|
|
هيمنة البنوك الحكومية على الائتمان المالي في العراق: حقيقة الاتجاه، إشكالية النِسَب، وخريطة إصلاح واقعية
عامر عبد رسن
الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 19:35
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تدور واحدة من أهم المعضلات البنكية في العراق حول سؤالٍ بسيطٍ في ظاهره عميقٍ في أثره: من يموِّل الاقتصاد فعليًا؟ هل يظلُّ القطاع العام، عبر البنوك الحكومية، المموِّل الأكبر للأفراد والشركات، أم يحقّق القطاع المصرفي الخاص اختراقًا تدريجيًا يضعه في موقع اللاعب الرئيس في منح الائتمان، خصوصًا لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال؟ المعطيات التي بين أيدينا تذهب إلى أن المصارف الحكومية تستحوذ على نحو 84٪ من إجمالي الائتمان النقدي في 2023–2024، مقابل12 ٪ فقط للمصارف الخاصة المحلية، مع نسبة متبقية للمصارف الأجنبية/المشتركة. ويضيف أن المصارف الخاصة بدأت تنمو عبر تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمبادرات الناشئة، لكن الطريق لا يزال طويلاً. هذه الخلاصة — بغض النظر عن دقة الرقم التفصيلي — تمسّ لبَّ مشكلة هيكلية عرفها الاقتصاد العراقي منذ عقود: تمركز الأصول والائتمان في بنوك الدولة، وضعف دينامية المنافسة والابتكار في منح الائتمان، لا سيما نحو الاقتصاد المنتج. وفي ما يلي، مراجعة موثّقة لما يمكن توثيقه، وتقييد منهجي لما يحتاج تدقيقًا، ثم رسم مسارات إصلاح واقعية. أولاً: ما الذي نستطيع تثبيته من مصادر رسمية ودولية؟ 1. هيمنة البنوك الحكومية: الاتجاه مؤكد : • تؤكد المراجعات الدولية (البنك الدولي) أن القطاع المالي العراقي تهيمن عليه البنوك وأن معظم الأصول مملوك للبنوك المملوكة للدولة، مع محدودية دور البنوك الخاصة في الائتمان والاستحواذ على الودائع. هذا توصيف بنيوي ثابت تقريبًا عبر السنوات، وليس حكمًا ظرفيًا لعامٍ بعينه. ( • تقديرات سابقة للبنك الدولي أشارت — تاريخيًا — إلى أن الدولة تستحوذ على ~86٪ من أصول البنوك وقرابة 69٪ من الائتمان، ما يمنحنا قاعدة مرجعية تؤكد الاتجاه العام وإن كانت لا تعكس بدقة سنة 2023–2024. 2. تأكيدات حديثة من البنك المركزي العراقي : • وثائق البنك المركزي الأخيرة تُظهر مسارًا عامًا لهيمنة بنوك الدولة على جزءٍ كبير من الائتمان، وتعرض مؤشرات متعلقة بالاستقرار (تعثر، مخصصات، احتياطي إلزامي) تؤثر في قدرة المصارف على الإقراض. إحدى نشرات الاستقرار تشير صراحةً إلى أن البنوك الحكومية تستحوذ على نسبة كبيرة من الائتمان الممنوح (مع الإشارة إلى “أكبر خمسة بنوك حكومية”). هذا يدعم جوهر الادعاء بوجود هيمنة، وإن لم يُثبّت رقم 84٪ بعينه . • كذلك، يبيّن تقرير الاستقرار النقدي – الربع الرابع 2024 أن رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي رفع حجم الاحتياطي من 18.6 تريليون دينار في الربع الرابع 2023 إلى 20.9 تريليون في الربع الرابع 2024، ما قيد عملية منح الائتمان وساهم في كبح التضخم. هذه السياسة النقدية تُفسّر جزئياً بطء نمو الائتمان لدى جميع البنوك (خاصة المتحمّسة للتوسع) خلال 2024. 