وطني سنوياً على تقنيات الاستخلاص المعزز (EOR) وإدارة المكامن المعقدة.
• تسليم إدارة حقول متوسطة الحجم إلى الشركات الوطنية بإشراف مشترك لمدة ثلاث سنوات فقط، ثم استقلال تام.
• إطلاق مركز وطني للمياه والغاز المرافق لتطوير تقنيات الاستخلاص وخفض الفاقد.
• اعتماد مؤشر شفاف شهري يُظهر نسبة الإنتاج الوطني من الإجمالي، بحيث تخضع الوزارة للمساءلة على هذا الأساس.
• لا يقع اللوم هنا: على الوزارة ولا على المستثمر ؛
فالشركات الأجنبية لم تُخطئ حين أدت دورها، بل الوزارة هي التي أهملت توطين المعرفة والإدارة،
واكتفت بالتصريحات المكررة عن زيادة الإنتاج دون أن تسأل: من الذي ينتج فعلاً؟
لقد آن الأوان لأن تتحمل وزارة النفط مسؤوليتها بوصفها مؤسسة إنتاج لا مجرد مظلة تعاقدية.
الإصلاح يبدأ من الاعتراف بأن السيادة الإنتاجية غائبة، ثم تحويل ذلك إلى خطة لتصحيح المسار.
ثامناً: الخلاصة: السيادة لا تُقاس بالاحتياطي بل بالكفاءة ؛
العراق يمتلك ثاني أكبر احتياطي في أوبك، لكنه ما زال بعيداً عن تحقيق نصف إنتاجه بأيدٍ عراقية.
فالثروة ليست في البرميل الذي يُصدَّر، بل في اليد التي تُخرجه من الأرض.
وحتى تستعيد وزارة النفط دورها التاريخي، عليها أن تواجه الحقيقة بشجاعة:
القصور ليس في الشركات الأجنبية… بل فينا نحن، حين رضينا أن نكون متفرجين على نفطنا يُنتج بغير أيدينا.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين التفاؤل الدولي والواقع الهيكلي: قراءة نقدية في أر ...
- أهمية عودة Exxon Mobil إلى العراق — تحليل اقتصادي
- تحوُّط اقتصادي استراتيجي للعراق في ظلّ بيئة عالمية متقلّبة
- عراق 2035: مدن تبتلع حقولها الخضراء
- حقل إريدو النفطي الواعد بين الإمكان الاقتصادي والمأزق التنفي ...
- العراق في قلب التحوّلات الإقليمية: من تجنّب الصدام إلى صناعة ...
- بين الصدمة والنزيف: قراءة عراقية في رؤيتين لطوفان الأقصى
- إيران بين التصعيد والدبلوماسية: قراءة أمنية في احتمالات الحر ...
- مستقبل البرنامج النووي الإيراني في ضوء محددات التوازن الاستر ...
- ابدأوا من حيث انتهى الآخرون
- القرار الأممي وإعادة تفعيل آلية الزناد: تحديات وفرص للعراق ف ...
- التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط: قراءة استراتيجية في ضوء ا ...
- العراق أمام مرحلة جديدة من الفرص النفطية والاستثمارية
- الناتو يعلن التزاماً طويل الأمد تجاه العراق: من الأمن السيبر ...
- اتفاق إيران مع الترويكا الأوروبية وتداعياته على العراق
- درع الطفل الأميركي وابتسامة الطفل العراقي: صورة متناقضة لعال ...
- أمريكا وإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط: نظرة استقرائية في التح ...
- الدقم بوابة العراق إلى الأسواق العالمية: من تخزين النفط إلى ...
- السياحة العراقية بين الماضي الضائع والمستقبل الممكن : كيف فق ...
- شراكات استثمارية أميركية – عراقية: نحو استقرار اقتصادي وسياس ...


المزيد.....




- 6 مليارات درهم أرباح الدار العقارية في 9 شهور بنمو 30%
- الإغلاق الحكومي الأميركي.. من سيكسب الرهان؟
- الذهب بأدنى مستوى في 3 أسابيع وسط تفاؤل بشأن اتفاق بين أميرك ...
- أفغانستان تربط آسيا بأوروبا عبر مشروع سكك حديد إقليمي
- ميزانية إسرائيل 2026.. إنقاذ سياسي على حساب اقتصاد منهك
- أرباح بنك -إتش إس بي سي- الفصلية تهبط إلى 7.3 مليار دولار
- 4 مليارات درهم إيرادات -غذاء القابضة- خلال 9 أشهر
- البنك المركزي يتوقع بلوغ الدفع الإلكتروني 60 مليار دولار بـ2 ...
- وثائق مسربة تكشف تكلفة إنتاج الصواريخ الروسية وأعدادها
- رويترز: أمازون تستعد لإلغاء 30 ألف وظيفة اعتبارا من الثلاثاء ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - هل من الممكن رفع الكفاءة التشغيلية في وزارة النفط ؟