أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزه حمزه الكاتب - أن تمارس عمق وعيك مع شخصية سطحية ، أشبه بإعطاء دواء لجثة .!














المزيد.....

أن تمارس عمق وعيك مع شخصية سطحية ، أشبه بإعطاء دواء لجثة .!


حمزه حمزه الكاتب

الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 06:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مصر لا تُفهم.
ومَن يحاول فهمها، يكون قد أساء التقدير من البداية.
هي ليست موضوعًا للفهم، بل كيانًا يُختبَر.
امتحانًا للوعي، لا مادة للشرح.
في مصر، الوعي لا يتقدّم خطيًا،
بل يلتفّ على نفسه،
كما تفعل الأفاعي المقدسة في النقوش القديمة،
تبتلع ذيلها كي لا تموت من الاكتمال.
لهذا، فإن العمق هنا ليس فضيلة،
بل عبئًا أنطولوجيًا.
ومن يحمل عبئًا كهذا،
يدرك باكرًا أن مخاطبة السطح
ليست خطأ لغويًا،
بل خطأ وجوديًا.
السطحية ليست جهلًا،
إنها شكل بدائي من الحكمة الدفاعية.
وعيٌ اختار أن يرى أقل
كي يبقى أطول.
أما العمق،
فهو استعداد واعٍ للفناء.
مصر تُنجب هذا التناقض منذ آلاف السنين:
حضارة بلغت من التعقيد حدّ أنها لم تعد بحاجة إلى التفسير،
وعيٌ سابق على الفلسفة نفسها،
ثم جاءت الفلسفة تحاول—بفجاجتها الحديثة—أن تلحق به.
من هنا،
كل محاولة لشرح مصر
هي بالضرورة اختزال.
وكل تبسيط لها
خيانة معرفية مغلّفة بحسن نية.
في هذا الفضاء،
أن تمارس عمق وعيك مع شخصية سطحية
لا يعني أنك أعمق منها،
بل أنك في توقيتٍ خاطئ.
كأنك تُقدّم إجابة
لسؤالٍ لم يُطرَح بعد،
أو تعالج مرضًا
لم يُعترف بوجوده.
ذلك ليس فشل الوعي،
بل غربته.
مصر لا تحتاج العقول العميقة
كي تستمر.
هي استمرت قبلهم،
وستستمر بعدهم.
لكنها—بقسوةٍ نبيلة—
تختبرهم.
تضعهم في مواجهة جمهورٍ
يرى النتيجة ولا يحتمل المسار،
يحب الأثر ويملّ من المعنى،
يقدّس الشكل
لأنه أقل تهديدًا من الجوهر.
وهنا يتحول الوعي
إلى دواءٍ خالص،
مركّب بدقة،
صالح للحياة…
لكن الجسد الذي قُدّم له
قد حسم أمره منذ زمن:
لا يريد أن يُستيقَظ.
في مصر،
الموت ليس توقفًا بيولوجيًا،
بل قرارًا معرفيًا.
أن تتوقف عن السؤال،
أن تكتفي بما يطفو،
أن تُسمّي السطح “واقعًا”
والعمق “مبالغة”.
ومع ذلك،
تبقى مصر أعظم من هذا كله.
لأنها لا تُقاس بمن يعيش على سطحها،
بل بما دفنته في أعماقها
وظلّ حيًا.
الأفكار التي لم تُفهَم،
العقول التي لم تُحتَضَن،
الأسئلة التي أُجّلت عمدًا—
كلها لم تُهدَر.
هي فقط عادت إلى باطن الأرض،
حيث تعرف مصر
كيف تحمي ما يستحق البقاء.
لهذا،
من يفهم مصر حقًا،
لا يصرخ،
ولا يشرح،
ولا يوزّع دواءه على الجثث.
هو ينتظر.
لأن الوعي،
في أرضٍ كهذه،
لا يُستهلك…
بل يُورَّث.



#حمزه_حمزه_الكاتب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «باريس كانت تسمع القاهرة»
- بين الإيمان والطائفة: قراءة في عقل الإنسان العراقي – على ضوء ...
- ثُمالة
- -أطياف القاهرة: أربع وعشرون ساعة بين الزمن والحنين-
- -مصر… معبد العاشقين-
- -مصر ليست حضارة… مصر خيانة كبرى للزمن-
- لم يعد أحد حيًا… ولم يعد أحد ميتًا-
- حين توقفت الساعة في القاهرة
- تحت جلود المصريين


المزيد.....




- وفاة كبير مساعدي كيم جونغ أون
- بعد قصف -داعش- في نيجيريا.. وزير دفاع أمريكا: -ما قاله الرئي ...
- روسيا: قدمنا لفرنسا عرضا بشأن -الجاسوس-
- أول تعليق نيجيري رسمي على -الضربة الأميركية-
- اتهام رجل إسرائيلي بالتجسس على بينيت لصالح إيران
- في تصريحات لـCNN.. أول تعليق نيجيري رسمي عن الضربة الأمريكية ...
- البرازيل: الرئيس السابق جايير بولسونارو يخضع لجراحة فتق -ناج ...
- قتيلان ومصابون في إطلاق نار بالسويد
- مصدر سوري يتحدث عن اجتماع محتمل بين الشرع ونتنياهو
- ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على -داعش- في نيجيريا


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزه حمزه الكاتب - أن تمارس عمق وعيك مع شخصية سطحية ، أشبه بإعطاء دواء لجثة .!