3. حجم الائتمان الكلي واتجاه نموه : نشرات الأخبار الاقتصادية المعتمدة على بيانات “المركزي” تُظهر أن إجمالي القروض والسُلف المصرفية بلغ نحو 64.12 تريليون دينار في الربع الرابع 2024 مرتفعًا بنسبة 5.4٪ عن الفترة المقابلة 2023، ما يعني أن السوق الائتماني ينمو، لكنه لا يغيّر بمفرده هيكل الهيمنة . 4. شمول مالي وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة : • أصدر البنك المركزي الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي 2025–2029، وفيها إقرارٌ بحاجة البلاد إلى توسيع الوصول المالي وتمكين الشرائح المُهمّشة ماليًا، وهو ما يشير إلى وعي رسمي بأن منظومة الائتمان الحالية لا تخدم جميع الفئات بالقدر الكافي. ( • كما نشر “المركزي” الاستراتيجية الوطنية للإقراض التي تؤطر مبادرات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة (SMEs)، بما فيها مبادرات قديمة وحديثة (برنامج التريليون، ثم توسعات لاحقة وصلت إلى ~4 تريليونات دينار بحلول 2022) لإسناد التمويل عبر الجهاز المصرفي. • تقارير تنموية لمنظمة (GIZ) تؤكّد المعوقات الهيكلية لتمويل الـSMEs في العراق (ضمانات، تحصيل، مخاطر قانونية، ضعف القوائم، إلخ) رغم وجود مبادرات ضخّ تمويلية من المركزي. خلاصة القسم الأول : الاتجاه البنيوي — هيمنة بنوك الدولة على الائتمان والأصول — ثابت بتوثيق البنك الدولي وبتلميحات مباشرة من البنك المركزي العراقي. أما النسبة الدقيقة ( 84 ٪ للحكومية، 12٪ للقطاع الخاص المحلي) فلا نجد لها — حتى لحظة الكتابة — رقمًا قاطعًا منشورًا رسميًا لعامي 2023–2024. لكن هذا لا ينفي الجوهر: الهيمنة موجودة، والفجوة مع البنوك الخاصة كبيرة. ثانياً: ما الذي يحتاج تدقيقًا؟ • تعريف “إجمالي الائتمان النقدي : هل المقصود مجموع القروض والسلف (للجهات الحكومية والخاصة)؟ أم الائتمان الممنوح للقطاع الخاص فقط؟ تمييز هذه الحدود مهم، لأن بنوك الدولة تمنح أيضًا اعتمادات للقطاع الحكومي وشبه الحكومي، ما يضخّم حصة الحكومية حسابيًا مقارنة بالبنوك الخاصة التي تركز على القطاع الخاص. • التوزيع بين محلي خاص وأجنبي/مشترك : المنحى العام معروف، لكن تفصيل الحصص يحتاج إلى نشرات تفكيكية من المركزي (مصنفة حسب الملكية)، لم نعثر على جدول حديث منشور يعطي النسب المذكورة نفسها للعامين 2023–2024. • تطور الحصص ربعياً: قد تختلف الحصص بين ربع وآخر مع تغير سياسات الاحتياطي الإلزامي، وتعليمات الامتثال، وحركة مبادرات الإقراض التنموية، لذلك يجب الحذر من تجميد نسبة سنوية واعتبارها قانونًا عاماً. هذه الملاحظات لا تعارض الفكرة المركزية، لكنها تلزمنا بأمانةٍ منهجية: التأكد من المصطلحات والمحيط الإحصائي قبل البناء على أرقامٍ دقيقة. ثالثاً: لماذا تُعد الهيمنة مشكلة؟ (قراءة اقتصادية عملية) 1. تقلص المنافسة والابتكار : عندما تستأثر بنوك الدولة بمعظم الائتمان، تقلّ الحوافز للسعي وراء منتجات تمويل مبتكرة (تمويل الموردين، الفوترة، الفاكْتورينغ، قروض الإيراد المتكرر، التمويل المبني على البيانات، التمويل الأخضر… إلخ). السوق يصبح “مؤدلجًا” تجاه القنوات التقليدية، على حساب الأدوات التي تحتاجها الشركات الناشئة والـSMEs. 2. انحياز هيكلي بعيدًا عن الاقتصاد المنتج : جزء مهم من ائتمان البنوك الحكومية يتجه تاريخياً إلى كيانات حكومية أو شبه حكومية، أو إلى أنشطة قصيرة الأجل منخفضة المخاطر. هذا ينحّي الصناعة والزراعة والخدمات المتقدمة، التي تحتاج قروضًا أطول أمدًا وهيكل ضمانات مرنًا. 3. تعميق مخاطرة القطاع الواحد على مستوى الاقتصاد الكلي : حين تتركز مخاطر الائتمان داخل جهاز حكومي واسع، تصبح الصدمات المالية (تذبذب النفط، سياسة مالية توسعية قابلة للانعكاس) قابلة للانتقال مباشرة إلى ميزانيات بنوك الدولة، ما قد يقيّد قدرتها على دعم التعافي في الأزمات. 4. إضعاف حوافز الحوكمة والشفافية : توسّع دور البنوك الحكومية من دون فصلٍ واضحٍ بين “التمويل التنموي” و“الطابع التجاري” يعقّد الحوكمة (حلقة المساهم–المنظم–المدار). انفتاح السوق أمام بنوك خاصة قوية ومراقبة بشكل صارم يرفع معايير الإفصاح والمساءلة ويعزز جودة التسعير الائتماني. رابعاً: ما الذي حققناه وما الذي لم يتحقق بعد؟ • نقاط إيجابية: 1) نمو الائتمان في 2024 بنسبة 5.4٪ (إلى 64.12 تريليون دينار) — يعكس تحسنًا تدريجيًا في شهية الإقراض. 2) إطلاق وتحديث استراتيجيات الشمول المالي والإقراض — إقرار رسمي باحتياج السوق لتوسيع الوصول إلى التمويل وتوجيهه لفئات جديدة . 3) إدارة نقدية احترازية (رفع الاحتياطي الإلزامي) كبحت التضخم لكنها ضيّقت الائتمان مؤقتًا — توازن معقول بين الاستقرار والسعة الائتمانية • فجوات باقية: 1) ضعف التنويع في قاعدة المموِّلين (قِلّة دور السندات والصناديق والتمويل المبني على الأصول). 2) محدودية تمويل الـSMEs مقارنة بحجم الاقتصاد والحاجة لخلق وظائف. تقارير تنموية تؤكد المعوقات (ضمانات، إجراءات، تحصيل). 3) غياب بيانات مفتوحة تفصيلية حديثة تُظهر توزيع الائتمان حسب ملكية البنوك بشكل دوري — وهو شرط لرقابة عامة فعالة. خامساً: ماذا نفعل؟ حزمة حلول مستندة لتجارب دولية 1) فصل التمويل التنموي عن التجاري داخل بنوك الدولة (تجارب: مصر، فيتنام). • الفكرة: وضع أذرع/نوافذ تمويلية تنموية مستقلة بحوكمة واضحة وقواعد دعم شفافة، مقابل أذرع تجارية تعمل بمنطق الربحية والمخاطرة على أسس السوق. • الجدوى: يقلل تضارب الأهداف داخل بنك واحد، ويمنع دعمًا متقاطعًا غير شفاف يضعف المنافسة. • التطبيق: مراجعة محافظ الائتمان الحكومية في بنكي الرافدين والرشيد، وتحديد محفظة “سياسات عامة” ممولة بضمانات/موازنات، وترك النشاط التجاري يتنافس مع البنوك الخاصة على قدم المساواة. (نهجٌ قريب من إصلاحات بنوك مملوكة للدولة في فيتنام عندما فُصلت مهام السياسة عن النشاط التجاري تدريجيًا). 2) صناديق ضمان ائتمان مستقلة وقابلة للمساءلة تجارب: (الأردن، المغرب، الهند) • الفكرة: توسيع نطاق صندوق ضمان للمشروعات الصغيرة والمتوسطة (على غرار JLG/CGTMSE في الهند أو JFDP/ شركة ضمان القروض في الأردن والمغرب) بحيث يتحمل جزءًا من المخاطر الائتمانية، مقابل رسومٍ تسعّر الخطر. • الجدوى: يُخفّض متطلبات الضمانات العينية التي تعيق الاقتراض الإنتاجي، ويشجع البنوك الخاصة على التوسع. • التطبيق: تعاقد ثلاثي بين المركزي وصندوق الضمان والبنوك؛ قياس الأداء عبر وظائف مخلوقة لكل مليار دينار مضمون، ونسب التعثر، وكلفة التحصيل. 3) تحفيز سندات الشركات والتوريق والتمويل المبني على الموجودات (Asset-based Finance) تجارب: (السعودية، الإمارات، تركيا) • الفكرة: تنشيط سوق أدوات الدين الخاص (سندات/صكوك شركات) وتمكين التوريق لحقوق الديون التجارية، وتمويل سلسلة الإمداد (SCF). • الجدوى: يخفّ الضغط عن البنوك كمصدر أوحد للائتمان، ويخلق قناة تمويل بديلة للمشاريع المتوسطة والكبيرة، ويخفض الكلفة مع الزمن. • التطبيق: تحديث تعليمات الإصدار الخاص، تبسيط إجراءات الإيداع والقيد والتسوية، وتوفير حوافز ضريبية انتقائية لأوّل إصدارات ناجحة، بإشراف سوق العراق للأوراق المالية وهيئة الأوراق. 4) منصة معلومات ائتمانية عميقة (Open Banking + Central Credit Registry 2.0) تجارب: (المملكة المتحدة، البحرين) • الفكرة: توسيع سجل الائتمان المركزي إلى منصة بيانات ائتمانية أوسع تتضمن بيانات التدفقات النقدية من نقاط البيع، فواتير الكهرباء والماء، الضرائب، وسلوك السداد لدى مزودي الخدمات… إلخ، مع إطار Open Banking يتيح للبنوك/الفنتك تقييم المخاطر على بيانات فعلية لا ضمانات جامدة فقط. • الجدوى: تقليل عدم تماثل المعلومات، خفض كلفة المخاطر، توسيع قاعدة المقترضين غير المخدومين. • التطبيق: شراكات تقنية بإشراف المركزي، موافقات خصوصية صارمة، ومراحل تجريبية قطاعية (تجارة التجزئة، النقل). 5) ربط مبادرات المركزي التنموية بمؤشرات تشغيل وإنتاجية لا بحجم الصرف (تجارب: كوريا الجنوبية، سنغافورة) • الفكرة: تحويل مبادرات الإقراض المدعوم إلى تمويل مشروط بمؤشرات ناتج (وظائف مستدامة/قيمة مضافة/صادرات) بدلًا من مؤشرات مدخلات (مبالغ مصروفة). • الجدوى: يضمن عدم تحوّل المبادرات إلى “اعتمادات سهلة” تضعف الانضباط. • التطبيق: إدخال عقود ذكية/بنود استرداد حوافز عند عدم تحقق مؤشرات الأثر. 6) تحرير تدريجي من الاحتياطي الإلزامي مع ربطه بجودة محفظة الائتمان (تجارب: المغرب، ماليزيا) • الفكرة: استخدام احتياطي إلزامي تفاضلي — تخفيضات مرحلية للبنوك التي تحقق نسبًا محددة من الإقراض لـSMEs أو للقطاعات المنتِجة، مع ضبط جودة الائتمان (NPLs). • الجدوى: يوفّر سيولةً انتقائيةً تُكافئ السلوك الائتماني المرغوب دون تعريض الاستقرار النقدي للخطر. • التطبيق: ربط نقاط للبنوك، منح تخفيضات صغيرة (مثلاً 50–100 نقطة أساس) لمن يحقق عتباتٍ محددة من الإقراض المنتج ونسب تعثر منضبطة. 7) إطار تسوية تعثر سريع وشفاف (Out-of-court workouts) تجارب: تركيا، إندونيسيا. • الفكرة: بروتوكول وطني لتسوية التعثر خارج القضاء، يضمّ جمعيات البنوك ومؤسسات التحكيم، لتدوير الأصول المتعثرة بسرعة وإعادة هيكلة الديون بدل إطالة النزاعات. • الجدوى: تحرير رؤوس أموال مجمدة، تمكين البنوك — خاصة الخاصة — من إعادة التدوير والتوسع. • التطبيق: تعليمات “المركزي” + مذكرة تفاهم ملزمة أخلاقيًا مع اتحاد المصارف، ونظام نقاط يثيب سرعة الإنجاز وجودته. 8) إنفاذ صارم لمعيار فصل الملكية عن الإدارة في البنوك الخاصة (تجارب: الاتحاد الأوروبي) • الفكرة: تقوية حوكمة البنوك الخاصة لمنع تضارب المصالح وتركُّز التسهيلات لدى الأطراف ذات العلاقة، وهو ما يرفع ثقة “المركزي” والمودعين ويُسهِّل منح مساحات ائتمانية أكبر للقطاع. • الجدوى: تحسين جودة محفظة الائتمان وخفض الخسائر الائتمانية المتوقعة (ECL)، ما يسمح بتسعير أفضل وقابلية توسع. • التطبيق: زيارات رقابية موضوعية، اختبارات ملاءة، وربط سيولة الامتيازات التنظيمية بسجل الحوكمة. سادساً: أثر الإصلاحات على وظائف القطاع الخاص وترشيق القطاع العام : توسيع الائتمان المنتج ليس هدفًا ماليًا فقط؛ إنه أداة لخلق الوظائف وتحويل الاقتصاد من معادلة الدولة أكبر ربّ عمل إلى معادلة السوق يخلق العمل والدولة تنظّم • عندما ينمو تمويل الـSMEs وفق ضمانات ذكية، تختلف هوية الوظائف: وظائف ذات مهارات، موزعة جغرافيًا، وأكثر مرونة في الأزمات. • ترشيق القطاع العام يصبح ممكنًا حين توجد بدائل تشغيلية في القطاع الخاص، أي حين تنمو قطاعات قادرة على استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل خارج بوابة التعيين الحكومي. • المالية العامة تستفيد عبر توسيع الوعاء الضريبي وتحسن الامتثال، والتقليل من التحويلات غير المنتجة. سابعاً: ماذا عن صحة رقم «84٪ / 12٪» تحديدًا؟ ؛ مراجعتنا للمصادر الحديثة تؤكد الاتجاه (هيمنة حكومية) لكن لا نجد في نشرات البنك المركزي المنشورة علنًا رقمًا يثبت 84٪ بدقة لعامي 2023–2024. نجد بدلًا من ذلك: • تأكيدات نوعية على سيطرة بنوك الدولة على نسبة كبيرة من الائتمان. • خلفية دولية تاريخية قوية بأن أغلب الأصول — وتاريخيًا معظم الائتمان — في بنوك الدولة. • بيانات كلية عن حجم القروض واتجاه نموها، وسياسات نقدية أثّرت في سعة الإقراض خلال 2024 وعليه: جوهر الأمر صحيح في الاتجاه، أما النِّسَب التفصيلية فتحتاج إحالة صريحة إلى جدول رسمي من “المركزي” يوزع الائتمان حسب ملكية البنوك. إن وُفر هذا الجدول — أو صدر في تقريرٍ ربع سنوي/سنوي لاحق — يمكن تثبيت الرقم بدقة. ثامناً: خارطة طريق تنفيذية مُقترحة لـ12–24 شهرًا 1. إصدار ملحق إحصائي ربعي من “المركزي” يفصّل توزيع الائتمان حسب ملكية البنوك (حكومية/خاصة/أجنبية–مشتركة)، وحسب القطاعات الاقتصادية — شفافية ترفع ثقة السوق وتوجّه السياسات. 2. بدء برنامج فصل وظيفي داخل بنكي الرافدين والرشيد: ذراع تنموي بضمانات وميزانية واضحة، وذراع تجاري تنافسي؛ مع تقارير أداء مفصّلة. 3. إطلاق “صندوق ضمان ائتمان” معزز برأسمالٍ كافٍ واتفاقيات مشاركة مخاطر مع 10–15 بنكًا خاصًا؛ الهدف: مضاعفة رصيد قروض الـSMEs خلال 18 شهرًا، بنسب تعثر مضبوطة. 4. تحفيز أول خمس إصدارات سندات/صكوك شركات عبر إعفاءات رسوم/تسهيلات قيد وتداول؛ وإطار توريق للفواتير وحقوق الديون. 5. برنامج احتياطي إلزامي تفاضلي لمن يحقق أهداف تمويل الإنتاج/التشغيل بجودة ائتمانية محددة. 6. منصة بيانات ائتمانية موسّعة (Open Banking) عبر مراحل تجريبية قطاعية، مع ضوابط خصوصية. 7. بروتوكول تسوية تعثر خارج القضاء لتخفيض زمن تدوير الديون المتعثرة بنسبة 30–40٪. 8. تعزيز الحوكمة في البنوك الخاصة وربط تسهيلات “المركزي” بسجل التزام واضح بمعايير الفصل بين الملكية والإدارة. ختاما : الاقتصاد العراقي بحاجةٍ إلى رافعة ائتمانية جديدة تُخرج حركة التمويل من حدود الجهاز الحكومي إلى فضاءٍ تنافسيٍّ منضبط تقوده البنوك الخاصة — من دون إقصاءٍ لبنوك الدولة، بل بإعادة تعريف أدوارها. ما يطرحه المنشور بشأن “هيمنة الإقراض الحكومي” صحيح من حيث الاتجاه العام، وتؤكده مصادر البنك الدولي وتلميحات البنك المركزي، لكن النِّسَب الدقيقة لعامي 2023–2024 لم نعثر لها على جدول رسمي منشور يثبتها كما وردت، وهو ما يستدعي تنبيهًا منهجيًا حتى لا ننقل رقمًا غير موثق. المطلوب اليوم ليس سجالًا حول من الأكبر، بل سباقًا نحو من يخدم الاقتصاد المنتج أكثر. الإصلاح البنكي الذكي — كما دلّت تجارب الأردن والمغرب والهند وفيتنام وغيرها — لا يختزل في “خصخصة” أو “توسيع الدولة”، بل في منظومة أدوات: ضمان مخاطر محسوب، بيانات ائتمان ثرية، أدوات دين نشِطة، حوكمة صلبة، وحوافز تُكافئ الإقراض المنتج. على هذا الطريق، يُصبح خلق الوظائف في القطاع الخاص ممكنًا، وترشيق القطاع العام مقبولًا اجتماعيًا، وتتحول البنوك — حكوميةً كانت أم خاصة — من خزائن ساكنة إلى محركات نمو. أهم المراجع الداعمة (منتقاة) • البنك الدولي: Financial Sector Review – Iraq (هيمنة بنوك الدولة على الأصول) . (Open Knowledge Bank) • البنك الدولي (ملخصات قديمة لكنها دالة): 86٪ من الأصول و~69٪ من الائتمان بيد بنوك الدولة (سياق تاريخي للهيمنة). (Open Knowledge Bank) • البنك المركزي العراقي: الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي 2025–2029. (البنك المركزي) • البنك المركزي العراقي: الاستراتيجية الوطنية للإقراض (SMEs ومبادرات التمويل التنموي). (البنك المركزي) • البنك المركزي العراقي: تقرير الاستقرار النقدي – الربع الرابع 2024 (رفع الاحتياطي وتأثيره على الإقراض). (البنك المركزي) • Iraq Business News: نمو القروض إلى 64.12 تريليون دينار – Q4 2024. (iraq-businessnews.com) • GIZ: Priority Financing Needs of Iraqi SMEs (معوقات تمويل الـSMEs). (GIZ) • البنك المركزي العراقي: إشارات مباشرة حول ارتفاع حصة بنوك الدولة من الائتمان. (البنك المركزي) سنوفر لكم في مقال لاحقًا — عند توافر نشرات تفصيلية حديثة من “البنك المركزي” — ملحق تحقق رقمي يثبت الحصص بدقة لسنوات 2023 و2024 (وحتى ثالث ربع 2025)، مع رسم بياني يوضح تطورها زمنياً.
#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكاش يبتلع السياسة: كيف غذّى اكتنازُ 90 تريليون دينار فوضى
...
-
خطر التصعيد الموجَّه: محاولات جرّ العراق إلى مواجهة مع إسرائ
...
-
هل من الممكن رفع الكفاءة التشغيلية في وزارة النفط ؟
-
العراق بين التفاؤل الدولي والواقع الهيكلي: قراءة نقدية في أر
...
-
أهمية عودة Exxon Mobil إلى العراق — تحليل اقتصادي
-
تحوُّط اقتصادي استراتيجي للعراق في ظلّ بيئة عالمية متقلّبة
-
عراق 2035: مدن تبتلع حقولها الخضراء
-
حقل إريدو النفطي الواعد بين الإمكان الاقتصادي والمأزق التنفي
...
-
العراق في قلب التحوّلات الإقليمية: من تجنّب الصدام إلى صناعة
...
-
بين الصدمة والنزيف: قراءة عراقية في رؤيتين لطوفان الأقصى
-
إيران بين التصعيد والدبلوماسية: قراءة أمنية في احتمالات الحر
...
-
مستقبل البرنامج النووي الإيراني في ضوء محددات التوازن الاستر
...
-
ابدأوا من حيث انتهى الآخرون
-
القرار الأممي وإعادة تفعيل آلية الزناد: تحديات وفرص للعراق ف
...
-
التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط: قراءة استراتيجية في ضوء ا
...
-
العراق أمام مرحلة جديدة من الفرص النفطية والاستثمارية
-
الناتو يعلن التزاماً طويل الأمد تجاه العراق: من الأمن السيبر
...
-
اتفاق إيران مع الترويكا الأوروبية وتداعياته على العراق
-
درع الطفل الأميركي وابتسامة الطفل العراقي: صورة متناقضة لعال
...
-
أمريكا وإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط: نظرة استقرائية في التح
...
المزيد.....
-
سعر جرام الذهب عيار 21 و 24 .. اخر تحديث للاسعار بعد الاستقر
...
-
الأزمة المالية: دعوات لتدخل الإمام المالي محمود ديكو المقيم
...
-
صادرات النفط الروسية مستقرة رغم العقوبات الأميركية الجديدة
-
البنك المركزي ينفي -شائعات- خفض سعر صرف الدينار إلى 4000 للد
...
-
تسوغشبيتسه: إزالة الصليب الذهبي من أعلى قمة في ألمانيا
-
-الاقتصاد- تدعو المجتمع الدولي لتوفير الحماية من هجمات المست
...
-
20 دولة تعيش على الدولرة بينها دولتان عربيتان
-
كيف غيّرت الحروب الكبرى مسار أسعار النفط خلال نصف قرن؟
-
استقرار وثبات سعر الدولار اليوم في البنوك والسوق السوداء بتا
...
-
ثبات واستقرار ملحوظ في سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم 11 من نو
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي
...
/ سالان مصطفى
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
المزيد.....
|